الحلــــقه الثالثه عشر

 

ألقوش التي صعبت على أنياب الفاشست لن تخدشها مخالب شراذمهم

 

                                            

                                                      

                                                                

                                                         شوكت توسا

        

                في أحدى أغانيها ,تقول المطربه  شاديه  "الذنب موش ذنبي  ذنب الهوى يا احمد ", الذي ذكــّرني بهذا المقطع الغنائي  ليس مشهد عاطفي  بل أثناء قراءتي  كلاما اقرب الى الهذيان من أن يـُنعت ْ صاحبه بكاتب من شدة تفاهته التي جعلتني أتخيل  وكأني بشاديه تخاطب عن لساني  أحمدا ً آخر  بالقول  : "الذنب  مو  ذنبي ,  ذنب الذاكرة  يا سي أحمد" .

 

  لهذا الــ  سي أحمد نقول: أن  محاولة سرد الإنسان لما يتيسرفي ذاكرته من مشاهد  ليست باكثر إجراما من ناقل الكفر ( ناقل الكفر ليس بكافر) , لذا في شتمك إياه  أو إسقاط  مشينات خصالك عليه  لمجرد نقله حقيقه بائنه  فتلك لعمري سمات فاقدي الحجة وضعاف النفوس , يا سي أحمد  هذا الناقل الذي تشتمه وتلفق الأكاذيب بحقه  لم يأت بكلام من جيبه الخاص ,انما مما شاهده  وسمعه  المئات معه ناهيك عن المنشور عنكم في المواقع مرفقا معه الصوره ومذيلا بالتوقيع , فعلام  التطاول  والمعزةُ السوداء مازالت في  العب ّ  تمعمع, ألق ِ المعزة من عبك  ودع القارئ والمعزة يرتاحان  , قارئنا بحاجه الى الحجه والبرهان بعد يأسه وملله من اللف والدوران .

 

 أتذكر أيضا أني سبق وقرأت  في مسلات قوانين الأرض وكتب شرائع السماء  أقوالا منها مقولة " العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم "  التي تؤكدها مقولة " بالكيل الذي تكيلون يكال لكم ويزاد "  , كلتا المقولتان  تمنحان حق الرد بالمثل  وما أسهله , لكن مآثر هذا الزمن المتطور ومعاييره الأخلاقيه  تستدلنا الى أن الراد على الشتام بالشتيمه  لن يكون حاله بأفضل , وإلا لـَما قال حكيمهم  : (يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا, يزيد سفاهة  فأزيد  حلماً  كعود ٍ  زادَهُ الإحتراق طيبا ) , لذا يا سي أحمد إن كان هذا كل ما يحويه نضح إنائكم , ليس لنا سوى الإقتداء بمقولة هذا الحكيم  ورد الهدية  الى صاحبها كما هي بعد الإعتذار من القارئ .

   

عودة الى موضوع عنواننا  :

 بيان آذار

بعد  معارك  كــَرّ و فـَـرْ  دامت رحاها  قرابة  العقد بين قطعات الجيش العراقي و مقاتلي الحركة الكرديه المسلحه في شمال العراق , عاد طرفا النزاع  مرة أخرى  في 11 آذار 1970الى إعلان وقف وقتي  لحرب  كلفت البلاد ارواحا بريئه واموالا طائله  ,كان الخاسر الأكبر فيها  أصحاب الأرض  المسالمين  من ابناء شعبنا الكلدواشوري  السرياني  (المسيحيين)  الذين ا ُقتـُلعوا من أماكنهم التاريخيه عنوة .

 

 للذين يـدّعون  اليوم  و بلا وازع ضميري, ويصرحون في وسائل الإعلام   دون خجل  بأن مسيحيي العراق تركوا الوطن لأسباب إقتصاديه كما  تفضل  النائب المؤمن  حنين قدو وأخرون مثله  سبقوه  ,نقول لهم : إن  سياسة الأرض المحروقه التي أتبعت  في عموم شمال الوطن  ولأكثر من مره وفي حقب زمنيه مختلفه كانت هي السبب الاساسي في  إستباحة حلال الكلدواشوريين السريان (المسيحيين)  وتدمير ما تبقى  من قراهم وكنائسهم عن بكرة ابيها , مما  أجبر آلاف العوائل على الهرب  بين فار ٍ خارج البلاد و نازح الى مراكز المدن  وآخرون إستقبلهم أهاليهم في قرى سهل نينوى , واليوم يخرج علينا السيد الديمقراطي  قدو مطالبا  ممثلينا وابناء شعبنا  باتباع  الهدى  بقبول استكمال حملات تغيير ديموغرافية ما تبقى لأهلنا من مرابض  والا سنكون من الضالين  ولا سلام علينا ولا هم يحزنون  لاننا لسنا من المهتدين الى صواب الرضوخ والخنوع .

