مداخله محايده  حول حوار الاستاذين ليون برخو وغسان شذايا

 ((بين ناشطينا السياسيين وأكاديميينا فجوة مطلوب ملؤها ))

 

                                                                                                                

                     

                                                              

                                                                شوكت توسا

               

             جذب إهتمامي حوار الكاتبين الموقرين  ليون برخو وغسان شذايا  تبادلا من خلاله  أرائهما حول ما يقدمه الناشط السياسي  مقارنة  ًبدور المفكر الأكاديمي ,وقد دخل معهما على الخط الاستاذ يوحنا بيداويذ  ,واضح  أن دخوله كان بدافع حرصه وحرقة قلبه على شعبنا وخشيته من ان تتدحرج الاقلام حول مشغلة التسميات وملحقاتها, لذا طلب منهما توجيه جهدهما واقلامهما الى حيث تتحقق الفائده حسب رأيه , مهما يكن النية كانت حسنه في كل الأحوال.

 

  من ناحيتي , أرى ان واقعنا السياسي القائم يدعونا الى تخطي فكرة المفاضله بين الناشط السياسي والاكاديمي والذهاب الى الجانب الأهم في علاقة الإثنين و كيف يجب ان تكون  كي تتحق الفائده المرجوه .

 

 بعيدا عن نظريات فلاسفة السياسه والمجتمع , تجبرتنا تكفي كي نشير الى سلبية ظاهرة قصور دور العقل الأكاديمي وغيابه عن رسم وترتيب فعاليات شعبنا السياسيه (ناشطينا السياسيين) والذي ان وجد فهوبالشحه الملفته للنظر, بصمات هذه الظاهره تبدو واضحه في التخبط  الذي يعتري خطابات غالبية مؤسساتنا السياسيه وهكذا الكنسيه , وأحد الاسباب الرئيسيه التي يعزى اليها هذا التخبط  هو أنحسار دور مثقفنا الاكاديمي و إبتعاده عن أداء دوره المطلوب بسبب تشتته ما بين  توظيف إمكاناته لتحقيق مكسب شخصي او تحاشيه تبعات خوض هذه الأجواء .

 

   ان حصر حلول مشاكل شعبنا  في الجهد السياسي  كلام تنقصه المنطقيه , شعبنا بحاجه ماسه الى توسيع فرصة الأكاديمي  كي تتخطى دائرة إختزالها  في مجال السرد البحثي الآثاري  لتثبيت حقائق وتفنيد ما يناقضها تاريخيا  , نعم فقد اصاب الاستاذ برخو حينما أشار الى خطورة إنفراد الناشط السياسي بهذه الحقائق  وانتقاء ما يدعم مشروعه وأفكاره , وهي معلومه  تفيدنا أكاديميا عندما يكون جوهر مشكلتنا هو معرفة  من نحن وما هي أصولنا وهذا بالتأكيد يقع في خانة مهمات ذوي الإختصاص في التنقيب والبحث تحت الأرض عن تاريخ وهوية الذين يعيشون فوق الأرض,و قد يختلف عليها المختصون او يستغل جانبا منها الناشطون بالسياسه, لكننا عندما نتكلم عن دور الاكاديمي الأكثر اهمية ,فنحن نقصد  مساهمته الفكريه بمهنيه مجرده  في ترشيد  وتقنين دور الناشط السياسي من اجل الحفاظ على  إنساننا  ووجوده المهدد بغض النظر عن نقاء هويته العرقيه من عدمها .

 

في رد الاستاذ غسان شذايا  وتعليقه , ذهب الى ما هو تحفيز للعقل الاكاديمي اكثر من تقليل شانه رغم انه في دفاعه عن دور الناشط السياسي  وتضحياته إستعان بقوله أننا قلما نشهد تجسيدا للتضحيه بمعناها الحقيقي ( النضالي)  في تفاصيل عمل ومهمة الأكاديمي,وهو ايضا  محق الى حد كبير عندما يكون الحديث عن الممارسه الفعليه على الارض والتي  نعرفها بمصطلح النضال, بالمعارضه والتحريض  والدعايه او بالاسلوب المسلح  الذي لم يعد خيارا سهلا امام السياسيين  مثلما يرفضه الاكاديميون ايضا .

