قصة المحامية لهيب التي اعتدى عليها عدي ابن صدام

 

 

                                 

 

 

                         

            كاميليا صادق

              لنتعرف أولا بكامل حنا ججو الذي كان أحد حراس صدام حسين الشخصيين ومتذوق الطعام الخاص بھ، وھو الذي عرف َصدام بسميرة الشھبندر التي أصبحت الزوجة الثانية لصدام. اعتبر عُدي ذلك إھانة الى امھ ساجدة، ففي عام1988 قتل عُدي كامل حنا.

بعدما قتل عُدي كامل حنا، طلب صدام من المحامية القديرة لھيب كشمش نعمان بالمرافعة ضد ابنھ عُدي أثناء محاكمتھ بتھمةالقتل ھذه، الا أن المحامية لھيب رفضت ورجت صدام أن يعفيھا من ھذه المھمة، فكرر صدام طلبھ ثم أمرھا وأجبرھا. ھناك من يدعي بأن صدام كان لا يؤذي الا أولئك الذين يتدخلون بالسياسة أو يتكلمون ضده أو يخالفوه، والمحامية لھيب لن تتدخل بالسياسة أو تتكلم ضده أو تخالفھ.

وجاء يوم محاكمة عُدي ووقفت لھيب ضد عُدي أثناء المرافعة وسببت في إدانتھ بجريمة قتل كامل حنا، وبعد المحاكمة أدارصدام ظھره لھا واستلمھا عُدي ليعاقبھا على فعلتھا، فاعتدى عليھا وعذبھا بطرق لا يمكن ذكرھا ورماھا في المجاري المائية وبالتالي حقنھا بإبرة في رأسھا أدت إلى فقدان عقلھا وأصبحت مجنونة تماما. وكانت تتمشى في شوارع مدينة الغدير في بغداد، ھيئتھا يرثى لھا وترجع في الليل لنفس بيتھا الذي امتلكتھ قبلما تجن لتنام مع قططھا. يروي جيرانھا بمدينة الغدير بأن عُدي لميرمِھا ألسوده ألنھ أراد لھا اإلھانة المستمرة التي ھي أسوأ من الموت، وأيضا أرادھا أنتبقى لتذُكِ ر اآلخرين بقسوتھ لتكون عبرة لھم.

حين زرتُبغداد عام2004 سكنت قرب مدينة الغدير وراقبت لھيب عن كثب. وصف أھل المنطقة المحامية لھيب قبل الجنون بأنھا كانت شابة جميلة ومثقفة وأنيقة للغاية، ويعرفھا جيدا العاملون بأرقى صالون شَعَ ر في الغدير ويروون بأنھا كانت زبونة مستمرة تتردد على الصالون لصف شعرھا عدةمرات في األسبوع، وكانت لھيب بعد الجنون تتردد على نفس الصالون لتضع يديھا على شباك الصالون وتحركھما بطريقة تفقدية كأنھا تبحث عن شيء قد فقدتھ في ھذا المكان.  و ي بقت مھووسة باألناقة وتزين نفسھا رغم فقدان قدرتھا على التفكير المتوازن، فكانت مثال تضع حُمرة الشفاه علىجبينھا وفوق عينيھا وتصّ ر على لبس جواريب نايلون طويلة »كولون« ثم تلبس فوق الجوارب شورتز قصير ممزق األطراف وفي شعرھا حباّسات وورود.

طلبتُمن العاملين بالصالون أن يغسلوا لھا شعرھا ويصفوه لكنھم رفضوا وقالواأن ال جدوى من ذلك ألننا قد قمنا بذلك عدة مرات في الماضي وھي تعبث بشعرھا ووجھھا من جديد، وأضافوا بأنھا أكثر من مرة قد وعت وكادت أن تشفى لكن الجنون عاد ليخيم عليھا من جديد بسبب ظروفھا القاسية، ولم يصغ إليھا أحدٌقبل2003 خوفا من أن تروي لھم قصتھا ويعدمھم عُدي­وكان بعض الخير.يين يسلموھا الطعام دون نطق كلمة معھا.

شاھدتُلھيب تتمشى وبيدھا قطف سيكارة وتقضي طوال النھار في عمل واحد مضني وھو شحذ السكائر من أي كان. راقبتھا طويال ولعدة أيام وحين حاولت الكالم معھا برقة، أكفھر وجھھا وأنھرتني وقالت »أدبسز عيب قلة أدب، يلھ« فابتعدتُعنھا. وفي يوم آخر رأيتھا تشحذ سكائر من بائع السكائر فطلبتُمنھ أن يعطيھا كارتون سكائر كامال»گلوص« فأدارت ظھرھا إلي بكل أدب ورقة وخجل وقالت وھي تضع يدھا على فمھا وبلھجة مسيحيي أھل بغداد »ميغسي، ولي، ميغسي، أشكغكي« وقلت لھا بالكلدانية »لھيب دِخيوَ ت عززتي« وأحسستُبأنھا في عالم آخر ال تراني شخصيا بلترى أناساًمُحسِنين من ماضيھاتذكرتھم حين قدمتُلھا حسنة فقالت»رَنْدِه« وبدت عاقلة في تلك اللحظات ولھذا استنتجت بأن األمل في شفائھا لم يكن مستحيالًوربما ھي بحاجة للمزيد ممن يحسن إليھا كي تشفى. إن ما قام بھ صدام وابنھ ضد لھيب ھو مثال واحد لما صنعھ ھؤالء المجرمون ضد المسيحيين وضد العراقيين كلھم. ترُ ى كم لھيب موجود بمقابر صدام الجماعية؟

أخذتُتكسي وذھبت إلى نقابة المحامين بمنطقة ذاك الصوب في بغداد ألطلب منھم إيجاد حل للمحامية لھيب، وقابلني عدد منالمحامين-ثالثة منھم نطقوا كالمھم بطريقة لم افھمھا بسھولة »لغلغھ« وبدا عليّالحرج، ففتح أحدھم فمھ ليريني لسانھ الذي قدقطعھ صدام وألسن عدد آخر من المحامين الذين أثاروا مسألة حقوق اإلنسان. ولم تجُدِرحلتي لنقابة المحامين وقالواحينھا بأن إمكانياتھم محدودة. وقال أحد المحامين المسيحيين ھناك بأن صدام كان يحب المسيحيين فقط كخدم مأمورين ليس إال، ولم يكن كامل حنا أو لھيب الخادمان المأموران الوحيدان لھ، حتى طارق عزيز كان خادما مأمورا. ولم اتفق معھ عن ما قالھ عن طارق عزيز ألن عزيز تسلق على أكتاف اآلخرين ألجل الصعود ثم الوصول إلى المناصب، وباع عزيز قوميتھ حين انظم بنفسھ لحزب البعث العربي، ثم باع دينھ حين أسلمَ ، ثم باع وطنھ العراق حين استمر في خدمة عصابة صدام.