الجزء الخامس

    قراءة نقديــــة  في الفكر القومي للمطران سرهد جمو

 

                                                                                                                

 

                                                      

 

                                                     يعكوب ابونا

                                                                         

 

ناقشنا في الحلقات الماضية ، بعضا مما اورده المطران سرهد جمو ، جزيل الاحترام ، في بحثه ( الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية ) ، وفي هذه الحلقة سناخذ قسم اخر من دراسته ، التي يعتمدها البعض للاسف في تقسيم شعبنا الى قوميات ، لذلك ساناقشها وفق رؤية سوسيولوجية في البحث والتحليل للاستقراء المعرفي ، ونبين مدى افتقارها الى المعطيات التاريخية والجغرافية والموضوعية ..لذلك سنضع بحث المطران بين قوسين ، ونعلق خارجهما  .... 

                                                                  النص الكامل لبحث

                                                الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية   

                                                       المطران د. سرهد يوسپ جـمّو                                 

 

الهوية الكلدانية في لقب بطريرك المشرق

 (( ..اذا كان ما مرّ توضيحاً وثائقياً عن الهوية المدنية للشعب الذي تبقى من ابناء كنيسة المشرق في اعقاب العهد المغولي، تُرى ماذا كانت تاثيرات ماجريات الامور إِبّان تلك الحقبة على الرئاسة الكنسية لذلك الشعب، لأنها اجتازت هي ايضاً مع رعاياها تلك الظروف التاريخية وما تضمنته من مضاعفات. ذلك لان الشعب مربوط برئاسته كما ان الرئاسة مربوطة بشعبها، ولن تكتمل صورة البحث عن الهوية المقصودة اذا لم نتتّبع انعكاسات الاحداث بالقاء نظرة وافية الى الجانبين. )) 

  نلاحظ بان المطران سرهد يتكلم عن وثائق في الهوية المدنية للشعب ، بدون ان يخبرنا ماهي تلك الهوية التي يقصدها ؟ وماذا كانت الهوية المدنية للشعب التابع لكنيسة المشرق ، قبل دخول المغول ، وبعدهم  ؟؟ اليس المفروض بالمطران جمو ان يتحدث بموضوعية عن حالة كنيسة المشرق وموقف كنيسة روما منها في تلك المرحلة ؟وانني لااستغرب ان لا يتحدث المطران عن ذلك ؟؟ لانه ان تحدث سيكون مضطرا الى الحديث عن الكيفية التي استغلت كنيسة روما تلك الظروف بمد نفوذها وسيطرتها على اتباع كنيسة المشرق ، كما حدث في قبرص وغيرها ، اذ يذكر الاب البير ابونا في ص 94 من كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية جزء الثالث ، ". منذعام 1222 اتجهت انظارروما الى هولاء المسيحيين الشرقيين القاطنيين في قبرص ، فاصدر البابا هونوريرس الثالث براءة تامر باعادة المنفصلين الى طاعة لرئيس اساقفة اللاتين في نيقوسيا واخضاعهم للتاديبات الكنيسة في حاله الرفض ، الا ان المبادرة لم تلق نجاحا ، لان المؤمنين من الروم والسريان ( اي النساطرة )  قاوموا ذلك "..لاحظوا بان المؤمنين النساطرة قاوموا ذلك ..

  الا اننا نجد احد المرائيين يقول ان العلمانيين اليونانيين والكلدانيين ..؟ قاوموا ذلك ، بدون ان يذكرلنا هذا المدعى بالمعرفة المصدرالذي يعتمده ويستند اليه في ادعاءه الباطل هذا ؟؟ يظهر بان هولاء وامثاله اصبح ديدنه الافتراء الساذج على التاريخ ؟؟ لان من جانبا نعزز بطلان ادعاءه هولاء وتدلسيهم للحقائق التاريخية بالمستندات والوثائق ونعززالمعلومه التي نقدمها بتلك المعطيات ، ونقول بشكل واضح وبسيط من طلب البابا اخضاعهم ؟؟ الم تكن الدعوه للنساطرة تحديدا وليس لغيرهم ؟ كيف دخل اليونانيين في قرارالبابا ؟؟ وما علاقة اليونانيين بتلك الدعوة  ؟ واين كانوا الكلدانيين ومن ذكرهم ؟ وعن اي علمانين يتحدث هذا ؟؟ نترك هذا لتقديرالقارى اللبيب ..

   ولكن نؤكد على ما تحدثنا به في المباحث السابق عن كيفية ظهورالتسمية الكلدانيـــة ومصدرها في قبرص وكيف تم اعتمادها من قبل روما  ؟؟  اما ذكرالعلمانية ودورها ، يثبت بان قائلها لايفقه فيها شئ ، لانها ببساطه مصطلح حديث ، فكيف وصل استعماله في قبرص في تلك الازمنه ؟؟!!!!! بهذه السذاجه والدجل يحاولوا هولاء تشويه تاريخهم والاساءة لامجاد ابائهم اولا وقبل كل شئ ، ؟؟ لان هذا التشويه يخدم مصالحهم ، والا لنضع علامات استفهام كبيره على سلوكيات وتصرفات هولاء ، لانها محيره ؟ ا!.. ..

