ملاحظات في الفكر السياسي للمطران سرهد جمو

 

 

 

                                               

                                                غسان شذايا

من المعروف أن شهرة المطران سرهد جمو بين صفوف أبناء شعبنا هي بسبب أفكارهه السياسية الأستقطابية أكثر مما هي شهرته بسبب خدمته لكنيسته الكلدانية أو نتيجة لتبحره في الفقه الكنسي واللاهوتي الكاثوليكي ، فهذا المجال غير معروف فيه المطران سرهد جمو بالرغم من كونه قسيس برتبة مطران في كنيسة كاثوليكية لا قائد لحزب سياسي. أيمانا مني بهذه الحقيقة (كونه مولع بالعمل السياسي أكثر من العمل الكنسي) سأحاول في هذه الخواطر مناقشة الفكر السياسي لهذا المطران الذي أستخدم كل أمكانيات وفوائد منصبه الكنسي لنشر وبث فكر سياسي أستقطابي زرع الأنقسام بين أبناء شعبنا الواحد بمختلف تسمياته.

ملاحظاتي مبنية على مقالتين للمطران سرهد جمو وبالذات:

1-    النهضة الكلدانية: رؤية أساسية موجزة

http://www.kaldaya.net/2012/Articles/04/22_Apr10_BishopSarhadYousipJammo.html

2-    الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية

http://www.kaldaya.net/2011/Articles/06_June2011/53_June28_MarSarhadYusipJammo.html

في هاتين المقالتين يعبر المطران سرهد جمو عن فكره السياسي وتعريفه للهوية القومية لأبناء شعبنا. للوهلة الأولى يتصور المرء أنه أمام بحث لتأريخ الكنيسة الكلدانية ونشوئها (لاحظ المقالة رقم 2 أعلاه) وعن كون الأسم الكلداني الذي أختارته لها هو تعبير عن هوية الشعب الذي أنبثقت في ثناياه تلك الكنيسة المنشقة عن الكنيسة الأم، كنيسة المشرق. والكنيسة الكلدانية كما نعلم جميعا تكونت نتيجة لنجاح كنيسة الفاتيكان الغربية ذات المذهب الكاثوليكي في تمزيق كنيسة المشرق التي أتبعت مذهبا آخر (هو المذهب النسطوري ) أنبثق بين ثنايا شعبنا ومفكريه اللاهوتيين، مذهباً مسيحياً حقيقياً ووطنياً كلدانياً خالصاً. لنترك تبعات هذه النقطة ونناقشها لاحقا في نهاية هذه المقالة.

في نقاشاته حول تسمية شعبنا الكلدانية يعطي لنا المطران سرهد جمو مجموعة من الأمثلة حول كون التسمية الكلدانية هي تسمية وطنية أستخدمها شعبنا بمختلف أنتماءاته المذهبية، وهذا لابأس به وأمثلته مقبولة ولكنها متحيزة لكونها تنقل فقط الأمثلة التأريخية عن أستخدام الأسم الكلداني وتتغاضى عن عشرات الأمثلة التي يستخدم فيها الأسم الآشوري كهوية قومية لشعبنا (لن أغوص في هذا الموضوع وأترك القارئ الى عشرات المقالات من قبل مجموعات شعبنا التي تفضل وتناصر التسمية الآشورية). وللعدالة، المطران سرهد جمو وفي مقالته بالأنكليزية المنشورة في عام 2000 (عندما كان لا يزال برتبة خوري) على صفحات روزنامة أبرشية مار توما في ديترويت وتحت عنوان "الكلدان والآشوريون المعاصرون: أمة أساسية واحدة وكنيسة أصلية واحدة" يذكر تلك الأمثلة عن الأسم الآشوري لشعبنا ولا ينكرها

http://www.chaldeansonline.org/nabu/calendar1.html

الذي يهمني هنا هي أفكار المطران سرهد حول التسمية الآشورية والتي يختزلها في مقالته (راجع أعلاه مقالة رقم 1) وبالنص: "

