العراق لا يستقر إلا...الاعتراف بالأخطاء وأنا أول المخطئين...!

 

                                            

 

                                                                    

 

                                                           

                                    

                                                                  عباس ألنوري

         

                                                                                                                

                                                                

 

                   

              الذين تفاهموا أنهم أصحاب حق في إدارة العراق، لحسب إنتمائاتهم القومية والمذهبية وثقل أحزابهم طيلة النضال ضد الدكتاتورية ولم يكون في حساباتهم أنهم توافقوا على أساس مقيت يعطل عجلة التقدم ويثير النعرات ويكثر الخلافات بل يوسع الهوة بين المكونات العراقية...وبات حكم الغاب هو الغالب.

الأحزاب السياسية والمذهبية تنكروا كثيراً لما قدمه الكرد طيلة فترة النضال، وبالمقابل ترى القيادات الكردية أن ما حصلوا عليه ليس بمستوى الطموح أو أنها أقل مما تم الاتفاق عليه ولا أتصور لدى الأطراف الشجاعة الكافية لكشف الأوراق أمام الرأي العام العراقي، والسبب أن لكل طرف أوراق ضغط يستخدمها اتجاه الآخر...والشعب العراقي يساق لهذا الطرف ولذاك.

هذه كانت بداية تمزيق العراق وتشتيت شعبه.

قبول القيادات التي دخلت ضمن منضومة مجلس الحكم بما أملي عليهم سببه يرجع إلى أنهم توافقوا للقبول كحل أفضل من استمرار العراق تحت الوصايا الأمريكية وأتخذوا مبدأ (العافية بالتداريج)، أي أنهم لعبوا اللعبة السياسية لضرورة الموقف، وكان كل طرف يخفي أمور لكي ينقض على أطراف وعلى الأقل تكون له حصة الأسد، والإنسان طماع بطبعه.

وأي حزب لا يريد أن ينال مكتسبات كبيرة وإن أدى ذلك لمصادمات وتبادل التهم وإن لجأ البعض لعمليات إجرامية...أو حتى التفكير بالانقلابات وفق ماكان معمول به طيلة تاريخ العراق.

 حسب رأي هناك اتفاقيات بين الاطراف السياسية وبالخصوص مع الكرد لم تطبق ولو طبقت لخسرت تلك القيادات مواقعها لدى الجماهير، ولكن من سوف يكشف المستور؟

من أهم تلك الاتفاقيات أو التعهدات المادة 140 وسبب المماطلة وتأخيرها يرجع لأن ليس هناك سياسي لديه الجرئة والشجاعة لتمريرها، وأراد البعض أن يؤخرها لكي تفقد دستوريتها وتصبح مادة لايمكن تنفيذها. التعامل السياسي بين الاطراف لم يكن على أساس الثقة المتبادلة بل المماطلة واعطاء وعود وعهود وعلى أساس السياسة فن الممكن. ومسؤولية التوصل لحلول وسطية تقع في عاتق جميع الذين شاركوا منذ بداية عام 2003 ولا يمكن التغاضي عن هذه المسؤولية على أساس أن ما اتفقتم عليه لم أكن طرفاً (في جينها)في المفاوضات أو الاتفاقيات...ويمكن القول أن بعض تلك الاتفاقيات ليست مكتوبة أو ليس لها ثقل قانوني أو دستوري، بل جائت نتيجة المحاصصة والتوافق - ونتيجة ما قدمته ...أطالب بالمقابل ...وجميع تلك الاتفاقيات هشة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع. ولهذا السبب العراق لا يستقر إلا إذا أجتمعت الأطراف ووضعت جميع مطاليبها أمام الدستور إن قبلها الدستور قبلت ونفذت وإن رفضها الدستور مزقت وبات محرم ذكرها بعد ذلك...

 ممثلي الحوزة في النجف الأشرف ومن خلال خطبة الجمعة المباركة تتطرق لأمور مهمة جداً وأني متابع لهذه الخطب وحضرت بعض منها حين سفري للعراق، لكن هناك أمر مهم وفارق كبير بين العمل السياسي وتوجهات المرجعية، فأن جميع المطاليب التي تطلق في خطبة الجمعة واقعية لكنها غير ممكنة التطبيق من قبل السياسيين لوجود خفايا لا يمكننا الاطلاع عليها، وليس لدى القيادات السياسية الشجاعة لكشفها... الحوزة ترى بعين الأب الحريص على جميع العراقيين، والسياسة تتفاعل على أساس المصالح الذاتية وليس مصالح عموم الشعب والخلاف هنا أن بعض الأحزاب ترى ما تحاول تمريره هو في مصلحة الشعب طالما يخدم الحزب أو القومية أو المذهب وغيرها...لذلك تتقاطع وتوجهات المرجعية، و أتصور أن لخطب الجمعة وبالخصوص في كربلاء لها تأثير كبير على الوعي الجمعي العراقي.

ولو راجع المراقب لأغلب الخطب سوف يلاحظ مدى أستياء الحوزة من العمل السياسي في العراق. ومدى ضغط الخطب على الحكومة لتنفيذ مشاريع خدمية ينال منها المواطن البسيط قسطاً، مع أن الحوزة تنجز مشاريع كثيرة نسبةً بإمكانياتها وقدراتها مقابل امكانيات الدولة...وهذا دليل على أن هناك أمور مبهمة الحوزة تطالب بالافصاح عنها وأخيرها أتفاقية أربيل مما أجبرت الحكومة للايعاز بنشر بنودها أو أغلب البنود في جريد الصباح ولا نعرف المستور لحد الآن...فهل معقول أتفاقية أربيل التي على أساسها شكلت الحكومة لا يذكر فيها بند بخصوص المادة 140 أو أي شي له علاقة بالكرد ...أنه أمر يضع بعض الشكوك على أن ما نشر ليس كل ما جاء في اتفاقية أربيل والدليل تمسك الكرد بتنفيذ بنود اتفاقية أربيل...هل سيعلن عن مضامينها كلها أم سيضعوها ضمن المستور...!

