المطرب جورج الياس: الفنان السرياني ملزم بتعريف الفلكلور للاجيال الجديدة للحفاظ عليه من الضياع

 

                                                                                                

                                          

     

      

                                                               حوار : ساناي منصور

 بطاقة الفنان جورج الياس

* الاسم الفني والصريح: جورج الياس بطرس

* مواليد: 20/ 4/ 1952

* شماس ومطرب ورياضي وهاوي التلحين.

* خريج معهد الدراسات الموسيقية

* دبلوم ادارة فرع المحاسبة

* متزوج ولديه ثلاثة ابناء "الن، وايدي، واندي"

* اول مطرب سرياني ظهر على التلفزيون في كركوك باغنية "ثيلي من اورخا رحوقتا" "قادم من طريق بعيد".

منحدرا من عينكاوا باربيل الى كركوك ومن ثم الى بغداد حاملا مواهب متعددة توزعت بين الرياضة والفن بدأ مسيرته كرياضي وما لبث ان استقر في ساحة الفن كمطرب وملحن.. استمدت اغنياته قوتها من التراث والفلكلور السرياني ومن الفن الاصيل بالحان يمتزج فيها الطرب والاحساس بطريقة تعبر عن دقة الاختيار وتميز الاداء انه المطرب جورج الياس.. التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار الشيق والممتع:

 -  نبذة عن بداياتك؟

*  انا هاوي للرياضة في الاصل لعبت كرة القدم والطائرة والسلة وحزت على اكثر من 45 ميدالية في مجال الرياضة في كركوك. واتجهت للفن وحزت على 5 ميداليات في هذا المجال كما قدمت لي شهادات تقديرية من قبل وزير الثقافة والا علام كما شاركت في مهرجان بابل الثاني والثالث والرابع، تقدمت في الاذاعة والتلفزيون حيث تم قبولي وسجلت اول اغنية بعنوان "ايناتي كخكينا" "ضحكت عيوني" من كلمات والحان اوشانا جنو سنة 1972. بداياتي كانت مع تلفزيون كركوك، كان كل شيء يعرض بالبث الحي المباشر على المشاهدين بحيث كنا نسجل الاغنية وفي نفس الوقت نبثها على الهواء، كان هناك برنامج كشفي في اذاعة وتلفزيون كركوك في الستينات طلب اربعة مطربين للغناء "بالسريانية والعربية والتركية والكردية" فرشحني المطرب يوسف عنكاوي للغناء السرياني وبعد ان تم اختيار الاغنية واللحن والصوت تم اختياري للغناء السرياني فغنيت اغنية "سوريتا من دمي" وهي اول اغنية لي من الفلكلور السرياني.

-  حدثنا عن  مشاركتك في مهرجان بابل؟

*  شاركت في مهرجان بابل الدولي الثاني والثالث والرابع واول مشاركة لي كنت فيها طالبا في معهد الدراسات الموسيقية المرحلة الثانية، شاركت عن طريق نادي سنحاريب فقدمنا لوحة غناء مع الفرقة، وفي مشاركتي الثانية في مهرجان بابل الدولي كنت في المرحلة الثالثة في المعهد وشاركت بالغناء المنفرد، ارتديت الزي الاشوري "خومالا" على المسرح البابلي بمشاركة مايقارب 150 عازفا من المعهد وبحضور الاف المشاهدين، ومشاركتي الثالثة في المهرجان غنيت فيها باربعة لغات من ضمنها اغنية الفنان المرحوم البرت رويل "هل قيدمتا رقديلي" قدمناها على ايقاع الرقص الجوبي، بالاضافة الى مشاركة في مهرجان الاندية وكنت المشرف في هذا المهرجان، ومهرجان خريجي معهد الدراسات الموسيقية الذي كان يقام كل عام على قاعة المسرح الوطني، هذه مشاركاتي في المهرجانات الداخلية.

