حقيقة التهميش ومسرحية الوزير الانقسامي

 

 

                                                                     

                                                                        يوسف شكوانا

                                                                                                                           

 

     

           من اكثر الكلمات ترددا في كتابات البعض هي كلمة التهميش ولكن دون ذكر الادلة والبراهين عليها كي يقتنع القارئ بها خاصة القريب من الاحداث والمطلع على الامور لا بل على العكس انه يرى الحقائق على الارض وهي تفند هذا الزعم وتدخله في خانة الافتراء والتباكي على حالة غير موجودة من اجل تحقيق اهداف ومصالح شخصية لا يمكن ان تكون في مصلحة شعبنا باي حال من الاحوال. وبالقاء نظرة سريعة على الواقع لا نرى اي اثر للتهميش كما يدعي هذا البعض سواء على نطاق القرية اواللغة اوالانسان او اي اساس اخر باستثناء الفكر الانقسامي الذي يرفضه شعبنا، فالخدمات التي تقدمها مؤسساتنا للقرى لم نسمع لحد الان ان قرية اشتكت لتهميشها بسبب اسمها او موقعها فالخدمات المتاحة لا تميز بينها وهي شاهد واضح لا يمكن اخفاؤه عن الانظار والذي يود التاكد من ذلك ما عليه الا ان يزور قرانا ويقف بنفسه على الحقائق

واللغة التي دخلت في المدارس الرسمية ومختلف وسائل الاعلام لا توجد اية اشارة الى حرمانها من اي كان بسبب اسمه لا بل ان كل الجهود تبذل لتوسيع مشروع التعليم بها ليشمل الكل كما لم يكن يوما ما مقتصرا على جماعة معينة دون اخرى لا بالمعلمين ولا بالتلاميذ والذين رفضوها هم الذين همشوها وليس الذين ضحوا بفلذات اكبادهم(كما توقع البعض وتمنى فشل المشروع) من اجل احياء هذه اللغة، اما اللهجة المستخدمة في المدارس ووسائل الاعلام فليست لهجة فئة معينة دون اخرى والكل يرى انها ليست اللهجة التي يتكلمها في البيت لانها اللغة الادبية الواحدة للكل والتي حرمنا من تعلمها اما بسبب الظروف او لتقصيرنا فهل من المعقول ان يترجم كتاب الفيزياء مثلا الى لغة الشارع ولكن اي شارع، فالكتب المدرسية تستخدم اللغة الادبية المشتركة اما الحديث داخل الصفوف فيتبع اللهجة التي يتكلم بها المعلم او المعلمة ولا يطلب من احد تغيير لهجته، وبرامج تلفزيوني اشور وعشتار فباستثناء الاخبار والتقارير التي تكون باللغة الادبية كما هو متبع في كل اللغات فكل البرامج الاخرى تكون باللهجات المحلية وكل حسب لهجته ولم الاحظ ولو مرة واحدة ان شخصا ايا كان غير لهجته او طلب منه تغييرها سواء كان فنانا او شاعرا او كاتبا او تراثيا وما الى ذلك. واذا نظرنا الى الانسان فالقناعة بعدم وجود التهميش تترسخ اكثر، ان الحقائق ترد بقوة وتفند هذا الاتهام فبالقاء نظرة على الذين شغلوا المراكز المتاحة او تم ترشيحهم لشغلها نجد فيهم التنوع بحيث يشملون كل مناطقنا وهم شهود عيان على هذه الحقيقة، فالذين تسنموا مناصب وزارية او وكيل وزارة او مدير عام نزولا الى ادنى المناصب نجد فيهم التنوع وحتى اعضاء البرلمانين العشرة يمثلون هذا التنوع على حقيقته. اذا لم يبق امامنا الا الادعاء بتهميش التسمية هذا الادعاء غريب لانه من ناحية يهمل كل الامور ويركز على التسمية ومن ناحية اخرى لا ارى فيه اي تهميش عندما يذكر كافة تسمياتنا القومية دون حذف اي حرف منها، والغريب ان هذا الزعم يردده فقط الانقساميون باسم الكلدان فعندما نقول (كلداني سرياني اشوري) لماذا لا يقول الاخرون انه يهمشهم ولماذا تدعي به هذه الفئة فقط بينما اسم الكلدان موجود بكامل حروفه وواضح للعيان في بداية التسمية. وبهذا لا يمكن الا التوصل الى نتيجة واحدة وهي ان المسألة ليست بالتهميش او عدمه وانما هي بالوحدة والانقسام بدليل قبولهم بالتسميات الثلاثة اذا وضعنا الواوات بينها اي ان الواوات تلغي التهميش وحذفها يعني التهميش بمنظارهم، وعن اهمية الواوات ومدلولها يعرف كل من له المام ولو بسيط باللغة انها تعني التقسيم فوجودها يعني ثلاث قوميات وهذا الذي يسعون اليه ولكن ما هي مصلحة شعبنا بالانقسام؟ دعنا من التاريخ والعوامل المشتركة واصل التسميات لنسأل ما الذي يستطيع شعبنا ان يحققه منقسما ولا يستطيع من تحقيقه موحدا؟ فالوحدة هي قوة للمجتمع اما اذا وجد شخص انه لا يستطيع الوصول الى اهدافه الشخصية ضمن الوحدة لوجود الاكفأ والاجدر والانزه منه عندها يسعى للانقسام كي يتخلص من منافسيه وتفرغ الساحة له اي انه يضحي بمصلحة الشعب لتحقيق مصلحته الشخصية

