من ثمارهم تعرفونهم

 

 

 

 

                                                                        حازم زوري

 

                                                  الى كل اخوتي في الامة والمصير

                                                                                      

            نحن هنا على ضفاف وطن،بل على ضفاف جرح  نازف  اسمه العراق ، تداعت احلامنا،تهاوت امنياتنا واطبق البؤس على ايامنا ،في ارض النهرين يقيم اليوم شعب على حد السكين، على شفير الهاوية ، مظلوم ومرذول من اشقاء الوطن ومخذول من بعض ابناء جلدته من بعض المزايدين الذين  اثبتت الايام  والتجارب عقم خطابهم وسراب مشاريعهم (وظلم ذوي القربى هو الاشد والاقسى).

نحن هنا شعب نوشك ان ننقرض وننتبخر ،نبحر في لجة من المتاهة لاقرار لها، البحر يصطخب والريح تزأر والمتربصون والخطوب كثيرة ولا مرافىء امان تلوح في الافق وليس من مجير ، امتنا متشظية واهلنا ضائعين، سيوفنا مشرعة على بعضنا دائما وساحة قتالنا هي المنابر الاعلامية والمواقع الالكترونية ، بطولاتنا من ورق وادعياء نهضتنا لايرف لهم جفن ولا يهتز لهم شعور وهم يساهمون في تمزيق هذا الشعب وضياعه وفي وأد اهم دعائم نهضتنا الحقيقية الا وهي لغتنا القومية موضع فخرنا وعنوان مجدنا وحافظة تراثنا وادابنا وتاريخنا ، بل وصل الحال ببعضنا الى حد الشعور بالحرج منها فهل وجدتم بين الشعوب والامم شعب او أمة يخجل  بعض  ابنائها من لغتهم ويسعون الى قبرها بالاهمال او بالترفع والاستغناء عنها ؟

لقد وضع الدكتور ليون برخو الاصبع على الجرح في مقاله الذي نوَه واشاد فيه بجهود الاستاذين  يؤارش هيدو وروبين بيث شموئيل بانجازهما الرائع  في ترجمة اثر مهم لعلم شامخ من اعلام الفكر والادب الانساني كتاب النبي (لجبران خليل جبران) من  اللغة العربية الى لغتنا السريانية معتبرا ذلك خطوة صحيحة وهامة على طريق نهضتنا الحقيقية لا الكلامية وعاملا مهما من عوامل احياء لغتنا القومية والحفاظ عليها من الاندثار والنسيان خاصة وان اللغة هي اهم ركن من اركان وحدة اي امة وليس تسويق  بطولات  فقاعية من خلال مؤتمرات وبيانات على منصب لايقدم ولا يؤخر شيئا في نهضتنا كما اشار مشكوراً .

لقد اصاب الدكتور برخو  كبد الحقيقة  فيما  اشار اليه ، وذلك لعمري  هو مايختلج في قلوب الشرفاء من ابناء امتنا الكلدانية السريانية الاشورية الذين ادركوا بوعيهم وحسهم القومي الاصيل ان اهم مقومات بقاء هذه الامة وتوحد ابنائها هو لغتهم القومية التي جمعتهم وآلفت بينهم في السراء والضَراء رغم توالي النكبات وتواصل  مسلسل حرب التسميات والمذاهب بين اقطابها وعناوينها الدينية والسياسية  ، هذه الحرب التي تضيف كل يوم  مزيدا من النخر الى جسدها العليل الامر الذي من شأنه ان يصيب الجميع  بالتراجع والوهن ولن يكون فيه احد منتصرا . وما يؤسف له ان من ينجر الى دائرة هذا الصراع العبثي بعض الاخوة من مثقفي امتنا ومنظريها الفطاحل ممن  جندوا  اقلامهم  وكرسوا اعمارهم لهذا الهدف  .

وبعد... فنحن هنا  شعب مسكون بالحيرة والذهول  ومصاب بالاحباط والخيبة من هول مايجري في ساحته وبين اركان امته ،لا لون لأيامه الا السأم ولا طعم لامنيات اهله الا العلقم ، نحن هنا اخر القوافل الراسخة في ارض الاجداد قبل التلاشي والضياع الابدي ومازال يحلو لأنصاف سياسييه المفلسين ولبعض نخبه الفكرية ومن مواضعهم المترفة الحديث عن نسب وارقام مكوناته وعن نهضة وهمية غير مرئية وليس لها وجود الا في مخيلاتهم المتعبة ومؤتمراتهم المنعقدة فيما وراء البحار تسطٌرها اقلامهم البائسة وتبثها على شكل معزوفات ممجوجة ناشزة مللنا وقرفنا من سماعها واثبتت لنا الايام نحن اهل الدار والمقيمين في ساحات النار والنزيف والالم في ارض الوطن ،اثبتت ضحالتها وعقمها ولا جدواها وكشفت حقيقة اصحابها ومروجيها ممن يزعمون حمل لواء امة ومشعل نهضة عابرة للقارات والمتوارين خلف مشاريع التجزئة والتفتيت التي يراد لها  تحطيم كيان امتنا .

