العلم العراقي علم وحدة ام خلاف وفرقة

 

 

 

 

 

                                                                                                                                        

                                                                                                علي عبد داود الزكي

 

 

             العلم العراقي يمكن اعتباره رمزا للتوحد الوطني وان كان هناك خلاف على العلم فهذا يعني عدم استقرار لقيم التوحد الوطني. ان امريكا بعد ان دخلت العراق عملت على دعم العلم الصدامي الذي يعتبر نقطة خلاف كبير بين مكونات العراق المختلفة. بل انه علم لم يشعر العراقيين وهم تحته باي امان وتوحد بل انه علم الدكتاتورية. مضت عقود من الزمان تقريبا والعراق بلا هوية وطنية موحدة. ان الليبيين رفعوا العلم الملكي الليبي الذي اتفقوا عليه شعبيا مباشرة بعدما قاموا بانتفاضتهم ضد طاغيتهم المقبور القذافي واصبح معتمدا كعلم رسمي الى ليبيا الجديدة وذلك دليلا على توحدهم الشعبي الكبيرة رغم بعض الاختلافات والمشاكل هنا وهناك في ليبيا. قبل ايام كنت في قاعة الدرس ودار حوار حول الهوية الوطنية العراقية وهل نحن متفقون ام مختلفون اغلب الطلبة قالوا باننا موحدون ولكن توجد تدخلات خارجية فقلت لهم كلامكم لا يخلو من الصحة لكن اعطوني شيء نتفق عليه؟ قلت لهم اخبروني عن عدو العراق من هو؟ هل من الممكن ان نتفق على عدو واحد؟ لنسمي هذا العدو من يكون بسلام وبدون مشاكل؟ الكل ظنوا بان السؤال سهل لكن حالما اعطيتهم حرية التعبير لكل منهم ليقول من هو العدو عرفوا بان هناك خلافات كبيرة. اذن هناك صعوبة كبيرة في اتفاقنا على من هو عدونا ومن هو صديقنا. ان هذا يدعونا للتبصر والتنبه الى حقيقة مهمة هي اننا لا ننظر برؤية ناضجة وشاملة لكي نتخذ قرار بعيدا عن رواسب الماضي وبعيدا عن القدسيات الصنمية التي تمزق الهوية الوطنية.

 لذا يجب ان نتفق على ضرورة معرفة ما هو الحق والحقيقة اذ يوجد قصورا كبيرا في ادراك ذلك. قال الامام علي عليه السلام لشخص ساله وهو حائر(من هو على حق؟ هل طلحة والزبير ام الامام علي؟ فقال له الامام: اعرف الحق تعرف اهله اعرف الباطل تعرف اهله) وهذا ما يمكن ان نعتبره قمة في البلاغة. اذن لكي نعرف الحق يجب ان نفتح اعيننا ولا نغمضها وننظر ونبحث عن الحق ونعرفه ما هو بدون تعصب وعاطفة غير ناضجة قبلا ان ننطق راينا او قرارنا. اذن يوجد خلل تربوي كبير يجب الاعتراف به اولا لكي نبدا بتصحيحه بوضع اساس جديد لثقافة اجتماعية موحدة. ان الخلل هنا هو في مفاهيم تتبع الحق والحقيقة يجب ان نعرف الحق قبل ان نتفق على اي شي وان اكتشفنا بان الحق بيننا مختلف فان ذلك يعني وجود مقدسات وطنية عرقية ومناطقية مختلفة ومتباينة فان كانت تفتح باب العنصرية والتطرف والدموية فيجب ان تشذب وتهذب وتلطف لكي يكون هناك توحد اجتماعي يفضي الى هوية وطنية موحدة. هل يمكن تجاوز هذه الاختلافات ام انها جوهرية؟!! هل المشكلة هي عاطفة غير ناضجة هل هي الطائفية والعرقية ورواسب الماضي اللعين؟ هل لدينا مفكرين ممكن ان يضعوا اسس صحيحة تتجاوز كل السوء وليعملوا بنبل على كتابة تاريخ عراقي صادق وسليم تاريخ عراقي يمكن ان يوحدنا ويجعلنا ننظر الى مستقبلنا كأمة وليس جزء ضعيف من أمة لا يشار اليها اليوم الا بالهزالة والضعف والتنافر والتناحر؟ هل يوجد فعلا مفكرون ومأرخون نبلاء صادقون قادرون على كتابة تاريخ امة العراق التي يجب ان تنفض عنها تراب الماضي الاسود؟ اذن نحن اليوم لدينا ازمة فكرية حول الهوية العراقية واليوم نحن بامس الحاجة الى مفكرين ليضعوا اساس فكريا لمعاني القدسية الوطنية كقدسية التراب العراقي والهوية العراقية. ان الهوية الوطنية العراقية اليوم غائبة مغيبة يجب ان تنهض ويجب ان ينهض رجالها ومفكريها. ان الهوية الوطنية يجب ان تكون هوية الارض العراقية وتوحد ابناءها بكل اطيافهم والوانهم واعراقهم. لربما عملت امريكا على ان لا يكون هناك توحد وطني عراقي ومنعت استخدام علم الجمهورية العراقية علم الزعيم عبدالكريم قاسم خوفا من ظهور حركات وطنية علمانية مناوئة لامريكا لان مجرد ظهور مارد الفكر القاسمي سيؤدي الى انهيار المشروع الامريكي في العراق. لذا عملت امريكا على دعم علم القتلة الذي قتلوا زعيم امة العراق ؛؛الشهيد عبدالكريم قاسم.