 

  يذكر بطرس نصري هو قس كلداني في ص 28 "من كتابه ذخيرة الاذهان الجزء الاول : بان اسم الكلدان كنايه عن الماهرين في علم الهيئة وملاحقة النجوم وبعد ذلك استعير للدلالة على العرافين والمنشتغلين في الكهانه والفال المحرم " .. ويقول في ص 154 من الجزء الثاني " وكان السريان المشارقة سكان اورشليم قد اهتدوا الى الايمان بسعي المرسلين اللاتين ، وكانوا يدعون ايضا نساطرة لان اسم الكلدان الذي وضعه اوجينيوس الرابع لنساطرة قبرص لم يكن بعد قد انتشر استعماله لا في اورشليم ولا في بلاد اثور وبابل والجزيرة .." ....

 

 لاحظوا القول بان اسم الكلدان الذي وضعه البابا لم يكن قد انتشر ،؟! وان السريان قد اهتدوا الى الايمان بسعي المرسلين ؟؟ بمعنى اخرنفهم بان السريان وفق هذا الطرح لم يكونوا مؤمنيين قبل دخول المرسلين الذين ارسلتهم روما الى اورشليم ، رغم ان الجميع يعلم علم اليقين بان تاريخ السريان المسيحي انذاك كان يتجاوزاكثرمن الف وخمسمائة سنه .....

  يا لمهزلة العقل عندما يكون عنصريا وطائفيا ؟؟ والا كيف يزايدون على مسيحية شعبنا السرياني ،؟ من كان اول المؤمنين بالمسيح ، ؟ واين كان منبع المسيحيه ؟ واين كانت اولى الكنائس في العالم ؟ من اين خرج بطرس وبولس من روما التي قتلتهم ؟؟ ام من اورشليم التي انجبتهم وارسلتهم للبشرى للعالمين اجمع ؟؟ فعندما كانوا مسيحي الشرق ينالون الشهادة لايمانهم ، كانت روما تعج بظلام الوثنية ، وتقتل المؤمنين المسيحيين وتضطهدهم لااكثرمن 300 عام ، فالسؤال الذي يطرح نفسه اين كان كرسي الرسول بطرس خلال هذه الفترة ،؟؟ وهل كانت صخرة ( الايمان )المسيح غير موجودة قبل اعتناق روما المسيحية ،؟؟  وان كانت موجوده تلك الكنيسة اين كانت ؟ ومن اغتصب تلك الصخرة كيف ومتى ولماذا ؟؟

  المعروف بان اصل المسيحية ومنبتها وبشارتها وكنيستها كانت في بلداننا الشرقية ، نحن رواد المسيحية ، وليست روما ، ولكن روما الامبراطورية العسكرية والسياسية ، والقوة والسطوه والجبروت والنفوذ روما المصالح الدولية ، ارتكبت ابشع الجرائم بحق البشرية ، وغزة بلداننا واستباحت دماء شعوبنا واغتصبت كنائسنا وفتت صخرتنا ، وسيطرة ونقلت كرسي بطرس من كنيسة انطاكيا التي كانت اولى الكنائس التي شيدها وبناها بطرس الرسول ، الى روما السياسية ولم تكن روما الايمانية ..لهذا لايتحدث المطران سرهد عن دور روما ،...

