عراق اليوم  سلطات ومساومات وتجاوزات

 

 

 

                                                                 

                                                         أويا أوراها 

    أن عراق اليوم ليس بدولة كونه لا تتوافر فيه المقاسات والشروط التي ترفعه وتضعه بمصاف الدول المتكاملة  البنيان على الصعيدين الداخلي والخارجي , كونه ومنذ 2003 عوضا أن يصبح العراق بيتا لكل العراقيين  حيث صار أسيرا بيد التكتلات أو التحالفات التي وكما أثبتته التجارب بأنهم لا يؤمنون سوى بفرض سلطانهم  وتطبيق مساوماتهم  وشرعنة تجاوزاتهم , وتحت ضغوطات هذا الثالوث  ( سلطة ومساومة وتجاوز ) أفقد العراق مواصفات الدولة المتزنة الواحدة الموحدة والمتراصة , لا بل وأيضا نكس هيبتها وحط  من مكانتها  مع العلم  أنهم أجمعين وساعة زوال الصنم مرورا بحكومة الدكتورين علاوي و الجعفري وحكومتي أبو أسراء المالكي نالوا  من الحصص أكثر مما كان يتصورونهألى الدرجة التي صيروا من علم العراق ودستوره وبرلمانه مظلات  دعائية لا ترمز ألى هيكلية دولة بل يتم أستخدامها لتصفية الحسابات وتحت ظلها تم تجريد العراق من قوائمه كل على هواه فهو  الدولة و هو السلطة ولتعلوا رؤوسهم خيم المصالح الفئوية المقيتة والمذهبية والعشائرية الضيقةوأما خيمة العراق التي لطالما تغنوا بها في المحافل الدولية ينشدون ألى مد يد العون لتخليصهم من الدكتاتورية الدموية  وبناء العراق الديمقراطي أضحت في طي النسيان ..

        أن كل التكتلات المتجحفلة  السنية والشيعية والكردية وايضا العروبية وأن لم يكن للاخيرة أثر على الساحة ,في أجمعها لا تملك حب العراق ولا تؤمن بوحدته ومن دون أدنى فرق  كلهم متهمون دون تمييز بتقزيم سيادة العراق وأختصاب أستقلاليته كدولة لأن سيادة التحالف الفلاني المتحصن باسوار الطائفية والمذهبية ومصالح الآخر الذي لا تزحزحه عصبيته وشوفينيته عن اساليب المباغتة والمراوغة هي فوق زعامة وسيادة وأستقلالية العراق الذي لم يكن سوى بقرة حلوب تحت طائلة المساومة والنهش , وتلكم التحالفت  وبحكم سياساتها الأنانية التي لا يختلف عليها أثنان طيلة ما يقارب الثلاث عشرة عام وتصرفاتهم السلبية التي كانت ولم تزل تدور في فلك  ذلك الثالوث الضيق والمقيت الذي وعبره يعتبر كل تحالف نفسه هو الدولة وهو القانون والبرلمان والقضاء وأما حتوتة المركز والمركزية فهي للتسويق الأعلامي وخارج نطاق الأعتراف  , ومصطلح الاتحاد الفدرالي لم يعتبرسوى مطية  البعض ومسمار جحا, وجميعها  بحكم الواقع أسقطت عن نفسها ورقة التوتبأحقية  تمثيل العراق هذا الوطن الذي لم ينظروا أليه كوحدة  ذو منظومة متكاملة من حيث ما يتمتع به من موقع جغرافي مهم وتنوع بشري مليء بالأمكانات وقوة أقتصادية هائلة بسبب  غريزة التسلط العدائية والأستفزازية أحدهم تجاه الآخر ناهيك عما يدور في خلد الكثيرين وبالأخص لدى التحالف الكردي من بوادر الأنفصال التي يفجرها بين الحين والحين , وبمعنى أخر أن كل كتلة وتحالف يعتبر حاله هو السلطة وهو الضرورة بالرغم من أن الجميع له من يمثل عصابته في الحكومة والبرلمان المنقسمين على ذاتهما والذين لا يمثلون مصالح الشعب العراقي لا من قريب ولا من بعيد كما ترشدنا أليه الحقائق على الأرض ,  وأن لكل تحالف سلطته التشريعية والتنفيذية والقضائية الخاصة به بأمكانه أن يشرعن لنفسه  ويلغي للأخر , بأمكانه أن ينهش ثروات العراقيين وأقتطاع أراضيه  ومصادرتها أيمانا منه بحكم القوي ونظرية الأكثرية  , كما وله كامل الحريات للتصرف بممتلكات العراقيين ذات التأثير على الأمن القومي للبلد والتي يأتي في مقدمتها الذهب الأسود وأقامة العقود  من دون أية مرجعية قانونية  , وأما الحدود والتي تعتبر ستار الشعب العراقي  واشبه بجدران البيت الذي يحمي حرمته تراها هشة لا رقيب عليها برا وبحرا وجوا  بسبب سلوك التحالفات اللامسؤولة وخلافاتهما المستديمة الذين صيروا من الدستور مجرد حبر على ورق ...

