يوسف .. يوبرت .. يوخنا .. إرث الأبطال لن ينمحى

 

                                       

                                                   يعقوب كوركيس              

            قبل 27 عاماً من الأن جدد شعبنا عهده بالنضال ومقاومة الأستبداد والدكتاتورية عبر أستشهاد أبناءه البررة ( يوسف ويوبرت ويوخنا ) 3 شباط 1985 في سجون النظام العروبي الشوفيني بعد محاكمة صورية، سبقتها بشهور عملية استشهاد البطلين شيبا هامي وجميل متي في قرية هجيركي في قضاء سميل. الحادثتين أعلاه حملا من المعاني والعبر الكثير لشعبنا وللحركة الديمقراطية الآشورية ـ زوعا وهي تدشن أسس وبدايات النضال الطويل والشاق في مواجهة النظام الأستبدادي الذي كان في أوج قوته وزهوه مدعوماً بالانظمة العربية الدكتاتورية والعشائرية. لقد أراد النظام كسر إرادة هذا التنظيم الفتي من خلال اعدام ثلاثة من قادته في الداخل وبعثرة تنظيمه وترك الكفاح المسلح الذي لم يمر عليه وقت ذاك سوى ثلاث سنوات كانت الأساس الجديد بنى عليه شعبنا مشاركته الشعوب العراقية وفصائلها الكفاح الحقيقي ضد النظام الدكتاتوري إلى حين سقوطه وزواله.

ـ قيمة الفعل الأستشهادي

صحيح إن فقدان أناس بهامة الشهداء الثلاثة هي خسارة كبيرة لا تعوض بسهولة، ولكن قيمة الفعل الأستشهادي كانت أكبر في تأثيرها في المحيط القومي لشعبنا، فهي عوضاً أن تكون نكسة وضربة قاصمة للفعل القومي الآشوري في حينه وكما أرادها النظام وخطط لها، إنما كانت رد أعتبار للذات القومية المنكسرة منذ مذبحة سميل عبر التأكيد على قدرة شعبنا في التضحية من أجل حقوقه المسلوبة في وطنه وعلى أرضه وليس الأنكفاء والقبول بالأمر الواقع المفروض من قبل نظام لا يقر بوجوده وينكر حقوقه المشروعة. وغيرت إلى الأبد الصورة النمطية السلبية والمترسخة في ذهنية الحاكم أيً كان، عن شعبنا كمجموعة أو أفراد، والمعروفة بالوداعة والرضوخ للقهر والأضطهاد. وأعادت الصورة الحقيقية لشعبنا من بعدهم وعبر تواصل الفعل النضالي للحركة الديمقراطية الأشورية كتنظيم سياسي بفكر ونهج وأهداف واضحة ترتكز على الأساس القومي والوطني لشعبنا.

ـ وديعة الشهداء

إن مجرد التفكير بمعاداة النظام الدموي ومعارضته في ذلك الوقت كان ضرباً من الجنون بالنسبة للكثيرين، فكيف بإعلان المعارضة جهاراً وحمل السلاح لإسترداد الحقوق المسلوبة في ظل ظروفاً صعبة ومعقدة..؟ إن المشهد السياسي بداية الثمانينات كان خاضعاً بكل تفاصيله ووقائعة لآلة النظام الدموية، مشهد رمادي أحادي بشع، وجامد، في هذا الواقع سلم الشهداء وديعتهم إلى رفاقهم، وهم كانوا على اليقين بأن المسيرة التي سقوها بدمائهم ستتواصل وتثمر الكثير. وكان ظنهم في محله، فالمسيرة تواصلت، والذين عاهدوهم بالسير على خطاهم، منهم من نال أكليل الشهادة ومنهم مستمرون وعلى نهج الشهداء سائرون. من زرعهم نحصد، ومن بذراهم نزرع. فهذا أرث الأبطال، وأرث الأبطال لن ينمحى.. سيبقى خالداً أبد الدهر.

 المجد والخلود لشهداء شعبنا وشهداء الحرية في كل مكان وزمان.