الدول الاقليمية والاطراف العراقية والكوردية التي لها دور او مصلحة في احداث الشغب بالاقليم ولماذا ؟

 

                                     

                                                                                              

                                                                                                          انطوان الصنا


          كتبنا في الجزء الاول من تحليلنا السياسي عن احداث الشغب الاخيرة في اقليم كوردستان والتي طالت شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي ومعنا بعض الاخوة الايزيدية في الاقليم واوضحنا الاسباب الذاتية المتعلقة بأقليم كوردستان من الناحية الرسمية والحزبية صراحة (للاطلاع الرابط الاول ادناه) وفي التحليل الاتي سوف اسلط الضوء على اسماء بعض الدول الاقليمية والاطراف الكوردستانية العراقية التي كان لها دور او مصلحة في هذه الاحداث كل من زاويته الخاصة 

1 - الدول الاقليمية :
-----
أ - تركيا :
----
طبعا تعتبر تركيا من الدول الاقليمية المحورية الاساسية في منطقة الشرق الاوسط والتي لها ثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري والدبلوماسي في المنطقة وتريد ان يكون لها اليد الطولى في تطورات والمتغيرات السياسية فيها حيث كما هو معروف ان تركيا كان لها دور في احداث مصر وليبيا واليوم بفعالية اكثر في سوريا بحكم الحدود المشتركة فأذا كان لها دور في دول ليس لها حدود مشتركة معهم فكيف لا يكون لها دور في اقليم كوردستان ؟ واليكم الاسباب :

1 - تركيا تعتقد ان بعض قادة اقليم كوردستان الرسميون او الحزبيون قد تجاوزوا الخطوط الحمراء التركية والحدود المسموح بها تصريحا او تلميحا في الكشف عن طموحاتهم القومية الكوردية بأمكانية اعلان الدولة الكوردية مستقبلا (كردستان الكبرى) كطموح قومي (يضم اكراد العراق وتركيا وايران وسوريا) اذا سنحت الظروف الدولية والاقليمية والمحلية بذلك حيث تعتبر تركيا ان مثل هذه التطلعات القومية للشعب الكوردي غير مشروعة اطلاقا وان مثل هذا الطرح من قيادة الاقليم سوف يعطي اشارات تحريض للشعب الكوردي في تركيا للمطالبة بحقوقه القومية حاليا او بعد حين حيث ممكن ان يطالب بمشروع الحكم الذاتي المشابه لتجربة العراق او ما شابه ذلك وتركيا ترفض اي حقوق قومية لللاكراد فيها 

2 - قيادة اقليم كوردستان سبق ان اتخذت قرارا جرئيا وشجاعا يقضي بعدم مقاتلة حزب العمال الكوردستاني التركي في اراضي الاقليم او خارجها لاي سبب كان بأعتقادي ان الاقليم سيدفع ثمن هذا القرار القومي المبدئي لفترة طويلة ومثل هذا القرار لم تكن تركيا تتوقعه اطلاقا من قيادة الاقليم واكثر من ذلك فأن تركيا تشك او تتهم حكومة الاقليم غمزا او لمزا بدعم الحزب المذكور وايواء مقاتله في اراضي الاقليم المحصنة وتوفير التسهلات اللوجستية له وتعتبر الاقليم حاضنة للحزب المذكور وهذا ترفضه تركيا بشكل قاطع 

3 - لا زالت تركيا تتدخل في موضوع محافظة كركوك الغنية بالنفط بحجة حماية التركمان والمكون السني فيها بينما حكومة الاقليم تريد معالجة موضوع كركوك ضمن نصوص دستور العراق الاتحادي وضمها الى اقليم كوردستان بطرق دستورية وقانونية وحسب رغبة جماهير كركوك من كل الملل والنحل بموجب استفتاء عام استنادا الى دستور العراق الاتحادي 

4 - رفض حكومة اقليم كوردستان مقترح تشكيل اقليم سني موحد بدعم تركي في محافظات (نينوى وصلاح الدين والانبار) كان احد اهداف هذا الاقليم محاولة لتميع تنفيذ المادة 140 من دستور العراق الاتحادي المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين اقليم كوردستان والحكومة العراقية حيث ان اغلب الاراضي المتنازع عليها والتي تعود رقبتها تاريخيا الى اقليم كوردستان تقع ضمن المحافظات المذكورة والتي تم استقطعها من قبل النظام السابق والحقها بالمحافظات العربية المحيطة بالاقليم لتنفيذ سياسته العنصرية المعروفة