آثور منطقة مهمة في ما بين النهرين وخلال أجيال تمكَّنت من أن تغدو إمبراطورية عظيمة عاصمتها نينوى. لذا فإنها جزء مهم من بلاد النهرين ومن التراث الكلداني الذي تبعها في التاريخ. إن الإعتراف بهذا الواقع التاريخي وتثمينه يجب أن يكون الموقف الواضح لكل كلداني مثقّف. على أن دوائر الإستعمار في بريطانيا العُظمى بالتعاون مع مُبشِّري رئيس أساقفة كانتربري أساؤا إستعمال هذا الترابط التاريخي وفصلوه عن المفهوم التكاملي كما جاء في التاريخ وإستخدموه متعمدين لكي يُعزِّزوا الإنقسام داخل الكنيسة الكلدانية وشعبها بترويج هويّة آثورية متميّزة ومنفصلة عن الهوية الكلدانية وذلك لتحقيق مآربهم الإمبريالية الخاصة. "

كما نلاحظ أعلاه فأن المطران سرهد جمو يدعي بأن مساندي التسمية الآشورية هم كلدانيون مغرر بهم من قبل البريطانيين الذي دفعوهم لتقبل تلك التسمية من أجل تحقيق "مآربهم الأمبريالية الخاصة" (كنت أتمنى أن يبلغنا المطران سرهد عن تلك المآرب الأمبريالية، لأني بصراحة سئمت تلك التعابير البعثية الفارغة والتي تطلق على كل من أختلف معهم في الرأي). المهم، مرة ثانية المطران سرهد يقول وبشكل واضح أننا قومية واحدة والجميع هم كلدانا وهذا جيد. وأذا رجعنا الى مقالته "الكلدان والآشوريون المعاصرون: أمة أساسية واحدة وكنيسة أصلية واحدة" فهو يقول ".. أذن الكلدان والآشوريون المعاصرون هم أثنيا أحفاد سكان بلاد الرافدين القدامى وهم وارثي لغتهم الآرامية وتراثهم.." وفي مكان آخر يجيب وبشكل واضح على سؤاله حول ما هيه أثنية الكلدان والآشوريون وثقافتهم؟ فيجيب بنفسه: "أقرأ تأريخ العراق القديم، لأن ذلك الـتأريخ هو تأريخهم، وتلك الثقافة هي ثقافتهم، وتلك اللغة الأرامية هي لغتهم" . وهذا جيد أيضا.

ولكن لنستمر في قراءتنا لأفكار المطران سرهد جمو ، فبعد ذلك التأكيد على كون الكلدان والآشوريون المعاصرون أثنية واحدة وثقافة واحدة ولغة واحدة وكون الآشوريين هم كلدانا مغرر بهم (يعني قومية واحدة للذي لا يفهم أو يصطنع الغباء كما هي حال بعض هواة الكتابة من جماعة القوميات الثلاث)، فبعد كل ذلك التأكيد يصل بنا المطران سرهد جمو الى أستنتاج غريب فهو يقول في مقالته الحديثة رقم (1) أعلاه:

"الكلدان المعاصرون هم:  أسلاف سكان ما بين النهرين القُدامى وأولئك هم: السومريون، الأكديون، الآثوريون ولاسيما الكلدان.

