انتقادات.. ام مغالطات.. ام اسقاطات ؟

 

   

                                         

 

 

 

 

 

 

     

                            

                                             اوراها دنخا سياوش 

     الانتقاد كما هو معروف للجميع هو حالة صحية، وهو تعبير عن محاولة تصحيح مسار قد يراه الناقد منحرف كليا او بعض الشيء للطرف الآخر. ومن هذا نشأ فرع النقد والمختصين به في كل مجال من مجالات الحياة فهنالك نقد سياسي وفني ورياضي وفكري وثقافي، فيه النقد الجاد واللاذع والساخر .. الخ من التشعبات، وفي رايي المتواضع اصبح النقد فناً يحسب له الف حساب واصبح كما يقول العراقي: ( سجينة خاصرة !) لذوي الافكار المثيرة للجدل، وقد يسبب صدامات وخصومات بين الطرفين، الناقد والمُنتَقد، او العكس الحب والاحترام، وهذا يأتي على الاسلوب الذي يتبعه الناقد. اي بمعنى عندما يتحول النقد الى اسلوب اسقاط الآخر عندها يبتعد عن هذا الفن ويسقط هو الآخر في مستنقع الصِدام والخصام والمغالطة والمعارضة. فالانتقاد لا يعني المعارضة، بينما المعارضة تعني الانتقاد والخصام وحتى الصِدام واسقاط الطرف الاخر !

والنقد والمعارضة اضحتا بعد عام (الفتح !)، المفصلي في العراق، وحتى في الوطن العربي، من احد ابرز معالم ثقافتنا نحن ابناء الكلد وأشور السريان، اسوة بباقي مكونات الشعب العراقي، بعد ان كانت ثقافة القمع تمنعنا من الادلاء بآرائنا الصريحة، ولكنها ظلت، اي ثقافة القمع، تجمعنا وتوحدنا تحت خيمتها القاتمة! وظلت الحركة الديمقراطية الآشورية الحركة الوحيدة التي تعمل في ظل هذه الخيمة، كاسرة طوق الخوف السياسي الذي استمر منذ مجازر سميل.

 وبعد ان تم رفع الخيمة هذه برزت عضلات الانتقاد (المخبئة!)، ليس من اجل الانتقاد ولكن من اجل اسقاط الحركة اولاً والحصول على (فُتاتات!) الكعكة ثانياً. وظهر ما ليس كان بالحسبان، ظهر الفكر الانقسامي، مهدداً وملوحاً بالطائفية (العددية!)، ليتم وضع اغلظ عصا في دولاب وحدتنا تحت راية النقد، وهي في حقيقة الامر اقبح واشرس معارضة يتعرض لها شعبنا بأجمعه، في محاولة لوأد طموحاته في تعزيز وجوده وضمان حقوقه القومية.

 ومن ثم ظهر الانتقاد (المر!)، الذي نشره على حبال الاخرين، في رؤيا قصيرة النظر، من ناضلوا في الصفوف الامامية للحركة. تصرف جعل الكثيرين في قاعدة الحركة ومن جماهيرها في الداخل والخارج يشمئزون ويصابون بخيبة امل تجاه من كان يثقون بقدراتهم النضالية، وممن كانوا يأتمنونهم على اسرارها وعلى مسيرة الحركة وديمومتها.

ومن انتقادات المعارضة الانفصالية وعمدائها في الآونة الاخيرة وكما يقول كاتبها: (استهجان الانتقادات القادمة من الناقدين والمعارضين، ووضعها في دائرة المؤامرة، بعد ان حصدت الحركة معظم مقاعد الكوتا. مما ادى الى اصابتها بالغرور والنرجسية ازاء مخالفي الحركة في الرؤية).

 رؤيتنا تقول: انه لا يوجد استهجان في ما يخص النقد البناء للحركة واختلاف الرأي، ولكن هنالك معارضة للمعارضة التي أُنشأت من قبل اصدقائنا وجيراننا اللدودين لغرض ضرب الحركة وتفتيتها، هذه المعارضة التي آلت على نفسها تنفيذ الاجندة المخطط لها لغرض الحصول على القليل من (فتاتات!) الكعكة، والتي كما شاهدها الجميع قد تفتتت بسبب تماسك جماهيرنا واصرارها على الوحدة، مما زادنا فخراً وليس غروراً ونرجسيةً. ان للحركة المئات من الاعضاء ان لم يكن الالوف، كلهم محكومين بقانون داخلي لا يوجد فيه بند للنرجسية، بل للعمل الجاد والتضحية من اجل امتنا، وان شذ احد عن القاعدة وظهرت بوادر النرجسية عليه فهذا ليس معناه ان الحركة اصيبت بالنرجسية!

النقد الآخر التي دعاه بالخطأ، هو الى الدعوة القومية الآشورية من دون ذكر للمكونات القومية (الاخرى!)، مع اهمال واجبها السياسي.

