ميلاد ملك المحبة

 

 

 

 

                                                       

 

                                                             ناظم هرمز

                 

                                                            

    يحتفل العالم المسيحي في ليل الخامس والعشرين من كانون الاول بعيد مولود رسول المحبة. وفي الليل يجتمع الناس أهلا وصحبا حول موقد, ويجلس الصغار بالقرب من شجرة خضراء مضاءة بالشموع, ومزدانة بالدمى والرموز ليقص عليهم الكبار قصة عن الأمس البعيد. أنهم ينصتون ايما إنصات لان القصة أخاذة طفل في مذود. رعاة متلبدون. نجم في المشرق. طاغية يذبح الأطفال. يدب النعاس في جفونهم الصغيرة, ولكن خيالهم يظل سارحا في الفضاء البعيد من حيث يأتي بابا نوئيل في عربة سحرية تجرها الغزلان, محملة بالهداية او الحلوى. فيدخل البيوت من مداخنها ليوزع حمله على الأطفال وينام الأطفال وفي رؤوسهم خيالات وفي قلوبهم أمل. ليل الخامس والعشرين في دنيا الصغار ليل أحلام ورؤى... اما في دنيا الكبار هو عيد الأمل الجميل ورمز ليوم جديد وإمامهم شجرة خضراء وهذه الشجرة الخضراء مليئة بالدمى المبعثرة عند جذع الشجرة, وعند أسرة الأطفال هي رمز للمحبة العائلية. فالميلاد... رمز جميل حلمت به الإنسانية فهو عيد المحبة والإخوة - عيد العائلة الجالسة عند الموقد وعيد الموسيقى التي تبعث الطمأنينة والرجاء. وسوف نلاحظ ارتفاعا في درجة حرارة العطف الإنساني عند معظم الناس . ولكن مما يؤسف له ان الكثيرين تغيب عنهم الغاية الأساسية التي من داخلها وجد العيد فنجدهم يقتصرون على الأمور العابرة والمسرات الخارجية التي تبدو يوم الميلاد. ليتنا نذكر ان الطفل المولود في المذود في بيت لحم لم يكن أميرا عظيما او سياسيا شهيرا. ولو يكن كاتبا تحريرا ولا خطيبا مفهوما , بل كان أنسانا ليس له أين يسند رأسه. وعاش على دنيانا سنوات قليلة محدودة , بيد ان السر في عظمته انه روح الله . فاولك الذين عرفوا المسيح سواء في زمن حياته او بعد صعوده الى السماء كانوا متأكدين كل التأكيد ان هذه الشخص لم يكن مجرد إنسان فقط . فقد كان مرسلا من الله, ونجده ينجح في نقل هذه الفكرة بأنه روح الله الي العالم بالرغم من المقاومة التي لقيها والاضطهاد الذي انتصب أمامه ولشد ما اعتبر إتباعه ان ظهور هذه الشخصية الفريدة على الأرض كانت أعظم حادث في العالم. فهولاء لم يحولوا فقط ان يغيروا حياتهم وان يعيشوا كما عاش سيدهم بل أنهم في حالات عديدة اختاروا ان يموتوا وان يحملوا الصليب على ظهورهم في سبيله. وابرز ما امتازت به هذه الشخصية الفريدة هي المحبة. وامتازت محبته بأنها شملت جميع الناس . وحقا ان الإنسان الكامل هو الذي يرق قلبه للآخرين , ويشاطر الناس آلامهم وإحزانهم . والمسيح كان مثال العطف والرقة اذ هو رفيق الجميع, وقلبه مفتوح لجميع الطبقات والفئات. ومعنى الميلاد هو ان هذه المعجزة قد حصلت مرة واحدة في التاريخ البشري اذ فيه اقترنت هذه الشخصية السماوية بحياة الناس, وأوقفت ذاتها على خدمة المحتاجين منهم . وأعظم وصيتين تركهما سيدنا المسيح ان نحب الله وان نحب أبناء جلدتنا. ومهما كنا مهملين لتنفيذ مضامين هاتين الوصيتين الا اننا في عيد الميلاد يستفيق وجداننا إليهما. فنجد قلوبنا تخفق بمحبة فائقة متجهة نحو الله, ومستهدفة لسعاد أخوتنا المنكوبين وأبناء عراقنا المحرومين... وكل عام وشعبنا العراقي بألف ألف خير ومحبة