أرخّــــــي

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

    ليس من شك ان اهالي القرى عامة يمتازون بروح البساطة والالفة والترابط المتين وهذا كله يلقي بضلالهِ على مشاعر الطيبة وحسن الضيافة عندهم تجاه المستنجد بهم ايام الشدّة والمحَن او الضيف العادي , لان هذه تعتبرمن الواجبات المهمة والمقدسة عندهم لكونهم فيضا متدفقا من مشاعرالنخوة ومن الاعراف المتداولة عند في اوساطهم .

    أرخّي اسم سرياني مُرَكَب من أر وهي اختصار لـ أرا – أرعا = الارض , وخّي مشتقة من خَائيّ = الحياة ارض لحياة او أرّخ بمعنى اريح اي الراحة بعد الطريق الطويل . أريخ رياخا  استلقاء استراحة.

    وهذا المصطلح اي الضيف له مدلولات واسعة في موروثنا الشعبي الكلدواشوري السرياني فشعبنا ومنذ القدم يفيض بمشاعر الضيافة والجود والكرم , وفي اعرافنا فان مكانة الضيف اولا في القلوب والوجوه البشوشة وصدر ورحابة البيت ووضع الحذاء امام عند الدخول,الى جانب صب الماء لهُ عند غسل رجليهِ وغيرها من القضايا.

    ولدى قدوم ضيف غريب على قرية ما فكان على الاغلب يذهب الى بيت المختار , او يقول لاحد البيوت بخاووتون أرخّي اي هل تستضيفون الضيوف , وكان يصطلح على ذوي الضيوف بَيتّا بتيخّا , البيت المفتوح.

     في احدى قرى شعبنا باقصى الشمال , كان الوقت شتاءا , ذات مرة جاء احد الضيوف كان قادما من ارخي الطاحونة وادركهُ ظلام الليل في الطريق فلم يستطيع مواصلة الطريق خشية من الحيوانات المفترسة واللصوص وما الى ذلك ,لذلك نزلَ عند صديق لهُ من ابناء شعبنا , فاكرم الرجل خير اكرام مع حمارهُ ووضع حملهُ في البيت وحماره في الحضيرة , وكان لذلك البيت شخصا مختل عقليا لكنهُ لا يؤذي احد يقضي اشغال البيت فقط , وبعد وجبة العشاء اخذ المختل يصقل فأسهُ بهمة ونشاط , فسالهُ الضيف من باب الهزل  ماذا ستعمل بالفأس يا (؟ )  فاجاب المختل لديّ عمل كبير بالفأس هذه الليلة !! بذلك فان الخوف  والفزع دخل قلب الضيف, وهذا الخوف جعلهُ يلحُ اكثر بالاستفسار ,فرد المختل دستو اي صاحبي لديّ الكثير من العمل بهذا الفأس هذه الليلة, وعند النوم بدأ الضيف يقلبُ على هذه الصفحة وتلك لكن هيهات من النوم , مخافة ان يقوم المختل بتقطيعهِ بالفأس المشحوذ,وبذلك لم يستطيع اغماض جفنيهِ, وبعد ان يأس الضيف من عدم النوم وطالَ الليلُ عليهِ , وخَجَلَ ان يقول لاهل البيت عن سوء حالتهِ , لذلك قرر ان يكمل مشواره الخطر في الطريق خير من ان يُقطَع بالفأس في فراشهِ ,لذلك خرج خلسَة وجلبَ حمارهُ ووضع الحمل الثقيل بنفسهِ على ظهر الحمار وانطلق الى قريتهِ دون علم اهل البيت , وبعد فترة التقى الضيف باهل البيت واوضح سبب انفلاتهِ من ذلك الليل المزعج .

     وكم مرة دفع اهلنا الكثير من الضرائب الباهضة نتيجة حُسن وطيبة نيتهم في احواء ضيوف خبثاء . ولدى قدم ضيف غير مرغوب فيهِ كان صاحب البيت يقول شقُولون كُرتانا من خاصِهِ اي ارفعوا الكرتان من على ظهرهِ على اعتبارهِ كالحمار .

    ولدى شعبنا عرف فان دخل البيت شخص وان كان قاتلا شخصا من ذلك البيت عدوهم اللدود فانهم يعفَون عنهُ من منطلق  مرُبياليّ كَانو كَاو بيتّا اي ارتمى في البيت , وخاصة كانت العادة اي يرمي القاتل نفسهُ بقرب المهد يستنجد بالمهد  مربياليّ كَانو قَمّ دَركَوشتّا ان وجدت في البيت لان الطفل الموجود في المهد لهُ معزة خاصة .اي متى دخل الشخص تحت سقف البيت لا ولن يمسَ بسوء . بل يكرم حتى يخرج من البيت ,وهنا نستذكر القاتل والمجرم سمكو شكاك وكيف خان الامانة وقتل انسان بريء تحت سقف بيتهُ وهو مثلث الرحمة البطريرك مار بنيامين شمعون, الى جانب عدد كبير من مرافقيهِ .    

