عندما تسقط المبادئ !

 

 

 

                                                               

                                                             حكمت كاكوز منصور

 

المبدأ هو الاساس الفكري للإنسان والذي عليه تبنى القيم والاخلاق والعادات والتقاليد في المجتمعات. والمبدأ، وهذا راي شخصي، لا يقتصر على الانسان بل على الحيوان ايضاً، كل حسب فصيلته ومقدرته الفكرية وبطريقة عفوية.
عرفه الانسان بصورة فطرية منذ نشأته على هذه الارض. فاحد، وأوّل، اهم مقومات الدين الثلاثة هو المبدأ، الذي عليه سيقوم عليه المقوم الثاني الاسطورة ومن ثم الطقس المقوم الثالث. ونستطيع ان نصفه بانه العصب الرئيسي المسيّر لحياة الانسان.
ومع تطور الانسان نشأت الحاجة الى تطورات فكرية ساعدته او تساعده على استحداث مؤسسات ترتكز على المبدأ، الغاية منها حماية الانسان ورفاهيته. فنشأت الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني للدفاع عن حقوقه.
وما يهمنا في هذه المقدمة السريعة هو المبدأ الذي تستند عليه الاحزاب، جميع الاحزاب، بما فيها احزاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري. فالحزب يقوم على مبدأ تؤمن به جماعة من عدة افراد، يقومون بالتبشير به ومحاولة نشره بين اكبر عدد ممكن من الناس لخلق قاعدة جماهيرية من الممكن ان تؤثر على القرار السياسي لأي حكومة من خلال الثقل الجماهيري الذي سوف يتمتع به هذا الحزب او ذاك. ومع ازدياد القاعدة الجماهيرية لأي حزب تبرز الحاجة الى كوادر ومقرات ومناصب سياسية لهذا الكادر، مما يساعد على بروز منافسات داخل الحزب نفسه. منافسات قد تبعد المتنفذين من اعضاء الحزب عن مبادي الحزب، للحصول على مكاسب فردية، من خلال مراوغات سياسية، تؤدي الى سقوط المبدأ الذي من اجله تم تشكيل هذا الحزب او التجمع. وافضل مثال على ذلك هو عندما سقطت المبادئ عند استلام صدام حسين على مقاليد السلطة في حزب البعث والدولة العراقية، وصار الحزب صدام وصدام الحزب، كذلك صار العراق صدام، وصدام العراق، واصبح صدام هو العصب (المبدأ) الرئيسي للحزب والدولة. عصب راحت جذوره تمتد ليسبب بنمو اعصاب صغيرة كبيرة بين حاشية وقبيلة صدام زادت من عملية انهيار المبادئ التي قام عليها هذا الحزب الاشتراكي، وخلقت طبقة رأسمالية ارستقراطية كبيرة وواضحة من العشائر المنتمية الى اصول صدام والقريبة عليه ايضا، تحاول تغطية هذه الرأسمالية والارستقراطية بشعارات الحزب التي كانت مبادئ في بداية الحكم البعثي. سقوط المبادئ هذه ادت الى سقوط الحزب من فكر العراقيين، تجلى مع دخول القوات الأمريكية الى العراق.
لقد سقط المبدأ .. سقط العصب بسقوط صدام، العصب الرئيسي، وازاحته من السلطة، وبالتالي انهار البعث بانهيار مبادئه !
اما نحن الاعضاء في الحركة الديمقراطية الآشورية، وامام الحالة التي ذكرناها اعلاه، فقد استجدت فينا وبسبب الازدياد الكبير في القاعدة الجماهيرية لحزبنا، وضرورة ازدياد الكوادر المتقدمة ايضاً، حالات معاكسة تماماً لحالة حزب البعث، الا وهي انهيار المبادئ لبعض هذه الكوادر الحزبية المتقدمة، مستغلين روح الديمقراطية في مبادئ الحزب، واصبح تبوء المناصب غاية على حساب المبدأ الذي قامت عليه الحركة. فمع قرار الحكومة منح حقيبة وزارية واحدة لشعبنا اشتعل فتيل الحرب غير المعلنة بين الرفاق، ووضعت المبادئ، من قبل البعض على الرفوف، وانبرى يشحذ اقلامه ليسهم في محاولة زعزعة الحركة ومبادئها، تحت شعار: علي وعلى رفاقي، وطززز في الحركة ومبادئها، فإما المنصب وإلا فلا!! ان ما نراه على ارض الواقع من بروز جانبية، هو في الحقيقة تعبير عن حالة انهيار المبادئ عند البعض وسقوط العصب.
عسى ان يكون الذي جرى في منظومتنا الحزبية خيرا لأنه وحسب وجهة نظرنا هو تنظيف للحزب ومبادئه وبطريقة ديمقراطية…