ما يحق لسولاقا وما يحق لكنا

 

                     

 

                              

                                         

                                           شمعون شليمون

 

 

      كثر الحديث في هذه الأيام على المواقع الإلكترونية، حول بعض المقالات التي كتبها السيد خوشابا سولاقا القيادي السابق في الحركة الديمقراطية الآشورية. يهاجم فيها آداء سكرتير الحركة الديمقراطية الآشورية الحالي السيد يونادم كنا.

 

     يبدو أن الكثير من الأخوة الكتاب من أبناء شعبنا لا يفرق بين النقد بمفهومه التنظيمي في التنظيمات السياسية. والنقد بمفهومه الادبي في الفكر والآدب والفلسفة والفن.

 

   ولا استغرب هذا لسبب بسيط. لأن معظم أبناء شعبنا لا يتعمق كثيرا في معاني الإنتماء الحزبي والتنظيمي، والإلتزام به. وهذا يعود سببه الى ان بناء تنظيماتنا الحزبية الهشة التي لا يختلف كثيرا، عن بناء الأندية الإجتماعية، والإتحاداد الفكرية والمهنية في مجتمع معين.

 

هنا أود أن اوضح ثلاثة أمور أساسية.

 

أولا:هل يحق للأستاذ خوشابا سولاقا أن يعارض السيد يونادم كنا أم لا؟؟؟.

ثانيا:هل يعتبر ما أورده السيد خوشابا سولاقا نقدا أم هجوما معارضا؟؟؟.

ثالثا: هل يحق لسيد يونادم كنا رفع دعوة قضائية ضد السيد خوشابا سولاقا أم لا؟؟؟.

 

نبدأ من النقطة الأولى.

 

أولا: هل يحق للأستاذ خوشابا سولاقا أن يعارض السيد يونادم كنا أم لا؟؟.

 

    من ناحية حق المعارضة هو حق مباح لكل فرد وفي كل المجتمعات. هذا يدخل ضمن بنود حقوق الإنسان. فمن حقنا أن نعارض أي فكرة أو أي شخص أو أي فلسفة أو أي دين أو مذهب، أوأي نظام سياسي أواقتصادي أومالي. ومن حقنا أن نعارض أي قانون سواء كان قانونا وطنيا أو دوليا إذا كان يتعارض مع مصالحنا الجماعية أو الفردية.

 

    فهناك وسائل مختلفة للمعارضة. آخرها المعارضة المسلحة التي تأخذ شكل الحرب بين الطرفين. وهذا كله مباح بل محمي بقوانين دولية. إذا من حق السيد خوشابا سولاقا أن يعارض السيد يونادم كنا. وأي شخص آخر داخل وخارج الحركة الديمقراطية الآشورية. ومن حقه أن يستعمل كل الوسائل المتاحة أمامه من أجل محاربة خصمه ضمن النظم والاطر التي ترعى العلاقة التي تجمعهما. وكما يحق للطرف الثاني أيضا كل ما يحق للطرف الأول، ومن حقه أن يستخدم كل الوسائل التي تمكنه من القضاء على خصمه وإنهاء معارضته ضمن الاطر ذاتها. اذا هي الحرب!    

 

   وللحرب قوانينها ومعاييرها فعندما تتساوى وتتعادل القوى، يكون الصراع إستنزافيا. فيجلسون على طاولة المفاوضات من أجل الوصول الى حل ينهي الصراع مقابل تنازلات تقدم من الطرفين يرضي بها الطرفين. وهذا مبدأ قائم في كل النزاعات والصراعات.

 

وهنا ننتقل الى النقطة الثانية.

 

هل يعتبر ما أورده السيد خوشابا سولاقا نقدا أم هجوما معارضا ؟؟.

 

   ضمن السياقات الحزبية والتنظيمية لا يمكن أن يعتبر النقد نقدا بنائا ما لم تتوفر فيه عدد شروط

1.   يجب أن يطرح النقد بشكل مباشر في أحد الإجتماعات التنظيمية ضمن هيئة من هيئات التنظيم.

2.   يجب تشخيص الحالة السلبية بدقة وإعطاء البديل الصحيح الذي يعالج الحالة ويقومها.

3.   لا يمكن التحدث بموضوع النقد خارج الهيئة التنظيمية وإلا اعتبر إساءة بحق الشخص الذي يوجه النقد اليه.

