محبتي الصادقة لأُمتي قادتني الى طريق زوعا 3

 

                                                                                                

 

 

 

 

                              

 

                                   يوسف شكوانا

 

                  

                    

               مع بداية التسعينات اخذ اسم زوعا ينتشر ويتوسع في صفوف الجالية بواسطة تنظيمات فرع امريكا وكندا واعادة طبع وتوزيع جريدة بهرا الجريدة المركزية للحركة والوفود القادمة من ارض الوطن خاصة لحضور الكونفينشن السنوي حيث كانوا يقومون بجولة في المدن الامريكية ذات كثافة شعبنا السكانية ويقيمون الندوات ويعقدون اللقاءات مع المنظمات والشخصيات، كانت علاقاتنا وقتها مع تنظيمات الجالية تختلف من مؤسسة الى اخرى وبدرجات متفاوتة، ومن جملة منتقدينا كان التعصب الاشوري الحالم باعادة الامجاد الامبراطورية التاريخية حيث كانوا يقولون وقتها ان زوعا الغت اهدافنا القومية باقتصار هدفها على الاقرار بوجودنا القومي ومنهم من كان يقول ان قضيتنا اوسع من حصرها في العراق الى درجة ان احد اعضاء زوعا المتأثر بالكلمات الخيالية المخدرة ترك التنظيم لهذا السبب، كما كانت بعض الشخصيات والتنظيمات المتزمتة تنتقدنا لموقفنا من تسميات شعبنا ففي كل مناسبة مثل رأس السنة اكيتو ويوم الشهيد كان علينا الدخول في نقاشات معظمها لم توصلنا الى النتيجة المرجوة وفي بعضها فشلنا في احياء المناسبة بصورة مشتركة موحدة بسبب موضوع تسمية المناسبة واصرارهم على الاسم الاشوري فقط وكنا نسمع احيانا لقب (التكلدن) يطلق علينا، ولكن عدد هؤلاء اخذ يتقلص تدريجيا بعد ادركوا ان الوحدة هي اهم من التسمية، وفي الحقيقة ان المؤسسات الكلدانية كانت اكثر مرونة في هذا الموضوع فكنا احيانا نحيي المناسبة بالاشتراك مع بعضها في الوقت الذي يقوم اخرون باحياء نفس المناسبة في مكان اخر فكانت الانتقادات تنهال علينا لانقسامنا، ومع كل هذا فطابع العلاقات الجيدة كان الغالب مع الاكثرية خاصة مع معظم مؤسسات الفدريشن الاشوري، وفي ديترويت اذكر مثلا الاتحاد الكلداني الامريكي والاتحاد الديمقراطي العراقي واذاعة صوت الكلدان والنوادي الاجتماعية والثقافية وغيرها وباختصار فمع اختلاف التعصب الاشوري معنا لم يخاصمنا سوى ازلام النظام البائد بسبب وقوفنا بجانب المعارضة الوطنية ضد النظام الدموي، فكانت تقاريرهم عن نشاطاتنا مستمرة وكثيرا ما كانت اجهزة النظام تهدد اقاربنا في الوطن وتستخدم اسلوب الترغيب والتهديد، ولكن تاثير كتاب التقارير اخذ بالتقلص مع ضعف النظام خاصة بعد فرض الحصار، كانوا لا يخفون اعجابهم بالنظام ويتهمون الحركة بان معارضتها للنظام ستسبب في ابادة شعبنا في الوطن، كما كانوا ينتقدوننا مرة لعلاقاتنا مع الاحزاب الكردية واخرى لعلاقاتنا مع الحزب الشيوعي وحتى في المدارس السريانية وقفوا ضدنا بذريعة الحرص على مستقبل اولادنا.والغريب ان بعض اولئك غيروا لونهم بعد 2003 ولبسوا ثوبا اخرا دون ان يغيروا افكارهم واستمروا بمحاربة الحركة بذرائع مختلقة جديدة كنغمة التهميش مثلا وقسم منهم لا زال يحلم بعودة النظام السابق ويظهر هذا في كتاباتهم في المواقع الالكترونية التابعة لحزبهم المنحل ولدينا ادلة عديدة على قولنا هذا، والغريب انه في هذا الاصطفاف الجديد نجد ازلام النظام مع اعدائه بالامس والذين كانوا مثلنا مستهدفين في تقاريرهم نجدهم اليوم في خندق واحد على الرغم من عدم وجود ما يجمعهم سوى معاداة زوعا فينطبق عليهم بحق لقب تحالف الاضداد، ومن المضحك انه بسبب ايماننا بوحدة امتنا اطلق علينا بالامس لقب التكلدن ولنفس الايمان الثابت يطلق البعض علينا لقب التأشور وبين هذا وذاك تستمر مسيرة شعبنا الواحد بقضيته الواحدة تسير في خطها المستقيم رغم تلقيها الفقاعات الانترنيتية من التعصب من جهة والانقسام من جهة اخرى.
الديمقراطية في زوعا

