مؤتمر المعارضة السورية وصحوة الضمير التركية..!؟

 

 

 

                                       

                       د. ابراهيم افرام

 

             دعا مؤسسو "إعلان دمشق" وعدد من المعارضين السوريين إلى عقد مؤتمر في مدينة أنطاليا التركية في الأول واثاني حزيران دعماً لثورة ة ومطالب الشعب السوري ومن المقرر أن يضم المؤتمر وبحسب رواية المنظمين له  شخصيات وطنية مستقلة ومثقفين وإعلاميين بالإضافة إلى عدة أطياف من المعارضة السورية وممثلين عن التنسيقيات الداخلية للثورة السورية في حين تذكر تصريحات مختلفة (( لأكراد سورية  بعدم حضور المؤتمر معللة ذلك بأن عقد المؤتمر في دولة تركيا والتي"تسوق لجماعة الاخوان المسلمين كبديل عن النظام السوري القائم" بالأضافة عن دعوة لمنظمون أم الدولة المضيفة للمؤتمر  لهم كضيوف للمؤتمر بدلا عن اعتبارهم كشركاء حقيقتين في أية خطوة ترسم مستقبل البلاد )) والمعروف عن إعلان دمشق الذي يعتبر«الإطار الوطني الذي يضم في صفوفه الأكراد والعرب والأشوريين والأقليات الدينية والاثنية الأخرى» و تأسس في العام 2005حين وقعت أحزاب المعارضة السورية وثيقة تأسيسية عنوانها "إعلان دمشق" طالبت بإحداث"تغيير ديمقراطي وجذري" في سوريا. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2007 عقد المجلس الوطني لإعلان دمشق مؤتمراً موسعاً انتخب قيادة جديدة له وتبع  ذلك حملة اعتقالات طالت قيادات الإعلان ثم حُكم على 12 منهم بالسجن لاثنتي عشرة سنة.

تصاعدت خلال السنوات الماضية نجومية تركيا كلاعب سياسي مؤثر في الأحداث العالمية خاصة تلك التي تعج بها منطقة الشرق الأوسط وعلى مختلف الساحات، فقد تحركت تركيا في المشهد السياسي على الجوانب الفلسطينية والعراقية والسورية والإيرانية، وعلى أعلى المستويات للقيام بدور الوسيط النزيه، وإقامة علاقات تتسم بالسلم والاستقرار بين الدول وهي تتحرك على كل الاتجاهات السياسية والاقتصادية والثقافية بالوسط الإقليمي من أجل بناء المزيد من أطر السلام والاستقرار القائم على مبادئ التفاهم المشترك وتبادل الرؤى الموضوعية التي تعود بالنفع على الإنسان واستقراره والرفاه الاجتماعي الإقليمي فوضع تركيا في المنطقة مهم جداً بالنسبة لأوروبا لأنها  تشكل جغرافياً وسياسياً همزة وصل بين أوروبا والمنطقة العربية الشرق أوسطية وهذه مسألة تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الأوروبيين حيث لتركيا علاقات تاريخية وثقافية تربطها مع منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً سوريا .

أن تغيير أي نظام سياسي في أي بلد من بلدان  العالم هي مهمة أبناء ذلك البلد ، أما العامل الخارجي فيأتي دوره في الدعم والإسناد وهذه المسؤولية تقع أيضاً على عاتق كافة  الأحرار في العالم ودوله ومنظوماته الإنسانية والحقوقية للخلاص من الأنظمة الشمولية وفي حالة النهج التركي وفي هذا الظرف الملي بالصراعات الحدودية والسياسية تم تدويل الوضع السوري ونزولاً عند مصلحة الغربية والتي تقتضي أن يتعاطى الموقف التركي بهذا الشكل مع الوضع السوري ، أنه نهج خطير في قاموس الصراعات الإقليمية والدولية فبعيداً عن نهج المساعدة الحقيقة للشعب السوري المعارض فتركيا تحتفظ بعلاقات جيدة مع النظام وحتى وقت قريب فقنوات الاتصال ما تزال مفتوحة ولم تكن حيادية بكل معنى الكلمة هذه المفارقات من التصريحات والنصائح من المسئولين الأتراك  للنظام واستقبال المعارضة وعقد المؤتمر برعايتها هل كل هذا يبنى على  أسس محايدة ...!؟

