الحضر (حطرا او حطارا ) وعلاقتها بشعوب المنطقة ( اليزيديين)

 

                                            

 

                                                             

 

 

 

       

 

                                                            صبري اسحق اسطيفانا  

                                    

                                                            

                                                                                                                

                                                                

 

                   

                تعتبر الحضر من المدن المهمة التي تقع جنوب غربي الموصل ب(110) كم وهي قريبة من العاصمة الاشورية اشور وتقع في طرف البادية الذي له اهمية كمركز تجاري للقوافل المارة في الصحراء ما بين جنوب العراق والى سوريا  وكانت مركز عاصمة لدويلة لها حدودها الطبيعية نهر دجلة شرقا والفرات غربا وجبال سنجار شمالا والمدائن جنوبا  اما عن تأسيس هذه الدولة فيقول الاستاذ طه باقر شيدت الحضر في القرن الثاني او الثالث ق.م وظلت مزدهرة الى ان دمرها الملك الساساني سابور الاول سنة 239 م.ولا يعرف مؤسس هذه المدينة ويقول لعلها كانت مركز القبائل المنتشرة في منطقة شيد فيه موضع لعبادة الالهة حول مجموعة من ابار المياه لاسيما عبادة الاله  شمس واني ارى (الكاتب)ان سكان اهل الحضر (حطرا )هم من بقايا الدولة الاشورية التي سقطت سنة 612 ق.م لان الشعوب حية لاتموت ولاتنقرض وانما تظهر على شكل مجموعات وقبائل وقادةيعتزون ويحافظون عاى دينهم وقوميتهم ويشقون عصا الطاعة للتخلص من سيطرة الاجنبي فأذن اهل الحضر (حطارا )هم قبائل اشورية سكنت المنطقة واسست دويلتها الحضر وتحدت السيطرة الاجنبية الفارسية والرومانية . ويوكد ذلك ادي شير في كتابه المجلد الاول كتاب كلدو واشور حيث يقول كانت مملكة الفرثيين متكونة من ممالك شتى صغيرة وكل واحدة لها ملكها واشهرها اورهاي وتدمر وحدياب وحطارا.وقد اسس الحضريون دولتهم لتكون بعيدة عن اطماع الدول الاجنبية وقد ازدهرت هذه المدينة لعدة قرون ويذكر المؤرخون بأنها كانت تعتمد في اقتصادها على الموقع التجاري او العسكري  او الديني لكنني ارى ان العامل الديني كان له الدور الكبير في اقتصاد الحضر لان الدين لهة اهمية كبيرة في تاريخ الشعوب القديمة حيث يقول ماكس ميللر احد الباحثيين في الاديان (ان الدين قوة من قوى النفس وخاصية من خصائصها وان فكرة التعبد من الغرائز البشرية التي فطر الانسان عليها منذ نشأته الاولى ).
وكان للحضر دور كبير للمحافظة على الديانات القديمة وخاصة اله الشمس الذي له معبد كبير واضافوا بناء جديد عليه مما يدل على استقبال اعداد كبيرة من الحجاج الذين يقومون بالزيارة والتعبد وتقديم النذور والتي لها اهميتها حتى يومنا هذا والمثال على ذلك مدنتي مكة المكرمة والمدينة المنورة في السعودية وكربلاء والنجف في العراق والقدس في فلسطين .اما عن بقاء مدينة الحضر مزدهرة لاربعة قرون يعود الى موقعها في صحراء البادية وتحصيناتها العسكرية.لقد كانت مدينة الحضر مستديرة قطرها 2 كم يحيط بها خندق عميق محكم بسور مدعم ب(163 )برجا وعدد من القلاع
ويتكون السور من جدارين عرض كل واحد من 3او 2.5 مبينهما 12 م ويوجد خط ترابي يحيط المدينة وفضلا عن ذلك ان الحضريون ورثة الاشوريون المعروفين بالجيش القوي والمقاتل الشجاع والاسلحة الثقيلة كالمنجنيق وقد فشل الامبراطران الرومانيان تراجانت وسبتيموس في فتحها في عهد الملك برشميا سنة 198 م الى ان سقطت سنة 239 بخديعة بقصة غرام مع بنت الملك كما تقول الروايات  ومن الملوك المشهورين عبدسميا وسنطروق ونصرو وغيرهم .
اما عن لغة اهل الحضر فكانت  اللغة الارامية الرهاوية حيث وجد اكثر من ثلاثمائة نص كتابي في المدينة بالارامية والديانة  كانت عبادة اله الشمس او شمشا لذا ارى (الكاتب)بأن مدينة حطرا اوحطارا كانت اشورية او ارامية على عكس ما يذكره بعض المؤرخين بأنها عربية والادلة هذه المقومات الاساسية التي تتكون منها القومية اللغة والدين والموقع الجغرافي واسماء الملوك والكلمات الارامية التي كانت مستعملة مثلا هيكلا ربامعناها الهيكل الكبير وقينايا (الصائغ )وبنايا (البناء )وغيرها 