اما اذا كان الاصرار على وجود التهميش فهو تهميش جماهير الشعب للانقساميين واصحاب الاتجاهات المتطرفة في كل الانتخابات التي جرت لحد الان اما الاتهامات الاخرى فهي باطلة لان ما يدعون به من ان 5% يهمشون 80% اتهام غير معقول وغير منطقي ويعتبر اهانة لاكثرية الثمانين بالمائة خاصة وكلنا نعلم ان الاقلية التي يقصدون لا تمتلك ولو وزارة واحدة سيادية كما ليس لديها ضباط برتب عالية في الجيش او الشرطة او المخابرات او اي قوة غير قوة ثقة شعبها بها فكيف يمكنها يا ترى ان تهمش الاكثرية، الا ان المسألة ليست كذلك فلنرجع الى الانتخابات الاخيرة اذ كان لدينا خمسة قوائم تتضمن كل منها 10 مرشحين فنرى التنوع في ترشيحات القوائم الوحدوية اما القوائم الانقسامية فهي التي همشت الكل واقتصرت على من يسير في خطها. الغريب في مدعي التهميش انهم يحكمون حسب هواهم فالذي يقول اننا قومية واحدة وشعب واحد كلداني سرياني اشوري يدخلوه في خانة الخيانة والتهميش اما الذي يقول ويتفاخر بانتمائه لحزب البعث او للعروبة فهو كلداني اصيل عيار 16، ومع هذا البكاء على التهميش المزعوم فالكل يعرف ان مناطقنا في سهل نينوى تعاني دائما من التهميش ولما طالبت تنظيماتنا باستحداث محافظة في هذا السهل لرفع هذا التهميش وقفوا ضد المشروع اي يطالبون باستمرار التهميش

اشار بعض كتاب شعبنا على ان الدافع الى دعوة الانقسام هي الكعكة مستندين الى اقوال بعض الانقساميين الا ان البعض لم يصدق ذلك قائلا كيف يضحي انسان بمصلحة شعبه من اجل الكعكة مهما كانت، وامام هذا التعجب اخذت الحقائق تظهر للعيان واذا ظهر السبب بطل العجب. فمع نغمة التهميش هذه نلاحظ في الاونة الاخيرة ومع اقتراب تشكيل الوزرارة في اقليم كردستان دفع بريق الوزارة المخصصة لشعبنا الى الاكثار من كتابات ورسائل البعض طالبا تعيين وزير من خطه مهمشا الاكثرية التي انتخبت ممثليها بكل حرية وفي نفس الوقت تهميشه لممثلي شعبنا الشرعيين والرسميين في البرلمان وثالثا انه يهمش تجمع تنظيمات شعبنا التي تعمل معا من اجل مصلحة هذا الشعب. ولا اعلم كيف يجرؤ على مثل هذه المطالبة وبعض الذين يسيرون في خطه لا زالوا يفتخرون بعروبتهم ويتكلمون بلهجة البعث في كتاباتهم فلا يعترفون بحكومة الاقليم ويعتبرون حزب الكيمياوي والانفال بالحزب الذي منح الاكراد كامل حقوقهم، لا يعترفون بكردستان ويقولون عنها المحافظات الشمالية كما يقولون عن المعارضة (من اطلق عليهم بالمعارضة العراقية)وعن مؤتمراتها مثلا يقولون ما اطلق عليه مؤتمر لندن، يبايعون صدام ويعربون عن تألمهم (لاستشهاده) ويقولون ان افكار البعث عراقية اصيلة ويعربون عن ايمانهم بفكرة الامة العربية الواحدة ويقولون ان مجد العراق صنعه البعث، ومن اقوالهم ايضا ان عملاء بريمر في الداخل حلوا تنظيمات (حزبنا) البطل حزب البعث العربي الاشتراكي، والمشاريع العملاقة بنيت في عهد البعث. يرسلون تهانيهم للارهابيين البعثيين ويسمونهم ابطال المقاومة، كما قال احدهم عن الاطراف المشاركة بالحكومة انهم تامروا على البعث الذي كان يحاول ان يجمعنا كما تجمع الدجاجة فراخها في امة عربية واحدة