تأتي أهمية عقد المؤتمرات واللقاءات  كخطوات  ايجابية ضرورية  خصوصاً إذا ما كانت  مرتبطة بمرحلة صراع بين قطبي المعادلة النظام الذي ينكر وجود للمعارضة والمعارضة التي لها مواقف متباينة  ووجهات نظر مختلفة ما بين مؤمن بإمكانية النظام ولو في اللحظة الأخيرة قيادة الإصلاحات الشعبية المطلوبة  وما بين مؤمن بضرورة إزاحة السلطة ونظامها،  أنها فرصة للمؤتمرين  للدراسة الموضوعية المعمقة  لأبعاد الصراع وظروفه إذ يعقد أنها فممثلي  الحركات  والأحزاب المشاركة ستعرف  بظروف تشكيلها ونيتها وبرامجها السياسية فهي منفتحة نوعاً ما على بعضها البعض  في حين ومن المفروض أن تكون مقلقة على النظام ، من المفروض أن يتوفر في المؤتمر مناخ التعريف بالقضية التي تتمثل  بالدكتاتورية والتسلط والتي هي انعكاس للحالة السياسية للنظام في حربه من أجل البقاء ومعارضة لها طموحاتها في التغيير والأمن والاستقرار والبديل السياسي المنشود في مؤتمر يعقد  برعاية إقليمية ، من الضروري أن تكون هناك قراءة سورية بحتة للواقع ، ترتقي لمستوى مشروع  سياسي وميداني للخلاص بعيداً عن الأهداف والمشاريع الخاصة، الأيمان بالمشروع السياسي الوطني العام فآية دولة إقليمية تكون راعية لمؤتمر كهذا لا بد وأن تكون لها غايات وأهداف ومقاصد ، فالعمل الوطني يحتاج إلى حماسة جماهيرية وله عوامله النفسية والفكرية والسياسية و برنامج التغير السياسي هو عمل وطني بحت  ورقة بيد القوى المعارضة السورية وليس بيد القوى السياسية الإقليمية والدولية ، أن قوانين الميدان في الداخل ووجود الصراع في الداخل المتفجرهو الكفيل بتحديد مسار المشروع السياسي فلا بد من وضع الآليات المختلفة التي تدور حول الاتفاق على برنامج التغير، أن شكل العلاقة بين قيادات المعارضة يجب أن لا  لا تصل إلى حد الاستجواب و توجيه الاتهامات والتخوين والنقد اللاذع والتهجم وصولاً إلى تصفية حسابات .

هناك مخطط تركي يهدف إلى استدراج والتأثيرعلى فصائل المعارضة السورية بكل ألوانها القومية والإسلامية والكردية والآشورية ، فالشعب السوري يفكر في الخلاص من النظام المتسلط أن نهج الاعتماد على النفس وعلى قوة الشارع السوري مهمة أساسية  وعدم الثقة الكاملة والرهان  الكلي على الأطراف الإقليمية التي تحتفظ بخط التحاور مع النظام ، فتركيا لن تتوانى في العمل على اختراق صفوف المعارضة وكشف مشاريعها وما تخطط له وخصوصاً لها مصالحها الحيوية قي المنطقة وبإمكانها التخطيط و إفشال وأبطال كل مشروع  لا يخدم مصلحتها وسيطرتها، وعليه الابتعاد عن كل ما   قد يجعل الخطاب السياسي للمعارضة السورية منحازاً ويسمي الأشياء بغير مسمياتها الحقيقة ذلك  قد يؤثر ويودي إلى تبديل منهجية المعارضة وتغيير وجهة الصراع مع النظام القائم إلى صراع بين فئات الشعب السوري حيث  هناك اختلاف واضح بين أيديولوجيات وتيارات المعارضة السورية ويجب أن لا يغيب عن ذهن أي طرف أن الصراع الدولي اليوم هو صراع اقتصادي بالدرجة الأولى ، فعلى المؤتمر أن يدرس الأهداف والمواقف بعمقها الحقيقي وموقف الدولة الراعية للمؤتمر،ومن المهم أن لا يكون للإلغاء والتقسيط مكان في المؤتمر ، ولا بد من أخذ الحيطة والحذر وهذه نقطة مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار سلامة وأمن الوطن فالعمل الميداني هو الذي يؤمن استمرار العمل لتلافي الوقوع في المطبان والمفاجآت التي ليست بالحسبان.

