سحب الثقة اجراء دستوري ام سلوك ديمقراطي!!؟؟

 

                                            

 

 

                                                                     

                                                           يعكوب ابونا

                  في الدول الغربية والديمقراطية عموما ، معول عليها اجراءات سحب الثقة من الوزير او رئيس الوزراء واسقاط الحكومة ، وانتقال السلطة بشفافية وبطرق سلمية وديمقراطية، وهذا يعبرعن مدى التقدم الحضاري والثقافي لتلك الشعوب ، ولكن كل ذلك يكفله لهم الدستور، كما هي الحالة في دستورنا العراقي ،ولكن هل نحن قد اثبتنا باننا نستطيع ان نمارس حقنا الدستوي وفق معطياته .؟؟ ام اننا لازلنا ،؟  ومتى استطعنا انذاك نقول نحن مع الركب الحضاري سائرون ..؟

  الدستورالعراقي رسم طريقان لسحب الثقة عن رئيس الوزراء ، اوردتهما المادة 61 الفقرة الثامنه ب /1 : " لرئيس  الجمهورية تقديم طلب الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس الوزراء ، " امام صراحة النص نتسائل لماذا لم يقدم رئيس الجمهورية طلب بسحب الثقة عن رئيس الوزراء ، وهو بامكانه فعل ذلك ؟؟ لانه مجرد طلب يقدمه وهو غيرمشروط باليات معينه تشترط تقديمه ، خاصة والكل يعلم بان السيد رئيس الجمهورية هوحليف وشريك للسيد مسعود البرزاني الذي يتزعم حملة اسقاط المالكي ، ؟؟ فهل هناك خلاف واختلاف بينهما في هذا الموقف ؟؟ ام ان هناك ابعد مما هو ظاهرللعيان في مجمل تحالفهم .؟  ، لان موقف الرئيس الطالباني لا يخلو ان يكون احد الاحتمالين ، اما ان يكون غيرمقتنع بما ينسب الى السيد المالكي من تهم ، التي لاترتقى الى مستوى السببيه التي يشترطها الدستور في سحب الثقة عنه ، او ان السيد الطالباني على خلاف مع السيد البرزاني لامور اخرى وهذا الموقف هو الظاهرعنها ، لان موقف الطالباني هذا يضعف من امكانية البرزاني من المضي قدما في اسقاط المالكي ، وما يقوم به البرزاني من التقرب الى الحزب الاسلامي وزيارة مقرالحزب قبل ايام ، قد يفسر دليل على وجود هذا الخلاف ، وقد يكون المسعى لايجاد البدائل لتحالفاته المستقبلية,,؟؟

  ومن التسريبات الاعلامية ظهر بان الكتل السياسية المعارضة للمالكي تجمع التواقيع للنواب المؤيدين لسحب الثقة عن المالكي ، في الوقت الذي ان هذه العملية ليست قانونية ولا دستورية ، وما جدواها وهي تتم خارج قبة البرلمان ، لان ما يحدث داخل البرلمان هو المهم ، والمستغرب ان تقدم هذه التواقيع الى رئيس الجمهورية لتقديمها لرئيس البرلمان ، اي بدعة جديده هذه التي يبتدعونها هولاء ، ؟ هل اصبح رئيس الجمهورية ساعي البريد لهم ؟؟؟ لكي يوصل طلبهم الى رئيس البرلمان ؟ الدستور يشترط ان يرفع الطلب ويقدم من النواب مباشرة الى رئيس البرلمان ، وليس لرئيس الجمهورية ، لانه لاعلاقة  له بهذا الموضوع ، بعد ان تخلى عن حقه الدستوري ،بتقديم الطلب للبرلمان بسحب الثقة عن رئيس الوزراء ، اما الحديث عن تزوير بعض هذه التواقيع والطلب من رئيس الجمهورية احالتها الى التحريات الجنائية لكشف التزوير فيها ،،عجيب هذا الامرهوالاخر ، رئيس الجمهورية يصبح محقق عدلي او قاضي تحقيق ليحيل هذه التواقيع الى اللادله الجنائية لتثبيت التزوير من عدمه ،؟؟ حقا انها مهزلة ، لان لا قيمة لهذه التواقيع اصلا كما قلنا لكي تاخذ كل هذه الاهمية ...

    هل الجهل بالقانون يبعدهم عن الالية الدستورية التي تتطلب سحب الثقة من رئيس الوزراء ، لقد نصت المادة61 الفقرة الثامن / ب 2 :  " لمجلس النواب بناء على طلب خمس 1/5 اعضائه سحب الثقة من رئيس الوزراء ، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجواب موجه الى رئيس الوزراء ، وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب ، "

  نلاحظ بان هذه الفقرة تمنح لخمس اعضاءه طلب سحب الثقة من رئيس الوزراء ، ولكن تشترط على مجلس النواب قبل طلب سحب الثقة ان يكون هناك استجواب لرئيس الوزراء ، والا الامر يكون باطلا خلاف ذلك ، لان نتيجة ذلك الاستجواب يتم الطلب بسحب الثقة ، بمعنى اخر ، يجب ان يثبت امام المجلس ادانة المستجوب بما استجوب به ، لكي يكون سببا ودافعا باعثا للمجلس ان يسحب الثقة عنه وزيرا كان او رئيس الوزراء وكما تنص عليه المادة (61): يختص مجلس النواب بما يأتي : سابعاً : أ ـ لعضو مجلس النواب ان يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء والوزراء اسئلة في اي موضوع يدخل في اختصاصهم ولكل منهم الاجابة عن اسئلة الاعضاء، وللسائل وحده حق التعقيب على الاجابة . ب ـ يجوز لخمسة وعشرين عضواً في الاقل من اعضاء مجلس النواب طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء أو احدى الوزارات، ويقدم إلى رئيس مجلس النواب، ويحدد رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء موعداً للحضور امام مجلس النواب لمناقشته . ج ـ لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، ولاتجري المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة ايام في الاقل من تقديمه .

