الحلقة الثامنة

 

ألقوش التي صعبت على أنياب الفاشست لن تخدشها مخالب شراذمهم

 

                                            

 

                                                 

                                        

                                                                  شوكت توسا               

                     

 

           إذ يطول بنا مشوار التذكير بمعاناة بلدتنا القوش وصمود أهلها ازاء تفاقم عنف حكم الفاشست  وجرائم جحوشهم اللصوص والانتهازيين , وإذ نحن نشارف  على إختتام الحلقات  الأخيره ,علينا ان نذكــّر ماسكي زمام امور عراق اليوم  بأن جوهرمضامين الديمقراطيه ودساتير أنظمتها  تؤكد حرية الانسان (بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه وتعداده)  في تبني الفكر الذي يلبي  مطالبه وطموحاته  ( الوطنيه ,القوميه, الدينيه ) كإنسان شريطة عدم هضم حق الآخر وصهره تحت جبروت سلطته وأمواله , لذلك فان الإنتهاكات التي مورست تحت ظل انظمه ودساتير البعث  بحق قرانا وابناء شعبنا جعلت من كلمات  "البعث والچتا والحرس القومي "  ثلاثيا منبوذا  ومكروها في  نظر انساننا الكلدواشوري السرياني المتطلع للحريه والكرامه , لدرجة لم يعد امام هذا الانسان المُضطهد اي خيار للحفاظ على كرامته وسمعة بلدته سوى الصبر على المكاره ومواصلة صموده , حيث والحديث عن بلدة القوش, قلما إعترض  الأب او منع إبنه من  رغبة الإنخراط  بصفوف الأنصار بقيادة المرحوم توما توماس الذي يقول في إحدى اوراق مذكراته:

((... في اليوم التالي ذهبتُ مع مجموعه من الرفاق لتعزية والدة الشهيد بطرس هرمز جركو(راحيل شمينا),كنت أتوقع ان ارى امامي إمرأه منهاره......  فوجئت بمعنوياتها العاليه وهي تستمع الى كيفية إستشهاد ولدها وتوصي الأنصار بالإقتداء بإبنها والاستمرار في النضال ضد الفاشيين وعملاءهم. وقالت :لي الفخر أن يكون ابني أول شهيد في درب الحريه, وأوصت إبنها الاكبر لازكين أن يستمر مقاتلا في صفوف الشيوعيين .........)) انتهى الأقتباس

ان ذاكرة الإنسان الألقوشي  تزخر بمواقف هذا الرجل المشـرّفه  طيلة عقود نضاله السياسي  والعسكري , ورغم النكبات  التي توالت على طيب الذكر توما توماس , ظلــّت هيبة القوش وهويتها وشرف حرائرها خطوطا حمر كهيبة الحبيبة في عقل وعيون عاشقها  حيث  إستحرم على نفسه  وعلى رفاقه تجاوزهذه الخطوط او التفريط بإحداها من أجل مكسب سياسي أو عسكري أو لتحقيق شهره شخصيه , نعم بسلوكه الرجولي  هذا وبإلتزامه العملي والعقلاني بموروث آبائه  ,وليس بتباهي إجادته استخدام الرمي بالبندقيه او بإعتدائه على شرطي مغلوب على أمره, إستطاع  أن يفرض شخصيته على الغرباء قبل الاهل والأصدقاء,  لذا ستبقى ذكرى هذا الرجل مخلــّدة مدى التاريخ وسيظل  مقامه  بمثابة القدوة السليمه لكل من يشاء طرق ابواب  السياسة  والنضال .

 أما الكلام عن حصاد شعبنا الكلدواشوري السرياني من ربيع  نضالات الشوفينيين من القومين والبعثين في العراق  والتي يزمر بها ولها بعض المحسوبين علينا, فإن نصيبنا طيلة عقود حكمهم كان الظلم والقهر والسجون والإعدامات من اجل التضييق على الاهالي لعزلهم ومنعهم من دعم نضال إبناءهم   .

