الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

 
 

امتزاج وتناغم للشعر والفن والرسم في امسية منتدى الرافدين للثقافة والفنون في مشيكان

 

 

 

 

 

 

زوعا اورغ - مشيكن : 23 نيسان2012/

                 في حضور متميز وجو ثقافي نخبي، التقى جمع غفير من ابناء الجالية العراقية ومنظماتها واعلامها في الامسية التي اقامها منتدى الرافدين للثقافة والفنون يوم السبت 21 نيسان 2012. وأقيم نشاط المنتدى على ثلاث دعائم من دعائم الثقافة العراقية، الشعر والموسيقى والفن التشكيلي متمثلتا بالمبدعين الفنان التشكيلي غالب المنصوري والشاعر فضل خلف جبر والفنان نشوان فاضل بولا.

 افتتح الامسية القاص نشأت المندوي بعبارات ولوحات نثرية مقدما ومرحبا حيث ابتدأ:

مرة اخرى نلتقيكم في نشاط اخر جميل ومتميز يقيمه منتدى الرافدين للثقافة والفنون فيحتضن مثلما عودنا باقة من مبدعين عراقيين حملوا قنديل التوهج ولوعة المنفى وشطط الروح  فاستحقوا منا هذه الطلة  الممزوجة بأريج المحبة و المزخرفة برائحه دجلة وعبق الفرات وشموخ النخيل.

اليوم ننتقل من امريكا عبر مبدعينا الي بغداد الرشيد فندخل احدى صالات  قصر الف ليلة لنتسامر بأشعار المتنبي وبدر السياب والجواهري. ثم نعرج الى قاعة اخري فنقف طابورا طريا لنتأمل بدهشة عاشق وحيرة حسناء بابلية تجليات الواسطي ونصب جواد سليم وجدارية فائق حسن وأعمدته المرمرية وسط حدائق الامة.

وننهي جولتنا حيث الشجن والفضاء والترف والزهور في التواءات منير بشير والشريف محي الدين حيدر ونصير شمه وهم ينشدون على مسامعنا رنة العيدان.

تعالوا احبتي نترك خرائطنا واسماءنا و نسافر معا الى منفى ( الشعر والموسيقى واللوحة).

تعالوا نغير  لون اعيننا و نطوف سوية  في شوارع القوافي و منصات الالوان وسلاطين العيدان

تعالوا لنصغي ونسمع و نتأمل. 

 فالشعر حينما يقرأ فان ابجديات الحب تنصت وتصلي. والموسيقى عندما تتكلم، تقف لها السماء عارية.

اما الالوان فغناءها يحيل الاحاسيس الى زلال ملتهب غير قابل للبوح.

أي من هذه الفنون تكفي لأن تشعل بالإنسان حرائق وجدانه وتحيله الى زهرة برية (كما قال ارسطو) فكيف اذا اجتمعن سوية.  انشد ارواحكم ان تتزينوا بهذا الترف الجميل وارجوكم ان تتصوفوا بشدة  فالمشهد  يستحق الصمت ولا يكتمل الا بكم.

وكانت البداية حوار مع الفنان التشكيلي غالب المنصوري  والذي وصفه مقدم البرنامج بانه جاء من ازقة  النجف المفتوحة على رفوف التاريخ  ومن زوايا عيون نساءها غرف جنونه الصاخب للألوان.  ومن بريق الأقبية المذهبة وصرخات الأضرحة المعجونة في الوجدان العراقي صاغ مخيلته. صوب بغداد رحل بقاطرة الوجع حاملا فرشاة يتيم وحلم ممنوع وكانت عائلته المسكونة بالأبداع والتمرد في منصات السفر تودعه بدموع فواحة.  في أكاديمية الفنون الجميلة فرش فوق حدائقها كل اغانيه المهربة وجلس بين العتمة والظل تلميذا هادئا يعرف كيف تتكلم الحناء مع الضفائر فمنحوه شهادة تخرج بدرجه بكالوريوس. وحينما اراد اكمال دراسته العليا كان زوار الفجر يرسمون على زجاج  نوافذه اصفادا وممنوعات لكن بابا اخر من خلف المحيط ومن جامعة مينيسوتا فتح فجاء الى امريكا ... جاءها فنانا يحمل  بين اضلاعه هوية... وتاريخ... وانتماء...

