لهم تنوير ولغيرهم تزوير

 

                                            

                                                 

                                               

                                                        

                                                         يوسف شكوانا

        

                    يحرص البعض على استمرار الصراع الانترنيتي وذلك بافتعال ازمات لا نهاية لها، فما ان يمل القارئ من قراءة المشاحنات حول قضية معينة حتى يفتحوا بابا اخرا لادامة الصراع وهكذا اصبحت حياتنا كلها مشاحنات حول امور يعتبرها شعبنا ثانوية وذلك على حساب قضاياه المهمة والمصيرية، وبالقاء نظرة سريعة عليها نرى ان كلها تنحصر في موضوع التسميات تاركين كل الامور الاخرى التي تعتبر أهم من هذا الموضوع وتخص شعبنا ومستقبل وجودنا، وآخر موضوع أثاروه هو اتهامهم لآل بابانا بتزوير كتاب (القوش عبر التاريخ) في طبعته الثانية التي لم تصلهم لحد الان وانما اعتمدوا على احدهم الذي لم ير في الكتاب الذي تضاعف عدد صفحاته (من 236 الى 556) الا كلمتي (الكلدانية والاشورية) ليعلن عن اكتشافه الخطير ويسرع بعدها من ينتظر مثل هذه الحالات بالكتابة وكل منهم يظهر قابلياته في اطلاق التهم، اكثرها ترديدا هي تهمة التزوير التي اشتهروا بها وبعضهم اوصل الموضوع الى درجة الجريمة، ولقد ضحك منها كل من يعرف هذه العائلة، فهل يعقل كتابة كل هذه المقالات بسبب حذف كلمة كلداني او اشوري في فقرة معينة رغم بقائهما على صفحات الكتاب لعشرات المرات، فلقد تم اضافة 320 صفحة في طبعته الثانية الا ان احدا منهم لم يتطرق اليها

 

لقد صدرت الطبعة الاولى قبل 33 عاما وكما علمنا وقتها انه تم اختصار الكتاب لسبب الكلفة الباهضة (وربما ايضا بسبب القيود المفروضة وقتئذ) وانني شخصيا شاهدت مسودات الكتاب عند زيارتنا للمرحوم المطران يوسف بابانا في كنيسة زاخو عام 1972 (خلال السفرات السنوية لمعلمي المدرسة الصيفية الكلدانية) وكان الملف ضخما جدا، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فانه لم يدعي الكمال في كتابه هذا وانما حث الاخرين على الاضافة اليه حيث يقول في مقدمته ص 10 (فعسى ما دونته من معلومات يبقى مصدرا تاريخيا للمستقبل يضيف اليه الخلف ما صعب علينا التوصل الى معرفته لبعدنا عن خزائن كتب الغرب الغنية باخبار الشرق) ومع كل هذا فمن ردود وايضاحات عدد من كتابنا خاصة الذين لا يعانون من مشكلة التسمية، تبين ان الوجهة العامة للكتاب لم تتغير وانما بقي الاعتزاز بالتسميتين الكلدانية والاشورية كما كان في الطبعة الاولى فكل من هاتين الكلمتين ترد عشرات المرات في كلا الطبعتين، اما التهم التي وجهت لابناء شقيقه فارجعها الاخ يوحنا بابانا الى مطلقيها عندما قال (اننا كلدان في ضمائرنا وسلوكنا وعطائنا وبعيدون عن التعصب القومي والطائفي المقيت) وبهذا يثبت انهم ليسوا اكثر كلدانية منه الا ان الفرق بينهم هو بعده عن التعصب القومي والطائفي، ورغم كل هذا فأبناء اخ المرحوم هم اصحاب حقوق الطبع ولديهم كافة المسودات التي جمعها وهم ادرى بمحتوياتها، والذين يكتبون ويتهمون ليسوا اكثر حرصا على الجهود الجبارة التي بذلها لسنين عديدة في جمع المعلومات في هذا الموضوع الصعب والشائك، ومرة اخرى يقررون هوية القوش وساكنيها من بعد الاف الاميال متوهمين ان بامكان مقالة تنشر على الانترنيت ان تغير كل الحقائق والادلة التاريخية والمنطقية

 

والغريب ان هذه المجموعة تقوم بتزوير الحقائق التاريخية او تدافع عن التزوير عندما يتماشى مع افكارها الانقسامية ويطلقون عليه (تنوير) فعندما نشر موقعهم الموصدة ابوابه بوجه الرأي الاخر خبر اكتشاف (مقبرة للمسيحيين) في النجف قام بتحريف الخبر الى (مقبرة الكلدان) وقالوا انه تنوير وهذا كان المثال الاول

والمثال الثاني عندما قام احدهم بنشر حلقات عن تاريخ كنيستنا ناقلا من مصادر تاريخية ولكن يقوم بتغيير كل ما ترد كنيسة المشرق الى الكنيسة الكلدانية وقالوا عنه ايضا تنوير

المثال الثالث كتاب (

دليل الراغبين في لغة الاراميين) للمطران يعقوب اوجين منا المتوفي عام 1928 والذي طبع سنة 1900 في الموصل تم اعادة طبعه في بيروت سنة 1975 باسم(قاموس كلداني - عربي) والغريب انه عندما قام مؤخرا عدد من المتعلمين بنشر القاموس الكترونيا بالاسم السرياني اثاروا زوبعة اخرى الى ان علموا ان عنوان الكتاب الاصلي لم يكن قاموس كلداني عربي ولقد تم تغييره عند اعادة طبعه في بيروت

والمثال الرابع كتاب (

الكنيسة النسطورية) لمؤلفه الكردينال اوجين تيسران تم تعريبه ووضع له عنوان (خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية) والتغيير لم يقتصر على العنوان فقط وانما شمل معظم محتويات الكتاب فعلى سبيل المثال:

عنوان الفصل الرابع كان (

الكنيسة النسطورية في حكم العرب الفاتحين) أصبح (الكنيسة الكلدانية في حكم العرب الفاتحين)،

وعنوان الفصل الخامس كان (

البعثات الدينية الى الهند) اصبح (الكلدان النساطرة في الهند)

عنوان الفصل السادس كان (

التوسع الى اسيا المركزية والى الصين) اصبح (دخول الكلدان النساطرة الى اسيا الوسطى والصين)

عنوان الفصل التاسع كان (

قائمة بطاركة النساطرة والكلدان) اصبح (سلسلة بطاركة ساليق وقطيسفون او بطاركة بابل)

في الصحيفة 52 يقول (

فيتضح ان الكلدان النساطرة الذين تمتعوا بانعامات وفيرة...) وفي الحاشية يقول طالع لذلك نسخة العهد المعطى من الخليفة المقتدى بالله للبطريرك عبديشوع بن العارض - ماري ص 133) وعند الرجوع الى هذا المصدر نجد فيه (جاثليقا لنسطور النصارى مدينة السلام والاصقاع وزعيما لهم والروم واليعاقبة ولكل من تحويه ديار الاسلام من هاتين الطايفتين ...)

والامثلة عديدة على التغيير ولكنهم يعتبرونه (تنوير) اذا كان يتماشى مع افكارهم الانقسامية و(تزوير) اذا كان عكس ذلك، وفي الختام لا يسعنا الا ان نثني على مبادرة الاخوين يوحنا وجورج (بابانا) على اعادة طبع الكتاب طبعة ثانية منقحة وشاملة كي نتعرف على المزيد عن بلدتنا الكلدانية الاشورية العزيزة ونحن بانتظار وصولها