    ويقال ان احدى البنات تزوجت في قرية قريبة من قرية الوالد , وكانت كل يوم تزور بيت الوالد خريّ مرّي,كما يصطلح عليها بالعامية , وذات مرة اراد الوالد ان يعلمها الحِكمة فقال براتّي هًيو بخليوتّا اي بنتي تعالي بحلاوة , ففي اليوم الثاني جاءت ومعها كيلو من التمر فقالت للوالد ها جئتكَ بحلاوة !! فاوضح الوالد المغزى من هذه الحِكمة اي زورينا بعد غياب كي نشتاقُ لرؤيتُكِ وتزدادُ حلاوتكِ ( زرني غبئا تزداد حبا)

ويقول الوزير الاشوري اخيقار الحكيم "رَفعتُ القشَ وحَملتُ النخالة , ولكن لَم ارى اخف من الضيف"

وهنا بعض من اقوال وحِكم شعبنا عن الضيف:

دلاَ أرخّي بَاتي قَوري اِيلّي, اي بدون الضيوف فان البيوت كالقبور ,لاحظ عزيزي القارىء عظمة هذا القول وكرم شعبنا السخّي من خلالهِ.

أرخّي بوش قَلولي ليهي من بَرا, اي الضيوف اخف وزنا من الريشه, اي لا يشكلون عبئأ على الناس.

أرخّي ايلهي أرخّي دآلاها. اي الضيوف هم ضيوف الله , يجب تقديرهم.

وكان المرحوم زيا خوشابا يقول لزوجتهِ يوليا خوشابا عند عدم مجيء الضيوف آلاها هولّي سقيذا مِنَن  اي الله غاضب منّا. فلاحظ عزيزي القارىء مدى حب وتقدير اهلنا للضيوف .

خَوياني دارخيلَهي ,اي هم مَن يحوونّ الضيوف , يقال لاصحاب البيوت الكريمة

بَيتا بتيخا لي , البيت مفتوح للضيوف وعابري السبيل , يقال لاهل الكرم الجود.

لْبَّا رويخا, اي القلب الرحب بالضيافة والكرم .

مِخولتّا بارخّي كي زَيدا, اي الطعام تزيدُ بركتهِ بوجود الضيوف .

هولّي مارّا قَمو بيتَن بَهرانَيلي , واني اتسأل لماذا بيتنا منور؟ يقال هذا لدى قدوم صاحب البيت ويجد في بيتهِ ضيفا .

بد آخل لَخمّي وخاريلَي بجَنتيّ ,اي يأكل خبزي ويتغوط في حقيبتي , يقال لناكري الجميل .

كِي أتو بخانّي وناجّلّ بدقنّي , اي يجلسُ في حضني وينزعُ ذقنّي , يقال لناكري الجميل .

هاي اينا دمَيّا دشاتت مَيّا مِناه لا دارّت كيبّي كَاو, اي العين التي تعطيك المياه لا ترمي فيها حجر, لاتنكر الجميل .

آخل لَخميّ وماخّي رَبسّا بيّ ,اي يأكل خبزي ويرفسني , يقال لناكر الجميل.

ارخّا كيّ ساقذ مِن ارخّا, اي الضيف ينزعج من الضيف ,فحال وجود ضيف وجيء ضيف اخر فالاول ينزعج , لانهُ يفقد مركزية الاهتمام بهُ , الى جانب زيادة العبء على ذلك البيت من ناحية الضيافة.

هَويا ايديّ شيتّا دوشّا بِدْ لَطيلاّ وبخَرتا بد قارِطلاّ, اي لو كانت يديّ مُعَسلّة فأنهُ يلحسُها وفي النهاية يعضها, اي يقضي مصالحهُ ويرميني .

ولدى عبارات ترحيبية جميلة

رِش ريشّي ورِش كَارت عَينّي , اي على رأسي وسطح عينايّ فوق الجفون وما اخف تلك المنطقة لحمل الضيوف.

رِش رِشي ورِش ايناتي , على رأسي وعينايّ.

رِش رِيشي من تامّا لَخّا, على رأسي من هناك ولحد هنا .

رِش رِيشي تيلوخ بساتا بساتا , اي على رأسي جئت خطوة بخطوة.

وبشولاما اوب انا امرنَوخون بشَينا تيلَوخون

بارّخ مار.