 كنا في حلقه سابقه قد أشرنا بحزن الى بؤس طالع الشتامين والشامتين  في دفاعهم عن جرائم مدرسة الفاشست , في هذه الحلقه  سنخرج قليلا عن موضوعتنا الاساسيه  لنلفت انتباه القارئ الى واحد من الشواهد المذيله بالصورة وبالأسم التي تثبت(مع الأسف) بان داخل اسوار بيتنا نمونة  ما زال الفار يلعب بعبها  وبحبر أقلامها  إستهوت اللعب على الحبلين , تارة تتباهى بنشر تزامطاتها بالبعث وبعروبة انتسابها في مواقع الكترونيه معروفة المناشئ, وتارة اخرى تشتم وتنـكـّل بأبناء شعبنا  في مواقعنا  تحت راية الكلدانية وهي منهم براء, ثم تختتم لغوها بعبارات الوعيد والانذار كقول احدهم  ( وقد أعذر من أنذر) .

  كان ينبغي  بأحد الكتـّاب العالميين أن يبادر ويسعفنا في فك  لغز هذا الجمع بين دعوة النهضة القوميه الكلدانيه وبين مهزلة التباكي على خيبة عروبة زميلهم  في زوال حكم البعث ,  لكن يبدو ان احدهم لا يمتلك جرأة  فعل ذلك, إذن عزيزي القارئ لنرّفه  قليلا عن انفسنا من أعباء الذكريات المأسويه بعرض فاصل يُضحك ويُبكي في آن واحد ,المضحك  فيه أن الجهبذ يذرف دموع الحزن على مغيب شمس البعث وهذا شأن خاص به وبعروبته , أما المبكي فهو في إسترجاله على بني جلدته بشتمهم و تهديدهم  مستقويا بيافطة إتحاد الكتاب الكلدان  العالمي ورئاسة المجلس القومي الكلداني ليذرف دموع التماسيح بحجة تهميش الكلدان .  تعالوا  لنقرأ ونتفحص , هل من  شتيمة  للكلدان أتعس من هذه الشتائم  !!

  للتوضيح:النص مقتبس من مصادر موثقه  وليس إعتباطيا , سنجعل من الفاصل حزوره لمن يشاء الترفيه ,وقد وضعنا كلام  الجهبذ  بين قوسين وباللون الأخضر , اما الكتابه باللون الأزرق فهي تعليق  المساكين الذين يشتمهم واصفا اياهم بأشباه الرجال  ومهمشي الكلدان.  إليكم  الحزوره :

 يقول الرفيق   :

1_  (البعث في العراق صان العهد والأمانة........) !!! هل تقصد صان العهد مع اومثا كلذيثا ؟  ام ان مآسي القوش التي تصفها بالكلدانيه وشهداءها وضحايا صوريا الشهيده كانت السبيل الى تحرير فلسطين ؟

2_ ( نحن المسيحيين العراقيين لم نسمع أنه في يوم ما وفي زمن البعث الخالد أن هدر شرف مسيحيه)!!! صدقت يا رفيق, لكنك لم توضح باسم اي المسيحيين تتكلم حضرتك ؟ العرب ام الكلدان أم الأشوريين؟  كما انك  نسيت ان تذكر لنا بعضا من أفضال عدي  ومآثرصباح ميرزا و بطولات أرشد ياسين  وروكان  في موضوعة هدر او صون شرف المسيحيه   .
 3_ (المشاريع العملاقة بنيت في عهد البعث الخالد )!!!!  إذن خلليك مع  تخليد البعث  رجاء , لانه واجب مقدس على كل بعثي وقومي عروبي .  
   4_ (غيبي يا شمس دنيانا إن شئتِ فغيبي ,,,,,,,,,,,, سيصنع البعث شمساً بلا مَغيبِ) !!!  وهل صنَعَ  البعث منك  قمرا كلدانيا  يتلألأ بعد مغيب شمسه ؟.

 5_ ((مجد  العراق صنعه البعث)).!!!!  ومجد الكلدان من سيصنعه ؟  أنت يا رفيق  ؟؟ فك ياخه من الكلدان , كفى إهانتهم ,ولا يشرفهم ان تتكلم بإسمهم .

التوقيع/ ؟............؟ / (( خهيا  أومثا كلذيثا)) !!!!       والان  نترك  ذكر إسم هذا الرفيق  لحدس القارئ الكريم .