5 - اضافة لما تقدم فان النجاحات الداخلية والاقليمية والدولية التي حققها اقليم كوردستان يعرفها القاصي والداني حيث ان افتتاح بحدود خمسون قنصلية لدول مهمة جدا على المستوى الدولي والاقليمي في الاقليم يعطي مؤشر ايجابي على الاستقرار الامني وسيادة القانون والنهوض الاقتصادي والاجتماعي واحترام الديمقراطية وحقوق الانسان والمرأة وحقوق المكونات القومية والدينية الصغيرة وغيرها للاسباب الخمسة اعلاه وغيرها تريد تركيا ان تلعب دورا مؤثرا في افشال وتقويض تجربة اقليم كوردستان الفتية الطرية بأي ثمن وزرع الفتنة وتعريض التعايش السلمي الاهلي بين مكوناته الى مخاطر وزعزعة الامن والاستقرار عن طريق اصدقائها وحلفائها واتباعها وعملائها في الاقليم والعراق واللبيب من الاشارة يفهم وجدير بالاشارة هنا ان النائب الكردي المستقل في برلمان العراق الاتحادي السيد محمود عثمان اتهم تركيا وسوريا وايران في الاحداث الاخيرة في الاقليم موضوع هذا المقال (للاطلاع الرابط السابع ادناه)

ب - سوريا :
-----
الظروف السياسية المحيطة بسوريا معروف وتحاول ولو جزئيا تحويل الانظار عن ازمتها السياسية الداخلية الخانقة الى دول الجوار او اقليم كوردستان دون جدوى بسبب وقوف اغلب القوى السياسية الكوردية في سوريا مع اغلبية الشعب السوري في المطالبة بالتغير والاصلاح السياسي والاقتصادي والدستوري وضمان الحقوق القومية والوطنية المشروعة لكل مكونات الشعب السوري هذا من جانب ومن جانب اخر يتناغم موقف سوريا مع موقف تركيا في رفض الطموحات القومية الكوردية مستقبلا بأعلان الدولة الكوردية كطموح وتطلع قومي

 اضافة لما تقدم كان اجتماع رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود البرزاني بتاريخ28/11/2011 في صلاح الدين مع اعضاء قيادة المجلس الوطني الكوردي في سوريا الذي يضم 11 طرفا سياسيا و 11 ممثلا مستقلا يمثلون مختلف طبقات وشرائح المجتمع الكوردي في ذلك البلد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير واعطت اشارات صريحة وواضحة للنظام السوري عن موقف اقليم كوردستان مع غالبية الشعب السوري وهذا يعطي المبرر للنظام السوري ليلعب دورا سلبيا في زعزعة الامن والاستقرار في محاولة لافشال تجربة الاقليم الرائدة (للاطلاع على لقاء الرئيس البرزاني بالكورد السوريين الرابط الثاني ادناه) 

ج - الاطراف الكوردستانية :
-------
1 - حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني :
--------
اكثر من مسؤول رسمي وحزبي كبير في اقليم كوردستان لوح او اتهم حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني صراحة بالمسؤولية عن الاحداث الشغب الاخير في الاقليم وكان اخرهم السيد فاضل ميراني السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكوردستاني حيث قال بتاريخ 11 - 12 - 2011 (اتهم اعضاء حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني بالضلوع في احداث الشغب التي ادت الى حرق وتدمير محال بيع الخمور واندية المساج والمرافق السياحية في العديد من مدن محافظة دهوك ولدينا الادلة ...) انتهى الاقتباس (للاطلاع الرابط الثالث ادناه)  هذا من الجانب الرسمي والحزبي لحكومة الاقليم اما تحليلنا لمدى ضلوع الحزب المذكور بتلك الاحداث هو الاتي :