 ان صورة العلم وتصميمه لا يمكن ان نعتبره مسابقة ومبارة للهواة لوضع موديلات وتصاميم مختلفة له وانما هو رؤية فكرية ناضجة في تقبل الاخرين ومنحهم حقوقهم في وطن التوحد العراقي وطن الامة العراقية بكل اطيافها والوانها. نحن اليوم بحاجة الى كل المثقفين العراقيين لقول قولتهم. ان بعض السياسين حذروا من الخوض في هذا الموضوع وكأن الخوض فيه فتح لاحدى ابواب الجحيم فتح احدى اسوء ابواب الاختلاف والفرقة. كما ان البعض من السياسين لا يؤمن بان العراق امه وفي مخيلتهم ان العراق جزء من امه ولا يؤمنوا بتكامل وجودهم في العراق لذا فانهم يسعون للنيل من القيمة الوطنية العراقية المقدسة، والبعض يعتبر العراق وطنه متى ما امتلك السلطة والسيادة فيه والا فان العراق سيكون عدوه ويحاول تدميره وتدمير قوى ترابطه. والبعض يعتبر العراق مصدر للتنعم والثروة ونيل مكاسب افضل لذا لا نراه يهتم للشان العراقي الا بشكل سطحي واعلامي الكاذب ولا يهتم للتماسك الوطني بين فئات المجتمع لا بل ان تصارع العراق يمنحه فرصة اكبر لينال مكاسب غير مشروعة اكبر.

لذا قبل ان نعلن اتفاقنا على تغيير العلم يجب ان نتفق على ان العراق امه بكل مكوناته وبان كل من لا يؤمن بذلك عليه ان يكون خارج هذا القرار. كما يجب ان لا يكون الصمت والسكوت هو القرار. ولكي لا يكون القرار عاطفي اكثر من اللازم يجب ان توضع اسس التوحد قبل الاتفاق على العلم. لذا من المهم جدا ايضا ان يتم تحديد علم مؤقت للعراق لكن ليس علم الحزن(الاسود) والدموية(الاحمر) كبادرة اولى للتفاهم والتوحد الوطني. ولا باس من قبول علم الجمهورية العراقية علم عبدالكريم قاسم كعلم مؤقت للعراق الى ان يتم الاتفاق على علم جديد مستوحى من تاريخ العراق وحضارته الطويلة ويجب ان يكون للاقليات قبول ورضا عنه ايضا.

قلنا ما نعتقد بدون تعصب اعمى ونحترم جميع الرؤى النبيلة الهادفة الموحدة بين كل الاطياف الوطنية العراقية لتتشابك في ساحة الحوار وتنسج بخيوط من نور نسيج خيمة الحب والتوحد خيمة العصر الجديد خيمة امة العراق المتوشح بالامل. شمس اشور لن تنطفيء في بلاد الشمس. يقينا وايمان وتحدي نقول بان العراق لن ينحني حتى في لحظة نهوضه.