اما القبائل العربية ربما كانت موجودة لكن تشكيلهم لدويلة الحضر جاء متأخرا بعد الفتح الاسلامي وفي زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رض )حيث وصلت الجيوش العربية الاسلامية الى مدينة الموصل بقيادة سعد بن ابي وقاص سنة 16هــ  637م وفي سنة 22 هـ عين الخليفة عمر عرفجة بن هرثمة البارقي على الموصل ونزحت معه الكثير من القبائل العربية  مثل الازد وطي وكندة وبعد ذلك تمت السيطرة على الموصل .
اما عن ديانة الحضر فقد عبد الحضريون ثالوثا خاصا متألفا من الالهة (مرن ومرتين وبرمرين )وهي تعني سييدنا وسيدتنا وابن سادتنا من الاب والام والابن وان برمين شيد معبد خاص لابيه شمش ولذلك لقبت الحضر بمدينة الشمس ويقول الاستاذان فؤاد سفر و محمد علي مصطفى في كتابهم الحضر مدينة الشمس لقد عبد الحضريون الاله نركال او نركول الذي لم يخل معبدا منمعابدهم منه ويقول بانه اقتبسوه من الاشوريون الذي هو اله الحرب وحارس العالم السفلي ..وبعد سقوط دولة الحضر (حطارا )على يد الساسانين 239 م كان مصير هذا الشعب اللجوء الى المناطق القريبة والموجودة فيها ابناء شعبهم في سهل نينوى لوجود الشعب الاشوري والى سهل سنجار ومن بين هؤلاءالشعب الايزيدي في قضاء الشيخان والقوش وسنجار وهناك ادلة كثيرة تبين انتماء الشعب اليزيدي الى الشعب العراقي القديم وخاصة شعب حطرا اوحطارا وهي 
1 )لقد ورد في قدم اليزيدية ان الملك حمورابي حارب اليزيديةلاخضاعهم سنة (1785_1755 ق م)مما يؤكد ان هم موجودين قبل الدولة البابلية او معاصرين لها حيث كان اليزيديون يعتقدون بطاووس ملك بينما البابليون يريدون منه ان يؤمنوا بالهة بابل 
2)هنالك رابطة اخرى ودليل لذلك وهو احتفال الشعب اليزيدي بعيد سري صالي في اول اربعاء من اول اسبوع من شهر نيسان  ويعتقدوا بذلك توافقه مع نزول طاووس ملكعلى الارض والملاحظ ان الاشوريون كانوا يحتفلون بهذا العيد (اكيتوا البابلي )وانه يقع في 1 نيسان من كل سنة  والاختلاف حدث نتيجة التقويم الغريغوري 
3)عبادة الاله شمش اوشمشا والذي عبده اهل الحضر (حطارا )وكون الشعب اليزيدي لايزالوا يكنون الاحترام والتقديس للالهة القديمة بالرغم من ايمانهم بالله الواحد الاحد ولاتزال كثير من مزاراتهم تحمل اسم شمس مثلا 
أ)مرقد الشيخ شمس او شمس الدين في عين سفني بـ)الشيخ خان شمسان في عين سفني جـ)الشيخ شمسان في قرية قرب جبل مقلوب,د)الشيخ شمس في بحزاني ,هـ)الشيخ شمس الموجود في قريه بشتكيري في سنجار ,و)الشيخ شمس في قريه جفريه في سنجار ..
4) هنالك عشائر كثيرة ومتعدده لليزيديه منها قرية حطارا كبير تسمى بعشائر الشمساني وارى بأنها  ربما من العشائر التي هاجرت بعد سقوط الحضر (حطارا) ايمانا منها واعتزازا للمحافظة على تراثها القديم وربما ان هذه التسمية نابعه من اعتزاز واصالة الانسان بتاريخه وعشيرته وهذا ليس بالغريب في العراق حتى وقتنا الحاضر التمسك بالنسب والقرية والعشيرة .
5)وتأكيدا على ذلك ما يؤكد عليه الاستاذ سامي سعيد الاحمد في كتابه موجز في الديانات الشرقية القديمة (اعتقد ان اليزيدية ليسوا الا استمرار للدين المثروي الذي سادت عبادته في الحضر.ويقول الدكتور علي تتر نيروه ي 
ترجمة بيرخدر سليمان ان المثرائية ظاهرة لحد الان في التقاليد الايزيدية وهذه الديانة كانت موجودة في الحضر وهنالك تشابه قي الصور في معبد لالش (كاي كوز )مذبح الثور وجود حية سوداء على واجهة المعبد ووجود سرداب مظلم والتي هي من شروط تقديم القرابين في المثرائية وهنالك صور تشبهها في الحضر ودخول رجال الدين في الحضر حافي القدمين وهذا ما موجود في معبد لالش 
6)لايزال اهالي سنجار يحلفون بالتثليث الذي اعتقد هو استمرار للتثليث الحضري (مرن  ومرتين وبرمين )
7)كان الحضريون يعقدون شعر رأسهم ويضعون فوق رؤسهم قبعة مدببة الى الاعلى فيحين يقوم اليزيدية بجعله على شكل ضفائر ويلبسون قبعة صوف شبيه .اضافة الى ان الزي الحضري شبيهبالزي اليزيدي وخاصة في سنجار وقرى القوش فمثلا ملابس الرجال الذي يرتديها اهل الحضر ولاشوريين كانت من قطعتين هما القميص الطويل الذي يصل الركبتين والسروال العريض وكان هذا يستعمله اليزيديين الكبار السن الى فترة متأخرة من القرن العشرين 
وفي الختام نقول ان الكثير من المؤرخيين كتبوا عن هذا الشعب الرافديني العراقي الاصيل بشكل غير منصف في انتمائهم الديني ومنذ فترات قديمة وتحملوا اكثر من سبعين فرمانا لابادته والقضاء عليه وتعرض الى التهميش والاضطهاد القومي والديني والطبقي وخاصة من الجهات التكفيرية والسلفية وحللوا اباحة دمهم لكنني اقول بأن هذا الشعب مؤمن بالله الواحد ويحافظ على تراث واصالة الشعب الرافدني العريق لذا يستحق ان يكون له كافة  حقوق المواطنة والتمثيل في برلماني الاقليم والمركز  وكافة مؤسسات الدولة العراقية