 

 كي لا أطيل عليكم الكلام ,  من خلال رأيَي الاستاذين المحترمين , ونحن بصدد وضع وحال شعبنا (الكلدواشوري السرياني ) المقلق ومستقبله المجهول ,أود ان أوجه سؤالا عساه يلقى ما يستحقه من إجابه , لا أنشد منه  تحديد او تأكيد  أفضليه الناشط على الاكاديمي او العكس , انما اتساءل عن كيفية  توسيع  مساحة مهمة المفكر الاكاديمي لتتقرب اكثر الى معالجات حالات الجذب والنفور  بين مكونات شعبنا وسياسييه من جهه, وبين الاثنين ومرجعياتهما الدينيه, ثم  يتبع ذلك الحديث عن  إمكانية  الاكاديمي والناشط السياسي إستخلاص الخطاب العام الذي يعكس واقعنا و يحدد بصراحه مانريده  او ما نستطيع ان نطالب به ,لاننا عندما نتحدث سواء كمناصرين  لمهمة الاكاديمي فيما ينقله لنا من دراسات وخلاصات او كمؤازرين لمناضلينا  وناشطينا السياسيين,يجب علينا ان نكون على علم ويقين  وأن نقر بان غياب  دورأحدهما  قد يجرد الفكره والفعاليه من احد مقومات إنجاحها وهذا بات واضحا و جليا في خطاباتنا السياسيه المتذبذبه  وتضاربها  داخليا ثم التلكؤ في تحقيق  خطوه للأمام .

 

 الجدوى والفائده لا تتحقق في مفاضلة الناشط السياسي على الطرف المكمل له او العكس , واقع شعبنا هو الذي يحكي ويطالب بضرورة تفاعل وتلاقح جهد الناشط  والاكاديمي  مجتمعان وليس متضاربان, ان الأكاديمي  بعلميته ومهنيته مطالبٌ بالتشديد على فكرة صناعة الأرضيه المشتركه التي تجمع الناشط السياسي  والمفكر الاكاديمي على طاولة مشروع سياسي ونضالي  يرافقه ويسانده جهد فكري ثقافي  موازي له ؟ فالأكاديمي بحكم أنسنة معرفته وعلمية إدراكه للأمور له القدرة على التأثير إن لم يكن بشكل مباشر على فعاليات الناشط السياسي, فمن خلال محاكاته و إحتكاكه المباشر مع الجماهير التي تشكل القاعده التي لايمكن للناشط السياسي التحرك من دونها وهي اي القاعده بالتالي ستشكل الوسط و الظهير المساند  للأكاديمي في الضغط  على الناشط السياسي , اذن القاعده ستصبح بمثابة القاسم المشترك  لكليهما (الناشط والاكاديمي)ومحط تنافسهما وهذا هو بعينه المطلوب تحقيقه.

 

نحن كاي مجتمع شرقي , ورثنا من نضالات طبقات وشرائح مجتمعاتنا , وشعبنا الكلدواشوري السرياني أحدها الأكثر غبنا و إضطهادا وذبحا , ورثنا حقيقة ما زلنا نتكئ عليها في محننا وازماتنا الا وهي الكاريزميه ودورها المميزفي التحشيد  وشحذ الهمم  للقيام باي نشاط    لصد  اي إعتداء يطالنا, ولو غابت هذه الكاريزمه  تعاظمت مشكلتنا , حيث قلما تخبرنا الأحداث عن وجود تنسيق عملي لمواقف تتفق عليها مسبقا مراكز الثقل الاجتماعيه من وجهاء ومفكرين ورجال دين  كي يتشكل  منها مجلسا دائميا يضم المتعلمين والمتمرسين من ذوي الخبره  تكون مهمته دراسة  الاوضاع ومعالجة  اي طارئ يمكن ان يتفاجأ به المجتمع, بهذا الغياب اصبحت  المبادره متروكه لغيرة وشجاعه أشخاص معينين( كاريزمات) ولردات فعلهم التي غالبا ما  تلقى الرفض وعدم المباركه من قبل الوجهاء ورجالات الكنيسه .

 

في عالم  اليوم ونحن نتكلم عن حياة تغيرت اساليب وأدوات صراعاتها  بسبب التكنولوجيا والفكر والإقتصاد و إختلفت فيها متطلبات العيش والبقاء , لم تعد فكرة الناشط (الكاريزمي) كافيه لتحريك وإنجاح أي فعاليه لوحدها ما لم يكن هناك ما يوازيها من دور للعقل المدبر (الأكاديمي) الذي تقع عليه مهمة التثقيف والحث على أهمية  تنظيم العمل الجماعي في تحمل المسؤوليه وكيفية إقامة العلاقات والأحلاف بعد تحديد هوية الخصم والمنافس .

 

  أرجو أن أكون قد ساهمت بشئ في فكرتي المتواضعه .

الوطن والشعب من وراء القصد