من موروثنا الشعبي

خاطورتا

 

                                          

                                                                                             

                                                       

                                                           بدران امرايا

          خاطورتا اسم سرياني مشتق من الفعل الثلاثي خْطَََرْ أي الضرب وهي أداة خشبية ذات مقبض كانت تصنع من قبل نجارين مهرة من أبناء شعبنا منذ قديم الزمان وذلك لقضاء الكثير من حاجاتهم الملحة بها , ففي البداية كان يحضر الخشب وخاصة من شجرتي الدلب ( دلبا ) بالسريانية  أو بارما الرطب او غيرها من الأشجار التي تمتاز بالقوة والصلابة ثم يرسم شكل وحجم هذه الأداة على الخشبة ومن ثم كانت النجار يبدأ بتجذيب وحفرها أي تقطيع ما حولها من الخشب بواسطة عدته الحادة حتى يظهر ويبرز شكلها المدبب أو شكل المستطيل او المربع والمسطح من الجانب الواحد ومن ثم يعمل المقبض الذي كان غالبا بطول نصف المتر وجعله اسطوانيا يلاءم مقبض اليد وبعد هذا تسمى بخطورتا فكانت توضع تحت أشعة الشمس لتجف وتتصلب ويخف وزنها لتكون جاهزة للاستعمال عند الحاجة.

 فكانت هذه الأداة تستخدم لإغراض كثيرة  منها لضرب الغسيل وخاصة الأشياء الكبيرة والثخينة والثقيلة كالصوف  أو شعر الماعز (صيرا) بالسرياني ولدى تنقيعه بالماء كان يوضع على صخرة كبيرة ( شندوختا ) بالسريانية ثم ينهال عليه بالضرب بالخاطورتا وبين الحين والأخر تقليبه لوجهه الأخر وتنقيعه بالماء وهكذا كان يطرح الوساخة منه بفعل الضرب وهكذا لغسل البطانيات والحاف والمواد الأخرى , أو لضرب الحافات البارزة من سطوح البيوت الطينية ( سواناثا ) بالسريانية خلال الشتاء لكي يتقوى ترابها ويتكبس ( كوشتا ) ويتنعم سطحه بحيث لا يسمح بتسرب الماء فيه ثم للحائط الذي تحته فيتبلل وينهدم البيت من جراء تبلل الحائط .

 ولدينا كأمة كلدواشورية  سريانية عريقة الكثير من الأمثال والطرائف والقصص والمواقف الشيقة حول الكثير من المواقف ولهذه الأداة حصتها أيضا مثل ( إلا بد خطرني كلدوخ بخاطورتا  ) أي التهديد بأنني سوف اجلد جلدك بالخاطورتا انهال عليك بالضرب بواسطة هذه الأداة . ( ايلا مخ خاطورتا ) أي إنها شبيه بالخطورتا لسمنتها الغير المعتادة يقال للبنات أو النساء ذوات الوزن الكبير ( بد خطرنوخ رشا ريشي لارعا ) أي سارطمك من على راسي على الأرض.( لي شَوقنْ خَا سيطا من بَخروخ دلا خطارا)  أي لن اترك شبرا من جسمك إلا وأدكه ضربا .(إن ديلي بخياكا كلدوخ بد خطرنلي طالوخ ) أي ذا يحكك جلدك فسوف  أضربكَ يقال لمن يبادر بإثارة المشاكل  (زوانا دبلاثا ) الذي يشتري ويبحث عن المشاكل .  ويقال لعصا الضرب خوطرا وورد في الكتاب المقدس  سفر اشعيا ( اشور ايلي خوطرا دكربا دالاها ) اي (آشور قضيب غضب الله ) .ويقال لدعموص الضفدع عندما يكون صغيرا خطورتا أي لتقارب شكله لشكل الخاطورتا . وعندما كان ينشب أي صراع أو تشابك بين الناس كانوا يستعينون بهذه الأداة للضرب والدفاع عن النفس. ومن الجدير ذكره لم يبقى لهذه الأداة  أي وجود حاليا لعدم الحاجة إليها إلا أعدادا قليلة في أروقة المتاحف التراثية تحاكي ذاكرة الإنسان  ما كان لهذه الأداة  الخشبية من دور فعال في سالف الأيام.