4.   على المنتقد أن يعيد انتقاده الى رفيقه ضمن السياقات التنظيمية ويحق له المطالبة بطرح نقده في اجتماع أعلى هيئة في التنظيم كاللجنة المركزية أو الإجتماع الموسع أوالمؤتمر الخ.

5.   من المفضل أن يوجه النقد مباشرة الى الرفيق المعني وضمن السياقات التنظيمية. التي تشترط أن يوجه النقد في الإجتماعات التنظيمية فقط.

 

   إذا ضمن هذه السياقات التي يعرفها السيد خوشابا سولاقا اكثر من غيره يكون النقد الحزبي والتنظيمي فقط. وخارج هذه السياقات تصبح القضية خلاف ومعارضة وكل طرف يستعمل كل الوسائل المتاحة أمامه للقضاء على خصمه. لأنها تدخل ضمن دائرة الصراع. وهذا الصراع يمكن أن يكون بين اشخاص كانوا في يوم من الأيام ضمن قيادة حزب أو تنظيم معين. ولكن الإختلاف في الرأي أوصلهم الى خط المواجهة. فهذا أمر طبيعي، فالتاريخ البشري مليئ بقصص لرفاق تحولوا الى خصوم بل الى أعداء.

 

   ثالثا: هل يحق للسيد يونادم كنا إقامة دعوة قضائية على رفيقه القيادي السابق خوشابا سولاقة.

 

   الجواب ببساطة نعم. كما يحق أيضا للسيد خوشابا سولاقة إقامة دعوة مضادة. ويبقى القضاء هو الحكم والفيصل بين الطرفين. وكل طرف يحق له أن يطرح أمام القاضي ما في جعبته من المستندات والوثائق والشهود من أجل إسقاط دعوة الآخر. فالقانون يحفظ حق الطرفين في المقاضات. وفي النهاية سيكون هناك طرف يربح الدعوة وطرف يخسر الدعوة. أو قد يصلون الى حل وسط كإسقاط الدعوة يبدأ بالتنازلات والإعتذار. وليس مهم مِن مَن الى مَن.

وهنا أود الإشارة الى بعض الأمور.

 

    لماذا نستبعد أن يكون هناك دعوات قضائية بين أبناء شعبنا. فهذا أمر طبيعي، وإن لم يحصل هذا، يعتبر غير طبيعي.

ألسنا شعبا يمكن أن تحصل له كل ما يحصل للشعوب الاخرى؟؟

 

   فالصراع في كثير من جوانبه يكون إيجابيا والأمة التي لا صراع فيها أمة ميته. لا يمكن لأي شعب أن يتطور دون تناقضات. ولكن المسألة تكمن في فهمنا وإستيعابنا للتناقضات. والدائرة التي تدور فيها. هل هي تناقضات ستؤدي بنا الى التطور أم هي تناقضات وخلافات حول قضايا أكل الزمن عليها وشرب. كالتناقضات التي حصلت منذ آلاف السنين نستحدثها من أجل أن ندفن عقولنا فيها؟

 

    أنا شخصيا أجد هذا الصراع إيجابيا ولكن علينا  فهمه  كصراع  بين  رأيين متناقضين أحدهما سيفوز والآخر سيخسر. وسيبقى بين الناس من يؤيد هذا حتى وإن خسر وسيبقى من يخالف ذاك حتى وإن انتصر.

ما لا نوده هو أن تتحول قضايانا الى مجرد "نشر غسيل أمام بيت الجيران لا أكثر".

 

     فلنكن فعلا اصحاب قضايا ورجال مبادئ. نقاضي ونصارع ونحارب من أجل مبدأ نؤمن على أنه الأصوب. ألسنا شعبا حقيقيا يمكن أن يكون بيننا خونة ومخلصين. يحق لنا أن نسوق الخونة الى المحاكمة، والمخلصين الى منصات التكريم؟

ألسنا شعبا حقيقيا كي لا يكون لنا معايير للخيانة والإخلاص في قضييتنا القومية. وحتى الإنسانية. ما هي تلك المعاير لماذا نخجل من تحديدها. أو نعتبرها شيئ فوق قدرتنا؟  

 

   كل فرد منا من حقه أن يكون له رأي، ولكن أنا أسأل عن المقياس. أين مقياس الإخلاص والخيانة، الإلتزام والفوضى، المعرفة والجهل، الشجاعة والجبن، الصدق والكذب والآمانة والنزاهة من عدمها؟

 

 لطالما لا نملك هذه المعايير فمازال الطريق أمامنا طويل وشائك بل غامض كل الغموض.