من هي القوى الاقليمية والمحلية التي تقف وراء احداث اقليم كوردستان الاخيرة ولماذا ؟ وما هي اسبابها

 

                                          

                                                                       

                                                                                                     انطوان دنخا الصنا

 

         في التحليل السياسي الاتي سوف اسلط الضوء من وجهة نظري على الاحداث المؤلمة الاخيرة التي شهدها اقليم كوردستان العراق الامن يوم الجمعة 2 كانون الأول 2011 وتداعيتها التي استمرت لبضعة أيام تالية ومن المحتمل تكرارها اذا لم تعالج بطريقة مدروسة وقانونية ومتوازنة تضمن حقوق الجميع دون تميز وليس كرد فعل انفعالي ومتشنج حيث تعرضت بعض ممتلكات واعمال ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي وبعض مقدساته ومعنا الاخوة الايزيدية من قبل بعض الشباب المغرر بهم والخارجين عن القانون الى الاعتداءات والتخريب في قضائي زاخو وسميل ومركز محافظة دهوك وديرلوك في العمادية وامتدت الى منطقة باميان ومركز محافظة السليمانية ومدينة كلار حيث كان المبرر والحجة لهذه الاعتداءات الجبانة بيع وتداول المشروبات الكحولية في هذه المحلات والمخازن والفنادق اضافة لمحلات التدليك والمساج رغم قانونيتها جميعا ...

ان مثل هذه الاحداث المؤسفة لم تكن عفوية او اعتباطية او محدودة وانما كانت مخطط ومبرمج لها مسبقا تقودها ايادي خفية واطراف غامضة من خارج الوطن او من داخله او كلاهما معا بالتنسيق مع المتواطئين والمغرر بهم من داخل الاقليم والا كيف نفسر جاهزية اللافتات والشعارات التي رفعت في الاحتجاجات ؟ من اين جاءت ؟ لو لم يكن التحضير المسبق لها !! ومن اين جاءت هذه الحشود للاحتجاجات اذا لم يكن لديها علم مسبق ؟ والتي بلغت اعدادها في قضاء زاخو اكثر من ثلاثة الاف شخص !! وما يؤكد ما ذهبنا اليه امتداد هذه الاحتجاجات الى قضاء سميل ومركز محافظة دهوك بسرعة غير متوقعة وفي نفس اليوم بحيث خرجت عن السيطرة الامنية لساعات انه عمل منظم ومخطط له مسبقا السؤال ما هي الاسباب الذاتية المتعلقة بالاقليم لهذه الاحداث ؟ والاسباب الموضوعية المتعلقة بالجهات الاقليمية والمحلية التي تقف ورائها ؟ ....

1 - الاسباب الذاتية المتعلقة بأقليم كوردستان 
------------
أ - عدم تفعيل الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي طرحه السيد رئيس اقليم كوردستان مؤخرا بشكل جدي وفعال وعدم معالجة ظاهرة الفساد المالي والاداري في بعض مفاصل ادارة الاقليم بشكل شفاف اضافة لوجود ظواهر البطالة والفقر وضعف الخدمات وضعف المستوى المعاشي لبعض ابناء الاقليم وعدم احترام القانون من قبل البعض المحسوبين على قيادة الاقليم وعدم التطوير النوعي للأجهزة والمؤسسات العسكرية والامنية والحزبية والارتقاء بكفاءتها وقدرتها على أداء مهامها وليس إلى التوسع الأفقي في إعدادها اضافة لاختراق بعضها من قبل اعداء الاقليم اقليميا ومحليا ...

ب - اختراق الحزبين الاساسيين في الاقليم وهما الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني من قبل بعض التنظيمات الاسلامية المتطرفة في الاقليم واعداء الاقليم من دول الجوار والاطراف المحلية وتفشي ظاهرة البيروقراطية والتعالي والغرور بين كوادر الحزبين المذكورين حيث ابتعدوا عن الجماهير ومعاناتهم وهمومهم بحيث اصبح الانتماء الى الحزبين المذكورين اما عشائريا او بالتزكية وكأنه تعين في دائرة حكومية وهذا افرغ الحزبين المذكورين من عقيدتهما وتاريخهما ونضالهما وتضحياتهما في سبيل وجودهم وطموحهم القومي ...

