مجلس الاصلاح والتغيير ضرورة تاريخية

 

 

                                       

                       سمير اسطيفو شبلا

           الضرورة بمفهومها الواسع تعني "التأكيد على شيئ او اشياء سوف تحدث بشكل حتمي" فهل يا ترى ان لم تشرق الشمس يوماً ما ماذا يكون موقفنا؟ او لم يغلي الماء بدرجة حرارة معينة؟ او لا تسقط التفاحة من الشجرة؟ اذن هناك ظواهر لها اسبابها الفيزيائية والعلمية وحتمية الوقوع كالجاذبية مثلاً، وكذلك ضروريات لاستمرار الحياة لا يمكن لاحد المقدرة على الغائها! اذن الضرورة تمر علينا في كل يوم لا بل كل لحظة دون ان نشعر بها، ولكنها – اي الضرورة – لها معنى مختلف ان وضعناها على سرير التشريح العلمي والفلسفي للظاهرة، ينشأ الخلاف واختلاف في وجهات نظر المفكرين والعلماء باختلاف انتماءاتهم الفكرية عن الفرق بين الضرورة المطلقة والنسبية مثلاً! فالضرورة عند الفلاسفة تنبع من داخل لب الظاهرة، اي لابد ان تحدث بالضرورة في ظروف معينة! فتكون واجبة الحدوث ان توفرت الظروف الذاتية والموضوعية لحدوثها، يمكن ان تتقدم وتتأخر في حدوثها نتيجة لغياب قطبي الظاهرة او احدهما (الذاتي او الموضوعي) انه امر واقع واجب الحدوث، وهنا لا نتكلم عن ضرورة مثالية ولا عن ضرورة طبيعية او معنوية بل عن ضرورة واقعية/أمر لابد من حدوثه على الارض، اي منطقية، لهذا نبتعد عن المصادفة التي ليس لها جذر عميق في تربة الظاهرة / تكون او لا تكون! فالقاعدة الرابعة عن "ديكارت 1596 – 1650" تقول: لابد للمنهج من اكتشاف الحقيقة! وان التزمنا بمنهج ديكارت فعلينا الابتعاد ولو موقتاً عن ظلال اهل الكهف – لافلاطون، وأصنام العقل عند "بيكون"، واوهام القبيلة والعشيرة واوهام الفن والسوق! وكل الاوهام التي لا ترتبط او ليس لها علاقة موضوعية بصيرورة الحياة وواقعها

 

موضوعية الفكر

مما تقدم نجد امامنا ضرورة موضوعية للنظر او الحكم على ما يحدث للعراق كوطن وظواهر لا تمت الى النظرة الموضوعية كفكر، فالاصلاح والتغيير المنشود يتطلب فكر موضوعي للتعامل مع الظواهر السلبية التي دمرت العراق وبنيته كنظام ودولة، هذا الفكر يتطلب الابتعاد عن الاهواء الشخصية والمصالح الخاصة وفرض العادات والتقاليد والفكر الواحد، وخلال الـ8 سنوات الماضية لم نتمكن من بناء اسس الدولة الحديثة بمعناها الواسع للاسباب المنوه عنها اعلاه وفي مقالنا السابق (لابد من التغيير والاصلاح يا عراق – را- الرابط ادناه - العمود الاسبوعي 71 على موقع الهيئة العالمية) فكلما نبني حائط نجد بعد الفحص ان السمنت مغشوش ونسبة الرمل اكثر بكثير من المقرر! وهكذا مع الحديد والكهرباء والماء والمجاري والاثاث ،،،الخ اذن لابد من منهج موضوعي كضرورة حتمية تتطلبها المرحلة القادمة التي لا بد من التغيير والاصلاح مستند الى واقع كما هو على الارض ومعروف للجميع، مع بناء قاعدة من القوانين التي تستند على العدالة والمساوة على نطاق الوطن والمجتمع وبهذا نكون في جوهر الظاهرة كواقع معاش مع الابتعاد عن الخواص العرضية والانتقال بها الى العام لنكوّن مسافة وسقف جديد أعلى من جميع السقوف الخاصة (الحزبية والمذهبية والطائفية والفكر والقرار المسبق ) اي نتحول من الفكر الواحد الشخصي والخاص الى الافكار ونتائجها وتعددها وتنوعها وقبولها، فلا بد من ضرورة التغيير والاصلاح لكي لا نبقى أسرى (كل الواحد)

 

