هنيئا لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري الذكرى33  لميلاد زوعا

 

                                                                                                                

                             

                                                         

                                                

                                                                                                يوسف شكوانا

                                                                    

 

              

 

 

                   تمر علينا هذه الايام وتحديدا في 12 نيسان الذكرى 33 لولادة طريق النضال الجديد لامتنا، فبعد تمادي النظام الدموي البائد في سياساته الشوفينية شخصت نخبة مثقفة واعية من ابناء شعبنا حجم الخطر والحاجة الملحة لاتخاذ شعبنا مكانه اللائق في صفوف القوى الوطنية وفي الوقت نفسه للنضال من اجل حقوقنا القومية على ارض الاباء والاجداد، فاقدموا على اتخاذ اصعب خطوة بتأسيس هذا التنظيم السياسي المعارض للنظام وهم يعلمون جيدا النتائج المتوقعة، لم يقولوا لماذا نحن أو اين هم الاخرين، ولكنهم قالوا (ان لم نكن نحن فمن؟ وان لم يكن الان فمتى؟)، لقد تبنوا طريقا جديدا في الربط بين حقوقنا القومية والديمقراطية في الوطن، قدموا التضحيات ابتداء بترك بيوتهم ومدارسهم للالتحاق بالكفاح المسلح وظروفه الصعبة وبدأت قافلة الشهداء في ساحات الكفاح والمسلح والسجون والاغتيالات والى يومنا هذا، ولكنها لم تثني عزم المناضلين على التمسك بالعمل على ارض الوطن وفي احرج الظروف. وأمام كل هذه التضحيات نسأل: ماذا تحقق؟

 

عودة الفلاح الى ارضه

استقبل شعبنا عام 1991 ومعظم قرانا في كردستان مهجورة بعد تدميرها من قبل النظام الدموي البائد، في هذا العام خرجت المنطقة من تحت سيطرته وكان امل من بقي في الوطن من سكان تلك القرى العودة اليها واعادة تعميرها وبسبب الظروف الاقتصادية والمشاكل التي ولدتها الهجرة وترك الارض لم يكن بامكان الفلاح القيام بذلك لحاجته للدعم المادي والسياسي، اعتبر زوعا دعم العائدين من اولويات عمله ونضاله، فللدعم المالي تأسست الجمعية الخيرية الاشورية التي عملت بحسب امكانياتها لتقديم هذا الدعم، اما الدعم السياسي فمواقف قيادة زوعا واعضاء البرلمان معروفة بهذا الخصوص، الى درجة ان بعض الاصدقاء كانوا يقدمون (نصائح) لزوعا كي يخفف من مطالباته بارجاع القرى الى اصحابها الشرعيين لان الحاحه على الموضوع يعكر احيانا العلاقات في المنطقة، وفي النتيجة فان العديد من قرى شعبنا عاد سكانها اليها وان كان باعداد اقل بكثير مما كانت عليه قبل هدمها وذلك بسبب الهجرة الى خارج الوطن

لغتنا القومية بين الامس واليوم

منذ قرون ولغتنا في تراجع مستمر بحيث انحصرت في الكنيسة لاداء بعض الصلوات بها وحتى قسم من كنائسنا اخذت تترجم طقوسها الى لغات اخرى لتحل محلها، كما ان محبي هذه اللغة مؤسسات وافراد كانوا يقومون بتعليمها بنطاق محدود ومعظمها لا يتذكر المتعلم منها بعد سنوات غير حروفها، اما اليوم فنرى ان هذه اللغة اثبتت انها صالحة لمختلف العلوم فلنا مدارس تعلم كافة الدروس بها وفي كافة المراحل الدراسية، لم نكن نحلم ان نرى دروس الرياضيات والفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافية … تعلم في هذه اللغة، ومن منا كان يتصور الحصول على شهادة البكلوريوس بلغتنا السريانية العريقة هذا اضافة الى الاف الطلبة الذين يدرسون بها فمن المؤكد انهم سيحافظون عليها، وهذا الانجاز لم يكن ليتحقق لولا تضحيات محبيها والذين ترجموا اقوالهم الى افعال في اول فرصة سنحت للبدء بهذا المشروع العظيم، ولا ينكر احد انه لولا اصرار زوعا وتضحياته على مختلف الاصعدة لما وصلت الى المكان الذي وصلته اليوم،ان دعم زوعا الكامل لهذا المشروع معروف للجميع وبمختلف المجالات سياسيا وتوعية الشعب بفائدة احياء اللغة القومية وتهيئة المستلزمات المدرسية كترجمة الكتب واعداد المعلمين كما وكانوا السباقين في تسجيل اولادهم بهذه المدارس وهنا لا ننسى دور المعية الخيرية الاشورية في تقديم الدعم المادي لهذا المشروع، لقد وقف البعض من هذا المشروع العظيم موقف المتفرج لاعتقاده ان الفضل بنجاحه سيعود الى زوعا، وللسبب نفسه حاربها البعض الاخر باختلاق الحجج والذرائع ولا زال