اما خارجيا وعالميا لم نستطيع السفر بسبب ظرف البلد من الحرب وثانيا لعدم وجود مهرجانات تهتم باللغة او الغناء السرياني لنشارك فيه.

وهذا هو حلمي للارتقاء بمستوى الاغنية السريانية وايصالها للعالمية وتعريف الشعوب والبلدان بفلكلورنا وتاريخنا ولغتنا عبر ايصال اغانينا الى الامم الاخرى اسوة بالقوميات الاخرى.

- هل كان للغربة تأثير على مسيرتك الفنية؟

* طبعا كان لها تأثيرا كبيرا فعندما نقول الغربة فهي تعني ذلك الشيء المرير الذي يرتسم على ملامحنا وعلى وجوهنا مثلما يرتسم عند شربنا لمشروب مرير، لقد اثرت الغربة علينا كثيرا فمن الناحية الاجتماعية نشعر كغرباء في مجتمع ليس كمجتمعنا ولا نتقن لغته وكثيرا ماننطوي على انفسنا لاننا لانستطيع الاختلاط بهم وهذا ماجعلنا نعاني في بداية الامر الى ان تعلم الاولاد في المدارس واستطعنا تجاوز عقبة اللغة والتأقلم اكثر فأكثر مع المجتمع وساعدتني شهرتي كفنان سرياني معروف في العراق عندما سافرت الى كندا منذ البداية حيث تم استقبالي بحفاوة من اقربائي واصدقائي واخوتي الذين ساعدوني وساندوني لعمل حفلات لابناء شعبنا هناك الى ان استطعنا الوقوف على قدمنا وتأقلمنا مع الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا الشرقية.

اما على الصعيد الفني فلم استطع اصدار اي البوم منذ سفري للخارج سنة 1997 بسبب تاثير الغربة علينا اجتماعيا واقتصاديا واصدار الالبوم يكلف كثيرا في الخارج الان ان ذلك لم يمنعني من التواصل مع الجمهور في اقامة الحفلات لابناء شعبنا.

- كيف تنظر اليوم الى مرحلة البداية واعمالك السابقة؟

* طبعا يوجد فرق بين اليوم والسابق فالفنان بطبيعته يتطور الى الامام من الناحية الفنية سواء في الغناء والالحان والانغام وحتى في طريقة النطق الصحيح للحروف وذلك بالدراسة، واليوم بعد مسيرة اربعين عاما في الفن يوجد فرق بين الاغاني الاولى التي غنيتها في بداياتي والاغاني التي غنيتها حاليا من ناحية التوزيع الموسيقي والصوت الذي يتاثر كثيرا بدارسة الموسيقى، وقد اكتسبت خلال هذا المشوار خبرة فنية كبيرة وهو مايمكنني توظيفها حاليا في الاغاني خاصة بعد دراستي في معهد الموسيقى وممارستي للفن في الوقت نفسه، واتمنى لجميع الفنانين الشباب زيادة ثقافتهم الفنية ودراسة الموسيقى لتطوير امكاناتهم الفنية.

 

- برأيك لماذا يقوم الفنانون الكبار احيانا بأعادة تسجيل لاغنيات قديمة هل هو تغيير في النظرة الفنية للفنان ام تعريف الاجيال الجديدة بالاغاني السابقة ام ماذا؟

