سيدي المسيح المعلم

 

 

                                                                                

 

                                                                                                             سلام صبري  

                                                                                                         

    

         سيدي الفادي:   هل استعذبت رهبة التضحية ليغور العالم في مضطرب الدماء؟

انت الذي بشرت بالرفق والسلام لتمنع عن الانسان شر الانسان وقد اوجعك ان يكون وحشا"في غابة، فهل اثمرت تعاليمك ،ومايزال البشر يتناحرون ويتقاتلون للاستئثار بالمناصب او المكاسب والطيبات انهم  يأتلفون على غدر،ويعيشون على ظمأ الى الايلام. ناديت بالمحبة لتمحو الكره من صدورهم    فهل نمت بذور المودة واجاب القوم شريف النداء ؟  لكنهم باقون حيث تركتهم . . ذئابا نأيت عنهم ،وذئابا يمتد بهم الزمن ،فأن تكن العقول قد استضاءت بالمعرفة ،فالنفوس ماتبرح على عماها ،وليس للمعدن ان يتنكر لجوهره فالحديد حديد ولن يمسي ذهبا ،والغبار غبار، ولن يكون رشاش عطر ، والناس كما هم ،وليس للفاسد الروح ان يحبو الى الصلاح .

 منذ اكثر من الفي سنة ، وعقيدتك في المحبة والوئام أنشودة في الافواه ،ومنذ اكثر من الفي سنة والمجزرة تتلو المجزرة ،فان يكن السيف قد استأسد في عهدك ،فلقد اضحى اليوم اثرا هزيلا في عدة البطش ،انه ليضرب عنقا، ويخرق صدرا ،ويبتر ساعدا ،على حين يبيد سلاح العصر بلدا ، بل قارة ،بل الأرض جمعاء ،وماينفك الحقد على رغم تعاليمك يصرع المحبة ،فالنفوس لم تعتصم بوصايا ربها ،بل نزعت الى الفتك بعضها ببعض ،ومن نكد الدنيا ان تكون قد بذلت نفسك لتقويم اخلاق لاقوام لها ،يتراءى لها الشر فتتبعه ،وتعمى عن الخير ،ففي الخير حرمان وفي الشر لذة حرام ،والنفوس المطبوعة على السوء تجري في اثر الفكر لسهولته وحلاوته ،والمخلوق يشتاق على ماليس له ،ويهيم  بالاغتصاب المتنائي عن مشقة التحصيل ،وماكانت القناعة الا ضربا من محال؟ سيدي الفادي السخي بدمه لانقاذ الخطأة ،أمايلوح لخطرك انك غلوت في التضحية حتى ليكاد دمك يذهب هدرا ؟ من جدت لاجلهم بالروح تباعدوا عن سمو العظمة ،وهل لابن الماء والطين ،المستقيم هيكلا من لحم ودم ، ان يعلو مايقر فيه من قذارة وكراهة ؟ تماسيح الحس ، وثعابين الخلق لاتملك أمرها في الصدوف عن بيئتها ، فلا عجب اذا ضاقت بوصاياك وقد صغتها لها من تبر ،وماتهوى غير التراب ، امتدح لها الرذيلة فتبتهج وهي ابنة الاثام ، وهل أزيدك معرفة بالخلق ،وكان نصيبك منهم انهم رفعوك على الاعواد ؟ ان صليبك لرمز الجهاد ، ولكنه جهاد في نصرة الخير والمرؤة ،صليبك لتحرير المهج ،ولكن

بالسلم والسكينة ، وهو ماتجاهلوا   أمره .ألا  كم مشيت اليهم . . وبعدوا عنك  ؟ كم سموت وكم  أسفوا  ؟

 كم عظمت . . . وهانوا ؟ هؤلاء هم الناس ايها المعلم ،هم يثخنون في المعصية وانت تتهافت على انقاذ الجموع من فوهة المنكر،بيد انك لاتلقى منهم غير ماصادفت ممن سبقهم في رحاب رأفتك،هزاء بك الشانىء والشامت،وهم يهزأون اليوم بك ،كانك ماتفتأ تجتاز طريقك الى المنية . ولئن باعك يهوذا الاسخريوطي بالتافه الزرى ،فاباحك لجلاديك بثلاثين من الفضة ،ألا كم يبيعك اليوم اخوان يهوذا مبيع غبن ومهانة ،وقد تناسوا فضلك وبسطة يدك على الضمائر،وهي أغلى من كل شهوة ومتاع . ان يهوذا في كل عرق،مات ولم يمت خلقه،على انه   ملك الجرأة على الانتحار هربا من تبكيت خاطره ، فربط عنقه بحبل عقد طرفه الاخر في غصن تينة ، وترجح في الفضاء ، ندما على المجازفة بمعلمه ،اما اذنابه فلا جسارة في ارواحهم تحدوهم على التفكيرمن زلاتهم والجبن يتساوى فيهم وحب الاثم . ولا بدع . . فنيرون احرق روما بمن فيها وعجز عن قتل نفسه فنادى خادمه كي يقضي عليه انتقاما لضحاياه .

سيدي الفادي : جاهدت بعزة وضحيت بايمان فنثرت بسخاء تعاليم الخير لتنشيء عالما يحيا بالحب ،ويدين بالطهر، الا ان المخلوق من تراب يبهر عينيه النظر الى الشمس ،فيظل مع كل مانفحته به من هدى ،يخبء في مستنقع ، ويقات بحثالة ،وليس له ان يجلو عن حفرته ، وجوه من حقير الرغام . ولاحيلة في تثقيف الطباع ،فالعالم مع حضك اياه على الانسجام في وحدة ممتدة الافياء لايقوى على تغيير مافي نفسه من طمع وضغينة، فيجثم ابدا بفوهة بركان ليصرع بعضه بعضا بالحديد والنار ،ومناه الرسوخ في الاستعباد باقرار سيادة فرد أو أفراد ؟ شئت له النعيم ،وابى لنفسه الا الشقاء ، وهي حال الارعن ذى القلب الاغلف ؟ الاعفوك عن كون ضل الطريق وبات يجد في السداد غرابة . أنت ناديت بالحرية ولكن في عصبة من العبدان – العبيد – لاتستلذ سوى لوك الشكيمة . أنت أضأت النور ايها المعلم ولكن في زمرة من العميان ، واحرباه ؟ فلا مسيح بلا يهوذا ،  كما انه لاقمح بلا زوأن سيدي المسيح المعلم ، مايحدث في وقتنا الحالي عولمة وعلمنة، وتغليب المادة وبناء العمارات واستئصال الاشجار والحدائق ،وحيث لاعهود ومواثيق فالذي يعاهدك في الجمعة يخونك في السبت ،والقتل اليومي مستمر ،والتشريد مستمر ومحاولة تدمير الضمير واللذات  البشرية والقيم والمبادىء ،وسمو الالة والشقاق والنفاق والزيف والخداع والتدجل والتطبيل والمحاباة والقتل والخطف والتشريد ،وتشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال ،والعهر السياسي وموضة التدريس الخصوصي وضعف المستوى التعليمي ، سيدي الفادي : منذ ان هوت مدينة القدس ،استوطنت الحرب ،وأنت وامك البتول العذراء في   المغارة تبكيان ،لاجل من تشردوا ،لاجل اطفال بلا منازل ،لاجل من دافع واستشهد في المدائن ،وبذلك استشهد السلام في وطن السلام ، وعلى الدنيا السلام ؟