عودة  الى موضوعنا:

في أحد ايام 1963 داهمت القوش  قوة عسكريه إعتقلت  الطالب الشيوعي المرحوم بطرس اسخريا ,  حيث سيق الى مركز شرطة القوش , على اثرها أسرعت مجموعه من شباب البلدة وقطعت شارع البلده الرئيسي (قيطرتا) بالأحجار لمنع نقله  الى الموصل, كما اسرع أحد الشباب الى قطع اسلاك التلفون ( يقال كان واحد من أبناء المرحوم فرج قس يونان)  , فيما تهيأ آخرون بأسلحتهم لضرب السيارات حال مغادرتها القريه, كانت هذه المبادره  الحماسيه  تعبيرا  عفويا عن الياس والقرف الذي اصاب الشباب والإحتقان الذي سببته  جرائم السلطه , أمام هذا الموقف  الحماسي وقع عقلاء البلدة  في حيرة على اعتبار انه ردة فعل  دون حسبان عقباها , فقد  حصلت مشاده كلاميه بين الشباب  وبين  بعض عقلاء البلده أتذكر منهم المرحوم يوسف عوصجي , في النهايه إستجاب الشباب لألتماس وصوت العقلاء لفك الطريق , ثم انسحبوا من مواقعهم وهكذا تسنى للقوه مغادرة البلده ومعهم  المعتقل المرحوم بطرس اسخريا.

 لقد طال حال القوش  العصيب  وكأن نيران الجحيم فتحت أبوابها على هذه البلدة  ,الى ان حصل اتفاق  اشبه بهدنه وقتيه في العام 1964 بين السلطة والحركة الكرديه المسلحه , لكنها لم تدم طويلا , حيث عاودت السلطه شن هجماتها وإعتداءتها على بلدة القوش  سعيا منها الى إرضاخها  وعزلها عن  أبناءها الذين واصلوا نضالهم  وكفاحهم المرير ضد سياسة النظام العنصريه .

في 17 و 30 تموز  من عام 1968 , كعادته إنقلب البعث مرتين على حلفائه القوميين والاسلاميين  بتدبير مدعوم من قبل المعسكر الغربي الذي وجد في إدارة الانقلابيين الجدد للبلاد تحقيقا لمصالحه,حينها بدأ نجم  صدام  حسين بالظهور علنا مع ترسخ فكرة فرض واقع الحزب الواحد , فقد  شرع صدام حسين  باسلوبه المخادع  يستحوذعلى مقدرات ادارة البلاد وراح يفرض سلطانه الامني والخابراتي  في كافة مواقع الدوله الحساسه , وبعد ان تمكن من تشكيل جهاز خاص به داخل حكومة احمد حسن البكر, بدأ بالتفكير بكيفية فرض سلطته ودوره  ثم توجه صوب  القضاء على من يعارض تطلعاته .

كان عام 1968 عام تخرجي من ثانوية القوش وإلتحاقي بكلية الآداب /  جامعة الموصل  ,في الجامعه  تسنى لي التعرف عن كثب على سلوكيات البعثيين البوليسيه من خلال ممارسات مسؤوليهم و أعضاء اتحادهم المسمى بالوطني زيفا  , وفي نفس الوقت تعرفت على طلبه طيبين من  مدن الجنوب وأخرين من الوسط والشمال , أغلب الذين عرفتهم كان منضويا  في اتحاد الطلبه العام الذي كنت أحد أعضائه ,أتذكر أسماء العشرات منهم جيدا لكني أعتذرعن ذكر أسماءهم دون إذن منهم.

 كان في كليتنا شخصا  بعثيا يدعى عبد الخالق بكر , شغل  منصب معاون  العميد لشؤون الطلبه , تصور عزيزي القارئ  ان واحدا من أفراد الحرس القومي تمت مكافأته على ما إرتكبه من جرائم في قرانا  بتعيينه معاونا لعميد الكليه , وقد سمعته بأذنيي ّ  يتباهى كونه  من ضمن الحرس القومي الذين إعتادوا مداهمة القوش وهو الذي قتل احد الشهيدين المسنين في القوش عام 1963 . سنتطرق الى هذه القصه  في حلقه مقبله.