  ثقافتنا الوطنية تتطلب التحول

رغبتنا في الاصلاح والتغيير نابعة من وجدادنا واخلاقنا وقيّمنا ودمنا الاحمرالقاني الذي يحوي على كريات حمراء وبيضاء وسوداء ونجوم، انها روح وطنية تاريخية داخلة في جوهر العلاقات الاجتماعية/السياسية التي تربطنا كعراقيين يعرفون ويقدرون معنى الوطن والمواطنة، هذه الثقافة هي التي تجمع ميثاقنا كضرورة تاريخية محّولة، اي حتمية التغيير ووجوب استئصال المرض او الامراض على سرير الاسس (الفردانية ثم الشخصانية الى الجماعية) التي تجمعنا كخواص وتنتقل بالضرورة الى العام الذي هو العراق وليس غيره، نعم نعرف بان طريقنا ليس مفروش بالورود، ونعلم ان هناك مسامير ستوضع في طريق العجلات ولكن النية والارادة والصدق والاخلاص والوطنية العملية الحقة هي التي تكون بمثابة صمام الامان لمسيرتنا، وواجبنا او خطتنا لمراحل مدروسة بمنهج علمي (خطة سنوية + خطة لـ4 سنوات – خطة طويلة الامد) تكون في اصلاح وتغيير الخيوط المتشابكة والمقطوعة في نول (المجتمع / سياسياً واقتصادياً وثقافياً) انها ماكنة النسيج الشبه متوقفة وتحتاج الى نخبة وخبراء لديموتها، وهكذا نبتعد عن الدولة التسلطية قبل ان تصبح دولة بمفهومها القانوني كنظام، وبالتالي ازالة هذا التشابك المتناقض من المصالح الشخصية بين النظام والنظام مع نفسه! وبين الدولة ناقصة السيادة والمجتمع / الشعب من جهة اخرى! هذه الهوة الكبيرة التي نعيش رهبتها واتساعها يوم بعد آخر تتطلب اتخاذ قرار جريئ ومبادرة شجاعة، فلابد من ترابط بين المجتمع/الشعب وبين الدولة الوطنية القائمة على اسس حديثة، فلا نريد ان نخسر احدهما على حساب الاخر او الاثنين معاً!

 

النتيجة والخلاصة

 

في مقال سابق تحت عنوان (التجمع الوطني الديمقراطي بين اليسار والليبرالية مع ضياء الشكرجي) على الرابط ادناه اكدنا على (الثالث: المستقلين : منظمات المجتمع المدني – هيئات حقوق الانسان – كفاءات – علماء ومفكرين – كتاب ومثقفين – كل من يؤمن بالتعدد والتنوع وتساوي الكرامات
عندها يمكن ان نجمع تحت سقف واحد (اليسار المتفاهم – اللليبراليين الديمقراطيين – المستقلين التقدميين) ويجمعهم (العدالة والمساواة / الحرية بفصل الدين عن السياسة) 
الخلاصة : العراق سيبقى يسير الى الامام مثل السلحفاة ان لم يتوحد اليسار كلمته
العراق سيبقى يلهث وراء القديم والموروث ان لم تتوحد اشكال الليبرالية
العراق سيبقى يركض وراء قطار التقدم والتطور ان لم يكن التيار الثالث حاضراً بقوة
خيمتنا – تجمعنا – جبهتنا – خلاصنا في ثلاث كراسي متساوية الابعاد 
اعتقد ان حدث هذا (انه غير مستحيل طبعاً) لا نقول الا: سَتُرجع انسانية الانسان العراقي)

واليوم يكون مجلس الاصلاح والتغيير امام مسؤولية تاريخية لجمع هذا التجمع الواسع في جبهة عريضة كضرورة تاريخية تتطلبتها المرحلة لانقاذ الوطن والمواطن وفك القيود وسلاسل الجزء والخاص من فكر وكاهل المواطن ليعبر عن وطنيته المكنونة في داخله الذي بات يخاف من البوح بها فكيف يمكنه ممارستها وهو مربوط بقرارات مسبقة النتائج؟؟ واجب اصلاح الذات قبل خروجها من شرنقة الطائفية والمذهبية وتقديس الاشخاص، بعدها يتم فتح القفل وتغيير المفتاح! مفتاح القانون الصوري وتحويله من قانون على الرف الى قانون عملي، الذي بيده – القانون والدستور- تكون القوة الفعلية في قيادة المجتمع بعد الاصلاح والتغيير ومواكبة تطورالمجتمعات، عندها نقلص الفوارق بين الموروث والقانون، اي اعادة الدولة الى الشعب، والمجتمع الى الدولة، وهكذا نكون في جوهر السياسة العقلانية لمستقبل افضل للوطن وللشعب! اذن هناك فرق بين فكر يستمد كيانه ومبادئه من ذاته وماضيه وبين افكار تستمد كيانها ومبادئها من الانشداد الى خير الماضي وجماله وفي نفس الوقت متجهة في اللحظة وعيشها نحو المستقبل! عليه يكون هناك فرق لا بل فروقات بين الاستقلال والسيادة وصيرورة الحياة بحرية وبين المغلق والانغلاق والعادات والعقد الاجتماعية – مثل الفرق بين الماء الجاري والراكد! بما يعني الفرق بين دولة الوطن والمواطن وبين دولة او دويلات الاحزاب والطوائف والمذاهب والقوميات والاقليميات ومحاورها، لا نريدها دولة اقطاب بل نريدها دولة القانون العملي الذي ينتج / العدالة والمساواة

ننتظر دولة الوطن والمواطن بفارغ الصبر مع مجلس التغيير والاصلاح، انها دعوة مُحبة لكل وطني غيور