لوئام في قضاء عراقي متنوع الاعراق

 

                                                   

                                                             

                                                             

                                                                        

                                                              

                                                       

                                                         قصي مصلوب

                                                                          

 

               منطقة قضاء الحمدانية التي تقع 28 كم شرق مدينة الموصل هي عراق مصغر  ففي هذه البيئة العراقية  تتعايش أكثر من 180 ألف نسمة من المسيحيين والشبك والكاكية والصارلية والأرمن كأنهم بيت واحد ومن يزور المنطقة يقول حقا ليس هناك صعوبة بان يتعايش أبناء البلد الواحد بسلام رغم الاختلاف الديني والعرقي .

    تربط مركز القضاء ذو الغالبية العظمى من السكان المسيحيين اي بلدة قره قوش علاقات تاريخية مع القرى الشبكية والمسيحية والكاكية والكردية والعربية وتربط القرى مع بعضها علاقات وطيدة فعند حدوث حالة وفاة في إحدى القرى النائية التابعة للقضاء تجد في مجلس العزاء عوائل مسيحية ومسلمة في ذالك المجلس حيث الناس هنا تربط عوائلهم علاقات تمتد لقرون طويلة ولهذا كان القضاء الوحيد في محافظة نينوى لم يشهد اي حوادث أمنية او قلاقل أمنية .

   ان مركز قضاء الحمدانية هي بلدة بغديدا السريانية التي يقطنها اكثر من خمسين ألف مسيحي وتدعى رسميا قره قوش وهي تسمية عثمانية وتعني الطائر الأسود , مركز القضاء وبعد أحداث العنف الدائر بالعراق احتضن أكثر من عشرة ألاف عائلة مهجرة حسب مكتب الهجرة والمهجرين في القضاء , عوائل  مسيحية  ومسلمة من كافة المدن العراقية , بل واحتضن الكفاءات من أطباء وصيادلة وأصحاب رؤوس الأموال ليصبح بعد سنين قليلة أنشط أقضية العراق بسبب ازدياد السكان فيه .

   وجد المهجرين من المدن الكبرى في هذا القضاء الأمان والعمل رغم ان المدن تتوفر فيها فرص العمل أكثر, ليندمج الوافدين بهذه البيئة المتسامحة ويشتروا دور وأراضي ليصبحوا جزء من هذا المجتمع .

   ارتفعت أسعار العقارات السكنية والزراعية في هذه المنطقة في السنين الخمسة الأخيرة لتصبح أغلى العقارات بالعراق حيث سعر قطعة الأرض السكنية في مركز قضاء الحمدانية قد وصل الى 300 مليون دينار عراقي والسبب الأمان والخدمات وتوفر فرص العمل وخاصة المهنية كالصناعة  .

    لرجال الدين من المسيحيين والشبك والطوائف الأخرى دور لوحدة الأهالي ونشر ثقافة التسامح حيث لم تشهد المنطقة احتقانا طائفيا لا في الماضي ولا في الحاضر وهذا يعود للتراكمات التسامح التي زرعها رجال الدين هنا لقبول الأخر واحترام قيمه الدينية احتفالاته بل ويحثونهم للمشاركة في البعض منها .

   بينما تندر الجريمة في القضاء من قتل وخطف واغتصاب وجرائم اخرى ذات تاثير على المجتمع مما يجعل مجتمع الحمدانية بعيد عن الاحقاد والثارات.

    تتجلى روح المسامحة في المنطقة بهذه الصور حيث القضاء لم يكن فيه من أبناء القومية الارمنية فقامت كنيسة الأرمن بشراء ارض تقع بين القرى الشبكية والمسيحية ليبنوا للأرمن مجمع سكني احتضن العوائل المهجرة من مدينة الموصل ليستقروا في هذه المنطقة التي يسميها لسان حال الأرمن والوافدين عامة ارض الأمل والمحبة .

    سوق البلدة والذي يعد انشط سوق في اقضية نينوى رغم ان مدينة قره قوش مسيحية لكن سوقها فيه محال للشبك والكرد والعرب ومسيحي اطراف المركز والجميع يتبضع منه وكذلك يقصده ابناء النواحي والاقضية الاخرى لنشاط تجاره ومهنيه.

   اللغات في قضاء الحمدانية متعددة فالمسيحيين يتحدثون السريانية والكاكئيين يتحدثون الكردية والشبك لديهم لغتهم الشبكية القريبة من اللغة الكردية ولكن كلهم يتحدثون مع بعضهم العربية للتفاهم.

   ليس القضاء مكان يشبه الجنة حيث يرعى الذئب مع الخروف حيث قد تظهر بعض الخلافات هنا وهناك بين الحين والأخر لكن يتم إطفاء تلك الخلافات بواسطة كبار السن او أعيان البلدات من حكماء المنطقة حيث هم من له التأثير على الشارع فهم يعرفون أهالي القرى ولهم السلطة عليهم .

   مسيحي الحمدانية أكثر أهالي القضاء اهتماما بالزراعة فهم يقومون بتأجير أراضي القرى المجاورة من الشبك المسلمين ليهتم أصحاب القرى بالحقول لحين حصادها وتقسيم محاصيلها مناصفتا.

    الحمدانية تعيش بسلام ووئام رغم كل المتغيرات التي حدثت وتحدث في العراق ورغم الأحزاب السياسية العراقية وصراعاتها لكن الأهالي هنا كل حلمهم بالحياة ان يعيشوا كأجدادهم بسلام ومحبة وتطور منطقتهم .