أتصور أن المترجم (المقالة مترجمة عن الأنكليزية) قصد "أحفاد" لا "أسلاف". السؤال المنطقي هو: كيف تعرف يا مطران سرهد جمو أن غالبية جيناتك هي من الكلدان وليس من الآشوريين وأنت وأنا كلانا من تلكيبة (تلكيف كما يسميها العرب) التي كانت تأريخيا أحدى ضواحي مدينة نينوى الآشورية (تبعد عن مركز المدينة 8 أميال فقط) ؟ من غير المعروف تأريخيا عن نقل أسرى حرب من قبائل الكلدان المتمردة الى منطقة تلكيبة (الملوك الآشوريون كانوا ينقلون المتمردين الى منطقة آشور كي يسهل السيطرة عليهم) بعكس بعض المناطق الآشورية السابقة ككرمليس التي جاورت معسكر أسرى حرب من قبائل الكلدان (وهم تأريخيا خمسة قبائل فقط: بت داقوري (أكبر القبائل)، بت ياقين، بت أموقاني، بت شعالي، وقبيلة أخرى صغيرة العدد لا أتذكر أسمها). والكلدان ليسوا بأراميين كما يدعي المطران سرهد ولغتهم الأصلية كانت الأكدية وليس الأرامية التي لفظوها لاحقا كحال بقية مكونات بلاد الرافدين، وكتب التأريخ ومسلات ملوك الدولة الآشورية تفرق وبشكل واضح بين المجموعتين (الكلدان والأراميين)، بل أن أريبا-مردوخ الذي يعتبر المؤسس الحقيقي للسلالة الكلدانية قاتل الأراميين الذين كانوا يزحفون نحو بابل بهجراتهم المستمرة من مناطقهم في وسط العراق. المبغى هنا أنه بالأضافة الى ما ذكره المطران سرهد عن أسلافنا فعلينا أضافة الأراميين الى قائمته.

نرجع الى النقطة التي ذكرها عن كوننا أحفاد سكان بابل وآشور "ولاسيما الكلدان"، أقول لا يمكن  لا للمطران سرهد جمو ولا غيره مهما أدعوا علما أو عنجهية  أوغلوا،  لا يمكن لأي منا معرفة جيناته لأن جينات البابليين هي نفسها جينات الآشوريين والكلدان والأكديين والسومرين والأراميين. هذه المكونات هي أثنيا نفس المكونات التي أمتزجت تأريخيا وتزاوجت وتوالدت وتقاتلت وتصالحت وحكمت وحُكمت من أحدهم الآخر حال جميع القبائل في ذلك الزمان (راجع تأريخ أي شعب ستجد اليونانيين يتقاتلون بين أثينا وسبارطة والأثيني يرفض الخضوع للسبارطي وهكذا ولكنهم أثنيا نفس الشعب ونفس الحال لسلالات الصينين وقبائلهم ومعاركهم وكذلك الألمان ودولهم المتصارعة وغيرهم).

المهم، أن المطران سرهد جمو في مقالته الأخيرة (رقم 1 أعلاه) لا يزال يؤمن بكون الجميع أثنية واحدة، السؤال أذا من أين خرج علينا مفكري آخر زمان من مناصريه الصناديد بمفهوم القوميات الثلاث ؟ هل سمعتم يوما رجل تأريخ أو علم أجتماع عاقل يدعي بأثنية واحدة لشعب ما ثم يدعي في نفس الوقت كونهم ثلاث قوميات؟ غريب هؤلاء الجهلة الذين يملئون الدنيا صراخا عن القومية الكلدانية المنفصلة وهم لا يفقهون حتى معنى مفهوم القومية.