نحن هنا  نحارب اليأس وعوامل الانكسار التي تحيط  بشعبنا الصامد في وطن اجداده  من كل جانب  ببصيص امل وقوة بأس لازالت تجد لها طريقًا الى القلوب المؤمنة بوحدة هذه الامة والمصير الواحد لابنائها .

نحن هنا  على اسوار نينوى ،على تخوم مملكة ترامت عظمتها الى جهات الارض الاربع في سالف العصور والازمان متجذرون ، هنا  في سهل نينوى صامدون ، في اخر معاقلنا ،في اخر حصن لامتنا، في اخر شبر لاهلنا واخر مايمكننا ان نفخر به ونورثه لاحفادنا باقون . واذا ما أضعناه فالويل لنا واللعنة علينا  من غضب الراحلون والقادمون .

نحن هنا مقيمون نواجه زحف الطوفان الذي يغمر ويبتلع كل يوم المزيد من ارضنا عبر اجندات ومشاريع تعددت عناوينها واسمائها وهدفها واحد وهو تجريدنا من ارضنا، نحن هنا نتشبث بما يشبه المستحيل ، في ذاكرتنا وقلوبنا تاريخ ومجد امتنا وفي اعيننا وضمائرنا شعبنا الذي تعصف به الاهوال والمحن وتميد به الارض ويحيط به المجهول ، اما بعض اخوتنا فلازال منهمكا في قتال اهله بمعارك دونكيشوتية او سجالات سفسطائية موغلا في صراع التسميات او صراع الاشخاص والقضايا العارضة ، فما هم فاعلون ومقدمون لشعبنا على هذا الطريق  والى متى ؟

لقد جعلوا من قضية ديوان الوقف المسيحي قبل اسابيع معركة المصير لامتنا والحد الفاصل بين موتها وحياتها وباكورة نهضتها فازبدوا وارعدوا واقاموا الدنيا وما اقعدوها على تلك القضية الى الحد الذي  اختزلوا كل مآسي ومعضلات وتحديات امتنا فيها متجاهلين  متغافلين عن مكامن الاخطار الحقيقية المحدقة بها  فانهالوا على اركان بيتهم ورموز اهلهم بسيل التهم والتلفيقات في مقالات كريهة افتقر اغلبها الى الرصانة والحصافة والموضوعية وبمفردات تجاوزت احيانا حدود اللياقة المألوفة في الكتابة وفي تناول الموضوعات رغم كل الايضاحات التي قدمت ونشرت في هذا الشان من الاطراف الوطنية العراقية اشخاصا ومؤسسات وبوثائق ومخاطبات رسمية والتي افادت جميعا بان موضوع تغيير رئيس الديوان قد استوفى شروطه واركانه وانه قد تم وفق الضوابط  والسياقات الادارية السليمة وبشهادات وتصريحات اعضاء لجنة الاوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب وممثلي اصحاب الديانات الاخرى غير المسيحية في البرلمان العراقي المعنيين بهذا الموضوع .

ان بعض الصغار والموتورين في امتنا لايتحملون ولا يروق لهم رؤية هامة تشمخ مثل يونادم كنا ولا راية شريفة تعلو مثل راية زوعا فحاولوا ويحاولون بشتى السبل النيل منهما والاساءة اليهما واسقاطهما كراهية وغيرة واحساسا بالصغر والضآلة والعجز امام هذه العناوين والرايات ،فوا اسفي على بعض ابناء امتي من العاقين الذين لايستخدمون معاولهم وفؤوسهم الا لهدم قلاع امتهم ويا ليتهم كانوا بنفس الجرأة والشجاعة مع الاخرين ممن يستبيحون ارضنا ويغمطون حقوقنا ويهدرون كرامتنا ومااكثرهم .

