الرئيس مرسي.. يقرأ ما لم يكتبه ويتحدث عن ما لا يعلمه

 

 

 

 

 

 

                                                    

                                                                         

                                                           شليمون داود اوراهم

    يشغل الشأن المصري حاليا، كما الشأن السوري، حيزا متقدما في أحداث المنطقة وتغطية وسائل الإعلام لهذه الأحداث. ومعروف أن مصر إحدى أبرز دول المنطقة.. وهي كما يقول أبناءها، أم الدنيا، وما يجري فيها لا بد أن ينعكس على المحيط والمنطقة والمنظومة الدولية بشكل أو بآخر، إذ أن هناك تحولات جديدة فيها وفي عموم المنطقة.. صارت اليوم تتراوح، حسب المراقبين، ما بين ربيع ديمقراطي.. أو خريف سياسي.

ومن وازع الفضول الصحفي، كانت لنا هذه الوقفة التي نريد ربطها بمفاهيم مثل: المصداقية.. وأنه في الأخير لا يصح إلا الصحيح:

 سنجتاز تفاصيل ثورة 25 يناير وما تلاها من محطات وتفاصيل، وننتقل مباشرة.. لتداعيات قيام الرئيس المصري محمد مرسي مؤخرا بإصدار الإعلان الدستوري وتحديد موعد الاستفتاء على الدستور "المسلوق سلقا".. في الخامس عشر من كانون الأول الجاري، وما تلا ذلك من تظاهرات معارضة للقوى الديمقراطية المطالبة بإلغاء هذا الإعلان وموعد الاستفتاء.. وتحشدات مؤيدة ومن ثم اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سبعة قتلى وأكثر من 700 جريح.. ثم كان الإعلان عن أن السيد الرئيس سيلقي خطابا إلى الأمة.

وكان الخطاب في الحادية عشرة ليلة الخميس بتوقيت العراق، العاشرة والنصف بتوقيت مصر.

ومن دون أن يكون لي موقف أو تقييم لهذا الطرف أو ذاك في الأزمة المصرية، ذلك أن أهل الدار أدرى بما فيها، لكن.. ومن وجهة نظر إعلامية وتحليل منطلق من متابعة دقيقة وفي ضوء مقدمة هذا المقال أعلاه، أقول.. إن السيد مرسي ألقى خطابا لم يكتبه بنفسه.. إنما كتبه له آخرون (صديقي اللئيم همس في أذني وأنا أكتب المقال: إنه مكتب المرشد العام)!!!!..

فقد كان يقرأ جملة.. ثم يدرك أنه أخطأ في مكان التوقف عند الفارزة أو النقطة، أو أنه أخطأ في قواعد اللغة رفعا أو نصبا أو جرا، مما كان يضطره أن يعيد قراءة الجملة من جديد وهو ينظر إلى الورقة.

وأبرز الأمثلة على ذلك وهي كثيرة: عندما دعا الرموز الوطنية والقيادات السياسية المصرية و.. و.. و.. للاجتماع في القصر الرئاسي ظهيرة السبت، فقد قال أول الأمر: (أدعوكم للاجتماع في القصر الرئاسي في الساعة الثانية).. وكان ينظر إلى الكاميرا، ثم توقف لثوان.. مدركا أن هناك لبسا في الأمر، وطأطأ برأسه إلى ورقة الخطاب، واستدرك ليقول: (أدعوكم للاجتماع في الساعة الثانية عشرة والنصف)!!، ولكي يؤكد تصحيح خطأه الأول وهو يقرأ خطاب لم يكتبه بنفسه، أعاد ذكر الوقت باللهجة المصرية (الساعة تناشر ونص)!!!!!.

ومما جاء في خطابه أيضا أنه ترحم على أرواح شهداء الأحداث الأخيرة، لكنه توقف فقط عند وصف من سقط من مؤيديه قائلا: (الذي ضحوا بحياتهم من أجل الشرعية)، وهي إشارة واضحة إلى طرف واحد معين من الأطراف في المعادلة المصرية.

ومما قاله في الخطاب أيضا أن (هناك نحو 80 معتقلا على هامش الأحداث.. تم ضبط أسلحة بحوزتهم، وأنهم اعترفوا بتلقي أموال من فلان وفلان، وإن التحقيقات مستمرة معهم وسيتم محاسبتهم والكشف عن وقائع وحقائق و.. و.. و..). بينما أصدر النائب العام المصري في اليوم التالي للخطاب مباشرة، الجمعة 7 كانون الأول 2012 أمرا بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة!!!!!.

أليس هذا دليلا على أن السيد مرسي كان يقرأ ما لم يكتبه بنفسه، ويقول ما لا يعرفه وإنما تم نقله إليه ربما بصورة مغلوطة، ويخالف ما أكد عليه مرارا في خطاباته الأولى من أنه رئيس لكل المصريين ويس لجماعة واحدة؟؟!!.. فهل الأمر في مصر ربيع ديمقراطي حقا.. أم أنه خريف قاس.. على الأقل حتى الآن؟؟!!.