ربما لا نستطيع معاتبة المطران سرهد جمو شخصيا ولكن مشكلته أنه حاليا يعتبر العقل المفكر والمنظر لأربعة مجاميع من الكلدان: مجموعة البعث الكلداني التي لا تزال تحلم بعودة عزت الدوري الى السلطة كي يعلنوا له مرة ثانية أن الكلدان عربا أبا عن جد وهم يناصرون المطران سرهد لأن ديدن هؤلاء هو التخريب وهم منزعجين من دور الأحزاب الآشورية التي تبث الفكر القومي من كون الكلدان ليسوا بعربا. المجموعة الثانية هي دعاة الشهرة والمناصب من الدكاترة ذو الشهادات المزورة أضافة الى ديناصورات ديترويت الذين ومنذ عقدين يحاولون الحصول على أعتراف بكونهم "قادة" وسيبقوا يحاولون لعلهم ينجحون قبل الأنقراض. المجموعة الثالثة هم شيوعيو الكلدان الحالمين بعودة الحزب الشيوعي العراقي الى الماركسية اللينينية كما كان عهده سابقا كي يرجعوا اليه فرحين مهللين ولاعنين الكلدانية والآشورية سوية (هؤلاء هم مجموعة منظمي المؤتمر الكلداني الأخير في ديترويت من جماعة المنبر الديمقراطي الكلداني الذين في غالبيتهم أنتقلوا من شيوعيين صمميين الى حلفاء لزوعا الى لاعنين لغسان شذايا كونه "كلداني متطرف" الى دعاة وحدة مع آشوريي شيكاغو الى مناصري سركيس آغاجان (كان المرحوم حكمت حكيم أحد قادتهم وكان يصرفون المال عليه وهو في العراق) الى تحالف مع المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الى آخر مودة حاليا وهي دعاة قومية كلدانية جديدة منفصلة عن الآشورية، أهم شئ أنهم يريدون منصبا بالبرلمان بدلا عن أبلحد أفرام – هؤلاء فلم هندي بأمتياز. أما المجموعة الرابعة من مناصري المطران سرهد جمو فهي الطائفيين الكاثوليك الكلدان الذين تعلموا من كنيستهم الكلدانية على مر العصور وأساتذتها من الفاتيكان كيفية الحقد والكراهية لمذهب أجدادهم النسطوري وبالتالي لجميع أبناء شعبنا من كنيسة المشرق. فهؤلاء الآثوريون هم أعدائهم الحقيقيين بل ينظرون اليهم على كونهم  أسوأ من القاعدة وأرهابيي الأسلام. هذه هي الحقيقة حول الغالبية الساحقة من مناصري فكر المطران سرهد جمو. السؤال مرة ثانية لماذا اذا كان هو يدعي بأننا جميعا أثنية واحدة يقوم مناصريه بأدعاء أننا قوميات مختلفة؟ الجواب يأتي نتيجة التخبط الفكري للمطران سرهد جمو، فهو ومع كونه يدعي أننا أثنية واحدة ولكنه يرجع ويقول في كتاباته (رقم 1 أعلاه) حول سبل تحقيق النهضة الكلدانية:

" أن نكون مستعدين لكي نشترك مع بقية أبناء الرافدين الشرفاء والنبلاء ومع أولئك الراغبين من الآثوريين وسريان العراق لتشكيل جبهة قومية عامة مبنية على الإعتراف والإحترام المتبادل في سبيل مستقبل موحَّد."

غريب كيف تدعي أننا أثنية واحدة مع الآثوريين وكون الآثوريين كلدانا مغرر بهم ثم تطلب في نفس المقالة "أقامة جبهة قومية عامة مع الآثوريين والسريان مبنية على الأعتراف والأحترام المتبادل". ماذا يعني الأعتراف المتبادل؟ أعتراف متبادل بماذا يا سيادة المطران سرهد جمو؟ كوننا قوميتين مختلفتين كما يفهمك مناصريك؟ كيف يتم أعتراف متبادل بين أجزاء لأثنية واحدة بما أن الجميع كلدانا حسبك أنت لا غير؟ هل تقصد أعتراف بكوننا طائفتين أو ثلاث مسيحية؟ ولكن هذا الأعتراف موجود وأنت أدرى به فكنيسة المشرق تعترف بالكنيسة الكلدانية والأخيرة تعترف بالأولى والأثنتين تعترفان بالسريانية، فما هي المشكلة هنا؟ كما يلاحظ فالمطران سرهد جمو وبعد أن يبلغنا بكوننا أثنية واحدة يرجع وبصورة غير مباشرة لمغالطة نفسه لا غيره ويتكلم عن ثلاث مجاميع مستقلة يجب أن تعترف أحداها بالآخر حال الغرباء.  

