بشكل موجز .. المعرفة والمحاور الثقافية في القوش تاريخيا وحاضرا

 

 

              

       

                                         

                                          يوسف زرا

 

            منذ ظهور المجتمع البدائي للإنسان بدأ يبحث عن المعرفة كأهم مكون لشخصيته الاجتماعية ويذود عنها عبر بيئة قابلة للتغيير، وليس سهلا لكل شخص أن يتسلق سلم المعرفة بمفهومها الشامل ومن غير أن يحقق ذاته، أي المعرفة المقتدرة والمجردة من الأنانية والاستعلاء الذاتي على الغير ومجردة من الكراهية والضغينة القاتلة ويحق له ممارسة ومعايشة جميع متغيرات مفردات الحياة اليومية وبشكل مناسب وطموح.

والمعرفة هي تلك الرؤية الشفافة والآلية المهمة التي من خلالها يمكن مراقبة شخصية الإنسان وترويضها بغية البحث عن الحقيقة المجردة. وإذا تابعنا مسار تطور حياة المجتمع الإنساني منذ ظهور القرية الزراعية ( المجتمع البائي ما بعد مرحلة الصيد ).عبورا إلى النظام الإقطاعي كأول تشكيل اجتماعي بدأ يبحث عن المعرفة ضمن أجندته البسيطة ( العمل الجماعي ) أي ( بدء استثمار الطاقة الجمعية للإنسان ) ولصالح الإنسان ، ضمن تنظيم اقتصادي بدائي وهو ناتج من علاقة الفرد بالأرض وبدء الارتباط الجمعي بها أي الاستقرار فيها ، أي ظهور المواطنة جمعاً لأن الفرد في تلك المرحلة كان بمثابة أول لبنة حية وأساسية في بدء بناء الصرح الاجتماعي والحضاري للبشرية وبمركزية ونظام أبوي صارم ، لا حرية للفرد غير الارتباط المشروط جمعاً بالأرض ( الوطن الأم ) بالمفهوم الاجتماعي والاقتصادي والإداري ، ولا بد من العمل فيها أي (الأرض ) واستثمارها للصالح العام . وإذا كانت متطلبات الحياة المعاصرة بعد تعميم المدنية ومستحقاتها اليومية والتي تؤدي إلى ديمومة الحياة وتقدمها نحو الأفضل ، فلابد أن نبحث عن المعرفة الصادقة على كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وحتى الفلسفية باعتبارها المكونات الأساسية والحتمية لمفهوم المعرفة المراد تحقيقها عبر منطوق عقلي سليم يخدم الإنسانية في كافة مجالات الحياة ، فلابد أن تكون هناك آليات تتولى هذه المهمة وتتحمل المسؤولية بصدق التواصل المهني والتخصص العلمي . ولابد أن نشير إلى إحدى هذه الآليات المهمة والتي أصبحت من الضرورات لمقومات الحياة ومفرداتها ومنها الصحافة بجميع وسائل نشرها وإصداراتها المقروءة والمسموعة والمرئية سواء كانت عبر صحيفة يومية أو أسبوعية أو شهرية ، أو مجلة فصلية وغيرها وما هو المستحدث والأسرع للوصول إلى كل فرد وفي أية بقعة جغرافية كانت ، وهذه الآلية هي الانترنت والتي جعلت العالم قرية صغيرة واحدة يمكن لكل شخص متابع الوقوف على كل حدث وفي أضيق زاوية من زواياها واقتباس منها ما يفيده ويعممه ضمن رقعة وبيئة تعايشه . ولابد أن اكتفي بهذه المداخلة والمقدمة المركزة والتي أردت الكتابة فيها وهي إنما ظهر في ( قريتنا القوش سابقاً ) وبلدتنا حالياً ، وكي نكون صادقين في ذكر الماضي بكل أمانة . فكانت مدرسة مار ميخا النوهدري التاريخية والتي تأسست عام 415 م كأول مؤسسة ثقافية ذات مسحة دينية وحسب حاجة وقيم المجتمع حين ذاك ، وما تركته من الطفرة الفكرية والعلمية والثقافية بسبب تواصلها وتلاحمها زمان ومكان في الإبداع وفي نشر معرفة العلوم الطبيعية والإنسانية إلى جانب الدينية بهذه النسبة أو تلك وسباقة لكثير من القصبات والمدن القريبة ضمن المنطقة والبعيدة عنها . وما طرأ بصورةٍ خاصة من بعد 9/4/2003 بالذات ، بتأسيس أو قيام مجموعة من المحاور والمراكز الإعلامية والثقافية والفنية وبأقلام عديدة ضمن المسار السياسي والاجتماعي والأمني والتي تخص كل متعلم ومثقف وحسب رؤيته ومتابعته للحالة العامة . فأن هذه المحاور وحسب قدم صدورها هي كآلاتي :

1- مجلة السيراج ( شراغا ) : لسان حال جمعية القوش الثقافية من عددها الأول الصادر في كانون الثاني 2004 حتى هذه اللحظة ، وما صدر منها خلال هذه المدة كمجلة فصلية وما احتوته من المواضيع والمقالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والتراثية وغيرها معتمدةً على الاكتفاء الذاتي مادية ً نسبياً وتوزع داخلياً وخارجياً أيضا .

2- جريدة زهرة الجبل : صوت مجموعة من الشباب الأكاديمي وظهورها كصحيفة محلية متابعة أخبار المجتمع للبلدة والمنطقة والوطن بصورة عامة . ورغم توقف صدورها بعد مدة قصيرة ولعدة أسباب ومنها هجرة غالبية محرريها إلى خارج الوطن وعدم تمكنها من تسديد كلفة طبعها وتسويقها ، إلا أنها كانت محور ثقافياً وإعلاميا يكاد يصطفى إلى مقام صحافة وطنية رغم إن ميدان انتشارها كان ضمن رقعة جغرافية محدودة ، وان محرريها كانوا يملكون أفق واسعاً وجرأة عالية في الكتابة ونقل المعلومة والحدث بكل صدق وشفافية ولم تكمن مدعومة مادياً من أية جهة كانت .

3- جريدة صوت القوش : وهي لسان حال نادي القوش العائلي وصدرت قبل تسع سنوات وتولت أيضا أحوال مجتمع البلدة والمنطقة بصورة عامة منذ عددها الأول والى هذا اليوم .

4- مجلة أور : وهي لسان حال جمعية الثقافة الكلدانية في القوش وأول صدورها عام 2006 وغالبية مواضيعها تخص شؤون المجتمع بشكل عام وهي مجلة فصلية ولا زالت مستمرة إلى هذا اليوم .

5- مجلة بيرموس : وهي لسان حال منظمة الحزب الشيوعي العراقي في القوش وغالبية مواضيعها تخص قضايا فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتصدر بشكل دوري وفصلي .

6- مجلة شبابنا ( عليمن ) : وهي لسان ناطق باسم الشباب الجامعي على اختلاف تحصيلا تهم العلمية والثقافية وكان أول إصدار لها سنة 2011 .

وأخيرا لا بد أن أقول بأن صدور ( 6 ) محاور إعلامية وثقافية سياسية واجتماعية وعلمية في بلدة مثل القوش ، يعتبر بصدق قفزة معرفية تستحق الاحترام والتقدير وتقييم العاملين فيها ودعمهم ماديا ومعنويا بغية تمكنها من مواصلة الركب الإعلامي والثقافي وتطويره لما فيه من الخدمة الضرورية لهذه المرحلة بالذات والمستقبل لأبناء البلدة والمنطقة والوطن بشكل عام .