من موروثنا الشعبي

 

سولاقا  ـ عيد الصعود

 

                                            

 

                                           

                                                   بدران امرايا

                                                                                         

                سولاقا اسم سريني من ( ساقا  ) آي بمعنى الصعود ،أو كالو دسولاقا  - عروسة الصعود  وهو طقس ديني مسيحي يحتفى به بعد مرور أربعين يوما على عيد قيامة السيد المسيح جل شأنه, وبعد إقامة طقس القداس الكنسي والانتهاء من ذلك حيث يحتفل أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني به بطريقة فلكلورية خاصة , فيخرجون إلى حيث المروج والروابي الربيعية الرائعة لكون هذا العيد يصادف او على موعد دائم مع أجواء الربيع المرحة والبهية بجمالها الأخاذ والى حيث الأشجار الباسقة من التوت والسنديان والبلوط بالمناطق القروية الجبلية آخذين معهم كل ما أمكن من الحوائج الآكل والشرب والحبال الطويلة محور فعالية هذا اليوم الجميل ،فيفرشون على عشب الأرض ويتربعون عليه وبين أزاهيره الفواحة بالعطر الطيب ، وهكذا كل عائلة تفترش تحت ظل شجرة باسقة الأغصان كثيفة الظل, والأطفال يجدون ضالتهم في هذا الفضاء الرحب الممتع ليسرحوا ويمرحوا دون عائق أو رقيب يحد من حركتهم ، فيقوم الرجال بإمرار احد أطراف الحبال على إحدى الأغصان العالية والتي تمتاز بامتدادها الأفقي ومن ثم يعقد طرفي الحبل جيدا ويوضع عليه غطاء مثخن لكي لا يؤذي من يجلس عليه ومن ثم يهز ذهابا وإيابا في الجو فيعلو لعدة أمتار وعلى شكل نصف دائري وتسمى هذه الفعالية بـالسريانية ( جيانا )، وكان جميع أفراد العائلة يجلسون فيها باعتبارها طقس ديني يرمز لصعود المسيح إلى السماء ، وكان أحيانا يمرر حبلان بهذه الشاكلة وعلى بعد متر أو اقل ويوضع عليها لوح خشبي لجعل قاعدته اعرض لجلوس أكثر من شخص عليه ، وكانت العوائل تتمتع بجو هذا اليوم وتفيض بالغبطة والسرور اللامتناهيين ويتناولون وجبة الغذاء واحتساء الشاي بهناء ولذة ويواصلون التناوب على التطاير عبر الحبال دون تعب او ملل فيزيحون عن كاهلهم الفكري والبدني  مصاعب ومتاعب والهموم اليومية الروتينية للحياة ،وهكذا كان الوقت يدركهم على وجه السرعة فيجر بمساء ذلك اليوم عليهم ، فيعودون إدراجهم إلى البيوت ، بعد مضي يوم حافل بالسعادة يحفر مكانته المميزة في تلا فيف الذاكرة وبالأحرى الأطفال منهم ،والسائد ان مواليد ذلك اليوم او بعده  من الذكور يسمون بـاسم ( سولاقا ) ويصغر بـ ( سوكو ) وما شاء الله على كثرة هذه الأسماء عندنا ، والى جانب ظاهرة أخرى وما زالت تمارس لحد الآن فبحلول هذا العيد يذهب الناس معايدة والمباركة حاملي هذا الاسم على اعتباره عيدهم الخاص حاملين معهم الهدايا البسيطة وخاصة الحلويات ، وبعد الانتفاضة المباركة لعام 1991حيث سعت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا ) بعد فوز قائمتها البنفسجية بتمثيل شعبنا في برلمان إقليم كردستان العراق خلال انتخابات 1992 بجعل هذا اليوم عطلة رسمية أسوة بالأول من نيسان ( اكيتو ) راس السنة البابلية الآشورية وغيرها من المناسبات القومية والدينية ، ولإضفاء طابع المرح على الجلسات والمناسبات السعيدة كان هناك مقولة بهذا الصدد مفادها ( سقلي لخورتا ونختلي مخورتا  .. انا خوارا وبابي خوارا ) ويطلب ترديد المقطع الأخير بالسرعة عندئذ يتخبط التلفظ بين خوارا الأبيض وخمارا أي الحمار اللذان يتشابها لفظا في لغتنا السريانية العزيزة . ولحد الآن يمارس أبناء شعبنا مراسيم هذا الطقس الديني  وخاصة في أجواء قرانا الجميلة وخاصة إقامة القداديس في كنائسنا,  ومباركة حاملي اسم سولاقا وكل عام وهم بألف خير  ...