دوَقتا دتَرا

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

     الزواج رابطة إلهية مقدسة , لتنشئة وتكوين عائلة مؤمنة مبنية على أسس من المحبة والألفة والترابط الاجتماعي المتين. وشعبنا الكلدو آشوري السرياني يقدس هذه الظاهرة الاجتماعية المهمة ,وان أمنية الوالدين القلبية عند شعبنا هي تزويج أبنائهم ورؤية أحفادهم  وحملهم بين أحضانهم الدافئة  ويقال يالا كَوزا ايلي ونَواكَا لبّا دكَوزا ايلي, أي الابن هو بمثابة الجوز والحفيد بمثابة لُب الجوز لحلاوة وتقدير مكانة الأحفاد عند أهلنا ,وخلال مراسيم الزواج فعندنا العديد من الطقوس القومية الجميلة والشيقة تطرقنا إلى عدد منها سابقا وهنا سأتطرق إلى إخرى عساني أن أوفي الموضوع حقه.

 

    دوَقتا دتَرا – تَرعا وهو مصطلح سرياني مُركب معناه إلزام,غلق الباب, وهي ظاهرة تمارسُ عند إخراج العروسة من بيت والدها من قبل العريس والمحتفلين , وكان ولازال عند شعبنا أناس يسمون الأقرباء  قَريوي وهم أناس رسميين يقومون بمهام كثيرة متبادلة فيما بينهم, إلى جانب احترام كبير يكنون لبعضهم البعض إلى درجة الحلفان بأسماء بعضهم البعض بريشا دقَريوي أي برأس قريبي  .

 

      وخلال الزفاف كان العريس يمتطي صهوة الفرس سوسا مسوركَا  الحصان المسرج كالملك العظيم  المُحضر من قِبل القريب ,ويؤخذ إلى احد وديان القرية وغالبا كانت بطون الوديان مليئة بالأحراش العليقة لغرض الاستحمام خيَبتا دختنا  بين تلك الأحراش وخاصة في احد وديان القرية القريب ,والقريب يمسك بمقود الفرس ويقوده إلى حيث مكان الاستحمام , والناس يرقصون على إيقاع الطبل والزرنا وغيمات الغبار يتطاير من بين أقدامهم فيدكون الأرض دكا, وبعد انتهاء مراسم الاستحمام وطبعا كان القريب يقوم بتلك المهمة ويُلبس ملابس العريس ويمشط ويدهن شعره ويعطره , ثم يسنده ليمتطي صهوة الحصان مع ولد صغير أمام العريس أو خلفه على ظهر الحصان, والقصد من هذا التمني بان يصبح العريس أب لأطفال كثيرين , وخلال فترة الاستحمام كان المحتفلين يعقدون دبكة طويلة راقصة لحين انتهاء العريس,  ثم يقصدون بيت العروسة لأخذها إلى الكنيسة وعند الوصول للبيت فكانت القريبة تذهب مبكرا إلى العروسة فتقوم بتجميلها مسَقَلتا  ولدى وصول موكب العريس أمام البيت فكانوا يتوقفون هناك ويغنون هذه الأغنية هولّ تيلَن تيلَن بْد ياتوخني , ومشاوون جولي د اتوخني  , براتوخون بْد لَبلوخني  أي وها جئنا جئنا فسنأتي , ضعوا شيئا لنجلس عليه , وابنتكم سنأخذها , ثم  يغنون  أغنية أخرى دي مخملولا  دي مخمولا  , كسي وبابي  دي مخملولا  وزورتايلا  دمَلبولا, أي اصقلوها اصقلوها , أهلي وآبائي اصقلوها, وإنها صغيرة عَلمّوها . فكانت القريبة تقوم بإخراج العروسة فيقوم إحدى احد أو أقرباء العروسة بإغلاق الباب أو يقف عثرة  فيه يمنع خروج العروسة إلا بهدية أو مبلغ من المال فكان والد العريس أو احد أقربائه يُكلف مسبقا بحل هذه المسالة ,فكان البواب  يطلبُ رأس من الحيوانات كان يكون نعجة أو جَدي أو غيرها ,فيقول والد العريس أن عروستنا أغلى من مال الدنيا كله فيوافق ,فيقول أمام الحضور ليكن لك ذلك وأمام الملأ , ولا يخلف وعده لأنه قال ذلك على الملأ, عندها كانت تبدأ الهلاهيل والزغاريد فيترك الباب فتخرجُ العروسة عندئذ كانوا يغنون هذه الأغنية الفلكلورية .

    أو بيتا هاوت عميرا , وسَندَروخ لكَرمي فيلا وذكر اسم العروسة من كَاوو بْد لَبليلا , أيها البيت لتكن عامرا, وعتبتُك من عظم الفيل  والعروسة من داخله سنأخذها ,لاحظ عزيزي القارئ هذا البيت المُعبر من الشعر الغنائي القوي الحبكة ,وذكر عظم الفيل للدلالة على الصلابة وبقاء بنيان ذلك البيت عامرا شامخا بأهله  .

     ثم وينثر الجوز أو الحنطة على رأسها من قبل ذويها أو أقرباء العروسة فكان الأطفال يتزاحمون باقتتال تحت أقدام العروسة لالتقاط حبات الجوز أو اللوز,ومؤخرا استعان الناس بالحلوى (الجكليت ) وتسمى هذه المواد بدقا من بدَقتا أي النثر. وكان يُقال لهذه الظاهرة ساما د يالّلي أي حصة الأطفال .

 

    وأحيانا كانت هذه العتبة تشكل عقبة أمام الزواج ويفشل الزواج من جراء طلب شيء غير معقول  وممكن ,ومؤخرا استعان الناس بمبالغ مالية في هذه المسالة , وآخر زواج حضرته كان مبلغ فتح الباب 1000$.

    بعدها كانت العروسة تُركبْ وراء العريس على صهوة الحصان, أو يذهَبان مشيا إلى الكنسية والمحتفلين يرقصون على إيقاعات الطبل والزرنا أمامهُما وتكملة مشوار الزواج.

بالطبع هناك بعض الاختلاف في هذه المراسيم من منطقة لأخرى عند أبناء شعبنا.

    هذه كانت ورقة مشرقة من احد أغصان شجرة موروثنا الشعبي الباسقة , فليتنا نحافظ على ديمومة بقائها  نظرة وباسقة ولا نجعلها تكون حجر عثرة كيبا دتَرقَلتا في طريق الزواج .

مع أمنياتي بالصحة والسعادة والرفاهية للمتزوجين الجدد.

زواغَا بريخا عَم يالي طاويي.