* اقول لك شيء من هذا وشيء من ذاك، وهي طريقة جميلة في الغناء السرياني خاصة، وانا كفنان عند تسجيل اي البوم اعيد تسجيل اغنيتين فلكلوريتين لتعريف الاجيال الجديدة بالاغاني القديمة ونتاجاتنا السابقة وفلكلورنا الذي تغنى به الاباء والاجداد فالفنان ملزم بتعريف هذا الفلكلور ونقله للاجيال الجديدة ليحافظ عليه من الضياع هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى عندما يلجئ الفنان الى اعادة اغانيه السابقة فهذا يدل على فقر الساحة الفنية من الفن الاصيل الصافي وماموجود حاليا هو سرقة واقتباسات من فنون وثقافات اخرى كالتركية والكردية والايرانية واليونانية والهندية لان الفن اصبح تجاريا هذه الايام. وشيء اخر بخصوص الفن السرياني من ناحية اللحن هو يفتقر الى روحية خاصة به تميزه عن الفنون والثقافات الاخرى، فالالحان تتشابه كثيرا بفعل تقارب وامتزاج الثقافات في المنطقة لكنها عند الاخرين متميزة عن بعضها البعض فالاتراك يستخدمون "الطنبورة" والايرانيون لديهم لون خاص والبقية كذلك. لكن اللحن السرياني يفتقر الى لون محدد خاص به بالرغم من ان يوجد لدينا على سبيل المثال الة موسيقية وهي القيثارة نستطيع من خلالها ان نتميز كلون سرياني لكننا للاسف لم نستغلها في فننا، اضافة الى وجود خزين هائل من الالحان في التراتيل والطقوس الكنسية لكننا لم نقتبس من هذه الالحان ما يميزنا كلون سرياني.

- وما هو جديدك؟

* اعمل على البوم جديد حاليا وهو في المراحل الاخيرة انتهينا من التوزيع الموسيقي الذي عمل عليه ابني الن في كندا، يحمل الالبوم عشرة اغاني ولم نختار لحد الان اسما له ويحتوي على اغنيتين الى ثلاثة فلكلورية وبقية الاغاني اكثرها من الحاني.

ومؤخرا قمت بتسجيل اغنية "بابلي" وهي من انتاجي وتصوير واخراج قناة اشور الفضائية والاغنية باللغة العربية وهي تتغنى بحضارات العراق بابل واشور وسومر والاغنية من الحاني وكلمات ماجد عزيزا، ولدي مجموعة كبيرة من الحان جديدة تحتاج الى وقت لنشرها.

- هل لديك اغاني دويتو؟

* سأصور اغنيتين مع شقيقتي الفنانة سعاد الياس التي ستصل نهاية هذا الشهر الى ارض الوطن احدهما بعنوان "براتد ساعورا" كما انني سجلت اغاني دويتو في الالبومات السابقة لكنني لم اقم بتصويرها.

- ما الذي دفعك لدراسة الموسيقى؟

* دافعي كان رغبتي بتقديم فن اصيل نابع من القلب يحمل الحانا جديدة معتمدا فيه على ذاتي وهذا كله لم يكن ليتحقق لولا دراستي للموسيقى، وشيء اخر شكل لي حافز كبير وهو عندما كنا نسجل الاغاني في الاذاعة والتلفزيون كان العازفين هم الذين يقومون بتوزيع اللحن كيفما شاؤوا لاننا كنا نجيد الغناء فقط فكانوا يسالونني ماهي النغمة وماهي ايقاعاتها كنت اجيب بانني لا اعرف وذلك اثر فيَ كثيرا وشكل حافزا كبيرا دفعني لدراسة الموسيقى.

- ما هو تقييمك للاغنية السريانية اليوم هل تتجه نحو التطور ام هي في حالة تراجع؟

* لكل مرحلة فنها الخاص ومرحلتنا الفنية الحالية تفتقد الى الخصوصية واللون بسبب اعتماد اغلبها على كلمات من هنا وهناك وكذلك الالحان مما وضع الفن السرياني اليوم في حلقة مفرغة، على العكس من السابق حيث كان لدينا تراثنا وفلكلورنا الذي لا نستغنى عنه لحد الان وكثيرا ما نعود اليه لتسجيل اغاني جديدة، فالفن لم يبقى مثلما كان عليه وليس هذا في ثقافتنا فقط بل عند الاخرين كذلك لقد اصبح تجاريا، وكثيرا ماتظهر اغنية وتنتشر وفي لحظات تنزل وتزول، الذي يأتي بسهولة يذهب بسهولة.