 

الوحدة القومية

ان مسألة الوحدة القومية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوعي القومي، منا من يتذكر سابقا عندما كان الفرد متأثرا بالقروية والعشائرية كل يدافع عن عشيرته ويعتبرها فوق الكل كما كان التعصب للمذاهب شديدا كل فئة تدعو الفئات الاخرى هراطقة، فالكلمات الدارجة كانت (تيارايا- بزنايا- القوشنايا- غديدايا- جلوايا- تلكبنايا- بزنايا- تسقوبنايا- تخومنايا... نسطورنايا-پاپايا- يعقوبايا، قليبايا...) هذا اضافة الى الاعداد الكبيرة التي تدعي ان قوميتها عربية والبعض كردية. اما اليوم فباعتقادي ان الغالبية العظمى تعرف الكلمات كلداني- سرياني-اشوري سواء بالواوات الفاصلة او بدونها، اي ان الاسم القومي ايا كان حل محل الاسماء العشائرية والقروية والمذهبية، كلنا نعلم ان العزف على وتر المذهبية ووصم الاخرين بالهرطقة لم يعد مقبولا عند شعبنا واذا صدر مثل هذا الصوت من احدهم بهدف الانقسام يعتبره شعبنا شاذا وموضع سخرية، اما الوحدة القومية فأيمان الاكثرية هو باننا قومية واحدة ولكننا نعاني من اشكالية التسمية التي ورثناها من الازمنة السابقة، والاكثرية الواعية تستمر بالعمل من منطلق هذه الحقيقة لان مسيرة الزمن لا تتوقف بانتظارنا الى ان نتوصل الى ايجاد حل لهذه الاشكالية، فطالما ان الاكثرية مؤمنة بالوحدة فلننطلق منها في عملنا، انعقد مؤتمر بغداد بدعوة من زوعا وخرج بالاتفاق على التسمية الكلدواشورية ولكن البعض الذي ايدها وصفق لها انقلب عليها، فانعقد بعد فترة مؤتمر اربيل بغياب زوعا وخرج بالتسمية الشاملة (كلداني سرياني اشوري) فأيدها زوعا مبرهنا انه فعلا مع الوحدة والاعتزاز بكافة تسمياتنا القومية، ان هذه التسمية تجمع الاسماء الثلاثة دون تهميش او الغاء اي منها والتي يسميها البعض (تسمية قطارية) ناسين او متناسين ان القطار يوصل المسافر الى هدفه اما اذا انفرط عقد عرباته فتبقى كلها منفردة في الطريق وبعد سنوات لا تصلح الا لوضعها في المتاحف، هذا هو ايمان زوعا وهذا هو نهجه الذي هو ايمان الاكثرية التي تصوت للوحدة في كل الانتخابات

اما عن تنظيماتنا القومية فتكللت جهود المخلصين بولادة تجمع تنظيمات شعبنا السياسية الذي به توحد الخطاب السياسي وتحقق العمل المشترك في قضايا شعبنا الرئيسية وبهذا اثبتت اطراف هذا التجمع بأن مصلحة شعبنا تأتي في المقدمة في نهجها وتفكيرها، ولكن الغريب ان البعض الذي كان في كل مناسبة يطرح موضوع العمل المشترك وينتقد زوعا لعدم تحقيقه نراه اليوم يقف ضده بحجج وذرائع واهية

 

المسألة الوطنية

لم يكن لشعبنا اي تنظيم يمثله في الحركة الوطنية العراقية رغم انخراط العديدين في صفوفها ومنهم من وصل الى مراكز قيادية فيها ولكن كأفراد، ولايمانهم المطلق بارتباط مسألة حقوقنا بالديمقراطية في البلد بدا الشعار الذي رفعوه (عراق ديمقراطي حر) ليعبر عن ذلك الايمان، بعد التأسيس بثلاث سنوات كانت بداية المشاركة في الكفاح المسلح متواضعة عام 1982 عند التحاق عدد قليل من اعضاء زوعا، ولكن بمرور الزمن اثبتوا وجودهم في صفوفها فشاركوا بمؤتمراتها سواء العراقية ام الكردستانية واصبحت قضية شعبنا القومية معروفة لدى كل الاطراف، فشاركت في انتفاضة اذار 1991 بعدها دخلت اول انتخابات وفازت باربعة مقاعد من مجموع المقاعد الخمسة المخصصة لشعبنا، كما شاركت في المحافظة على الامن ببلداتنا في سهل نينوى عام 2003 دون تمييز وحسب امكانياتها، كما ان لشعبنا حضور في تمثيله ابتداء بمجلس الحكم الانتقالي الذي تشكل لفترة محدودة من اطراف المعارضة وبعدها في الانتخابات وتخصيص خمسة مقاعد لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري في برلمان كردستان ومثلها في البرلمان العراقي كما خصص مقعد وزاري واحد في كل من اربيل وبغداد يشغل على اساس الاستحقاق الانتخابي، اضافة الى ذلك فهناك مجالس الاقضية والنواحي المنتخبة وكذلك رؤساء الوحدات الادارية بعيدا عن طريقة الفرض التي كانت متبعة سابقا، كما تأسست العديد من منظمات المجتمع المدني في البلد، وخلاصة القول ان هوية شعبنا معروفة الان في كافة الاوساط العراقية وهنا لا بد من ذكر دور وسائل الاعلام من جرائد ومجلات واذاعات ومحطات تلفزيون وخاصة فضائيتي اشور وعشتار التي تشاهد في كافة انحاء العراق