واخيرا قال احدهم: هل نسيتم انه في عهد البعث تمتع الاخوة الاكراد بكامل حقوقهم القومية ومنها بيان 11 اذار التاريخي

ساكتفي بهذا رغم وجود العديد من مثل هذه الاقوال في مواقعهم الالكترونية وباسمائهم الصريحة فباية خانة تضع هؤلاء؟ ان سياسة اللعب على الحبلين لا تمر في هذا الوقت لان العم (كوكل) يكشف المستور. بامكان الانقسامي ان يكتب ما يشاء ويتهم حسب هواه ويشتم حسب ثقافته ويزور حسب التفصال، اما ان يسعى لتسنم منصب وزاري خاص بكل شعبنا فليس من المعقول ولا يستند على اي اساس انتخابي، اذ كيف يمثل شعبنا من يقسمه الى قوميات غريبة عن بعضها فأي قسم سيمثل لا بل اي جزء من قسم سيمثل لان المسالة لم تتوقف بحدود الاقسام وانما تعدتها الى تجزئة كل قسم. تصوروا وزير انقسامي جالس في اربيل يراجعه وفد من بغديدا مثلا فيرفض مقابلتهم ويطلق عليهم احد الالقاب الذي يشتهر بها لانهم من قومية غريبة عن قوميته ولا علاقة له بهم، وفي اليوم التالي يراجعه وفد اخر من سرسنك فيأمر حراسه بطردهم لانهم غرباء عنه واجدادهم قبل 2700 سنة هجموا على بابل وتكون حصة هؤلاء الشتائم التي حصل على براءة استخدامها من غير منافس، وفي اليوم الثالث يذهب اليه وفد من القوش لموضوع خدمي للبلدة فيأمر بادخالهم في مختبر الفحص في احدى غرف وزارته كي يعرف هل هم متأشورين ام زوعاويين ام مجلسيين وهل صوتوا لهم في الانتخابات واذا ثبت انهم ليسوا من هؤلاء يدخلهم في مختبر اخر اكثر دقة ليعرف درجة كلدانيتهم واذا لا يحصل على الدرجة المطلوبة للنجاح وهذا هو الارجح فيحجزهم لفترة اسبوع كي يرسل ال(DNA) الى دولة اخرى لفحصها وخلال فترة الانتظار يتم استجوابهم هل ايدوا رعد الاول ام الثاني فيبقون حيارى لان الاجراءات الغير متوقعة انستهم من كان الاول ومن كان الثاني، وبعد كل هذه الاهانات يلغون الطلب ويقررون الرجوع وهم يقولون ان وفدي بغديدا وسرسنك كانوا اوفر حظا منا لانهم لم يخضعوا لمثل هذه التحقيقات المهينة فيا ليتنا طُردنا منذ البداية. انه امر مضحك حقا ان يطالب شخص بتمثيل من لا يعترف بهم انهم من شعبه وقوميته، فهو ينعتهم بابشع النعوت ويتهمهم باقبح التهم ويعتبرهم اعداءه الوحيدين ثم يطالب بتمثيلهم. تصوروا انقسامي في مثل هذا الموقع فكيف يكون حال 85% من شعبنا الذين لا يتفقون معه لأنهم يؤمنون باننا قومية واحدة وكيف سينتقم منهم عندما يكون في موقع السلطة، واذا لا يزال البعض يصر على كلمة التهميش فمثل هذا الطلب هو التهميش الحقيقي للناخبين والمنتخَبين والتنظيمات والمراجعين والمطالب وارادة الشعب واحتياجاته والدستور والقوانين وكل السياقات المعروفة، فهل يوجد تهميش اكبر من هذا