هناك مشكلة بين مناصري المطران سرهد جمو من هواة العمل السياسي وحب الكتابة على الأنترنيت. مشكلة ضعف الفهم السياسي بل عدم الألمام الحقيقي بمعاني المصطلحات الأساسية للعمل السياسي كالقومية، أثنية، شعب، والأمة،  والخلط العجيب والغريب بين هذه المفاهيم التي تُفصل وتُقسم وتستخدم حسب الطلب بطريقة تراجيدية كوميدية ساخرة تجعل العاملين في المجال السياسي العراقي (من العرب والأكراد) تنظر الى الكلدان ومستوى وعيهم السياسي بعين الشفقة والعطف. هناك من يدعي أننا شعب واحد ولكن قوميات مختلفة (شلون ما ندري.. يعني مثل الشعب العراقي مكون من عدة قوميات. بس ياجماعة الشعب العراقي يسمى على مسمى دولة، فما هي أسم الدولة التي تضم الشعب الواحد بثلاث قوميات؟ ماكو؟ أي لعد شلون أحنا شعب واحد بثلاث قوميات أو شعب واحد بس أكو قومية كلدانية وقومية آشورية.. شنو هذا شمر بطيخ؟) بل البعض يتصور أنه بأستخدامه لتعبير قوميات مختلفة وشعب واحد فأنه يحاول عمل خير ومراضاة الجميع حتى ما يزعل واحد. هكذا تبتذل مصطلحات علم الأجتماع والسياسة وتحول الى خزعبلات ومناطحات لغوية فارغة لا تحترم لا رجل العلم ولا رجل السياسة ولا أي رجل عاقل يريد أن يعرف "شنو المشكلة  بين الكلدان والآشوريين؟"

لاحظ أيضا المطالب "القومية الكلدانية" التي يناضل من أجلها المطران سرهد جمو (مرة ثانية نفس المقالة رقم 1 – أنا أركز عليها لكونها أخر ما أنتجه فكر المطران وبالتالي لن أتهم بكونه "غير فكره، هاي قديمة دوَر غيرها"):

أ- مدنياً:

بالمُطالبة بالإعتراف بحقوقهم القومية في موطنهم الأصلي العراق وفي كل أنحاء العالم ومن ثمة النمو في تلك الهوية الخاصة.

مرة ثانية نلاحظ سذاجة الفكر السياسي للمطران سرهد، فهو يطالب بحقوق الكلدان القومية ليس فقط في العراق بل "في كل أنحاء العالم". كيف يا عزيزي سيادة المطران سرهد؟ هل طالبت أو تطالب بحقوق الكلدان القومية في أميركا أو أستراليا أو كندا؟ ما هي حقوقنا "القومية" في السويد مثلا؟

 الحقوق القومية تأتي نتيجة الأرتباط بالأرض وبدونها لا توجد حقوق قومية بل حقوق مساواة بين المهاجر والمواطن الأصلي وربما الحفاظ على اللغة والثقافة (أن أمكن ولفترة محدودة لأن الأجيال الجديدة تشعر كونها سويدية أو أمريكية أو كندية وربما يقولون لك نحن من أصول كلدانية، ولكنهم ليسوا مرتبطين "قوميا" بكلدان العراق أصحاب الأرض). بدون أرض لا يوجد كلدان (المهاجرون هم مرحلة وقتية وتأثيراتهم على الأحفاد تنتهي بعد جيل أو جيلين). في البدء يجب أن تكون هناك أرض ثم اللغة ثم الثقافة والعادات المشتركة وعلى تلك الأرض يبدأ ويتكون تأريخ لذلك الشعب تتغنى به الأجيال والأحفاد. هناك تطالب بالحقوق القومية من محاولات البعض من الغرباء الأستيلاء على أرضك وحرمانك من خيراتها ومن خيرات وحماية الدولة التي تتأسس على أرضك. تتطالب بالحفاظ على أرضك وتطالب بالمشاركة في قرارات الدولة وفي الحكم والمناصب ثم بحقوقك الثقافية من الحفاظ على اللغة وتعليمها للأطفال والحفاظ على التراث الأدبي والعادات والتقاليد وأحترام دينك ومتطلباته.. الخ. الحقوق القومية هي كلام سياسي خطير لصاحب السلطة لأنه يعني المطالبة بالمشاركة بالقرار الذي يصدره الحاكم. من الواضح أن المطران سرهد جمو يستخدم تعبير "الحقوق القومية" ولكنه غير واعي تماما لمتطلباتها التي قد تعني التضحية والمقاومة والشهادة في سبيل الحصول على تلك المشاركة بالقرار السياسي لأنه لم يخلق حاكم عربي مسلم لحد اليوم مستعد للتنازل عن أحتكاره للسلطة طواعية.