أ - جاهزية اللافتات والشعارات وتوحيدها والتي رفعت فورا في هذه الاحتجاجات واعمال الشغب في زاخو وسميل ودهوك وتجمع الناس بحدود اكثر من ثلاثة الاف شخص في احداث زاخو مثلا تؤكد وجود ايادي خفية تخطط وتوجه العملية وتحشد الجماهير وان ذلك لا يتحقق الا من خلال وجود تنظيم حزبي له اهداف محددة وغايات مبيتة والا كيف نفسر انتقال الشرارة الى منطقة باميان ومحافظة السليمانية لو لم يكن تنظيم حزبي يقف خلفها ؟ حيث جرى التبليغ بالطرق الحزبية المعروفة والكفوءة وليس عفوية او اعتباطية 

ب - صدر بيان عن الحزب المذكور حول هذه الاحداث ولم يدين فيه الاعتداءات على ممتلكات ابناء شعبنا والاخوة الايزيدية فقط استنكر الاعتداءات التي طالت مقراته ماذا يسمى ذلك ؟ هذا من جانب ومن جانب اخر عدم حضور حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني للاجتماع الذي كان مقررا مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني لكشف الحقائق وتنقية الاجواء والمناخات من منطلق المسؤولية القومية والوطنية والحفاظ على وحد الصف وترسيخ الوئام أن عدم حضور وفد الاتحاد لاجتماع كشف الحقائق تحت أية ذريعة يثير العديد من التساؤلات وعلى الاتحاد الإسلامي الرد عليها (للاطلاع الرابط الرابع ادناه)

2 - حركة كوران (التغير) والجماعة الاسلامية الكوردستانية :
------
حركة كوران التغير والجماعة الاسلامية من القوى الديمقراطية المعارضة التي تعمل تحت قبة برلمان اقليم كوردستان بصورة قانونية لكنهما حسب اعتقادي تضمران العداء لحكومة الاقليم والحزبين الرئيسيين  وتتحفظان وترفضان الكثير من سياسات وقرارات حكومة الاقليم وتغازلان حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني في تأجيج احداث الشغب الاخيرة في اصطفاف للاضداد لانه كما هو معروف ان حركة كوران كانت قد دعت في بيان سابق لها الى اسقاط حكومة الاقليم وحل البرلمان واستطاعت تحشيد الجماهير للاحتجاج امام مقر الحزب الديمقراطي الكوردستاني في السليمانية وتم تسوية الموضوع في حينها بحكمة العقلاء في الاقليم وهنا اني لا اتهمهما بالضلوع بهذه الاحداث لكن مواقفهما هشة وجاءت منسجمة ومؤيدة مع مواقف حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني حيث يشكلون جبهة معارضة لحكومة الاقليم في محاولة لافشال تجربتها وتصفية الحسابات القديمة (للاطلاع الرابط الخامس ادناه) 

د - الاطراف العربية العراقية :
-----
  التنظيمات القومية العربية المتطرفة :
--------
بعض التنظيمات العربية العنصرية العراقية عبرت عن حقدها الدفين المتأصل ضد تجربة اقليم كوردستان خاصة بعد ان اصبح التحالف الكوردستاني في برلمان العراق الاتحادي رقما صعبا ومهما وبيضة قبان للتوازن في المشهد السياسي العراقي برمته وفي المعادلة السياسية الجديدة حيث له 57 مقعد برلماني من اصل 325 مقعد حيث بدأت هذه التنظيمات متمثلة بحزب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حزب الدعوة الاسلامي بمحاولة أستغلال الاحداث التي جرت في أقليم كوردستان مؤخرا من أجل التدخل في شؤون الاقليم و النيل من سمعته و فعاليتة السياسية في العراق و المنطقة لتصفية الحسابات ومن اجل المزايدات السياسية التي لا معنى لها

حيث دعا النائب عن دولة القانون عن حزب الدعوة الاسلامي السيد علي الكردي حكومة إقليم كردستان العراق لاحترام حقوق مواطني الإقليم والكشف عن من يقف وراء حرق مكاتب الاتحاد الإسلامي الكردستاني مؤكداً امكانية تدخل الحكومة المركزية في القضية فيما لم تقتنع بنتائج التحقيقات وقال الكردي لمراسل وكالة أنباء المستقبل أن :"الجميع راقب ما حصل في إقليم كردستان من انتهاكات ضد مكاتب لأحزاب المشاركة في الحكومة فضلاً عن عمليات تخريب لبنى تحتية وضرب لمتظاهرين ومواطنين عزل في دهوك وزاخو وقد أعلنت حكومة الإقليم عن تشكيل لجان للتحقيق بالحادثة ... انتهى الاقتباس (للاطلاع الرابط الثامن ادناه) 