انهم امام الاخرين نعامات مطأطئة ورؤوس حانية واصوات خافتة والسنة خرسة لايجرؤون على مس شعرة فيهم او التطاول عليهم هذا ان لم يكونوا ادوات طيٍِِعة بأيديهم او إَمعات تقدم فروض الولاء والطاعة والتبجيل لهم. ونحن هنا لسنا  في وارد تأليه الاشخاص او تزكية الاحزاب بالمطلق فلا قدسية لاي شخص او تنظيم  مهما عظم شانه وغلت تضحياته ،

فلكل شخص ولكل حزب او مؤسسة اخطاؤها وقصورها  وسلبياتها ومن يعمل  فمن الطبيعي ان يخطأ بعكس الجالسون على التلة يتربصون ويترصدون ويتصيدون،ولذلك فمن الظلم والتجني ان لا يكون للبعض الا دور المنتقد او دور الجارح والطاعن وهو عاجز او متقاعس لابديل لديه ولا ياتي بماهو افضل وليس في جعبته الا الخطابات الرنانة بعد ان اختار التهرب من الميدان والتغريد  بعيدا عن النيران ونعت من يخوض غمارها بشتى النعوت والتهم ، لقد قيل ان عجزت عن قول الحق  فلا تكن  ظهيرا للباطل فماذا يقول اخوة يوسف وهل هم حقًا مصابون  بعقدة زوعا ويونادم كنا  كما يتردد ام ماذا؟

ان هؤلاء ينطبق عليهم  تماما  قول السيد المسيح(يرى القذى في عين اخيه ولا يبصر الخشبة التي في عينه) لكن الرجال الكبار لايلتفتون الى اصحاب الترهات وضعاف النفوس فشعبنا واع وله عيون واذان وضمير وبامكانه التمييز بين من يحاول دغدغة مشاعره باضغاث احلام ومعسول الكلام عن محاولات مزعومة لطمس هوية احد مسميات شعبنا كما يدعون زورا وبين من اخلص النوايا ونذر حياته  للدفاع عن امته  وكرامات اهله مواصلا  الليل بالنهار عملا دؤوبا  مضنيا على هذا الطريق  ليضع شعبه في المكانة التي يستحقها رغم اشتداد الهجمة وظلاميتها وتعدد عناوينها ومنطلقاتها على شعبنا في الوطن ورغم تعقد وارتباك المشهد السياسي العراقي المحكوم بتناقضات وتجاذبات وصراعات قاسية بسبب اشتداد الصراع بكل الوانه بين اطراف العملية السياسية في العراق واستمرار فقدان الثقة فيما بينها واستمرار سياسة الشد والجذب ولوي الاذرع والاعناق بين اقطابها وافتقار امتنا الى الكثير من ادوات اللعبة السياسية ومقومات القوة التي بحوزة الاخرين على الارض لعوامل ذاتية وموضوعية باتت معروفة للجميع ولا مجال للخوض فيها الان، في هذا الوسط اللاهب والميدان الشائك  يناضل يونادم كنا والمؤمنين معه من رفاقه وابناء امته رافضين الهروب من الميدان وترك شعبنا ليواجه مصيره  وحيدا فأين يناضل اهل الخطابات والذين ينكِلون به في مقالاتهم التي ازكمت الانوف وفي مؤتمراتهم وجعجعاتهم النهضوية التي لم يصلنا منها الا الصدى والطنين ؟

لهؤلاء المتابكين والزاعمين حرصهم وخشيتهم على مكون من مكونات شعبنا من محاولات التهميش والاقصاء والصهر المزعوم نقول: سئمنا اقوالكم نريد ان نرى افعالكم ، ساحة العمل هي ارضنا هنا في وطن الاجداد وليس التغني  بنهضة وفتوحات لاوجود لها الا في عقول اصحابها وبث خطابات البغضاء والكراهية من على منابر مؤتمراتكم في اقاصي الارض والتي لا يمكن ان يكون لها اي وقع او اثر في نفوسنا لفقدانها المصداقية طالما كانت تدعو ويدعو دعاتها والمبشرين بها والقائمين عليها الى شرذمة شعبنا والى المزيد  من صب الزيت على النار.

وسؤالنا الكبير اخيرا: اين هؤلاء القابعين  في ابراجهم العاجية اصحاب المقالات النارية من انين شعبنا والامه ؟ واين يقفوا من مأساته ؟  نترك الاجابة لشعبنا فهو قادر عليها وهو خير من يلقم افواهم  بكلمة الحق المبين وليس لنا نحن الاَ ان نشعر ازاءهم بالشفقة لانهم مساكين بالفعل يحاولون حجب الشمس بغربال من خلال تشويه صورة الاحرار والمناضلين في امتنا ولكن هيهات هيهات فالرجال بافعالها وليست باقوالها والميدان يعرف فرسانه وشعبنا ايضًا يعرف رجاله ،( ومن ثمارهم تعرفونهم ) كما جاء في الانجيل المقدس .