حديد والسبتي والعراق مهاجراً

 

                                                                                                                

                     

                                                              

                                                                نبراس المعموري 

 

 

الاشياء تلمع في الغربة وتصدأ في الوطن..  


     تتناول الصحف ووسائل الاعلام خبر حصول العراقيين المغتربين الجوائز والشهادات التكريمية وتأخذ العناوين صدارتها بأسمائهم ، شئ جميل ان تتجرد بعض وسائل الاعلام المريضة من الحقد على الناجحين وتنقل الحدث وانا اعلم في داخلهم غليان ولعل بعض من يقرأ سطوري من زميلات وزملاء المهنة يعرفونهم جيدا كيف يكون غليانهم ، والاهم لو كان الابداع او المنجز داخل العراق فهل ستهتم وسائل الاعلام المشخصنة بهم.. طبعا كلا 


الاهم من تناول الخبر وبثه هو الاسماء اللامعة في المهجر ولا اعلم لما تلمع الاشياء في الغربة وتصدأ وتموت في الوطن ؟ لم التق بالمعمارية زهاء حديد وكذا الحال بالعالم الفلكي عبد العظيم السبتي لكن حملهم لجنسية بلدي يحتم علية ان اقف اجلالا لهم واعتذر منهم لانهم اضطرا ان يكون بريق لمعانهما في الخارج وليس في الداخل وهذه هي الضريبة التي يدفعها المبدع العراقي دوماً. المعامرية الاولى في العالم زهاء حديد عراقية ورابع امرأة عربية قوية وابنة الموصل ، وكوكب يبعد 308 مليون كم عن الارض يحمل اسم فلكي عراقي هو عبد العظيم السبتي ابن العمارة.. كم غريبة هي الدنيا لم يختلف مانحو الجوائز على مناطقهم.. شمالية وهو جنوبي، مسلمة وصابئي ، اتفقوا ان مايجمعهم هو الابداع واسم العراق، حمد لله الابداع مكرما مهاجرا ! 


    مشكلتنا محاربة المبدع من ناقصي العقول ولايكتفوا بذلك بل يعدوا الخطط والدسائس ويحشدون كل طاقاتهم لتحطيمه.. امراض داء الفشل ودواء النجاح ، للاسف هناك من رفع الراية البيضاء وغادر وقال في سره "خلي ارتاح هؤلاء حفنة من الحاقدين لايأبهون وسيقضون عمرهم من اجل النيل مني " فغادرت زهاء وعبد العظيم وغيرهم اسماء كثر نتباهى بذكرهم وهم يحلون ضيوفا في المهجر كون بلدهم رفسهم وعاداهم .


    القلق وعدم الاستقرارعلامات طرقنا ومؤشرات لفضاءاتنا بداخلها وخارجها بعتمتها ورونقها قبلا بحاكمها الاوحد وبعدا باحزابها الكثر ، كيف يمكن للابداع ان يستمر وحفنة القلق تحيطنا من كل جانب ؟ هناك من يحاول ان يزيد القلق ويوتر الاشياء فهو اعتاد ان يكون كذلك فيسأل صامتا لما لايكون الاخرون مثلي ؟ 


   غادر العالم الفلكي عبد العظيم السبتي العراق ، بعد ان ترك لنا قبة زرقاء تنقلنا لعالم الفلك بغرائبه وعجائبه ،جعلنا نمتطي مركبة فضائية فنشاهد ونسمع الكوكب والنجوم والنيازك وما يتبعها من اشياء اخرى.. وللاسف اليوم القبة تبكي والدها ! غادر بعد ان يأس ان يكون هناك جديد بل يأس من فكرة ان يخلق شيئا جديدا لهذا البلد فهاجر ليبني اعماله في احضان الغرب من لندن الى واشنطن ، اما زهاء فلم تختلف عنه فتصاميمها الغريبة والجميلة احتلت الصدارة لأجمل المدن واقواها بدل ان تكون عروسا في احياء بغداد والمحافظات ولعلهم بذلك سجلوا للتاريخ ان احلام المبدعين لا تنجز الا في المهجر فلا كرامة لنبي في قومه ! اما احلام المغرضين الخبثاء فلها مكانها في العراق وهذا يبرر لنا حجم الدمار بشوارع غارقةً بالحفر والماء منقطعاً عن المدن اياما واشهر، و تظل الاسلاك عابرة للمباني لتعطي بضعا من الامبيرات اما المحتفون فيغرقون لان العبارة لم تسع حجمهم ، لا استغرب ان اجد مؤسساتنا هشة واعلامنا ركيك، ولا استغرب ان نكون في الخلف بل الاسوء ، ولا استغرب ان نظل نحرق بدمنا بسبب التافهين والتافهات ، ولا استغرب ان نظل نحلم بعراق سالم معافى يتراقص مع اضواء دجلة وشارع ابو نؤاس ، نظل نحلم وتأخذنا العبرة لما ولدنا هنا وليس في مكان اخر فحبك ياعراق كالادمان لا اعرف كيف التخلص منه رغم غبار افرادك و حامليي قراراتك وجيرانك .


سلمت يازهاء وعشت ياكوكبنا عبد العظيم وكل عام والمبدعون في المهجر يحصدون الجوائز وفي طياتها اسم العراق مهاجرا .