الميت ميــّتنا ,والمصيبة مصيبتنا, والعلاج بأيدينا لان السبب فينا  

 

                      

                                   

                                                    ثامر توسا              

                  إنها بحق مصيبة المصائب عندما  تتجبرألأنانيه على سلوك الأنسان مثلما يتحكم السلطان بعبده, قد يوصل جبروتها  بالأناني الى إستباحة المحرمات ومغازلة الممنوعات, بالنتيجه تلقي به في مربع العزلة والأنطواء .

مع تزايد تعقيدات الحياة وتنوّع مخاطرها , يستيقظ المسكين من غفوته ليندب حظه عندما حكم على نفسه بالعزلة والموت الإنفرادي , ثم تبدأ حاجته الى اخيه الانسان و تنمو بسببها نزعة الرجوع الى العيش بين ذويه مما يقتضي رشده الى الرضوخ لمشيئة الأغلبيه و الإحتكام  لمشورة الآخرين في تنظيم الحياة أي بالرجوع الى ما تقرره النخبه من ذوي الخبره  والوجاهه  الذين يتم تخويلهم  بالشوره في إدارة الأمور وحل مشاكلها.

وإذ نحن  معشر متصفحي الانترنيت وكتــّابه ,عندما  يستهوينا التكلم  في السياسة ,  نحكي ما عندنا  وبما تمليه ضمائرنا, نفعل ذلك  في فضاء  مفتوح قلمّا  يلجمنا  قيدا  او يردعنا قانونا عن قول ما في مخيلتنا, هذا لا يعني اننا ننكر فائدة هذه الفسحه  حين تزينها الصراحه والأداب وتنوعات الأفكار,ولكن في زحمة فضاء لاحدود له (الانترنيت) و امام كثرة تشعبات الكلام , يتعذر علينا أستخلاص الزبدة  المفيده بتلك السهوله التي يمكن تحقيقها في جلسة  يتواجه فيها العقلاء من ذوي الشأن في ديوانيه صغيره  يتداولون فيها أمر الرعية , وهنا يمكن ان يحقق شيئا يفرض على الرعية  إحترامه ما دام قد صدر من العقلاء لأنهم مخولون او منتخبون من قبل تلك الرعيه.

عوده الى مسألة إستحداث محافظة سور نينوى, على إعتبارأنها تشكل عنوانا ورقما مهما من بين مطالب  تنتظر دورها للطرح, وبسببها  طالبت الناس بضرورة جلوس أحزابنا وتنظيماتنا للتشاور فيما يمكن تقديمه  لشعبنا ,وفعلا جلس ممثلوا تنظيماتنا, وراح كتابنا يدلون بما لديهم حول هذا التشكيل الجديد  وحول ميكانيكية إنجاح  مهامهم  إبتداء من موضوعة المحافظة و مرورا بقضية إسترجاع الأراضي والممتلكات  العائدة لأبناء شعبنا وإيقاف نزيف الهجره  وأمور أخرى , لكننا رغم علمنا  بتواضع الامكانيات , فإن سيرنا بالامورخطوة  يعني أن على ممثلينا تطوير ميكانيكية عملهم  كي تتعزز قدرة تواصلهم , مما يتطلب من (سياسيينا ومثقفينا) إبداء بعض المرونه وليُسَمِها الاخرون بالتنازلات فذلك شأنهم.

 بعد ان جمعت طاولة الحوار أطراف تنظيماتنا , كان معلوما لديها  أكثر مما لدى المتابع , بأن تجمعهم سيواجه أنماطا من العراقيل  تستدعي التحوط والتهيؤ لها, منها التي ستبرز فيما بينها أثناء حواراتها , وأخرى من خارج البيت دون شك ,  ومنها أيضا  تلك التي تثير العجاع و الصخب المفتعل  والذي يؤسفنا القول بأن مصدرها   أقلام عرفناها من خلال  طروحاتها وآرائها التي لا تدلل على إمتلاكها اي مشروع جدير للأخذ به .

 نعم عندما نستذكر فترة عمل تنظيماتنا  وجهدها المبعثر ما قبل التنسيق,  كانت النتائج على الأغلب معلومة مسبقا, إما زياده في التوتر والمشاحنه أو وضع اوراق مطالباتهم على الرفوف  , بمعنى اهمالها  من قبل المسؤول البرلماني او الحكومي  بسبب دونية النظر الينا ونحن مشتتون لا كلمة  تجمعناولا هدف يوحدنا.

 الآن شئنا ام أبينا فحالنا مختلف اوهكذا يفترض ولو بشكل نسبي  لكنه قابل للتطوير والتحديث لو تم إعتماد أسس مبادئ والتزامات تحفظ للتجمع إستقلالية خطاباته وقراراته ,و الحق يقال, فمنذ إعلان تشكيل تجمع تنظيماتنا شرع ممثلونا بامكاناتهم  المتواضعه وشحة قنوات مداولاتهم, بعد ان وضعوا خلافاتهم جانبا وحددوا القواسم التي يمكن العمل عليها , استطاعوا سوية, ان يعكسوا واقعا مغايرا لما تركه او سيتركه من اثرملموس على قوة التعاطي إعلاميا والقدره على  تغيير ردة  فعل الآخرين , حيث فرضت عليهم الأستماع الينا بغض النظر عن قبول مطالبنا من عدمه.