   اما تسائله عما كان الامرعليه في زمن المغول يقول الاب البير ابونا في ص 33 من تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية جزء الثالث ، كانت كنيسة المشرق قد انتخبت يهبالاها المغولي رئيسا على كرسي ساليق وقطيسفون " مدائن / سلمان بك الحالية" لكونه مغوليا مطلعا على احوال وعادات المغول اسياد البلاد ، وكان ذلك في زمن الملك " اباقاي خان "الذي سره كثيرا هذا التدبير ، وجرت رسامة الجاثليق يهبالاها في بغداد في كنيسة كوخي الكبرى في الاحد الاول من تقديس البيعة سنة 1282 م ، في هذه السنه توفي " اباقاي خان " فخلفه اخود " احمد بن هولاكو " وكان يميل الى الاسلام ويضطهد المسيحيين ، الاانه قتل في 16 اب عام 1284 م ،" " وتمكن اراغون اخوه الاستلاء على زمام الامور في المملكه ،كما يقول ابن العبري في ص 553 -554 من كتاب التاريخ السرياني  ،"  ويذكر بطرس نصري في المصدر السابق ص 14-18 ، " بان الملك ارغون كان ( مسيحيا ) تواقا الى تخليص الاراضي المقدسه ، لهذا الغرض انفذ ( ارسل ) المطران صوما ، سفيرا الى ملوك الافرنج ( الاوروبيين ، وبابا الفاتيكان في روما ) ليشترك معهم في ذلك العمل الخطير،"  .الا انه وكما يقول الاب البيرابونا بالمصدرالسابق " بانه التقى مجمع الكرادله في روما اذ كان البابا قد توفى ، واطلعهم على هدف زيارته ، وبعد ثلاثة ايام استدعى الى المجلس والقيت عليه اسئلة عديدة ، منها عن الرسل الذين بشروا منطقة الشرق ،  فاجابهم بكل بساطه، انهم توما وما ادي ومار ماري ، ونحن لازلنا متمسكون بالطقوس التي اسلموها الينا ، طلب منه الكرادلة ان يسرد قانون ايمانه فسرده ،ذاكرا ان في المسيح طبيعتين واقنومين لشخص واحد ، وعندما ىسالوه عن امورلاهوتية اخرى كثيرة ، ردهم واكتفى بالقول انه لم يات من البلدان البعيده للجدال ولا للاطلاع على شؤون الايمان ، بل لنيل بركة البابا والتبرك باضرحة القديسيين ، وابلاغ كلام الملك والجائليق ، ولكن الكرادله لم يردوا عليه ، وبعد انتخاب البابا نيقولا الرابع ، وبدلا من ان يتجاوبوا مع مطالب ارغون الملك المغولي ، ارسلوا رسائل الى جائليق النساطرة يابالاها في 7نيسان عام 1288 يعرض فيها صورة المعتقد الكاثوليكي الذي يجب ان يتمسك به ، ورسائل مماثله الى ارغون ملك المغول احداها يمدح غيرته على انقاذ الاراضي المقدسة ، والثانية فيحضه على اقتبال العماذ ، ورسائل الى امراء مغول اخرين يحرضهم على اقتبال العماذ والثبات في المسيحية  ، والمحاباة عن المرسلين اللاتين ..."   

  ويذكر الدكتور هرمز ابونا في كتابه  صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية ص 40 -44 " بعد عودة المطران صوما من اوربا خالي الوفاض اشتد لصراع بين المجموعتين المغولتيين المؤيدتين للمسيحية والاسلام ، فعمت اعمال القتل والتصفيات داخل العوائل المغولية الحاكمه ، ولما كان اراغون قد ثارعلى عمه " تكوادار " وقتله لاعتناقه الاسلام ، فما كان من الحزب المؤيد للاسلام الا ان ينتقموا منه ويقتلوه بدس السم له سنة1291، فمهد ذلك الطريق لكبرى التحولات السياسية والدينية في التاريخ عندما اعتنقوا المغول الاسلام رسميا سنة 1295 م ، فاستلم محمود غازان الحكم الذي اعتنق الاسلام على يد نوروز الكردي قائد القوات المغولية ، فاصدرمرسوم ابادة المسيحيين في الامبراطورية المغولية الايلخانية ، فكانت حمله دموية ضد الوجود المسيحي في عموم المنطقة ، وخيروا بين الاسلام اوالسيف ، وهذه السياسه سارعليها خلفاءه لغاية الاحتلال العثماني سنة 1514- 1536م ،"   ويذكر باقر امين الورد ، في ص 87 من كتابه بغداد خلفاؤها ولاتها ورؤسائها ، "  ومن الخطوات الخطيرة التي حصلت في هذا العهد كان توطين الاكراد والتركمان بعد ان استحدث نظام الاقطاع ." ...

   هذ كان موقف روما ، تجاه شعبنا ، وهذه كانت نتائجه ، كان ارغون مستعدا ليكمل وعده خاصة بعد ان وجد بان بعض ملوك اوربا ومنهم ادورد ملك بريطانيا مستعد لسير في هذا الطريق ، ولكن روما افشلت محاولاتهم بموقفها السلبي من ذلك ، لانه هدف روما واولوياتها كانت تقسيم شعبنا وتجزئته الى كنائس وطوائف ، بححج واهية وبدع لاهوتية لاترتقي الى مستوى السلوك المسيحي الصحيح ، وخير دليل على ذلك موقفها من النسطورية والكنيسة الشرقية وكيف كانت تحاربها للاستحواذ عليها  بحجة هرطقتها ، الا ان وبعد مرور اكثرمن الف وخمسمائه عام وفي تسعينات القرن الماضي اعترفت روما بخطأ خلافها مع كنيسة المشرق وان الذي جرى كان بسبب تفسيرلاهوتي خاطئ لم يكن له ما يبرره ..

  فلو كانت روما واوربا قد تجاوبوا مع ارغون ، لكان الامر اليوم على غيرما هو عليه الان ....فعن اي ترابط يتحدث المطرن سرهد جمو كان بين الكنيسة ، والشعب الذي كان ولا زال ضحية سلوكيات كنسية  مصلحية ومرضية.. ؟؟

وسوف نكمل البحث في الحلقة القادمه في الهوية الكلدانية في لقب بطريرك المشرق .....