كما تقدم كان المرحوم ابرم عما اول من سمعته يربط مسألة حقوقنا القومية بالديمقراطية في البلد وبعد التعرف على زوعا وجدت هذه الكلمة في شعاره ومنهاجه ونظامه الداخلي كما كنا نمارسها داخل تنظيمات الفرع ولكن ما نال اعجابي حقا كان ما رايته ولمسته عند زيارتي للوطن وحضوري المؤتمر الثاني عام 1997 فالطريقة الديمقراطية التي مورست فيها كافة اعمال المؤتمر كانت فوق تصوري فكانت المناقشات تتم بكامل الحرية والوقت الممنوح للاراء المختلفة يكون متساويا دائما وبعدها يتم التصويت ثم يتمسك الكل برأي الاكثرية، شاهدت النقد وطرح السلبيات بكل صراحة كما سمعت من اعترف بالتقصير . اما في المؤتمر الثالث عام 2001 والذي كان لي شرف عضوية لجنة رئاسته فوقفت على هذه الممارسة عن اكثر قربا وشاهدت العديد من الاراء التي تبناها اعضاء قياديين لم يتم اتخاذها لعدم حصولها على اكثرية الاصوات، ومع كل هذا فالبعض لم يكف عن توجيه التهم جزافا وهو بعيد كل البعد زوعا، بعد المؤتمر الثاني قال احد المنتقدين في غرفة البالتولك بعد اعادة انتخاب الرفيق نينوس بثيو قال: انها اصبحت دكتاتورية وبعد المؤتمر الثالث وفوز الرفيق يونادم كنا قال نفسه: انه فاز بمؤامرة ضد الرفيق نينوس، وهذا نموذج من المنتقدين الذين يقررون التهجم ثم يبحثون عن السبب، فباعادة انتخاب السكرتير يقولون دكتاتورية وبتغييره يقولون مؤامرة اي مهما كانت النتيجة فالانتقاد يكون جاهزا دائما

من الطبيعي ان تكون هناك اختلافات في الاراء وهذه موجودة دائما ولكن بحسب مشاهداتي لم يتم فرض اي راي لم يحصل على اصوات الاكثرية كما لم تتحيز لجنة الرئاسة الى اي من الاراء المطروحة للمناقشة على حساب الرأي الاخر، وخلاصة القول ان ما لمسته في الوطن من الممارسات الديمقراطية فاق توقعاتي، والظاهرة الاخرى التي لمستها بزيارتي تلك كان العمل المستمر والمنظم في كافة المؤسسات, فشاهدت لجنة ترجمة المناهج الى السريانية تعمل 16ساعة باليوم لاصرارهم على ان تكون الكتب جاهزة مع بداية الدوام المدرسي، كما شاهدت بعض المشاريع في القرى المختلفة دون تمييز كتبليط ساقية في اينشكي واخرى في كوري كافانا وهكذا، الا ان الذي نال اعجابي الشباب المؤمن بقضيته القومية يعملون كخلية النحل في مختلف المجالات الاعلامية والثقافية والاجتماعية والادبية، وكيف انسى المقاتلين الذين كانوا يعملون ليل نهار كل بحسب المسؤولية المناطة به، فلقد شاهدت ولمست على ارض الواقع ما قاله الرفيق نينوس بثيو في اول لقاء لي مع زوعا في ندوة ديترويت

 

