صُوبّ بَرايي

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

الحياة القروية قديما كانت جميلة ,على الرغم من وجود مشقات العمل اليدوي الدؤوب فيها, ولكن طابع هذه الحياة كانت يتغلب عليه مشاعرالحب والصدق والبساطة والبراءة, وروح الايمان كانت يطغو في كل جوانب الحياة الاجتماعية وتعقيدلتها , فالاحترام كان قائما بين الكبار والصغار والرجال والاناث , وخاصة كبار السن من كلا الجنسين ,وكان الشبان والشابات يلعبون معا بروح ملئها البراءة دون اي تمييز او اية مشاعر او رؤى سلبية .

وهنا ساتطرق الى ظاهرة صُوبّ بَرايي ܨܘܼܒ ܒܲܪܵܝܹܐ وهو مصطلح سرياني مركب بمعنى نحو او صوب الخارج, وهذا المصطلح يعني الذهاب الى المرافق الصحية,ففي القرى قديما وخاصة المناطق الجبلية ,لم يكن هناك المرافق الصحية الا قلما وندر في البيوت الترابية الشرقية الطراز , لان طبيعة القرى الجبلية تمتلك الكثير من المناطق النائية ,والوعرة والاحراش المتداخلة كانت تشكل مكانا ملائما لقضاء الحاجة للتغوط من كلا الجنسين في تلك المناطق ,دون ان يتجرع احد على مشاهدة الناس في تلك الاماكن وذلك من باب الاحترام اولا ,وثانيا كانت العقوبة صارمة طبعا , وخاصة في بطون الاودية راغولي, راؤولي وعند هطول الامطار كانت تنظف وتجرف تلك الفظلات .

وقول صوب بَراييّ كان من باب الاحترام لمشاعر الحضور , وعدم ذكر اسم  زلّلي لخرايّا اي ذهب ليفرغ فهذا الكلام غير لائق في حضور الناس , وليس مهذبا .

بل وان اسم المرافق في لغتنا السريانية يبعث على الاحترام ܒܹܝܬܼ ܐܝܼܩܵܪܵܐ  بيث ايقارّا بيت الاحترام,او بيث اننقون ܒܹܝܬܼ ܐܵܢܸܢܩܘܿܢ مكان الضرورة, وذلك لضرورتها .

اما لحالة الاسهال فيقال بلاخّا اقلاّ ܦܠܵܚܵܐ ܐܲܩܠܵܐ تعمل القدم , زالا كاسّا ܐܙܵܠܵܐ ܟܲܪܣܵܐ تذهب البطن,فلاحظ عزيزي القارىء مدى مراعاة شعور المقابل واسلوب التهذيب .وعند المرور على اي شيء من هذا القبيل كان يقال مسبقا عبارة رخقا من باتَوخون, اي بعيدا عن وجهكم .

بعض ما قيل عن هذه الظاهرة:

كل راولياتا قيملون اوب دئخري قملا, اي كل الوديان فاضت حتى وادي التغوط فاض ,هذا المثل يقال عند قيام شخص مهمل بعمل مثير ودون اي توقع .

فكان هناك رجلا قروي كبير السن هاجروا اولاده الى الموصل واستقروا هناك وكان متعود ان يقضي حاجتهِ في العراء في القرية, ولم يستطيع مواكبة حياة المدينة وخاصة المرافق الصحية , لذلك كان يقطع مسافات كبيرة ليصل الى العراء او الغابات لذلك الغرض وظل هكذا الى ان توفي .

آوا دماخي رقّي بتكثهِ بخاريلَي كَاو شَلّهِ, الذي يشاكس او يتعصب على حبل سروالهِ يعملها على نفسهِ , يغوط في سروالهِ .

اخرّي بتَلكَا لي طاشّي,الفضلات لا تخبأ بالثلج,اي سيذوب الثلج ويبان كل شيء , هذا المثل كان يقال عند قيام شخص بعمل مام من وراء انفهِ ܡܼܢ ܒܲܬܪ ܢܲܚܝܼܪܹܗ من بَر نَخيرّهِ اي ليس من رغبتهِ وحبهِ.

هولا دونيّي اقتا اليّ, اي الدنيا ضائقة عليّ ,يقال عندما يكون الشخص محصورا ويحتاج لقضاء حاجتهِ.

كُولا شولّي مِن آلاها ايلَي ,الا خرايا ايلا من خالاّ, كل الاشياء هي بارادة من الله الا التغوط فانها من الاكل.

ايللّي مَخ قوخا داخرّي كِمّا دكَولتلّي بوش يَول ريخّا,اي انهُ مثل كومة الفضلات, كلما عبثت به يبعث رائحة اكثر , يقال للشخص زاون بَلاييّ  الذي يشتري البلاء يثير المشاكل من لا شيء , وكلما حاولت تهدئتهِ ينفعل اكثر ويثير .

لا شَيّي اخرّو الَن, اي لانقع في فضلاتهِ,يقال تجنبا لشخص يسعى وراء البلايا.اي كفيان شر الشخص.

أد آخِل خَا طَنكّا ايخالا بخارّي خَا طَنكا اخرّي, اي الذي يأكل علبة تنك من الاكل ,فسوف يخلف ملء تلك العلبة من الفضلات ,يقال لتلقي الشخص مردودات افعال يدهِ.

اما الان تقريبا فلم يعد وجود لهذه الطاهرة الا اثناء السفر او رحلات الصيد في البراري او غيرها من المواقف, وذلك بفضل تقدم مناحي الحياة وتطورها ووجود المرافق الصحية المريحة  بات شيئا ضروريا في الاماكن الخاصة والعامة ,والاهمية تستدال من اسمها المرافق الصحية لانها مرتبطة بالصحة .

هذا كان عرضا لـ صُوبّ بَرايي و توثيقا لاحدى الظواهر الحياتية في القرى, والتي باتت منقرضة تقريبا , واصبحت مفردة في سفر موروثنا الشعبي الثر وجديرة بالتوثيق .

رخقا من باتَوخون.

تَودّي