صواريخ القيّارة ترحب بكم

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                 

                                                                                                    خدر خلات بحزاني

 

     بعد غياب لي دام نحو اربعة عشر عاما على العاصمة بغداد، تسنى لي ان ازورها لمرتين خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، وبالرغم من انني توقعت وجود فوارق شاسعة بين بغداد التي اعرفها وبغداد التي اعيد استكشافها بعد سنوات الفراق، لكنني لم اتوقع ذلك الفرق الشاسع والهائل..!

      في الطريق من الموصل لبغداد، تتواجد عشرات السيطرات العسكرية، وهذا امر جيد ومهم من اجل فرض الامن والامان، مع الاشارة الى ان وجود هذه النقاط العسكرية اعاد الحياة للحركة على طريق الموصل بغداد والذي ربما يعد واحدا من ابرز شرايين الحياة في العراق عموما.. 

     لكن من المستغرب ان تستقبلك سيطرة القيارة بالصواريخ..!! فاثناء وقوفنا قرب تلك السيطرة بقصد التفتيش الروتيني، رايت ان افرادها قد وضعوا نحو 20 صاروخا في الشارع ليفصلوا بين ممرات السيارات، وللامانة، فانهم قد وضعوا الصاروخ (والذي لا رأس له) باتجاه الارض ونهايته ذات الزعانف باتجاه السماء، كما انهم قاموا بصبغها باللونين الابيض والسماوي كي يتلاءم وديكور السيطرة..!! اعتقد ان وضع سنادين كونكريتية وزرعها ببعض النباتات والورود سيكون لائقا اكثر من تلك الصواريخ. 

لا اريد الاسهاب في هذا الموضوع، ولنواصل رحلتنا باتجاه بغداد التي وصلناها بسلام.


 حكومة الرصيف

     في اليوم الثاني من رحلتنا، استقلينا تاكسي كان يقوده بغدادي في عقده الخامس، وبعد اخذ و ردّ وحديث عن بغداد امس وبغداد اليوم، قال عبارة اعتبرها مهمة جدا، حيث قال «الحكومة تهتم بالارصفة اكثر من اهتمامها بالشوارع»، وعندما ساله احد زملائي  عن قصده، اجاب «حكومتنا تهتم بالارصفة لان غالبية اعضائها لا ينسون فضل الرصيف عليهم عندما كانوا خارج العراق لانهم كانوا يلتقطون ارزاقهم باعمالهم الرصيفية»..!!

 شارع بدون ملامح

      اثناء تنقلنا عبر تاكسي اخر الى احد الاماكن صباحا، واجهنا زحام شديد في منطقة الكرادة، فاستاذن السائق منا وقال انه سيلج طريقا فرعيا للتخلص من الزحام، ودخل في حي شعبي، ومررنا بشارع لم اعرف حتى الساعة هل كان مبلطا ام لا؟ ورغم انني ارجح انه كان مبلطا لكنني لم اعرف المادة التي تم استخدامها في تبليطه؟ والسبب في ذلك ان النفايات غطت الشارع بالكامل، وكان هناك فقط اثار عجلات السيارات التي سحقت النفايات، بينما كانت الارصفة مغطاة بالكامل بالنفايات الى ارتفاع يبلغ مترا على الاقل، وكانت ابواب المنازل هي السالكة فقط، واكاد اجزم ان هذه النفايات من النوع (المعمر) وربما ستتحول الى متحجرات..! علما اننا عندما خرجنا من ذلك الفرع المنحوس، ولجنا شارعا رئيسيا نظيفا وجميلا والزهور كانت تغطي جزراته الوسطية بشكل منسق وهندسي جميل.

بغداد التي لم اعرفها..

     بوصلتي في بغداد فقدت اتجاهاتها، ولم اعد استطيع تمييز الاماكن التي اعرفها بسبب العوارض الكونكريتية التي تقطع المشهد وتمنع بناء تصور عن المكان الذي تتواجد فيه..

     بغداد بحاجة لجهود خلاقة من قبل المواطنين اولا وبقية الاجهزة الحكومية الخدمية ثانيا، كي تعود بغداد التي نعرفها ونتباهى بها امام حواضر الدنيا.