 

بحسب بنود  هدنة 11 اذار 1970 التي أعطيت لها مهلة اربع سنوات لتنفيذ بنودها  , يفترض  ان يتبعها  إصدار قانون خاص باسم قانون الحكم الذاتي في عام 1974,  في وقتها شاعت معلومه مفادها ان  المرحوم (ملا مصطفى  البرزاني) عرض مقترح تأجيل إصدار البيان الى خمس سنوات  من اجل استكمال الحوارات , وقد  أيد الحزب الشيوعي العراقي المقترح , لكن سلطة البعث أصرت على إعلانه.

 

 العديد من المحللين والساسه  إعتقدوا في حينها  بأن  بيان آذار كان إجراء تكتيكيا تبناه البعث من أجل إستكمال تحجيم نشاط الحركه الكرديه بعد أن استطاع شق صفها في إستمالة الاتحاد الوطني  بقيادة الطالباني الذي شكل فوج فرسانه الموالي للحكومه في حينها و المعروف ب فوج 66  , في حين قال البعثيون بان البيان كان تعبيرا عن مبادئ حزبهم وإيمانه بحقوق القوميات الغير العربيه!!! لكن  مجريات  الأمور كانت كفيلة بكشف حقيقة  البعث التي تجلت بوضوح في تنكرهم وإنقلابهم على  اتفاق الجبهة الوطنيه  عام 1973مع الحزب الشيوعي العراقي( سنأتي اليها لاحقا) .

 

أمــّا  الحديث عن مصير فصائل الأنصار الشيوعيين فهو حديث  ذي شجون, إذ نحن نتحدث عن  أبطال إستشهدوا و ضحوا بما عز عليهم , كان لهم دورهم المشرّف  في مساندة الحركة الكرديه  رغم كل ما حيك ضدهم من مؤامرات  ومكائد, فقد ظل جبل القوش على إمتداده الجغرافي  الذي يشكل الخط الأمامي الاستراتيجي , ظل هذا الخط محميا ً من قبل فصائل المرحوم توما توماس في مواجهة حشود القوات الحكوميه وجحوشها  .

 

عندما تم اعلان هدنة آذار 1970رسميا , لم يجد  الحزب الشيوعي أفضل من  خيار إلتزام وقف اطلاق النارتضامنا مع قيادة الحركه الكرديه  , علما ان موقفه هذا لم يـُقابـَل بأي إستجابه أخلاقيه من قبل سلطة البعث وأجهزته الأمنيه الغاشمه التي أستمرت تضيق الخناق على الشيوعيين ومؤازريهم ,في الوقت  الذي لم يكن موقف (حدك)  أيضا بالمستوى الذي يتطلع اليه أنصار الحزب الشيوعي,  لأسباب يختزلها بعض النقاد  كونها ناتجه عن  ضغوط كانت تمارس من قبل الجانب الحكومي على قيادات الحركة الكرديه  من جهه, وحرص (حدك) على تحقيق المزيد من المكاسب من حكومة بغداد من جهة أخرى .

 

   على أية حال , الواقع الذي كان ساريا أبان إعلان بيان الحادي عشر من آذار يؤكد عدم تحقيق  أي مكسب حقيقي للأنصار الشيوعيين  إن لم نقل العكس , أللهم  عدا حيازتهم على هوية  الإنتساب الى بيشمركه الحركه الكرديه  التي مكنتهم  من النزول الى بلداتهم  وزيارة أهاليهم لكن بحذر وحيطه ,ولكن هل يمكن إحتساب ذلك مكسبا نضاليا؟ أم  كان مجرد  واحده من محاولات التهدئة الملغومه رغم أنها سهلـّت على المرحوم ابو جوزيف ورفاقه التواجد في القوش علنا  والتردد الى سوقها  بحذر كما اسلفنا .

 

  االذي لم يتغيرفي سياسة البعث على طول الخط  سواء قبل بيان اذار او بعده وحتى في إعلان الجبهة  عام 1973 هو تحايل نهجه  ومكائده حتى مع حلفائه  فكيف بمعارضيه , وهذا ما إعتاده العراقيون من سلوكيات السلطات البعثيه التي لم تدع  فرصة إلا وإستغلتها في نصب شراك الإيقاع والغدر بالشيوعيين ومؤازريهم  .

