إحتفالات الاول من نیسان "أكیتو" رمز خلود الشعب الآشوري

 

 

 

                                           

                                                                                            یوآرش هیدو

                                                           

 

            

                 مع تقتح براعم السنة الآشوریة الجدیدة في الأول من نیسان، یحتفل الآشوریون في الوطن الأم بلاد ما بین النهرین وفي الشتات بعیدهم القومي الذي هو جزء مهم من التراث الثقافي لهذا الشعب العریق الذي یفتخر بماضیه المتألق وباولئك الاجداد العظام الذین لعبوا دوراً قیادیاً بارزاً في بناء صرح الحضارة التي لا تضاهیها حضارة اخرى في الشرق الادنى في روعتها وقدمها. تلك الحضارة التي تركت بصمات واضحة على مجمل الحضارة البشریة. وقد برهنت التنقیبات التي أجریت في خرائب أو مواقع المدن الآشوریة والبابلیة على أن سكان هذه البلاد الجلیلة قد حققوا درجة عالیة من البراعة في العلوم والفنون والآداب قرونا عدیدة قبل المیلاد. إن ملحمة كلكامش الخالدة وقصة الخلیقة وشریعة حمورابي والجنائن المعلقة- أحدى عجائب الدنیا السبع للعالم القدیم ، والثیران المجنحة المهیبة ومكتبة العاهل الآشوري العظیم آشور بانیبال، وكنوز نمرود التي لا تقدر بثمن وغیرها من الروائع الثقافیة والفنیة والعمرانیة لهي دلیل على صحة ما نقول. وها هو "أكیتو" یطل علینا الیوم من جدید ناثراً البراعم والنرجس والزنابق وشقائق النعمان في الحقول والبساتین والریاض والأودیة والمروج والروابي مجدداً الحیاة والطبیعة معلناً خلوده الأبدي وباعثاً الامل والرجاء في نفوس أبناء شعبنا مبشراً بمستقبل مشرق سعید. تأملوا با إخوتي وأخواتي جمال الطبیعة الآسر وقد إرتدت الارض أبهى حلاها وإكتست بالخضرة السندسیة والزهور البریة المكلّلة بقطرات الندى التي تساقطت من أجفان الفجر القرمزي وهي تتمایل برقة في النسیم النیساني العابق بالأریج. منذ الآف السنین جعل أجدادنا الیوم الاول من نیسان یوماً متمیزاً یعبر عن علاقة الانسان بأخیه الانسان وبالطبیعة الام في آن معاً ویعزز الآصرة التي تربطه بالارض، مصدر الخیر والعطاء وظل یمارس إحیاءَ هذه المناسبة (رأس السنة الآشوریة) على مر السنین. ویعتبر "أكیتو" واحداً من أقدم وأهم الأعیاد والمناسبات التي یحتفى بها في تاریخ سكان بلاد ما بین النهرین وإحتل عندهم مكانة سامقة ومقدسة لما یحمله من مغزى عمیق لاقترانه بحلول الربیع موسم الامطار وبدایة السنة الجدیدة ونمو الاعشاب وتوالد الحیوانات . وتشیر الرقم الطینیة المكتشفة في مواقع المدن الآشوریة القدیمة الى أن الاحتفالات كانت تستغرق إثني عشر یوماً تتخللها ممارسة طقوس وشعائر مختلفة ومسیرات ومواكب إحتفالیة مهیبة مصحوبة بموسیقى وألعاب ریاضیة ورقصات رمزیة وفعالیات أخرى عدیدة. كانت هذه الاحتفالات تقام في المدن الآشوریة الرئیسیة ولاسیّما مدینة آشور المقدسة التي كانت مقراً لعبادة (آشور) الاله القومي الاعظم، ویشارك فیها الملك وحاشیته ورجال الدولة البارزون والكهنة وسائر الشعب. وكان یخصص كل یوم من أیام الاحتفال

(Festival House– لفعالیة أو لطقوس معینة. أما معنى "أكیتو" فهو (بیت الأعیاد حسب أحد الباحثین البارزین المهتمین في (Victory Festival - أو (عید النصر المقام الاول بتأریخ وتراث ولغة الآشوریین وهو البروفیسور سیمو باربولا. (Simo Parpola) ویبدو أن الآشوریین كانوا یحتفلون بانتصاراتهم في الحروب وبمرور الزمن صارت لفظة "أكیتو" رمزاً أو مدلولاً یشیر الى إحتفالات رأس السنة الآشوریة التي كانت تبدأ في الیوم الأول من شهر نیسان حسب التقویم الآشوري القدیم. وتشیر بعض المصادر الى أن الآشوریین إحتفلوا بأكیتو منذ ( 4750 ) قبل المیلاد. ومهما یكن من أمر فان "أكیتو" هو العید القومي الذي یوحد جمیع الآشوریین . لقد ظل الأول من نیسان ذا أهمیة خاصة في ذاكرة الآشوریین جیلاً بعد جیل. وتجدر الاشارة الى أن مظاهر الأبتهاج بقدوم الربیع في القرى الآشوریة وفي الیوم الاول من نیسان هو قیام أحد أفراد الأسرة قبل بزوغ الشمس باقتلاع حزمة من نوع خاص من العشب الطري وتعلیقه فوق عتبة الباب العلیا یتدلى على شكل لحیة یطلقون أي لحیة نیسان تعبیراً عن الفرح بحلول الربیع وبدایة السنة الآشوریة.

المجد والخلود لأكیتو بكل ما یحمله من المعاني والرموز، والسلام والطمأنینة لشعبنا. وكل "أكیتو" وأنتم بخیر.