ا                                  

 

مجدا لشهداء شعبنا بيومهم الأغر

 

 

                      

 

                      بدران امرايا

               ليس من شك إن الشهادة تعتبر اعلي قيمة إنسانية ومعنوية في  ماضي وحاضر الأمم و منذ فجر التاريخ ,وفي لغتنا السريانية تعني المصادقة وختم الشيء  (سهدوثا ) والشهيد هو ذلك الإنسان المتفاني والمحاط بهالة من القدسية تجعله يسترخص و ينذر روحه لينال هذه القيمة العظيمة والنبيلة لأجل أقدس الأهداف ونبلها مكانة وسموا ، وشعبنا الكلدو آشوري السرياني يعتبر اول شعب لازم وواكب مسيرة الشهادة مرخصا الغالي والنفيس من اجل حبه لامته ووطنه التاريخي بين النهرين حتى وصفت امتنا بأم الشهداء ، وقيمه الإنسانية الشامخة ولم يساوره الشك يوما بالمساومة على هذه القيم والمعاني السامية  لأجل شيء ما،

 

 بل تغنى بها في كل مجالات ومراحل حياته وبالمقابل لم يرى من أنظمة حكم  بلده سوى المهانة والإذلال والمذابح المروعة ونكران الوجود وتجزئته بكل ما أمكن  دون وازع من الضمير  وغدت مسيرة هذه الأمة سفرا مجيدا للشهادة منذ عام 1914- 1915- 1918 - 1933 - 1969   وفي مناطقه المختلفة من هكاري - سلامس - طورعابدين - سميل - صوريا ومذبحة كنيسة سيدة أم النجاة  الأخيرة  ومسلسل اغتيالات ابناء شعبنا وتهجيره وإفراغ العراق منه بعد الإطاحة بنظام صدام حسين . ومن جراء ذلك خسر نصف عدده ومناطق تواجده التاريخية وتغيرت ديموغرافيته السكانية ، بحيث خرج من هذه المعادلة أقلية مسلوبة الإرادة مخنوقة المشاعر مشرذمة .كل هذه مورست بطرق فنية بارعة وتجلت قمة هذه الماسي في القرن العشرين والمتمثلة بمذبحة سميل في 7 -  آب 1933 يوم الشهيد الكلدوآشوري والذي أودى بحياة ما يقارب الآلاف من أطفال وشيوخ ونساء  وبقيادة المقبور بكر صدقي  ومباركة السلطة الملكية العراقية  آنذاك وبتخطيط مسبق مع الانكليز  ، ففي صبيحة ذلك اليوم الصيفي الملتهب اسودت الدنيا بوجه هذا الشعب الأصيل حيث نزل فرمان ابادتة وفترات باستباحة دمهم  دون رأفة أو رحمة والمسرحية التراجيدية لهذا الحدث كانت ارض (  شمئيل  )  قضاء سميل الحالي في شمال العراق بحيث رأت العيون مالا تشتهي رؤيته  وسمعت الأذان ما لم تسمعه أبدا  من إبادة اغتصاب أعمال لا إنسانية  يندى لها جبين الإنسانية والتاريخ  وبدم بارد وشعور ميت مقبور .كل هذا  لأجل مطالبته بحقوقه العادلة والمشروعة هذه الدماء التي سالت فوق هذه الأرض المقدسة بالإضافة إلى الظروف الذاتية والموضوعية للأمة وما ترتب عليها لاحقا من معاناة  الانصهار والهجرة والانقسام  الداخلي  وبتدخل عوامل خارجية ,وضعف المعنويات وتمييع في إثبات  الشخصية القومية الذاتية والاختلاط بينها وبين الانتماء الديني والطائفي وحياة المهانة  هذه الظروف مجتمعة خالطت مخيلة ونفسية نخبة من الأبناء الغيارى و الأفذاذ وخرجوا بنتيجة واحدة وحيدة لا غيرها حيال هذا الواقع المزري . وهي  تكمن بتأسيس تنظيم سياسي طليعي قومي  ووفق ايدولوجية عصرية واضحة  الأهداف والاستراتجيات يحل مكان القيادة التقليدية المختلفة لشعبنا والمطالبة  والنضال من اجل حقوقه المشروعة  وهكذا ولدت طليعة امتنا المقدامة  الحركة الديمقراطية  الآشورية  (  زوعا ) من عمق رحم الأمة حاملا آمالها وآلامها شؤونها وشجونها  في 12 نيسان 1979 وبهذا أشرقت خيوط الشمس البرونزية على هذه الأمة في العراق وكانت هذه الولادة هزة وجدانية ورعشة من السبات القاتل ونفخ القوة والعزم في أوصال أبنائها ، وفي ظل ظروف سياسية قاهرة المتمثلة بسلطة النظام ألصدامي البائد ، وبهذا النضال وبإمكانات بسيطة جدا سجلت حضورها السياسي اللافت ضمن خارطة المعارضة العراقية  بقرارها إعلان الكفاح المسلح في 15 نيسان 1982  وسطرت نضالها المشرف وعمدته بدماء طاهرة زكية  ولم يتوانى الرعيل الأول المؤسس لهذه الطليعة عن مسيرة الشهادة وديمومة العطاء والتضحية من اجل قضية مؤمنة بان نيل الحقوق لا يأتي عبر طريق مفروش بالزهور والرياحين  بل بالقرابين والتضحيات  الجسام , وان شجرة حرية الأمم لا تنمو إلا بالدماء  .