 

نشر الوعي القومي

في وقتنا كنا نلاحظ وجود الشعور القومي بدرجات متفاوتة بعضها يتمثل برفع شعارات خيالية بعيدة عن الواقع وبغياب الطريق الذي يوصل الى تلك الاهداف، وبعضها الاخر يستسلم للواقع الصعب، كما كان لسياسات الحكام الشوفينية تأثيراتها البالغة على اوساط واسعة من شعبنا حيث كانت تتنكر لاصلها وقوميتها وتتبنى ما يرضي الحاكم، وباختصار كان الوعي القومي ضعيفا، اما اليوم فنلاحظه واضحا خاصة في اوساط الطلبة والشبيبة وبالمؤسسات والتنظيمات العديدة التي تشكلت خلال العقدين الاخيرين، ان درجة الوعي القومي للطالب في المدارس السريانية اليوم تختلف عن درجة وعينا عندما كنا بعمره وبنفس المرحلة الدراسية، فهؤلاء يعتبرون ثروة المستقبل في العمل السياسي والمحافظة على لغتنا من الضياع، كما ان مناسباتنا القومية كعيد راس السنة (اكيتو) ويوم الشهيد اصبحت معروفة للجميع بعد ان كانت مقتصرة على عدد محدود من ابناء شعبنا يحتفل بها في بلدان المهجر والقليل في الوطن بصورة سرية، فاليوم حتى تلاميذ المرحلة الابتدائية يعرفون ان لنا مناسبات قومية خاصة بنا كما لنا هوية قومية نعتز بها، هذا بالاضافة الى العديد من المؤسسات المختلفة التي لشعبنا الان للشبيبة والطلبة والنساء وكذلك الثقافية والتربوية واللغوية والاعلامية والاجتماعية والرياضية... كلها تساهم بدرجة او باخرى في نشر الوعي القومي في صفوف شعبنا

هذه كانت باختصار بعض الانجازات التي تحققت خلال العقود الثلاثة الماضية، ولم تكن لتتحقق لولا وجود الاستعداد لتقديم التضحيات المختلفة والى هذا اليوم، فيوم التحقوا بالكفاح المسلح لم تكن اية مناصب في الافق وانما سجون واعدامات وهكذا يوم انتفاضة اذار عام 1991 والنضال المستمر للحصول على حقوق شعبنا، وبعدها الزحف الى بلداتنا في سهل نينوى عام 2003 لتوفير الحماية الممكنة لاهلنا وهم يتوقعون ان يستخدم النظام مختلف الاسلحة التي لم يكن لهم قدرة على مقاومتها، وحضورهم في مختلف المدن العراقية رغم الظروف الصعبة وخاصة الوضع الامني، وفي مقدمة كل ذلك صعوبة العمل السياسي في الواقع العراقي، يخوضون الانتخابات ويحصلون على ثقة الشعب لانهم يعملون ويضحون ويبتعدون عن المهاترات الكلامية، يؤمنون ويعملون انطلاقا من حقيقة وحدتنا القومية، يقفون دائما ضد محاولات تقسيمنا الى اجزاء لا يكون مصيرها الا التساقط تباعا، وبهذا يجد اي كان من ابناء شعبنا مكانا له في زوعا بغض النظر عن قريته وعشيرته ومنطقته ومذهبه والتسمية القومية التي يعتز بها، فزوعا هو من الجميع وللجميع وهدفه هو وجودنا وحقوقنا على ارضنا التاريخية كشعب اصيل وليس اي شئ اخر، وهكذا يبقى زوعا رمز نضال امتنا القومي والوطني

الف تهنئة من الاعماق لمناضلي زوعا منذ يوم تأسيسه والى هذا اليوم

المجد والخلود لشهدائنا الابرار الذين قدموا حياتهم قربانا على مذبح نضال شعبنا من اجل المحافظة على وجوده ونيل حقوقه العادلة