3 - عقائدية الحزبين المذكورين اعلاه تراجعت لدي بعض القيادات والكوادر والقواعد الجماهيرية بسبب انغماسهم وانسياقهم وراء المغريات المادية والمصالح الخاصة الضيقة وما الانشقاق الذي حصل من رحم حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بأنبثاق حركة كوران المعارضة (التغيير) الا نموذجا حيا على هذا التراجع العقائدي المدمر الذي اصبح اليوم شوكة ومطبة في مسيرة الاقليم الناهضة حيث تمتلك حركة كوران 25 مقعد برلماني من اصل 111 مقعد في برلمان اقليم كوردستان حيث اصطفت مع التيارات الاسلامية المتطرفة في الاقليم وتعمل بطريقة تصفية الحسابات وليس من اجل النهوض وتعزيز تجربة اقليم كوردستان الناجحة وترسيخها ...

4 - سياسة التسامح الرائعة التي انتهجتها قيادة الاقليم مع من عمل مع النظام السابق او تعاون معه بكل مستوياتها انطلاقا من الثقة بالنفس وارساء مبادىء التسامح والمحبة والمرونة حتى مع اعداء الاقليم لكن المؤسف ان هذه السياسة الانسانية السمحاء استغلت من قبل البعض للنيل من تجربة الاقليم الوليدة وذلك باصطفاف بعض هولاء الذين عملوا مع النظام السابق مع اعداء الاقليم جهارا نهارا للحقد المتأصل في نفوسهم وشوفينية مبادئهم ...

5 - تصريحات واحاديث السيد رئيس الاقليم (مسعود البرزاني) الصريحة والمبدئية والثابتة والجريئة بشأن الكثير من القضايا المتعلقة بالشأن العراقي او القومي الكردي او الديمقراطي مثل (الموقف من حزب العمال الكردستاني التركي ومدينة كركوك والمادة 140 والدستور الفيدرالي والمناطق المتنازع عليها مع بغداد والبشمركه والفيدرالية وقانون النفط والغاز والميزانية وصلاحيات حكومة بغداد والقبول بقواعد امريكية في اراضي الاقليم وقضايا المرأة والديمقراطية وحقوق المكونات القومية والدينية الصغيرة وغيرها) قسم من هذه المواقف تتقاطع مع مواقف واجندة بعض القوى السياسية في الاقليم والعراق ودول الجوار واحيانا تفسر بشكل انتقائي وسلبي بما يتناسب مع اغراض وغايات وبرامج هذه القوى لتلويث وتشويه سمعة قيادة الاقليم وانجازاتها التي يعرفها القاصي والداني لاغراض سياسية واعلامية وغيرها ...

6 - احساس قيادة الاقليم احيانا بكل مستوياتها الرسمية والحزبية نتيجة نجاحاتها في تجربة الاقليم في كل المجالات وخاصة الامنية منها والتنمية والديمقراطية وحقوق الانسان وفشل تجربة العراق الفيدرالي في المجالات المذكورة بنوع من الزهو والتطاير والمكابرة والغرور مما حدا ببعض جماهير الاقليم بالابتعاد عنها بطريقة او بأخرى وما نتائج الانتخابات البرلمانية وكذلك الرئاسية في الاقليم التي جرت عام 2009 الا جزء من هذه الحقائق والوقائع حيث لم يحصل الرئيس البرزاني الا على 70% من اصوات الناخبين في الاقليم وكذلك لم يحصد الحزبين الرئيسين الا على 59 مقعد فقط من اصل 111 مقعد في برلمان الاقليم ما يفسر ذلك ؟ انها رسالة استفتاء واضحة لقيادة الاقليم بوجود اعتراض ورفض لسياسة قيادة الاقليم الرسمية والحزبية لذلك كان على قيادة الاقليم الرسمية والحزبية التوقف وتمحيص هذه النتائج ودراستها بطريقة معمقة وموضوعية قبل فوات الاوان وما يحصل اليوم ما هو الا جزء من هذه النتائج ...

