المأساة الآشورية في سميل 1933م

 

 

                                       

                     لورنس نادر مخو

              في السابع من آب كل عام يستذكر الكلدان السريان الاشوريين يوم الشهيد ،فهي ذكرى مأساوية في التاريخ الآشوري،هي ذكرى مذابح سميل التي نسميها (المأساة الآشورية أو مذابح سميل).

 في 3/10/1932 انضم العراق الى عصبة الأمم ،ولم يحصل الآشوريون على شئ وما يضمن امنهم ومستقبلهم في العراق،كانوا يشعرون بأنهم قد تعرضوا الى الخيانة بتركهم وحيدين امام قدرهم المحسوم كانت المأساة على وشك الأنفجار(1) )بتلك الاثناء قام الآشوريون بحركتهم ضد الحكومة المركزية العراقية برئاسة(ياقو ملك اسماعيل ومالك لوكو) بمطالبة حقوقهم،هاجروا من ديرابون  الى سوريا عندما علموا ببعض الاكاذيب بقول ان سلطة الانتداب الفرنسية قد اعدت لهم اراضي شاسعة لإسكانهم،فقاد اثنان منهم (ياقو ملك اسماعيل ومالك لوكو)زهاء الف وخمسمائة مسلح عبروا الحدود الى سوريا،وهناك تبين بان لا صحة مطلقاً لما قيل لهم(2).

      ولكن في الرابع من آب 1933بدأت اعداد كبيرة من الآشوريين بعبور نهر دجلة متوجهين الى العراق، وفي يوم نفسه شن العراقيون هجوم على الآشوريين(3)،وفي تلك الاثناء كان الملك فيصل الاول متوجهاً الى بريطانيا لملاقاة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا(4) )، وقد ترك ابنه ملك غازي ليحل محله على العرش وقام الملك غازي بصحبة بكر صدقي بالمذابح بحق الآشوريين، حيث دام هجوم القوات العراقية على مناطق سميل وديرابون قرب جبل بيخير على ضفاف نهر دجلة ودامت حتى الثاني عشر من آب 1933م.

     يقول ملك ياقو ملك اسماعيل (( ان زحف الجيش العراقي المندحر نحو قرية سميل وقد أمر آمر شرطة العريف نافظ كافة القرى المجاورة لها التجمع فيها بحجة سهولة حمايتهم من العشائر التي كانت الحكومة قد سلحتها وبعد تجمعهم في سميل اخبر آخر المخفر الرجال بأنه نظراً لوصول الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي والحاج رمضان الى سميل يجب عليهم تسليم أسلحتهم له برهاناً على أخلاصهم وولائهم للحكومة العراقية، الجيش سيعيد سلاحهم لهم لكي يعود كل منهم الى بيته حتى لا يعتبرون أمثال أولئك الخونة الذين قاتلوا في ديرابون وتعهد بحماية حياتهم قام كورئيل يونان البازي (عم معاون الشرطة عزرا وردة ) وتكلم بصوت العالي في القرية ويبين نفسه متعاطفاً مع الحكومة العراقية وأجتمع في داره ويرفرف فوق داره علم العراق. وقف في الباب أبنه وليم معلقاً جنسيته العراقية على صدره، حاولوا اتباع مار شمعون باقناعه وإنقاذ حياتهم لكن رفض وكان الجيش العراقي أثناء ذلك واقفاً خارج البلدة ولم يجرأ على دخولها حتى ذهاب العريف نافظ وأخبر قائده بأنه قد جرد أهاليها من سلاحهم.

في حالة دخل الجيش التابع للحكومة كان كورئيل في أستقباله وكانت جنسيته معلقة بصدره وعلم يرفرف على مدخل داره إلا إن الجنود لم يصغوا الى إقواله ولم يحترموا علم العراق المرفوع على داره بل فتحوا نار الرشاشات نحوه فقتلوه مع ابنه وكافة الموجودين في داره(5)، ثم بدأت الحقيقة البشعة تنكشف تدريجياً عما سيقع ،لم يعد الامر قاصراً على متابعتهم عمليات السلب والنهب فقد حظر عليهم عريف شرطة المخفر اقراء الماء من نبع القرية بل من المجرى الرئيس ، ثم شاهدوا من بعيد الجنود وهم يصرعون بالرصاص اسراهم الذين اقتادوهم من دهوك(6).

