لماذا تشكل المرأة محور اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية

 

   

 

                                              

                                                  مقالة رأي بقلم السفير الأمريكي ستيفن بيكروفت

    

خلال فترة عملي كسفير للولايات المتحدة، حظيت بشرف لقاء نساء شجاعات من شتى أنحاء العراق. هؤلاء النساء ـ منهن من يمثلن الحكومة أو قائدات في المجتمع المدني أو ناشطات أو يعملن في القطاع الخاص ـ قد تجشمن عناء سنوات من الحرب والدكتاتورية والعنف، غير أن كل واحدة منهن لا تزال تأخذ على عاتقها مهمة التأكد من تلقي الفتيات التعليم والتدريب، وأن الأرامل والنساء العاطلات عن العمل يمكن أن يتكفلن بإعالة أسرهن، وأن النساء ينخرطن بشكل أكبر في المجتمع المدني والعملية الديمقراطية. ونحن إذ نحتفل باليوم العالمي للمرأة، يوم الثامن من شهر آذار/مارس، آمل أن نضع في حسباننا جميعاً أهمية إسهامات النساء العراقيات ـ وجميع النساء ـ في مجتمعاتنا وفي شتى أرجاء العالم.

فلا يمكن حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأكثر إلحاحاً التي تواجه العالم ببساطة بدون مشاركة كاملة للمرأة. ولبلوغ هذه الغاية، فإن الاستثمار في تطوير النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم يعد أمراً غاية في الأهمية. وطبقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن البلدان التي يتساوى فيها الرجال والنساء في الحقوق هي أكثر قدرة على المنافسة اقتصادياً من تلك التي لا يستطيع فيها النساء والفتيات الحصول على الرعاية الطبية والتعليم وتقلد المناصب التي تشغل بالانتخاب وخوض غمار السوق. كما قدرت أيضاً منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أنه إذا تمكنت المرأة المزارعة من الحصول على نفس القدر من التقاوي والأسمدة والتكنولوجيا التي يتحصل عليها الرجل، لأدى ذلك إلى خفض عدد الأفراد الذين يعانون من أمراض سوء التغذية في العالم بما يتراوح ما بين مائة مليون إلى مائة وخمسون مليون شخص.

ونحن في العراق ندعم مبدأ تدريب وتوجيه سيدات الأعمال حتى يتمكن ليس فقط من رفع مستوى معيشة أسرهن ومجتمعاتهن، بل من مساعدة الاقتصاد العراقي على النمو أيضا. فنحن نستثمر في تعليم البنات حتى يستطعن تفادي الزواج المبكر القسري وكسر حلقة الفقر وتطوير أنفسهن حتى يصبحن قائدات مجتمعيات ومشاركات للمواطنين في تحسين مستوى الصحة والتعليم للأجيال القادمة.

وحتى الآن، لايزال هناك العديد من المجتمعات والكثير من المنازل يقللون من قيمة النساء والفتيات وينكرون عليهن فرص الذهاب إلى المدارس للتعلم، ناهيك عن اجبارهن على الزواج وهن لايزلن في طور الطفولة. كما أن هناك الكثير من النساء ما زلن يعانين من سوء المعاملة والاتجار فيهن ومساوئ العنف القائم على التمييز بين الجنسين. ورغم إدراكنا بأن جميع المجتمعات تعمها الفائدة عندما تنعم النساء فيها بالصحة والأمان ويستطعن الإسهام في مجتمعاتهن، فإنه يتعين علينا العمل على دمج خبرات النساء وهمومهن وأفكارهن في مجتمعاتنا بشكل أفضل. وهذا هو السبب وراء التزام الولايات المتحدة بمشاركة الحكومة العراقية والمجتمع المدني ودعم الجهود الرامية إلى زيادة الوعي بقضايا المرأة والدعوة إلى إصدار التشريعات التي تكفل المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في العراق.

واليوم، هو يوم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة. كما أنه أيضاً يوم يستطيع كل واحد منا تجديد التزامه نحو نبذ أسلوب عدم المساواة الذي يحول دون تحقيق التقدم في شتى أركان المعمورة. فلن يتسنى لأي بلد المضي إلى الأمام قدماً إذا ما ترك خلفه نصف شعبه. وهذا هو السبب في إيمان الولايات المتحدة بأن المساواة بين الجنسين أمر بالغ الأهمية في تحقيق أهدافنا المشتركة من رخاء واستقرار وسلام، كما أنه السبب في أن الاستثمار في النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم هو أمر شديد الأهمية من أجل النهوض بمجتمعاتنا سواء في الولايات المتحدة أو في العراق أو في أي مكان في العالم.