- برأيك مالعمل لتطوير الاغنية السريانية ؟

نحن بحاجة اليوم الى مؤسسة فنية شاملة تعني بالفن السرياني تقوم بتنقيح الاغاني والالحان معتمدة على الفلكلور والتاريخ والتراث عبر تجمع يضم ملحنين وفنانين وعلماء لغة لتأسيس بداية جديدة لمدارس فنية تنشيء اجيال فنية جديدة بعيدا عن تقليد الاخرين، هذه المدرسة او المؤسسة بحاجة الى تضافر الجهود وتوحيد الامكانات لدعمها اقتصاديا ومعنويا، وبالتالي ستحمل على عاتقها نشر الثقافة والفن السرياني الى المحيط الاقليمي والعالمي لتعريف قضايانا ولغتنا وتاريخنا وايصالها الى الشعوب الاخرى عبر المهرجانات المحلية والاقليمية والعالمية.

- لمن يسمع جورج الياس؟

* اسمع لكل شيء فيه طرب سواء كان سرياني او هندي او تركي او عربي او اسباني كذلك اسمع لكل صوت ولحن يدخل ذهني ويشعرني بالنشوة ويلامسني كما احب الاستماع الى الاغاني القديمة.

- لديك اغاني بالسرياني وبالعربي! برأيك الغناء باكثر من لغة هل يعمل على تشتيت جهود المطرب ام يضمن له الانتشار؟

* برأيي كل انسان او فنان يغني باكثر من لغة يكون مطرب عند تلك اللغة وهو ما يعمل على تحقيق انتشار للمطرب ولا يستطيع كل مطرب اداء الوان مختلفة واذا تمكن منها فهذا فخر للفنان وانا اشجع هذا الاتجاه في الغناء باكثر من لغة.

- متى يغني جورج الياس؟

* اذا طابت النفوس غنت، عندما اكون مرتاحا وسعيدا وعندما اشاهد طفلا صغيرا يجعلني اشعر بالسعادة ويغمر قلبي السرور فاغني واحس بصوتي يخرج بطريقة رائعة، واذا كنت مهموما او حزينا او ارى اطفالا يتألمون او امراة تبكي فلا استطيع الغناء وصوتي لا يخرج ابدا، وهناك حادثة حصلت لي في احدى المرات كنت اغني اغنية وطنية فلمحت امرأة تبكي فتأثرت بها كثيرا وتوقفت عن الغناء.

- كلمة توجهها للفنانين الشباب؟

* دائما في كل لقاءاتي اوجه هذا الكلام للفنانين الشباب على كل فنان يملك موهبة ويريد ان يصبح فنان اصيل وحقيقي عليه ان يتعلم المباديء الاولية للموسيقى ويحرص على زيادة ثقافته في الموسيقى والغناء كما اتمنى لكل فنان حلمه ان يصبح مطرب ان يتعلم العزف على الاقل على الة موسيقية، وان يتحلى بالتواضع والصبر فمشوار الفن صعب وطويل والشهرة لا ينالها من اغنية او اغنيتين.

لذلك يجب على الفنان ان يسعى للتميز في وجود هذا الكم الهائل من المغنين وان لا يدخل هذا المجال لاجل التجارة او لاجل ان يكون له معجبين فقط بل هو طريق فيه تعب ودراسة لاجل تقديم فن جيد ورصين يرفع من مستوى الغناء السرياني خدمة لقضايا وطننا وامتنا.

- كلمة لبهرا وقرائها؟

* اشكر اسرة تحرير بهرا على هذا اللقاء وتواصلها الدائم مع فناني شعبنا ومن هذا المنبر اوجه رسالة لصحافة واعلام شعبنا للاهتمام والتواصل مع مختلف الطاقات والامكانات سواء من الفنانين او الرياضيين والمفكرين والشعراء والموسيقيين فضلا عن السياسين.

حبي وتقديري لكل قراء بهرا واتمنى ان لا نكون قد اطلنا عليهم مع دعائي لهم بالخير والسلامة طالبا من الرب ان يعم السلام والوئام في بلدنا العراق.