كيف سنحمي المسيحيين في  كوردستان العراق  ؟؟

 

                                          

                                                                                                          

                                                                                                          كامل زومايا

            استقبلت الجهات الدولية والمنظمات العالمية والمحلية المهتمة بالشأن حقوق الانسان والاقليات بأمتعاض واستنكار شديدين لما تعرض له شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحيي والاخوة الأيزديين في اقليم كوردستان العراق، وقد تكون الجريمة التي اقترفها الظلاميون يوم الجمعة الماضية في 2/12/2011 ، هي الاولى في كوردستان ، حيث بالرغم ما تعرض له شعبنا منذ سقوط النظام البائد 2003 ، لم تكن تلك الجرائم بهذا الشكل من التنظيم  الدقيق ولم تكن تلك الاعمال الاجرامية بسبب محلات المشروبات الكحولية كما يشاع ، بل كانت غطاءا لتنفيذ اعمالهم الدنيئة مع العلم ان تلك المحلات مرخصة قانونا.

 ان ما جرى في محافظة دهوك واقضيتها ونواحيها ومناطق اخرى في الاقليم  ليست كما يريد ان يصورها البعض بانهم مجموعة من الشبان بعمر 15- 20 سنة تجاوزوا على  القانون في غياب الشرطة !! والا لما كان رد الاستاذ  مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان ردا سريعا بزيارته لموقع الحدث والوقوف الى جانب شعبنا متضامنا معه ، بما اقترفته ايدي العصابات المجرمة ضد ابناء شعبنا ، وقد استقبل بارتياح كبير قوله المأثور بأنه  سوف يدافع عن المسيحيين حتى وان اضطرلحمل السلاح ثانية ، كانت وقع كلماته كفيلة في تهدئه مخاوف ابناء شعبنا والايزيدين في اقليم كوردستان وكذلك كان لها صدى ايجابيا على ابناء شعبنا في المهجر ، كما انها تعد رسالة قوية للأرهابيين الذين يحاولون بائسين في زرع الفتنة وخلق صدع بالعلاقات الاخوية بين شعبينا الكلداني السرياني الاشوري والكوردي المناضل .

ان العيش المشترك والمتآخي بين القوميات يحتاج الى تأسيس مجتمع مدني مؤسساتي يساهم في صنع القرار ، فالمجتمع المدني الذي يعيش بوئام وتأخي لا يأتي من ازدياد في اعداد رجال الامن والشرطة بشكل مكثف لحماية مناطق تواجد المسيحيين والايزديين ودور عبادتهم ونشاطاتهم التجارية، فنحن لسنا مستوطنين جدد ان تحمى مناطقنا وبلداتنا ودور عبادتنا بالسلاح !،  بل تقع مسؤولية الحكومة في ردع الارهابين ومخططاتهم عبر نشر مفاهيم حقوق الانسان والتسامح الديني ونبذ العنصرية وازالة اسباب الاحتقان.

ان استخفاف العمل الاجرامي الذي جرى يوم الجمعة في زاخو والمناطق الاخرى في اقليم كوردستان  عبر بعض وسائل الاعلام الذي يتحدث عن شباب طائش  بعمر 15-20 سنة ، فان كانت تلك هي الحقيقة فانها طامة كبرى ، فتلك الاعمار ولدت في زمن كانت كوردستان محررة من حكم النظام العراقي السابق ، ومن المفروض ان يتميز شباب كوردستان التواق للحرية بعد الفترة المظلمة الى ثقافة الاعتدال بعيدا عن حكم الديكتاتورية منذ  عشرين سنة وعقد تقريبا من العراق الجديد ، كما ان ما قدمه  الشعب الكوردي المناضل من تضحيات جدير به ان يكون صاحب الخطوة الاولى في عراقنا الجديد ان ينشر قيم  التسامح وتكريس احترام الآخر الشريك بالوطن ، وبات واضحا ان غياب وعدم ممارسة قيم  التسامح ونبذ العنصرية بين ابناء الشعب الواحد هي الاخرى كفيلة ان نشاهد مرة اخرى مثل هكذا عمليات اجرامية تتكرر مستقبلا.