بعد الانتفاضة الآذارية لعام 1991 نزل رفاق الحركة إلى الساحة وكان هذا النزول كزخات مطر في لهيب الصحراء بالنسبة لأبناء شعبنا التف حولها واكسبها شرعية أول محطة على طريق الديمقراطية بانتخابات عام 1992  حيث فازت ب (4 ) مقاعد برلمانية من أصل  (5 ) المخصصة لأبناء شعبنا آنذاك  وهي من أضفت الطابع الشرعي للمجلس الوطني الكردستاني وعمدته بدم الشهيد الخالد المهندس فرنسيس يوسف شابو  ( شهيد الوحدة القومية ) الذي اغتيل غدرا  عام 1993 وهو الشهيد الأول للبرلمان وما زال قاتله يسرح ويمرح هنا وهناك دون حسيب او رقيب  ، وقدمت أربعة شهداء أبطال قربانا لاسترجاع قرانا في منطقة فيشخابور  وهم الخالدون  ( نينوس وقاتله ما زال يهز قامته في أزقة وشوارع  دهوك - ننوايا - انور - ماجد ) وكانت وراء استحصال بعض حقوق شعبنا بإقليم كردستان  كالتعليم السرياني وجعل مناسباتنا القومية عطل رسمية ولم تتهاون في المطالبة بإخلاء قرانا المتجاوز عليها وتمثيل شعبنا في كافة المجالس الإدارية والنقابات والاتحادات  وغيرها ، إلى جانب مساعدة أبناء قرانا ماديا ومعنويا في الرجوع إلى القرى وأعمارها وربط جالياتنا بالوطن من خلال زيارة وفود الحركة لدول المهجر فضلا عما سجله إعلامها المرئي والمسموع في إنضاج الوعي الوطني والقومي والسياسي .وفي مجال الوحدة القومية  كانت ولازالت الحركة المعول الذي دمر هواجس وحواجز الفرقة بين أبناء امتنا الكلدوآشورية السريانية  وغد تنظيمها قيادة وقواعد ومقراتها البوتقة الوحيدة لوحدة صف أبناء شعبنا ، ومن يتطلع على قوائم شهدائها يتيقن ان الدم الكلداني الاشوري السرياني امتزج في هذه البوتقة  وقبور هؤلاء الأبطال الخالدون شاخصة لمن يراوده الشك  انطلاقا من زاخو وسميل ودهوك وبليجاني وكركوك واربيل وعقرة وبغداد وحتى البصرة وغيرها من المناطق ،أو الاحتفال بالأول من نيسان  رأس السنة البابلية الآشورية  ( اكيتو ) هذا الطقس السنوي الذي دشنته الحركة كعطله رسمية في وجدان شعبنا بحيث أصبح مسيرة تظاهرية بنفسجية قومية وطنية مستمدة من الإرث الحضاري العراقي  .وخلال عملية حرية العراق كان رفاق الحركة بإمكاناتهم الذاتية البسيطة أول من وضعوا أرواحهم على انكفائهم ولبسوا أكفانهم من اجل حرية الوطن وحماية أبناء شعبنا في المناطق المحررة من الانفلات الأمني آنذاك  وأول ما اكتحلت به عيون أبناء شغبنا في تلك المناطق كانت برؤية رفاق الحركة وفتح مقراتهم وتأمين الاحتياجات الممكنة لهم  إلى جانب توفير الحماية للأرواح والممتلكات  . والحضور السياسي لتمثيل هذه الشريحة العراقية الأصيلة في  لجنة التنسيق ومجلس الحكم والجمعية الوطنية  ومجالس المحافظات وفي كل نشاط سياسي ، إلى جانب لملة صف شعبنا  والخروج بتسمية ترضي الكل لتعريفنا في فقرات قانون إدارة الدولة المؤقت  وكانت الحركة المبادرة الأولى إلى جانب المنظمة الآثورية الديمقراطية  وكنائسنا  وأحزاب ومنظمات أخرى  لعقد المؤتمر القومي  الكلداني الآشوري السرياني وخرج المؤتمر بصيغة التسمية القومية  ( الكلدو آشورية  )واللغة والثقافة  ( السريانية )  وهذه التسمية التي يتغنى البعض بهندستها من قبل الحركة  والمؤتمر  متناسين انها مستمدة من اهم مصدر تاريخي ووثائقي وكنسي عند شعبنا وهو كتاب   ( كلدو آشور  ) لمثلث الرحمة المطران الكلداني  ادي شير   بمنطقة سعرد  عام 1912   في  ذات الوقت نرى ونسمع بعض أصوات النشاز تحاول باستماتة وبتحركات وايعازات من خارج السرب تنادي بشق صف الأمة  وتقامر من خلال التسميات التاريخية للأمة ووضع واوات العطف من بين تلك التسميات وكأنها تستعين بواوات العطف لتجمع أقطاب الدنيا الأربعة المختلفة  غير هيابين ما لهذه الواوات من تأثير كإرثي مستقبلا  إن وقعت بين مسمياتنا   ولكن بوصلة المصلحة الشخصية لهم أولا والسذاجة السياسية ثانيا  هي التي تغطي  مداركهم وتعمي إبصارهم  ليرقصوا على هذه الأوتار الحساسة والخطرة  وفي اخطر المراحل السياسية للوطن  مرحلة  ( سن الدستور  العراقي  الدائم )  وعلى أمل أن يتدارك الجميع  أحزابنا وكنائسنا  ومنظماتنا الأخرى  الموقف ليتصرفوا بمنطق وواقعية ويوحدوا تسميتنا القومية بالدستور  دون الاستعانة بهذه الواوات الشرذمة لوحدة امتنا  والقاتلة  لكل أمل وحدوي منشود  في المستقبل .. وبمناسبة الذكرى الثامنة والسبعون ليوم شهيدنا الأغر نقف إجلالا وإكراما لتلك الأرواح الطاهرة التي قدمت على مذبح حرية شعبنا الكلدوآشوري السرياني وشهداء العراق والمجد كل المجد لهم  ..