ومن جانب اخر قال الأمين العام لحركة العدل والأصلاح عبد الله حميدي عجيل الياور المتحالف مع حركة الحدباء في محافظة نينوى التي يتزعمها السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى في بيان تلقت وكالة { الفرات نيوز} نسخة منه حيث قال (إن هذا الأمر مخطط له مسبقا وأن حكومة إقليم كردستان عملت على تغذية الناس بالأفكار الشوفينية والعنصرية لدفعهم للقيام بمثل هذه الاعتداءات محملا إياها المسؤولية الكاملة عن هذا الأمر ...) انتهى الاقتباس

وتابع يقول السيد عبدالله حميدي (لم يسجل أي اعتداء على المسيحيين من قبل أي مواطن في نينوى طيلة السنوات الماضية سوى الاعتداءات التي صدرت من قبل عصابات إجرامية مرتبطة بأحزاب لها أجنداتها الخاصة كما أنّه لم يتم تسجيل أية حادثة اعتداء ضدهم خلال ثورات الشعوب العربية التي اتصفت بروح الوحدة بين أبنائها...) انتهى الاقتباس (للاطلاع الرابط التاسع ادناه)

ان مثل هذه الطروحات الساذجة لا تنطلي على شعبنا العراقي بشكل عام وشعبنا الكلداني السرياني الاشوري بشكل خاص ففي الوقت الذي ذبح ويذبح شعبنا كالنعاج من الوريد الى الوريد امام انظار هذه التنظيمات العربية وهي في سدة الحكم في بغداد والموصل بشكل خاص نراها تتباكى على الاحداث الجارية في الاقيلم وتناست او تتناسى ما تعرض ويتعرض له شعبنا بوجودها يوميا من قتل وترهيب وتركيع وتهجير حيث اغلب شعبنا اضطر للاستقرار في اقليم كوردستان الامن برعاية ودعم قيادته فشعبنا لديه قيادته السياسية والبرلمانية الشرعية هي التي تعبر عن تطلعاته وحقوقه المشروعة المتمثلة بتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية في الوطن 

يبدو ان التنظيمات العربية المتطرفة لا زالت تفكر وتعمل بنفس ثقافة الماضي العنصرية وتريد ان تنتهز الفرصة الملائمة للانقضاض على تجربة اقليم كوردستان متى ما ضعفت واهتزت وهذا كان دائما هاجس وتخوف قادة الكورد من ان يعيد التاريخ نفسه عندما تعيد بغداد قوتها تفكر بتصفية الحسابات مع الكورد واستنادا لهذه الهواجس قدمت حكومة الاقليم مذكرتها المعروفة للحكومة العراقية المتضمة 19 مطلبا وطلبت موافقتها التحريرية عليها قبل تشكيل الحكومة لضمان حقوق الاقليم بكل مكوناته (للاطلاع الرابط السادس ادناه) ...

التنظيمات القومية العربية المتطرفة تريد اضعاف او افشال تجربة اقليم كوردستان بأي وسيلة لانها تعتقد ان حكومة الاقليم حصلت على حقوق وامتيازات وصلاحيات اكثر من استحقاقها الدستوري في مواضيع متعددة وان طروحات الاقليم في قبول قواعد امريكية في اراضي الاقليم اذا طلب منها ذلك الجانب الامريكي ايضا يستغله المزايدون السياسيون لتحريض المتطرفين والارهابين واصحاب الرؤى القصيرة ضد سياسة الاقليم وتجربته 

وليعلموا هولاء الحاقدين ان هذه التجربة الفتية النضرة ستستمر بقوة وثقة وشجاعة وعنفوان وكرامة وكبرياء لغايه تحقيق كامل اهدافها المشروعة هذا كله لا يعني ان تجربة اقليم كردستان خالية من النواقص والاخطاء والسلبيات لانها تجربة فتية وحديثة بدأت عام 1991 على انقاض وركام نظام عنصري متعسف ومفضوح وظالم وحكومة الاقليم اليوم اذانها وعيونها وقلبها مفتوح امام الجميع وحتى المعارضين منهم بشفافية وديمقراطية وايجابية وعلى كل الاراء والملاحظات والانتقادات البناءة التي تطرح في الداخل والمهجر