ان من يتأمل ما يجري في العراق وفي كوردستان من جرائم ضد شعبنا والاقليات من مكونات الشعب العراقي سيستنتج الى حقيقة مفادها ان ما يتعرض له شعبنا والاقليات من اجحاف كانت تأتي دوما  موازية بما يتعرض له شعبنا والاقليات من اجحاف في المشهد السياسي وغيابه في المشاركة السياسية في البلد ، حيث تستغله تلك المنظمات الارهابية المتطرفة في نشر ثقافة الموت بين ابناء شعبنا ، فعمليات التهجير لم تكن ان تحصل في جنوب العراق ووسطه وفي العاصمة بغداد  والموصل ان كانت الحكومة في بغداد  تساوي بين ابناء الشعب الواحد وتعتمد اساس المواطنة في بناء الدولة وان كانت تبتعد عن  الطائفية والمحاصصة ومحاسبة الفساد ، كما ان عدم منح حقوق الاقليات ومحاولة تغييهم من خلال  تقليص الكوتا وفق المادة 50 والتي جاءت بموافقة كل الكتل الكبيرة العربية والكوردية والاسلامية ، جعلت قوى الارهاب ان تتمادى  بالامعان في تهجير وقتل وترويع ابناء شعبنا في جنوب العراق ووسطه والموصل دون حسيب ولا رقيب وقد شكلت الكثير من اللجان وقيدت كل النتائج ضد مجهول !!!!، هذا في العراق اما في كوردستان العراق يبدو ان المشهد نفسه تقريبا ،  فقد تم خلال الاسابيع القليلة الماضية رفض الكوتا المخصصة لابناء شعبنا لمجالس الاقضية والنواحي في اقليم كوردستان من قبل برلمان كوردستان زيادة في التهميش لدور ابناء شعبنا في الحياة السياسية والاجتماعية في كوردستان العراق.

ان سوء تقدير برلمان كوردستان لما يعاني شعبنا الكلداني السرياني الاشوري من اجندة داخلية وخارجية الذي يتعرض لابشع موجة من اجل قلع جذورة في الوطن وكوردستان العراق وعمليات التغيير الديمغرافي التي تطال مناطقنا جعلت المجموعة الارهابية تستلم رسالة سلبية بامكانية العبث في الحلقة المهمشة والضعيفة الا وهي شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي والايزديين ، ويخطأ من يحاول تقليل شأن ما حدث من جرم على ايدي تلك العصابات في ذلك اليوم الاسود ،  بأنها مجرد عمليات ارهابية بمعزل ما يحدث لنا من تهميش في الحياة السياسية واهمال مناطق تواجدنا، حيث انها بالتأكيد ليست مترابطة من حيث التنسيق بين البرلمان وتلك المجموعات الارهابية ، ولكنها قطعا تتقاطع في الهدف في نهاية المطاف تارة في التهجير وتارة اخرى في التهميش ، تارة في ان نكون بلا هوية او نكون ابناء الذمة لكي ندفع الجزية كل الطرق تدفع ابناء شعبنا اما الى الهجرة او العزوف في الاهتمام بالحياة السياسية التي يمر بها الوطن ليصبح غريبا في وطنه ومن ثم تكون هجرته طوق نجاة له و لعائلته ومن بعدها يحتفل العراق باسره بأفراغه من مكونه  .

ان العصابات الارهابية لا تستقوي على فعل الجرائم الدنيئة بحق المجتمع  وخاصة ضد شعبنا ما لم تكن تعلم بانها سوف تنجو من وجه العدالة او على الاقل بأنهم سوف يفلتون من العقاب ، لعلمها بأن الكثير من اللجان شكلت في السابق وقيدت ضد مجهول في عراقنا الجديد، ولكن بالرغم من كل ذلك لنا الامل الكبير بأن السيد رئيس اقليم كوردستان سوف يتابع سير اعمال اللجنة والكشف عن المجرمين ومحاسبتهم ، وقد طمأن سيادته شعبنا المسيحي والايزديين والمجتمع الدولي بتحقيق الامن بالمنطقة ، الا ان تلك الطمأنينة ستأخذ طريقها لقلوب شعبنا الاعزل اذا اتبعتها سلسلة من الخطوات المهمة  من اجل تجذير ابناء شعبنا في مناطق تواجده في اقليم كوردستان وان سلسلة الخطوات كفيلة لتعزيز الثقة كمواطن يتساوى مع ابناء الاقليم بالحقوق والواجبات ومن تلك السلسلة هي .. .....

