ثورة عقارب الساعة... قصص المواقف اليومية

 

                                          

 

                                                                        مثنى كاظم صادق

          إذا كانت القصة هي عرض صراع بين قوتين في حالة نزاع لغاية ما بحسب الناقد جوزيف شبيلي فإن قصص (( ثورة عقارب الساعة ))(1) تمثل صورا شتى من الصراعات ، لشتى القوى ، ولشتى الغايات في المجتمع العراقي المأزوم بهويته , والمهزوم بانتصاراته !! . من هذه الخلطة العجيبة خرج القاص المبدع ( نهار حسب الله ) طارحاً صوراً شتى لما حدث ، وربما سيحدث !! مستشرفاً المستقبل من واقع المجتمع الذي سادت أو كادت أن تسود فيه شريعة الغاب ، التي يكتوي العراقي بنارها يومياً .

 قصص المواقف اليومية هي ما نطالعه في هذه المجموعة ، وأحمد في القاص أسلوبه الجديد هذا إذ نلمس فيه غرض السرعة في إكمال هذه القصة ( الموقف ) أو تلك ، وهو ما ينسجم مع ما يريده الناقد وايت وايزمان حيث ( يريد ببعض القصص أن تقرأ أثناء انتظار سيارة الأجرة ) ولاسيما في ضوء التجربة الجديدة التي نعيشها، ويعيشها الشباب الجديد ، فلم يعد المتلقي يقرأ القصائد الطوال أو الكتب ذات المجلدات الكثيرة أو المقالة التي تغطي نصف صفحة أو صفحة ، فالعالم يتجه نحو الاختزال المفيد ، ولعل هذا ما فطن إليه القاص بذكاء ، وهو في بداية مشوار إثبات وجوده الإبداعي في ثورة السرد القصصي الموجودة في الساحة العراقية ... وحسناً فعل . تتجه نصوص القاص المبدع نهار حسب الله في مجموعته القصصية هذه إلى التحرش بالتابوات الثلاثة ( الدين / الجنس / السياسة ) بشكل تجريبي ؛ لتعرية الذوات المأزومة والمهزومة ، حيث يتجه قدماً إلى النقاش المفتوح حولها ، بالاشتغال على بنية إنسانية واقعية معاشة تعالج الواقع بمستوياته المتعددة بصورة مكثفة ؛ إذ تنهض الألفاظ المتداولة اليومية في قصصه على دلالات جديدة ، من خلال كسر أفق التوقع ، ضمن النسيج الكتابي ، بفاعلية الأحداث التي تخضع في كثير منها إلى الفنتازيا ذات النكهة العراقية بامتياز. إن القاص نهار حسب الله يقص علينا قصصنا ، ويؤرخ لنا أحداثها ؛ بخروجه من عالمه الداخلي / الذاتي ؛ ليواجه بشجاعة الشباب عالمه الخارجي / الآخر الفاسد الشرير ، ويشجعنا للخروج معه للمواجهة ، موظفاً لذلك عنصر المفارقة الغرائبية أحياناً التي تقترب من القفشة أو إن شئت قل ( القرصة ) كي ننتبه إلى مأزق الوعي العراقي ، الذي يعيش في عالم متناظر مختلف ، ويحث الخطى بالتمسك بالحالة المعكوسة أو المضادة من الأفكار . ثورة عقارب الساعة قصص تطرح الكثير من الأفكار الجريئة الراديكالية ، ولاسيما من خلال العرض الرمزي المكثف غير المتكلف ، حيث عملية نبش الحزن ، والمأساة والأحداث الدامية ، التي مررنا بها من خلال إدانة واضحة للشر والفساد وإعادة صياغته من جديد ، ولعل ثمة نبوءة مستقبلية كامنة تحت طيات هذه القصص ، هي محاولة لتجميع تشظيات الوجه العراقي وإعادة تركيبه المتكسر من جديد قبل فوات الآوان . 
(1) ثورة عقارب الساعة ، قصص قصيرة جدا ، نهار حسب الله ، سندباد للنشر والإعلام القاهرة ط1 / 2011