الأستقرار السياسي في العراقي يأتي من خلال خلق ثقة بين جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية...أغلب الأطراف حاولة الأنقلاب على بعضها لنيل أكبر قدر ممكن من المصالح، لكنهم أخطئوا جميعاً لأنهم نسوا أو تناسوا غضب المواطنين، والشعب العراقي انساق وراء قياداته والمعروف أن الولاءات تتبدل وتتحول...والعراقي يصفق للقوي والأخطر أن المثقفين ينساقون وراء مصالحهم ولم يبقى للوطنية معنى أو مكانة لا في تفكيرهم ولا في كتاباتهم وأصبحوا لقمة سائغة لأصحاب السلطة والمال.

من كل ما جاء أعلاه نستنتج بعض الأسباب يرافقها بعض الحلول

1- ما بني على الباطل فهو باطل، وهنا يجب إلغاء جميع الاتفاقيات الجانبية بين أطراف المجلس الحكم المنحل.

2- أذا كانت هناك إلتزامات إتجاه الكرد فعلى جميع الأطراف بيانها للشعب لكي يقرر من خلال استفتاء عام بنعم أو لا...حتى ننهي المسألة أو ايجاد حلول وسطية وليتتحمل القيادات التي وافقت منذ البداية على هذه التفاهمات المسؤولية وتعلن للشعب خطئها وتستقيل من العمل السياسي، لكنهم لا ولن يفعلوها أبدا.

3- المادة 140 لابد أن تطبق لأنها مادة صريحة وواضحة ومدونة في الدستور الذي ينادي به الجميع، وعلى المحكمة الاتحادية بيان رأي أو قرار بهذا الشأن.

4- يجب التوصل لنتيجة واعتراف الجميع أن موضوعة الشراكة الوطنية أكذوبة ولابد أنهائا عاجلاً أو آجلا وخوض أنتخابات يعتمد على تشكيل الحكومة بالأغلبية البرلمانية ليس إلا.

5- إيقاف التصريحات غير اللائقة والمخلة بالعملية الديمقراطية من جميع الأطراف، بل ومحاسبة أي طرف يريد من خلال تصريحات متشنجة النيل من أطراف أخرى.

6-التحضير لوضع جميع النقاط التي توصلت لها اللجنة الخاصة بتغيير بنود الدستور العراقي، والعمل من خلال الخبراء والمختصين لتصحيح الدستور بما يناسب الدولة الديمقراطية الحديثة شرط أن ترفع وتمنع مبدأ المحاصصة أو ما يسمى بالشراكة الوطنية (الكاذبة).

7- حقوق الكرد، وحقوق جميع الأقليات لابد أن تنفذ وفق الدستور والقانون وليس هناك طيف عراقي أفضل من طيف لا على أساس تاريخي أو ديني أو مذهبي أو عرقي ولا على أساس الأكثرية أو الأغلبية والأقلية...هذه مسميات غير حضارية على الجميع التمسك بمبدأ المواطنة فوق جميع المسميات.

8- اجراء تعداد سكاني شامل ومتكامل، وهذا الأمر سيكون مفتاح لحل مشاكل كثيرة, وهل يكشف المستور لو أجري التعداد السكاني ولماذا المماطلة وتأخير الأمر ونحن ندخل العام العاشر بعد الدكتاتورية.

 هل لدى بعض القيادات الوطنية النزيهة القدرة على تفعيل هذه الأمور وأمور كثيرة أخرى، لا أتصور فالجميع أو بالاحرى أغلبهم متورط من بعيد أو قريب في مسائل لا يحبب الكشف عنها أو سكوته على الظلم هو للدفاع عن مكونه أو عن الحزب الذي ينتمي إليه.

كلمة أخيرة...على الكتاب (الأبواق) ولا أستثني منهم نفسي الكف عن التملق لهذا الطرف وضرب الطرف الآخر...لا تكونوا كالشعراء المأجورين يمجدون الطاغية لبعضٍ من المال ولا تكونوا وعاض السلاطين أكتبوا عن المجتمع عن الشعب المظلوم الذي حرم من أبسط مستلزمات الحياة الكريمة...ألستم منهم أم أنكم من كوكب آخر...أني شخصياُ أتبرأ من كل كلمة مدح مدحتُ بها أي سياسي أو كلمة ذم وجهتها لأي سياسي...وأتوب إلى الله تعالى بأن لا أكرر لا المديح ولا الذم إلا بالحق...وأني حزين للوقت الذي أمضيته لكتابة جملة واحدة أو كلمة ولكل حرف بخصوص رفع شأن شخصية أو للنيل من شخصية...فعليه أعترف بالذنب واسأل الله التوبة، وأتمنى أن يتوب أخواني الكتاب من هذا الأسلوب لأنه لا يخدم المواطن. وكلنا نعلم أن القيادات تتبدل والوطن باقي والشعب هو صاحب الحكم والقرار فلندافع عنه ونمجد به أو ننتقده لسكوته على الذين ظلموه ويظلموه كل يوم، وهذه هي البداية الحقيقية للاستقرار السياسي في العراق...هل ترغبون؟