اولا :  الم يحن بعد اوان غلق ملف التجاوزات على اراضي وممتلكات شعبنا المتبقية  من قبل بعض المتجاوزين  الكورد في محافظة دهوك؟؟

 ثانيا:  متى يتم  تطوير قرى ومدن شعبنا اسوة بمناطق الاخرى من  كوردستان فمعدلات الهجرة في ازدياد من مناطق تواجده في اقليم كردستان ليس بسبب الحالة الامنيةالتي كانت مستقرة قبل جريمة الجمعة 2/12 وانما بسبب الاهمال وعدم انعاش مناطق شعبنا وتوفير مستلزمات الحياة كالعمل وحماية الفلاح  والطبابة وخدمات اخرى، فعلى سبيل المثال قرية فيشخابور هذه القرية الجميلة والتي تقع على المثلث العراقي التركي السوري تتمتع بمناظر خلابة ويستخرج منها النفظ يستخدم منه في الاقليم ومنه يصدر الى الخارج وفيشخابور تحتضن نهر دجلة ومع هذا ليس لديها مياه شرب صافي !! وان معظم او اغلب  العمال الذين يشتغلون في قطاع  استخراج النفظ  في فيشخابور ليسوا من اهالي المنطقة وهناك بطالة متفشية بين ابناء المنطقة من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ..لماذا ؟؟ وكيف لايهاجر شعبنا ؟؟  نترك الجواب للمسؤليين في اقليم كوردستان العراق ؟؟

ثالثا : تم اقرار برلمان كوردستان والذي من المفروض انه يمثل شعب كوردستان بكل قومياته ان يراعي تمثيل شعبنا في مجالس اقضيته ونواحيه الا انه وبالرغم من معرفته الجيدة ان تمثيل شعبنا ستكون معدومة بعدم وجود (الكوتا) ومع هذا قرر البرلمان الغاء الكوتا،  وبالرغم من ان تجمع التنظيمات الكلدانية السريانية الاشورية قد رفع رسالة لرئيس اقليم كوردستان الاستاذ مسعود البرزاني يطلب فيها بعدم المصادقة عليها ، فهل ياترى مكتوب على شعبنا ان يحيى وتمنح حقوقه  على شكل مكرمات ومنح وليس على اساس المواطنة والمشاركة السياسية في بناء اقليم كوردستان والعراق مع جميع مكونات الشعب العراقي.؟

رابعا:  الملاحظ ان حكومة كوردستان وكذلك العراقية تجتمع مع ممثلي شعبنا  فقط  عندما تحل علينا كارثة كجرائم ( مجزرة كنيسة سيدة النجاة ، تفجير باصات الطلبة ، اختطاف واستشهاد رئيس اساقفة الموصل الشهيد فرج رحو ...الخ ) والتي نتعرض لها بين الحين والاخر ، والغرض من تلك اللقاءات هو تعزيتنا وتطييب خاطرنا  ( تعيشون وتاكلون غيرها ) .. ان اس الشراكة في الوطن ان تجتمع حكومة كوردستان والعراق مع ممثلي شعبنا من اجل ايجاد حل لهموم ومعاناة شعبنا واقرار حقوقه المشروعة في الاقليم وعراقنا الجديد ، لا ان تكون اللقاءات في المناسبات الرسمية والمجاملات لغرض الدعاية الاعلامية ...

خامسا:  ضبابية موقف حكومة كوردستان حول التغييرات الديمغرافية  في مناطق تواجدنا فالذي يحصل اليوم من تغيير ديمغرافي لمدينة عنكاوا ، يرفضه شعبنا في عنكاوا وكذلك جميع المؤسسات الدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني لما يشكل الى تغيير ديمغرافي للمدينة ، الا انه ولحد الان لم يتم الغاء قرار "المجمع السكاني" او تحويله الى مشروع اقتصادي يخدم ابناء المنطقة ويبدو لحد الان لاتلقى تلك المعارضة من ابناء شعبنا اذان صاغية  عند الاخر !!..

سادسا: ضرورة مراعاة تاريخ شعبنا في المناهج الدراسية واحترام مشاعرنا  وخاصة ان شعبينا كانوا ضحية للمؤامرات الاجنبية  في المنطقة، وعليه وعلينا جميعا  ان نتعامل مع التاريخ من اجل ترسيخ  روح التسامح ، لا ان نزيد الاحتقان وان نستحضر التاريخ من اجل ترسيخ شرخ في حياة شعبنا الذي خاض النضال معا في جبال كوردستان من اجل حريته ومستقبل اطفاله في الحياة الكريمة ...

 لذا نرى ان معالجة الاوضاع  تأتي في المزيد من محاولة تفهم مشاكل ومعاناة شعبنا وحلها من اجل ازدهار كوردستان وليكون نموذجا في العراق والشرق ، اقليما مزدهرا يعتني بالبشر قبل الحجر ليكون صخرة صلدة لبناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد.