ترخَينّا

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

هذا الموضوع مهداه للاخ والكاتب القدير سام البرواري ارجو ان ينال اعجابه , واشكره من الاعماق لتعليقاته الجميلة حيال كتاباتي في حقل موروثنا الشعبي الثر, وحاولت جاهدا استحصال بريده الالكتروني لكنني لم احصله مع الاسف , لذلك ارجو منك اخي سام ان تبعثه لي مع خالص شكري وتقديري .

لشعبنا الكلدواشوري السرياني اطباق غذائية تراثية عديدة لذيذة وصحية, منها النباتية او الحيوانية او مختلطة وبعض من هذه الاكلات البسيطة و القديمة مستنبطة من سفر تاريخ شعبنا وواقعهِ المُر من خلال واقع المجاعات المزري والفقر المتقع  التي حدثت في مناطقهِ قديما .

ترخَينّا اسم سرياني مركب من تر مُبَلل, خَ = أخ مثل , ينّا = عَينا العين, مُبلل مثل العين .

وهي اكلة نباتية منعشة سهلة التحضير والهظم , او نوع من المُخللات الحامضة ,التي تفتح الشهية ,وتحضر من المواد المحلية البسيطة , وهي شِلَموكي او خَردَلكي هي نوع من البقوليات الطبيعية الربيعية التي تنمو بكثرة في الحقول ومجاري المياه ولها جذع واوراق طويلة وعريضة وخشنة الملمس,فبعد جلبها وغسلها جيدا وتقطع الى ثلاثة قطع وتوضع في جَرن, قِرب سَدّي ,تَلمّي ويضاف اليها الماء والملح ويترك على حدى لمدة ثلاثة او اربعة ايام حتى تُمَوتّ الملح هذا العشب فيذبل بواسطتها .

ثم تجلب الحبيّة سِمذيّ  بَقُوتّا وهي الحنطة المسلوقة والمُدقَة تغسلُ وتُسلقَ في الماء لبرهة من الوقت ,شَلقَا ولا شَقا اي بين السلق ولا . ثم تصفى هذه الحبية لتفزر الماء منها , ثم تضاف الحبية الى محتوى الجرن ,مع وضع كمية من مادة الخميرة فيها ,وتغطى وتترك لمدة 5 - 6  ايام بعدها تتخمر المحتويات, ويكون طعمه حامض منعش عندئذ يسمى بـ ترخَينّا اي المبلل مثل العين فيؤكل مع الخبز , ومع الاكلات الاخرى او لوحده .وقد كان ابائنا واجدادنا يعتمدون على مثل هذه الاكلات النباتية الصحية والخفيفة , ولذلك كانوا يُعمَرون طويلا وهم بكامل قواهم العقلية والبدنية والنفسية.

علاوة عن ان مادة ترخَينا كانت الطبق الرئيسي في مناسباتنا الكثيرة فهي كانت مخللاتنا في ذلك الوقت فتضاف على اكلة البرغل او التمن كالسوب الحال .

ولدينا مثل مشهور عن هذه الاكلة  كُول خَا ترخَينهِ كِي آتي لعَينّهِ اي كل واحد ترخينهُ تملي عينهُ على شاكلة المثل جّو خَا لِي  آمِر داووي خَموصِلَيهي , اي لا احد يقول ان شنينتي حامضة ,اي لا احد يضع اللوم على نفسهِ  . وحيال هذا يقول مثلنا نَعلاتا لَو كمّا دليَدّي مباسمّلا لكَانوو اي اللعنة على ذلك الفم الذي لا يعرف كيف يستحسنُ او يمدحُ نفسهِ.

ختاما اقول للامهات وسيدات البيوت العزيزات ارجو الاستعانه بهذه الاكلة الشعبية اللذيذة والمنعشة , لانها صفحة مشرقة من موروثنا الشعبي الثر , ولان مواد تحضيرها متوفرة ,ليعرف الجيل الحالي طعم اكلاتنا الشعبية ويتعرف عليها , ويعرف كيف كان اجدادنا  العظام يواكبون انفسهم مع مختلف الظروف .

 وبالصحة والعافية للكل .