      فقد قتل جميع سكان القرية رجالاً ونساءاً وأطفالاً, وذلك بعدما أخرجوهم من منازلهم ورموهم بالرصاص كما أنهم مثلوا بجـثث رجال الدين، أما النساء فنزعوا ثيابهم وجعلوهم يمرون من أمام الجنود عاريات كما أنهم أغتصبوا الفتيات واحرقوهن(7).

دارت معركة رهيبة مع الآشوريين في سميل وأستمرت حتى المساء ،ومارس خلالها الجيش والعشائر أساليب لا إنسانية معهم ،فقتل منهم أكثر من (480) رجلاً و(6) نساء و(4) وأطفال ،كما قتل من، العشائر (15) وجرح مايقارب العشرين منهم ايضاً(8)، يذكر لونكريك كان عدد قتلى (305) رجلاً و(4) نسوة و(6) أطفال ولم يخسر الجيش احداً(9).

     لقد جرت المذابح على أمتداد شمال العراق كله في العمادية وزاخو ودهوك وشيخان وضواحي الموصل وأماكن أخرى ،كما كانت المذابح مستمرة وكانت الطائرات الانكليزية توجه فعاليات الجيش العراقي وتصورها من الاعلى(10)،وفي آب 12 منه أصدرت الحكومة بياناً أعلنت فيه انتهاء الحركات التي قامت قوات الجيش وتكللت بالنجاح والقضاء نهائياً على الحركة(11)،القوات العسكرية بالفوز في تلك المعارك وتمكن من القضاء على جيش الآشوريين بالنتيجة تمكن من اعادة حكمهم في تلك المناطق(12).

     قام الجيش العراقي ورجال القبائل الأخرى بتدمير وإحراق (65) قرية آشورية من أص(95) قرية وخسائر أخرى(13).

.................................................................

(1) افرام عيسى يوسف،ازمنة في بلاد الرافدين ذكريات وأحداث1830-1976،ت:علي ابراهيم،دهوك،2009،ص110.

(2) جرجيس فتح الله،رجال وقائع في الميزان،اربيل،2001،ص251.

(3) عبدالمجيد حسيب القيسي،تاريخ السياسي والعسكري للأثوريين في العراق1921-1999،بيروت،2004،ص183.

(4) ستيفن هيمسلي لونكريك،العراق الحديث من سنة 1900 الى سنة1950 تاريخ سياسي واجتماعي واقتصادي،ت:سليم طه تكريتي ،ج2،بغداد،1988،ص380.

 (5) للمزيد ينظر:يوسف ملك خوشابا ،حقيقة الأحداث الآشورية المعاصرة،بغداد،2001،ص ص225-226 ؛يعقوب ملك اسمليل ,اةورًيا وةري فلشا ةيبيليا 1914-1945،طهرًن،1964،ف ف 231-232؛لورنس نادر مخو،قوات الليفي1915-1933،بحث غير منشور مقدم الى قسم التاريخ،فاكولتي العلوم الانسانية(كلية التربية)،جامعة زاخو ،2011 ،ص ص78-79.

(6) جرجيس فتح الله،المصدر السابق،ص254.

(7) ماتفييق (بار متي )،الآشوريون والمسألة الآشورية في العصر الحديث،ت:ح د آ،دمشق، 1989،ص151 .

(8) رياض رشيد ناجي الحيدري,الآشوريون في العراق 1918-1936,القاهرة، 1977،ص ص360-366.

(9) مقتبس من: عبد المجيد حسيب القيسي, المصدر السابق ،ص213 .

(10) ماتفييق (بار متي )،المصدر السابق،ص153.

(11) محمد حمدي الجعفري,بريطانيا والعراق حقبة من الصراع 1914-1958م,بغداد، 2000،ص53.

(12) عةلى تةتةر نيْروةى،كورد وميذوو جةند ظةكولينةك ل دور ميذوويا  نوى وهةفضةرخا  كورد وكوردستانىْ،ث1، دهوك،2010، ل287 .

(13) مؤلف مجهول،مأساة الآشوريين,ت:شموئيل بيت شموئيل,دهوك، 2007،ص62 .