رؤيتنا تقول: ان الحركة عندما برزت وتشكلت وتطورت، ابتدأت بالآشورية والذين انتموا تحت لوائها من باقي مكونات شعبنا كان لهم القناعة التامة بآشوريتهم، هذه القناعة جعلتهم يناضلون ويضعون ارواحهم على راحتيهم خدمة للأكثرية الصامتة، التي صمتت ولم تعترض على الآشورية التي كانت في فوهة المدفع، الى ان رُفعت الخيمة القاتمة من فوق رؤوسهم، عندها انطلقت السنة وحناجر انفار منهم كأسود (السيرك!) من الذين ارتموا في حضن جيراننا واصدقائنا اللدودين ينادون بتجزئة مكوناتنا (وتطويرها!) الى ثلاثة قوميات، مستغلين الحرية والديمقراطية (المستوردة!) في اشعال فتيل التفرقة بحجة الاقصاء والتهميش، متناسين صمتهم المطبق الذي استمر اثناء تواجد الحركة الآشورية امام فوهة المدفع، لا بل كان البعض منهم يعمل لصالح السفارات العراقية ايام البعث ! والغريب في الامر ان (الناقد!) هذا يطلب من الحركة ان تتصرف بالشفافية (والعقلانية!) سياسيا ومذهبيا غاضاً النظر عن تصرفاته (وعقلانيته!) عندما شهر قلمه لمحاربة الحركة وتمزيق اوصال هذه الامة بسبب عدم قيام احدى منظمات الحركة بالاستجابة لرغبته ومطلبه في طبع ونشر كتابه ! اين التصرف الحكيم والعقلانية في هكذا ناقد ؟!!

يطلب ناقدنا، الذي يتكلم (كمعارض!)، من الحركة ان تقتدي بالأحزاب الليبرالية  الاوروبية، وان لا تقتدي بحزب البعث او الاحزاب الايدلوجية في المنطقة.

رأينا في هذا هو: ان نشأة اي حزب تكون ضمن معطيات المرحلة وافرازاتها بالإضافة الى المحيط السياسي العام. فالحركة نشأت ابان حكم البعث وافرازاته القومية الشوفينية وظلت بعيداً عن عيون السلطة تناضل في الجبال، لان السلطة لا تسمح بغير محيط سياسي واحد فقط، وهو محيط سياسة البعث. هذا الجو (العفن!) جعل الكثيرين من ابناء امتنا وبكافة مكوناتهم، الكلدوآشورية السريانية، ينظمون وينضمون الى حركة ذات اجواء (نظيفة) بعيدة كل البعد عن الافكار الاقصائية الشوفينية، متخذين من الديمقراطية الصحيحة قاعدة لبناء اكبر حركة سياسية بعد مذابح سميل. قاعدة امتدت حتى الى ابناء امتنا في دول المهجر، من دون استنساخ اي تجربة اوربية او عربية، بل كانت نابعة من معاناتنا نحن كأمة تعيش بين الذئاب، عليها ان تناضل من اجل استرداد حقه كشعب اصيل. فالحركة لا تقبل ان تكون نسخة كما استنسخت الاحزاب الشيوعية نسختها من الاتحاد السوفيتي سابقا، ولا تقبل ان تكون ذيلا لاحد. فالحركة انبعثت نتيجة معناتنا نحن الكلدوآشوريون السريان وليس الاوربيون. الحركة كانت ولا تزال معنية بأبنائنا وليس بأبناء الاوربيين، وهي لا تزال تتعامل مع الجميع كأبنائها وليس كما يتصور المعارض المتلبس بلباس الناقد، والدليل دعوة الحركة لانضواء احزاب شعبنا تحت تجمع واحد يعمل لأجل هدف واحد، ولشعب متفق على انه واحد، وليس ثلاثة كما يروج له هؤلاء من خلال (انتقاداتهم!).

صاحبنا (الناقد!)  يلقي باللوم على السيد يونادم كنا ويحمله مسؤولية خسارة الشعبية وبالتالي ترهلها، بسبب استفراده بالسلطة!

نقول: ان اي حزب يمتلك هكذا قاعدة جماهيرية واسعة لا بد وان تحتوي على النقيضين. نقيضين يحاولان تعميم ما يرونه صالحاً حسب وجهة نظر كل واحد فيهما. وهنا تتدخل السياسة بكل اشكالها وبصورة طبيعية كحل، او لبسط فكرة احدهما على الاخر. والشاطر منهما يفوز بالمقدمة، وهذا ما يحصل في جميع الاحزاب (واللي يجيب نقش بالديمقراطية وبذراعة عوافي!). لكن عقدة الانا في البعض تظل متأصلة، ولا يستطيع ان يتصور نفسه مهزوماً حتى وان كانت ديمقراطياً، مما يجعله يلجأ الى الانتقام (عليّ وعلى اعدائي!) بشتى الطرق حتى وان كانت على حساب المبادئ والحزب.

الملاحظ في (انتقادات!) عميد الفكر الانفصالي هو الضغط على القاعدة الجماهرية للحركة وهزها وضعضعتها من خلال مغالطات ومصطلحات يحاول حقنها في عقل هذه القاعدة ومسانديها، لا بل التفنن في استخدام كلمات وجمل الاسقاط، ورميها على الحركة وقياديها (كالأقصاء والتهميش، التعالي، التكبر الغرور، النرجسية، التهديد بالويل والثبور...الخ)  مستغلاً ثغرة هنا واخرى هناك.

في الختام لا يسعنا الا ان نقول ان مثل هكذا انتقادات صادرة من عرابي الفكر الانفصالي، المبنية، اي الافكار، على قاعدة مصلحية بحتة بعيدة كل البعد عن تطلعات ونظرة الشعب ككل، هي ليست انتقادات، بل مغالطات واسقاطات غايتها تفتيت حركة شعبنا الاصيلة... اكرر، الاصيلة المستقلة، غير المرتبطة، والمصنوعة في العراق ومن قبل ابناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني.

 فبالرغم من ان للحركة رجالها وناقديها ومفكريها ومنظريها الا انها تتقبل النقد عندما يكون نقداً بنّاءاً وليس مغالطات واسقاطات. وبارك الله بكل ناقد ونقد يُقوّم زيوغ الكعوب من اعضاء ومؤدي ومساندي الحركة.. والسلام على شعبنا الواحد الموحد!