سأتوقف عن الكتابة هنا ولكن في الختام لدي ملاحظة لا بد من ذكرها وهي، كيف يقوم مطران يقدم نفسه على كونه المدافع الحقيقي عن هوية وأصالة شعبنا الكلداني وفي نفس الوقت يحتقر ويحارب المذهب الوطني النسطوري الذي خلقته عبقرية شعبنا الكلداني (سمه ما شئت كلداني/اشوري/سرياني) ودافعت عنه أجيال من أبناء شعبنا قدمت أغلى التضحيات والآف من الشهداء، بل أن كنيستنا تعرف بكونها كنيسة الشهداء بدفاع أبنائها عن مذهبهم المسيحي النسطوري الوطني بل أن أعظم تبشير قامت به كنيسة المشرق بين الأمم كان بدافع المذهب النسطوري المسيحي؟  كيف تكون وطنيا كلدانيا حقا وأنت في نفس الوقت تحتقر تراث أجدادك الممتد على مدى أكثر من 1554 سنة (بل قل 1844 سنة عندما أعترف رسميا بالكنيسة الكلدانية التي كانت تعتبر لحد تلك السنة كأمتداد غربي أوربي) ؟  بالمناسبة أنا تابع للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ولكني أكن كل الأحترام لمذهب أجدادي النساطرة وأفتخر به وبهم.

في تأريخ الشعوب لم تحصل "نهضة" لشعب ما أذا لم يعتمد ذلك الشعب على نفسه وعلى أستقلالية قراره. هذه حقيقة تأريخية لا يمكن المزايدة عليها. السؤال هنا: لماذا غضب المطران سرهد جمو على مراسلات بطريرك كنيسة المشرق الآشورية مع بطريرك الكنيسة القديمة عندما ناقش سبل الوحدة مع الكنيسة الكلدانية وأشترط أستقلالية قرار الكنيسة الموحدة ومساواتها مع كرسي روما (لاحظ

http://www.kaldaya.net/2013/Articles/05/02_KaldayaNet.html

ماهي المشكلة في هذا الموقف؟ اليست الكنيسة القبطية مستقلة ومساوية لكرسي روما وكذلك الكنيسة الأرذوكسية اليونانية والروسية وكنيسة بريطانية والكنائس الأنجيلية ووو ؟ لماذا تتعامل روما مع الجميع كمسيحيين وتقبل التعامل أنت معهم سيادة المطران سرهد وكمسيحيين أيضا، ولكنك تستهجن أن تكون الكنيسة الموحدة (كنسية أجدادك وشعبك الكلداني، كنيسة الشهداء التي تأسست قبل تأسيس كنيسة روما) مستقلة القرار ومساوية لكرسي روما (بما أن الكنيستين رسوليتين)؟ ألست تطالب مناصريك الكلدان بأن يقبلوا :

ج- روحياً:

بقبول الدعوة الإلهية وتمثيل دور حيوي في تاريخ الخلاص الإلهي كما طُلِبَ من إبراهيم بطل الكلدان القومي ورمز دعوتهم ومن ثمّة إستملاك الإرث الكتابي والرسولي التي تحتويه كنيسة المشرق فيكون للكلدان خزانة يستثمرونها في رسالتهم الروحية.

هل تؤمن شخصيا يا سيادة المطران سرهد جمو بالذي كتبته أعلاه؟ (بالمناسبة أبراهيم لم يكن له أي دور بين الكلدان في عصره ما عدا دعوته للتوحيد ، ولكنه حال كسره أصنام آلهة بني قومه الكلدان أرادوا قتله فهرب وهاجر بلدته أور عندما كان شابا وذهب الى أسرائيل. وعرف بنشاطه بين اليهود والعبرانيين على بعد 1000 كيلومتر من أور. عاش ومات خارج أرض الكلدان، ولم أقرأ أبدا كونه نادى بتحرير مدينة أور من سيطرة أحد بل أنه نسى بني قومه وأصله وتبنى بني أسرائيل. الرجل كان مشغولا بزوجتيه سارا وهاجر وأولاده منهما ومشاكلهم ، فكيف أصبح بطل قومي للكلدان؟)