زوعا ولغتنا القومية

كل العاملين في الحقل القومي كانوا دائما يعربون عن اعتزازهم بلغتنا القومية وبعض المؤسسات كانت تفتح دورات لتعليمها محدودة الفائدة، ولكنها لم تطبق كلغة تدريس جميع المواد بها في المدارس الرسمية الى بعد عام 1991 سمح قانون اقليم كردستان القوميات غير الكردية فيه بالتدريس بلغاتهم عندما خيرهم بين اللغة الكردية ولغاتهم، ولادراك زوعا اهمية احياء اللغة عمل منذ اليوم الاول من اجل تطبيقها مع علمهم بصعوبة ذلك كونها التجربة الاولى وتتطلب الكثير من الدراسات وتحديد مدى فائدة المشروع على المستوى القومي وكذلك تهيئة مستلزمات الدراسة كترجمة الكتب وتهيئة المعلمين ووسائل الايضاح وما الى ذلك من متطلبات مثل هذا المشروع العظيم، والاهم من كل ذلك كان عليهم ان يكونوا سباقين في تسجيل اولادهم بهذه المدارس، وهكذا وجدت اللغة التي تعلمتها وعلمتها في القوش في الدورات الصيفية تعلم في المدارس الرسمية لا كلغة فقط وانما كافة الدروس فلقد حضرت شخصيا دروس الفيزياء والزراعة والتاريخ ووجدت مدى سلاستها التي لم اتوقعها. وهكذا استمرت تتقدم عاما بعد اخر فاجتازت المرحلة الابتدائية ودخلت المتوسطة والاعدادية وبعدها الجامعة ولقد تخرجت عدة وجبات لحد الان من الجامعة وبهذه اللغة

ولكن المعادين لم يستثنوا حتى هذا المشروع من انتقاداتهم فقالوا انه يدمر مستقبل الاولاد وكأنهم اكثر حرصا على اولئك التلاميذ من ابائهم وامهاتهم، وقالوا ايضا ان زوعا باشر بالمشروع قبل تهيئة المستلزمات، ولكنهم بعد 20 عاما ولم يبدأوا بتهيئة المستلزمات لحد الان فماذا ينتظرون؟ ومنهم وصل كرههم للغتهم الى كتابة عريضة تطالب بالغائها لان التدريس بها يؤثر على مستوى التلاميذ باللغة الكردية والغريب ان عرائض مماثلة قدمت بعد 2003 الى المسؤولين العراقيين يطالبون الشئ نفسه ولكن بتغيير عبارة اللغة الكردية الى اللغة العربية، ومنهم من قال انه من الصعب على التلاميذ تعلم عدة لغات هي الكردية والعربية والانكليزية والسريانية فيجب تقليصها بحذف احداها ولكنهم لم يجدوا غير لغتهم القومية ليطالبوا بالغائها

واخر الانتقادات كانت اتهامهم بتغيير لهجة التلاميذ وهذا ما لا يقبله عقل كل مطلع على سير العملية التدريسية حيث وجدت كل معلم او معلمة يتكلم بلهجته اما الدروس فتكون باللغة الادبية الواحدة، لقد كان لنا اذاعة في ديترويت تقدم مختلف البرامج الا ان اخبار والتعليق كنا نقدمه انا والرفيق شمائيل دانيال باللغة الادبية قدر الامكان، كنت اسمع من بعض المعارف بانني اغير لهجتي وكذلك كان يقول معارف شمائيل وكلاهما على حق لان اللغة التي كنا نستخدمها ليست لا لهجتي البيتية ولا لهجته فالكل يعتبرها ليست لهجته بسبب عدم تعلمنا اياها، كان احد الاصدقاء في ديترويت يردد دائما نغمة تغيير اللهجة الى (الاثورية) في احدى المناسبات كان معي احد كتب التاريخ المستخدم في المدارس، طلبت منه قراءة اي فقرة منه كي نجد اين التغيير، طبعا لا يجيد القراءة فبدأت بالقراءة وسرعان ما اوقفني قائلا: اليست كلمة (گربيا)اثورية؟ فسألته فما هي الكلمة الصحيحة اذا؟ قال: (شمال) هذا فقط احد النماذج من الذين لم يتعلموا لغتهم ولا يدعون الاخرين يتعلموها، لنقارن بين هذا الموقف وموقف احد قياديي زوعا كان ابنه يدرس في احدى المدارس السريانية وكنا في بيته نشاهد لقطات فديو سجلها احد المغتربين ومن ضمنها كان درس الدين فكانت المعلمة تعلمهم رسم الصليب بطريقة الكنيسة الكاثوليكية وتعلمهم كذلك صلاة (السلام عليك) بنفس الطريقة، وجدت العضو القيادي فرحا لترديد ابنه الصلاة بطريقة تختلف عنه، وجوابا لتعليق احدهم قال: ان هدفنا هو احياء اللغة فليصل باية طريقة تراها المعلمة، بهذا نجد الفرق الكبير بين من يعادي لغته ثم يبحث عن الذرائع وبين الذي يضحي بالكثير من اجل احياء لغته