واستمرت الرحلة مع الفنان نشوان بولا والذي وصفَ بانه جاء من رحم عائلة تهوى النغم وتعشق الاوتار وتحاكي شدو البلابل. في صغره كان ابوه يعلمه ترانيم العزف وحسن  الاستماع ويلقنه حيثيات الجلوس في معابد (العود) سيد الآلات كلها. في أكاديمية الفنون الجميلة ترنحت ذائقته طربا من كثر الاصغاء للشجن واصيبت حواسه بجنون الاشتهاء والهوس فأثارت انتباه مدرسيه الذين تضاعف اعجابهم  حينما اكتشفوا  بالإضافة الى موهبته سر انامله المعجونة بالخزف وقدرته على مداعبة نهايات الاوتار واستفزازها بطريقة  (الريشة المقلوبة)، وهي مهارة لا يجيدها الا عمالقة العزف كالموسيقار (جميل بشير) فكان ان احتضنه الاستاذ (معتز محمد صالح البياتي) الذي غطى رؤوس اصابعه الغضة  بزنابق الحانه واسقى مخيلته الطربية بحنان وعشق وصقل روحه النغمية بدراية وتمعن وذكاء.

وفي امريكا  محطته الأخيرة وصلها حاملا نوتات معلميه وقصاصاتهم الورقية ومخطوطات اور وسومر وبابل  فادرك ان الذائقة الموسيقية لاتصل عشاقها الا باستنفار الوتر ومنحه تأشيرة القيادة ليحلق في فضاءات رومانسية. فجاب الولايات بحثا عن وطن لعوده المتمرد او مرفأ لوتره الحائر فصال في مسارحها وجامعاتها ترنما.

وجاء دور الشعر مع الشاعر فضل خلف جبر الذي جاء من (مدينه عباده) الغافية على الهور حيث  مارس اول عشق ممنوع فكتب اسم محبوبته في دفتره المدرسي. في المرحلة الثانوية اكتملت عدته فبنى على سياجها خيمته الشعرية متحديا رياح الجنوب. ففاز اول عمل مسرحي له بالجائزة الاولي. ثم انتقلت عائلته الى بغداد حيث الصخب والتقاطعات العبثية ومنها تخطى مراهقته المحذورة بجسارة وانطلق في اول مارثون شعري.  تأمر مع مجموعة من المثقفين ليؤسسوا جمعية ادبية، ثم اصدر اول ديوان شعر بعنوان (نورس الاهوار).  الى الناصرية قررت عائلته العودة حيث الجذور الاولي للمورث الشعبي والحكايات. اثر استشهاد ابن خالته واسر اخيه صدمة انعكست في قصائده. اصدر عدة دواوين منها (حالما اعبر النشيد) و(اثاريون) و (من اجل سطوع الذهب) و(طق اصبع) و(انكسرت فسال جنوني) يعكف حاليا على انجاز انطولوجيا موسعة باللغة الإنكليزية عن تطور الشعرية  العراقية.

وكان مقدم البرنامج القاص نشأت المندوي يحاور المبدعين ويحلق معهم في فضاء الرسم والشعر والموسيقى.

وفي نهاية الامسية اختلطت الابيات الشعرية والتراث الموسيقي والفن التشكيلي في بودقة ابداعية واحدة، حيث قرأ الشاعر شعره وعزف الفنان عوده امام اللوحات التشكيلية في امتزاج وتناغم ابدع فيه الفنانون ورحب به الجمهور.

ولكي لا ننسى مبدعينا ومثقفينا كان لمنتدى الرافدين فقرة ووقفة استذكار للفنان الراحل محمود صبري الذي رحل عنا قبل فترة قصيرة. قدمته الدكتورة ابتسام الأسعد حيث تحدثت عن معاناته وغربته وانتماءاته.

وقام بترتيب الجانب المرئي بإبداع السيد خيون التميمي عن طريق عرض السلايدات والتي حملت لوحات تشكيلية ولقطات جميلة.

شارك في التغطية الاعلامية جمع من اجهزة الاعلام العراقية والمحلية كان من بينها فضائية العراقية وفضائية عشتار وصوت العراق الحر واذاعة صوت الغد ومجلة الحقيقة واخرون ...حيث أخذنا الوقت من مغيب الشمس مقاربين إنتصاف الليل لا نحسب الزمن غير أن الحاضرون ذابوا عشقا لفقرات البرنامج متناغمون مصفقون معجبون  فكانت أمسية جميلة لها طعم العراق ومحبة اللقاء .