 

 ملخص الكلام  , يمكننا القول بان ألقوش حظيت بهامش  استقراربالرغم من شكليته وآنيته ,  الا انه الوضع غدا افضل مقارنة بأوضاع ما قبل بيان آذار ,فوسط ألقوش  كأي  وسط عراقي عانى جراء الإحترابات والملاحقات  , ساده  شعورٌ بان سلما أهليا على الأبواب  فيما لو صدق الفاشست  بوعودهم  تجاه الجانب السياسي الكردي الذي أدخل تنظيماته في تسابق تنافسي مع البعثيين في  فتح مقرات عسكريه  مما صعد من حدة التنافس على فرض النفوذ في أماكن عديده من قرانا وبلداتنا  بينما ملاحقات الشيوعيين ومؤازريهم   وتحرشات أجهزة الأمن بهم  لم تتوقف  , في هذا الصدد يقول المرحوم توما توماس في مذكراته : ".....لم تفرز الإتفاقية اي تغيير في موقف السلطة تجاه الحزب الشيوعي"  وفي مكان آخر يضيف  "  تمادت السلطة في قمعها واضطهادها للشيوعيين وعوائلهم، في الوقت الذي اتخذ الحزب الديمقراطي الكردستاني موقفا محايدا، حفاظا على تحالفه مع السلطة   " .

 

حادثة سوق القوش :

لقد سبقني إخوة  وكتبوا مشكورين عن هذه الحادثه , مع ذلك سأحكيها كما اتذكرها من اجل تأكيدها ليس إلا .

في احد الايام , بينما كان طيب الذكر أبو جوزيف  يلعب الشطرنج مع زميله توما اوراها قاشا  في جايخانة  المرحوم بتي دكالي , كنا شله من الشباب ملتمون حول طاولتهم  لمشاهدة اللعبه كونها حديثة العهد علينا ونود تعلمها  , فجأة  تعالت أصوات شجار في السوق  على اثر تحرش  رجال الامن بالمرحوم الشيوعي سالم أسطيفانا (ابو آزاد), مما اثار حفيظة الناس في السوق  فنشبت معركة بالايادي تم فيها  ضرب رجال الامن المعتدين  ضربا مبرحا كما تم  أُخذ مسدس  شرطي الأمن المدعو حبيب الذي حاول أستخدامه, لكنه في نهاية الأمر توسل من المرحوم توما توماس  لإعادة مسدسه  كي لا ينال عقوبة  من دائرته , كعادته امر طيب الذكر بإعادة المسدس الى شرطي الأمن  ثم غادر وجماعته  السوق يجرون خلفهم اذيال الخيبة   .

 

   لقد تركت هذه الإهانة الشعبيه لرجال الأمن  أثرها الكيدي  لدى أجهزة أمن الفاشست  التي راحت تتربص الفرص للإنتقام , فقد  لجأت أجهزتهم  الى إستغلال  ضابط شرطة القوش (ابو ياسر) وتحريضه على أستفزازالمرحوم توما  توماس في السوق (جايخانه)  للنيل منه ومن مناصريه  , لكنه خاب  أيما خيبة , وتأكيدا لاستمرارهذه المكائد البعثيه  التي كانت تحاك ضد الشيوعيين وضده شخصيا  يقول طيب الذكر توما توماس :

((وصل الى القوش فجأة كل من جبرائيل اسحق عضو فرع نينوى لحزب البعث و احمد الجبوري عضو فرع نينوى وقائمقام قضاء تلكيف ومعاون شرطة قضاء تلكيف ومعهم طبعا ابو ياسر من أجل حل ذلك الخلاف. وتم تكليف محمد رشيد ربتكي بمرافقتي الى المركز لعقد اجتماع للمصالحة. رفضت ان يكون المركز محلا للاجتماع واقترحت مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بديلا عنه، ووافق وفد البعث على امل استدراجي,وضع رفاقنا الانصار حراسة مشددة على مقر حدك في القوش وكان پيشمرگة حدك اكثر حرصاً وإستعداداً من مسؤوليهم في الدفاع عني، وحضرت الاجتماع بسلاحي الشخصي كلاشنكوف)) .

 

الـــــى  الحلقـــه الرابعه عشــــر