7 - اعلام اقليم كوردستان المرئي والمسموع والمقروء لا زال يخاطب شعوب كوردستان بطريقة كلاسيكية غير مقنعة ويمكن ان اسميها متخلفة لا ترتقي وتنسجم مع روح العصر والمتغيرات السريعة في عالم السياسة والاعلام حيث اسلوبه غير مقبول ومنطقي وان اعلام المعارضة في الاقليم اخذت زمام المبادرة منها وذلك بعزفها على اوتار الحان ما تريد جماهير كوردستان لتأليبها وتحريضها على قيادة الاقليم وقيادة الاقليم تغمض عينها عما يجري حولها وكرة الثلج المعارضة تدور وتكبر يوميا في الاقليم ونتمنى ان لا تكتسح القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية معها !! وجدير بالاشارة هنا من المفارقات غير المتوقعة ان الحزب الشيوعي العراقي او الكوردستاني لغاية كتابة هذا السطور لم يصدر عنهما اي تصريح او بيان يشجب او يستنكر ما تعرض له شعبنا والاخوة الايزيدية في الاقليم هذا يعني وجود تراجع في مبادئه ومواقفه او عدم استيعاب ما يجري حوله لكلاسيكية عمله وضعف نتائجه في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق تؤكد هذه الحقيقة ...

8 - اصطفاف وتحالف المعارضة في الاقليم بكل مكوناتها والوانها بطريقة مريبة ومشكوك فيها هدفها النيل من تجربة الاقليم الفتية النضرة في محاولة لافشالها واسقاطها بكل الطرق المتاحة الدستورية او غيرها وهذا يحصل امام انظار قيادة الاقليم الرسمية والحزبية حيث تحالفت حركة كوران التغيير مع الاتحاد الاسلامي الكوردستاني والجماعة الاسلامية الكوردستانية رغم وجود اختلاف فكري وايديولوجي وسياسي بينهم لكن انطلاقا من مبدء اصطفاف الاضداد يعملون جميعا كمعاول هدم وكدودة السوس التي تنخر بالبنيان المرصوص للانقضاض وتقويض تجربة اقليم كوردستان مهما كان الثمن ...

9 - بعض اجراءات ومواقف حكومة الاقليم كانت خجولة وضعيفة وهشة بخصوص حقوق شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي في الاقليم ولا زالت متأخرة وبدون اهتمام ولا تتناسب مع تضحيات ابناء شعبنا مع كل شعوب الاقليم من اجل الحقوق القومية المشروعة لشعوب كوردستان بضمنها شعبنا حيث قدمت تنظيمات شعبنا السياسية الكلدانية السريانية الاشورية في الاقليم بعض مطاليب وحقوق شعبنا القومية والوطنية والتاريخية والانسانية المشروعة في الاقليم الى قيادة الاقليم قبل اكثر من خمسة اشهر ولم يرد لقيادة تنظيماتنا اي جواب ايجابي او سلبي لغاية كتابة هذه السطور ماذا نسمي ذلك ؟ ...

شعبنا وتنظيماته السياسية شبع من الوعود وكلمات المجاملة والتضامن والاستنكار التي لا تعالج حقوقنا وهمومنا ووجودنا القومي في الاقليم رغم كل ما تعرض ويتعرض له شعبنا هذه الايام حيث لا زالت بعض اقطاب قيادات الاقليم الرسمة او الحزبية في موقف غريب تغازل التنظيمات السياسية الاسلامية المتطرفة رغم علمها اليقين بمشاركتها في الاحداث الاخيرة في محاولة لترضيتها ومساومتها على حساب حقوق ووجود شعبنا فيه وكأن شعبنا ليس له حقوق في الاقليم وان مسألة وجوده مؤقت وضيف ثقيل الى بعد حين ان مثل هذا التقاعس وعدم الاهتمام والاكثراث في اقرار حقوقنا القومية والتاريخية والوطنية المشروعة في الاقليم يعطي اشارات خاطئة وسلبية لقوى الارهاب والتطرف والمغرر بهم والخارجين عن القانون بهدف ترويع وتطويع وتركيع وتهجير شعبنا وتصفية قضيته القومية والتاريخية في مخطط مشبوه وغامض على مراحل والذي يحصل هذه الايام ما هو الا حلقة في هذا المخطط المشبوه يارب اشهد اني بلغت ... انتهى الجزء الاول ....

الجزء الثاني
----
الاسباب الموضوعية للاحداث الاطراف الاقليمية والمحلية المتأمرة على الاقليم بالاسماء والدليل