  نلاحظه بان طريق سحب الثقة واضحه وصريحه ، وفق النصوص الدستوريه  ، والالية التي يجب تطبيقها ملزمه ، وبخلافها تعتبر تلك الاجراءات باطله لمخالفتها للدستور، فلماذا هولاء الساسة لا يطبقون هذه الالية قبل طلب سحب الثقة ، ؟ هل هم عنها غافلون ،؟ فان كان الامر كذلك فهذا يعنى استحالة امكانية اسقاط الحكومه بسحب الثقة عن المالكي ، ؟ اما لواستعمل رئيس الجمهورية حقه وقدم الطلب سوف نستغنى عن كل هذا الاشكالات التي تجابه النواب ؟؟ ، ولكنه لم يقدمها يفعلها لماذا... ؟؟

   ومن ناحية اخر ان تمت عملية سحب الثقة عن المالكي ، بشكل دستوري وقانوني ، اي بعد ان تثبت ادانته بما نسب اليه من مخالفات قانونية او دستورية ، فان قرار البرلمان ليس نهائي ، لانه يخضع الى احكام الفقرة السادسة : من المادة 93 - " بان المحكمة الاتحادية تختص بما يلي : سادسا : الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ، ورئيس الوزراء والوزراء ، " علما بان قرارات هذه المحكمة باته وملزمه للسلطات كافة ،هذا ماتنص عليه المادة 94 من الدستور ، وهذا يعنى بان مجلس النواب ملزم بقرار المحكمة التي قد ترد الاعتبار لرئيس الوزراء وتنقض قرار سحب الثقة عنه ..

 وفي حالة تصديق القرار من  قبل المحكمة ، يصبح القرار ملزما ، وعلى المجلس ان يجد البديل لرئيس الوزراء الحالي ، فهل هذه الكتل مهيئ للاتفاق على البديل ،؟ هذا البديل الذي يجب ان يعمل على تحقيق مصالح هذه الكتل التي اختلفت مع المالكي متهمتا اياه بشتى التهم ، تلك المصالح التي لا تضم اي استحقاقات للشعب والمواطن مطلقا..؟؟ فعلى حساب من سيكون تحقيق تلك المصالح ،؟؟ ام ان الامر سيرجعنا للمربع الاول من جديد لخلاف واختلاف بين هذه الكتل ، في مسعى لتحقيق مصالحها ، وعلى حساب المصلحة العامة ، ؟؟ ولاننسى بان نفس المشكلة كانت السبب بابعاد السيد الجعفري عن رئاسة الوزراء لياتي المالكي ويجابه نفس المشكلة مع نفس الاطراف السياسية التي جابهت الجعفري وسببت في سقوطه ، هل سيصمد البديل امام هولاء ،؟؟ اذا لم يحقق مطاليبهم .؟

وطبعا سيكون المالكي وحكومته في هذه الفترة حكومة تصريف الاعمال لحين تشكيل الحكومة جديده  ..وفي حالة عدم التوصل الى بديل للمالكي ، اليس من الواجب الاخلاقي والشرعي قبل القانوني والدستوري ان ينسحبوا وزراء الكتل التي سعت لسحب الثقة عن المالكي من حكومته ،؟؟  لكي يتسنى له تشكيل حكومة الاكثرية ،اوحكومة موقته ( طوارئ ) بعد حل البرلمان بموافقة رئيس لجمهورية ، لااجراء انتخابات مبكرة .....هذا الذي المفروض ان يحدث ..وانذاك لياخذ كل واحد استحقاقه الانتخابية وفق تقيم الجماهير له ،.....

  لانه عندما نقيم ما يقومون به هولاء الساسة من الناحية الموضوعية ، كما قلنا فهوغير دستوري وغير قانوني ، وسوف لا يؤتى ثماره ، ولكن الامرالاخر الذي نقرأه من هذه التجربة فهو بان هولاء الساسة بداؤا يتعلموا كيف يمارسون العمل الديمقراطية ولو بشكله الفوضوي ، رغم انه حق دستوري ، كما هو معروف من لا يعمل لايخطأ ، البناء الديمقراطي ، سلوك وممارسة ، ومن لا يمارسها ولا يؤمن بها ، لايمكن ان يبني دولة المؤسسات ، وسيادة القانون ، وان يحقق لشعبه الامن ، والاستقرار،  والخدمات ، والعدالة والمساوات ،  وحياة حرة وكريمه ..وهذا ما ينشده شعبنا مقابل تضحياته الجسام التي قدمها ولازال عبرتاريخه الطويل ..