       ومما ذكر نستدلوبأختصار شديد بأن العراق في منظور سياسي حكامه لم يكن سوى مساحة من الأرض ثلاثية الأبعاد  , الأول هو بعد سلطوي كل كتلة تلجأ ألىأعلان حالة الطوارئ  وتتجاوز كل الخطوط من دون أدنى تحفظ  لنيل السلطة وبسط سلطانها ومن ثم تنشغل بتوزيع التهم لتلهيالشارع العراقي وكما عودونا بصراعاتهما ومصالحهما التي لا يعلوا عليهما شيء وأنعكاسات تلكم المشاكل بالسلب على البنية التحتية العراقية  على أختلاف تشعباتها و والثاني هو البعد التساومي ( المساومات ) وهي نظرية الخدعة أو الخديعة التي تجيدها اليوم كل الكتل المتحالفة ذات الظهير الحديدي , أي بأمكانها الرقص على أكثر من حبل للوصول ألى غاياتها فعدو الأمس ستساومه كي يكون لها صديقا أو تتنازل له لقاء عقد ما أو مشروع معين أذا ما شعرت من هو مهددا لبرنامجها التسلطي دون الأكتراث بما سيؤول أليه حال الشعب , والبعد الثالث والأخير هو البعد التجاوزي أو الخروقي  الذي صار مألوفا لدى كل الكتل وعلى الحكومة أن توقع عليه وتبعثه ألى البرلمان للمصادقة كي ينظم بقانون أوتحت بند ما داخل الدستور العراقي , كون كل شيء صار مستباحا لدى الكتل الديناصورية وأما التجاوزات على حقوق العراقيين ومواد الدستور حدّث ولا حرج  وخرق الحدود  لكل من هب ودب شمالا وجنوبا , شرقا وغربا أضحى حالة بديهية سواء للكتل المتحالفة التي لا رقيب على خروقاتها وليس بالأمكان لجمها  أو للغريب ومن أعلى المستويات سواء من دول الجوار أو من السابع جار .

    وبناء على هذا وذك لا مركزية للقرارات في عراق اليوم الذي يصحوا كل يوم على قضية  أو مشكلة جديدة تطفوا على السطح فكردستان العراق لها قراراتها ونفس الشيء لسنّة العراق وشيعته وحالات الأعتراضات على قرارات المركز أضحت مودة العصر وكل تحالف صار هو عراقا قائما بذاته يحدد ما يريد لنفسه وله حرية أقامة العلاقات أو التنسيق السياسي والأقتصادي ... ألخ مع العالم دون أستشارة أو مفاتحة  الحكومة الأتحادية إلا  فيما قلّ وندر  وهذا المسلك ليس سوى الطريق نحو التجزئة لأن أغلب زعامات الكتل المتحالفة ذو نزعات خصامية وسلطوية همّها الأول والأخير كما تشهد له الوقائع هو ألتهام ما بالمستطاع ألتهامه أو الأجهاض عليه , والتجارب أثبتت معهم بأنهم متيمين بالسلطة , والنزعة السلطوية  غالبا ما تشكّل لدى الفرد مستويات عليا من العدائية كونها تصب في مجرى الطمع لا الطموح كون الأول ذو منافع شخصية وأنانية والأخر ينذر ذاته لخدمة وطنه وشعبه ...