أن أعطاء كافة الآراء الفرصة التي تؤهلها للاشتراك في دراسة القرارات وتقيميها والتصويت عليها مهمة  وتضييق الهوة وتقصير المسافة بين  قيادات المعارضة في  الداخل والخارج فالعمل الوطني الداخلي والمعتمد على الذات وعلى الأيمان والاعتقاد وبمقدرة القوى الشعبية على التغيير والخلاص دون الارتباط بالعامل الإقليمي والدولي وبعيداً عن القبول بشروطهم يحتاج للثقة بالنفس واللحمة بين فصائل المعارضة  التي تحتاج إلى خطوات عملية جادة والتي  من شأنها التوصل إلى حل يخرج الشعب من مأساته الحالية وهذه اللحمة من المفروض أن تكون وعلى كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما يقلل من تأثير الدولة الراعية في فرض وجهة نظرها وأجندتها على المؤتمرين.

على المعارضة وخلال المؤتمر أن يكون لها  برنامجاً  سياسياً  وميدانياً ومشروعها الوطني بخطوطه الحمر فيما يخص السيادة الوطنية  وان لا ترى نفسها ملزمة بشروط المحيط والمضيف على حدٍ سواء  وتوقيته وأن لا تسمح بحدوث فجوة في جدار المنعة الوطنية تؤدي إلى زعزعة الثقة في مصداقيتها السياسية ووجودها في رهانها على الدور الاقليمي للدولة المضيفة ولملاءاتها السياسية بهدف  لزعزعة اللحمة الوطنية  ، فأي  ولاء سياسي إلى اتجاهات وقوى دولية وإقليمية متعددة تبعاً لوجود المعارضة في هذه الدولة أو تلك  لتتعدى وطنية الصراع الدائر عندها سيكون الثمن غالي سيدفعه الشعب السوري بكل أطيافه وخصوصاً  الطرف الأضعف في المعادلة ألا وهو الشعب الآشوري.

للرهان السياسي دوراً أساسياً  في أجندة أية معارضة كانت وأينما وجدت وللدولة المضيفة قنواتها للحوار مع السلطة والنظام وفي رعايتها للمؤتمر تكون الدولة المضيفة قد دخلت الحالة السياسية للمعارضة وأطلعت على برنامجها ونمط علاقاتها العامة والخاصة منها ومن أضيق وأوسع أبوابها أن استغلالها لبعض الاتجاهات السياسية والاجتماعية والفكرية السورية الضيقة والشخصية لنصرة طرف على آخر قد يشتت  المعارضين والذين من المفروض إن توحدهم المأساة الوطنية الإنسانية بكل إبعادها ، ليس من المفروض أن  توحدهم مصالح ومقتضيات السياسية الإقليمية للدولة المضيفة ،  وأن لا تتراجع عن لغة الإنقاذ للبلاد من التسلط والدكتاتورية ، فبعض المعارضين السوريين لا يتوحدون إلا حين تقتضي مصالحهم وتلبية رغباتهم وانجدنهم السياسية مدعومة بالمشيئة السياسية الدولية فالوطني لا يصبو للنزعة الذاتية في الحكم والتسلط ولا يبحث عن الأنانية في السلطة ، ويجب إن لا تغلب مصلحة الذات على سيادة الوطن ، وكل أستعانه بالمحيط الإقليمي والدولي للمساعدة في التغيير وإسقاط النظام ستوقعه وتوقع الوطن وسيادته وأبنائه ومستقبله في مستنقع الوصاية ، ونحن كأبناء لهذا الوطن من الآشوريين الأصليين وبكل طوائفنا ، تبقى ثوابت الوطن خطوط حم لنا  فكنا وما زلنا مع التغير بأهدافه ومقاصده فظاهرة التسلط والدكتاتورية هي ظاهرة معروفة في العديد من دول العالم  فمن الخطأ النظر لكل معارض ممن ينشد ويعمل على التغير لظاهرة التسلط والدكتاتورية مستعيناً  بالغير وبأجندتهم على أنه مخلص للوطن وعليه ولكي لا يضيع الوطن بين هذا وذاك علينا تحديد موقف  ايجابي من المشروع الوطني السوري المعارض يجب بلورته ومناقشته وعرضه على أنه المأساة بعينها وما يحصل من تغيرات في الموقف التركي  قد يوصف على انه استفاقة  ضمير مفاجئة  بين ليلة وضحاها على أسس من المصداقية والشفافية  تجاه الشعب السوري وينتظرشعبنا الآشوري الأصيل وبكل تسمياته  استفاقة  ضمير من السلطات التركية مماثلة تجاهه ، حيث ما تزال تركيا  تنكر ذبح مئات الآلاف من الآشوريين خلال الحرب الكونية الأولى وعليه فأن  تدويل المعارضة للقضية السورية  قد تكون لها عواقب و يوقعها في الخطأ ومن ثم أنسيا قها وراء الحلول والأملاءات الإقليمية والدولية.