بالنسبة لساسة الكتل الكبيره فإن مصالحهم (في تلاقيها وتضاربها)  كما هو معروف وكما أسلفنا , مازالت في خضم الوضع العام  هي المعيار المتبع في إعلان التأييد والرفض لمطالبنا , عدا قلة  قليله من الذين يتفهمون الهدف الحقيقي من مطالبنا ,لكن الكلام الذي نود التركيز عليه هو ما يتعلق ببعض الأخوة من كتــّابنا القوميين النهضويين  ,  الذين  لحد هذه اللحظه  يخلطون ما بين الببغائية في التكلم والاستعانة بما يردده الكبار وبين ما تتطلبه إدعاءاتهم النهضويه القوميه .

 فعندما يهتف  أحدهم ( من كتــّابنا) و هو يحث السيد اسامه النجيفي على المضي قدما ً في رفض مطلبنا حتى وإن كان رغيف خبز , يقابله كاتب ٌ آخر يملأ الصفحات بضجيج النيل من أهله ومن تنظيماتهم , في حين  تتفتق شريحته  في  مديح الأخر من خارج مكونه القومي , طيب دعونا نقول مبروك لكل العراقين  ومن ضمنهم  للإخوه الأكراد على سبيل المثال لانهم أحسنوا أداء اللعبه عندما خدمهم الظرف , ودعونا ايضا  نقول برافوا للسيد النجيفي الذي يرفض مطلبنا وهو يفعل ذلك تضامنا مع مؤيدي قائمته(الحدباء) نتيجة تخوفه من دور قائمة( نينوى المتآخيه ) , لكن  سؤالنا  للاخوه الذين ما إنفكوا يتباكون  على الكعكه تارة, ويلصقون  التهم  بممثلينا تارة أخرى , يا ترى :لماذا لا تستفادون اذن من تجربة جيراننا الاكراد في طريقة بناء برنامجهم  ؟ ولماذا لا تحذون حذو السيد النجيفي في حرصه على مكونه و إحترام  أصوات قائمته؟ ما الذي يجبرالناهض القومي على الرقص في بيوت الجيران,بينما في بيته يقلب شعاع فرحتهم الضئيل الى عزاء وعويل , أي لغز هذا الذي يتخفى وراء إستحرام الرفق  بذوي القربى وهم أولى بالمعروف ؟  أليس فيها تكمن المصيبه  ثم تكبر  كلما  أتى الكلام حول حق شعبنا بالعيش الكريم على ارضه , الإخوه يستكثرون على ممثلينا السياسيين  تنظيم حالهم وجرأة مطالبتهم باستحداث محافظة إداريه تضم كافة مكونات المنطقه ,أو َليس من العجب ان نكون نحن الذي نتسابق في ترديد وصفها بالمسيحية ونحن الذي يحكم عليها بأنها فعاليه  للحصر والعزل , كيف تكون المصيبه  إذن ؟ثم لا أدري عن اي مشروع قومي نهضوي تتكلمون  إن كان له وجود !! وعلى اي ارض ستبنوه ؟ هل بهذا الترف الفكري سننهض بشعبنا؟

في الحقيقه, إن هذه التناقضات الذي نشهدها في المواقف والتصرفات تضع صاحبها شئنا ام أبينا, في خانة العقليه التي تنطق  لكن إنفعالها يمنعها من ان تعي ما تقول , مثل هذه التصرفات لا تدلل على  كون اصحابها  بمستوى تحمل مسؤولية ما تقوله, لذلك عندما يتقصد سياسيونا  أحيانا وليس دائما, في أهمال وإبعاد مثل هذه الاصوات ,ربما تثار انتقادات وعتابات, لكنهم محقون عندما لا يكون اي حاجه او داعي الى الأستماع للذي يخلط بين ما يريده شعبه و ما يستوجب عليه قوله وعمله وبين ما تستهويه ذاته الضيقه.

 إن ظاهرة التطبيل أو التشهير بهذه الجهه او تلك لمجرد انها تؤيد  او ترفض  فكرة انشاء المحافظة من دون التأكد من سلامة  ومصداقية الرافض والمؤيد, هي ظاهرة لا تنم عن أي حنكه او  ادراك سياسي لما يدور , علينا ان ندرك جيدا ولكي  يحترمنا الخصم ,علينا ان نكف عن ترديد ما يريده خصومنا ومؤيدونا وان نتكلم بلساننا عن شعبنا ونميز الأمور بعقولنا وليس بقلوبنا حتى نستطيع ان نعمل بما  يفيدنا ,لهذا  لا أعتقد باني أخطئ عندما اقول بان  مصيبتنا الاكبر تكمن فينا  والمعالجه يجب ان تنطلق من داخلنا إبتداءً من تصحيح طريقة تفكيرنا ثم تقويم الخطاب وفلترته من المزاجيات والمواقف الشخصيه  التي يغيب  عنها عنصر الانتماء الحقيقي وينعدم فيها  الحس السياسي الحقيقي الذي بواسطته نتمكن من حـَبك ِ الخطاب الفعال الذي يفرض نفسه على الخصم قبل الصديق.

الوطن والشعب من وراء القصد