حرب الوردتين

 

                                                                                                                

                     

                                                              

                                                                نبراس المعموري 

 

   دارت في انجلترا عام 1485 حرب بين عائلة يورك التي ينتمي اليها الملك ريتشارد الثالث وبين اسرة لانكاستار واستمرت هذه الحرب ثلاثين عاما اكلت فيها الاخضر واليابس وكلاهما كان يحارب لغرض ان تحصل احدى الاسرتين على التاج البريطاني وللذي لايعرف لماذا سميت بحرب الوردتين فالسبب لان الاسرتين المتحاربتين حملت شعار الوردة فأسرة لانكاستر وردتها حمراء اما اسرة يورك فكانت وردتها بيضاء، وللاسف من يفسر الوان الورود يجد ان معنى كلتا الوردتين اجمل من الاخر فالوردة الحمراء دلالة على الحب اما البيضاء فدلالة على النقاء والصفاء وما يثير الانتباه كيف تدخل الورود عنوانا في الحروب .. تخيلوا الحب يحارب النقاء معادلة صعبة رغم ان الصعوبة امست ليست غريبة في عصرنا الذي تقاتل فيه الدين الواحد تحت مسمى المذهب والعرق .


    حسب الحكايات وماجسدته مسرحية شكسبير حول قصة ريتشارد الثالث ان  حكمه لم يستمر سوى سنتين فقط بعد ان انتزع التاج بطريقة ملتوية بسجنه ابن اخيه وشقيقه في برج لندن حيث قتلا هناك ، ورغم ماخاضه من صراع للاستيلاء على التاج الا ان حرب الوردتين انتهت بانتصار اسرة الوردة الحمراء "لانكاستر " وفي هذه المعركة قتل ريتشارد الثالث وهو يردد " حصان .. حصان .. مملكتي مقابل حصان"


    حرب الوردتين لاتختلف عن حربنا اليوم فعشر سنوات انقضت واجواء حرب مذهبية صنعتها حدة تصريحات الساسة ، رغم ان الاطراف المتنازعة لم تحمل تسمية الوردة ، بل حملت شعار الوطنية فكل منهما يقول انا وطني ولا اعرف ماهو لون الوطنية بالنسبة لهم حتى نميز بين الاثنين ؟ في بريطانية وقبل مايقارب ستة قرون تقاتلت الاسرتان الانجليزيتان لتحصل على التاج واليوم نتقاتل باسم المذهب للحصول ايضا على التاج ، ولا اعرف هل سنحتاج الى ذات الفترة الزمنية حتى يتحقق النصر لجهة ما ؟ سؤال فيه ابعاد كثيرة ترتهن اولاً ببعدها الدولي والاقليمي الاستراتيجي والثاني بمدى امتثال الاطراف التي ادعت الوطنية لتلك الابعاد ، ولعل لازمتنا السياسية الحالية امتدادات نخشى ان تكون مكملة لربيع عراقي يتقاتل فيه كما تقاتل المصريون والسوريون واليمنيون والتونسيون والليبيون دون جدوى وحلت الفوضى الخلاقة التي روجت لها الاطراف الدولية متربعة على العرش العربي لاتقبل النقاش .


    لكن لابد ان اذكر وسط كل الروايات التي تحدثت عن قسوة ريتشارد الثالث فانه خلال السنتين التي حكم فيها اسس محكمة المطالبات، وهى محكمه متخصصة للفقراء الذين ليس لديهم الإمكانيات لتوكيل ممثل قانوني لهم في المحاكم، وكذلك أمر بإصدار قانون يسمح بدفع كفالة للإفراج عن المتهمين بالسجن قبل صدور الحكم عليهم لضمان عدم الحجز على ممتلكاتهم والإضرار بهم، ومن انجازاته أيضا تأسيسه كلية الأسلحة عام 1484، ورفع القيود عن طبع أو بيع الكتب بأنواعها، وإعطاء الأوامر بترجمة كتب القانون من الفرنسية إلى الإنجليزية، وسؤالي ما الذي حققه قادة دفة السياسة في العراق بعد مرور عشر سنوات .. الاجابة استمرار لحرب الوطنيتين.. واذا ريتشارد ظل يردد لحظة قتله حصان .. حصان .. مملكتي مقابل حصان..فما الذي سيردده زعيم حرب الوطنيتين ؟ هل سيردد انا فلان .. فلان ام سيستنجد بمن صنع فلان.
 

 

                                                                                           نشر على جريدة الزمان بطبعتها المحلية والدولية