نحتاج الى مانديلا عراقي  نودعه يوما كما ودع العالم مانديلا

 

                                               

 

                                                 

                                                    د. غازي ابراهيم رحو

 

اليوم وبعد انتهاء مراسم تشييع المناضل الكبير مانديلا  الرمز للتحرر والرمز للمصالحة الوطنية في افريقيا  والذي اعتبر علما من اعلام الثورة على التسلط والطغيان وعانى عشرات السنين في غياهب السجون  مكافحا في سبيل التخلص من نظام التمييز العنصري فيما هو اسود وما هو ابيض , وتحمل كل تلك العذابات التي اوصلته الى تحطيم القيود السياسية والاجتماعية التي عانى منها السود ومن التفرقة العنصرية حتى تحقق له ما اراد وخرج من السجن بعد سبعة وعشرين عاما ولم تؤثر فيه كل تلك العذابات فانشأ بعد خروجه من السجن لجنة الحقيقة والمصالحة وبالرغم من انتخابه رئيسا لجنوب افريقيا وكان له الحق ان يعاد انتخابه رئيسا لجنوب افريقيا مرة اخرى الا انه انكفأ طوعا عن الترشح للرئاسة ثانية  تاكيدا منه على الديمقراطية وتداول السلطة  ويتذكر العالم اجمع عندما استطاع هذا الثائر الذي حفر اسمه في ارض جنوب افريقيا الى الابد لكونه استطاع  ان يعبر كل تلك العذابات التي عانها في الفصل العنصري وكل تلك السنين التي قضاها في غياهب السجون ولكنه انتصر على ذاته وتجاوز كل تلك الاحقاد الدفينة التي  كافح من اجلها ووصل  في النهاية الى  عقد تسوية عظيمة مع شريكه فريديريك دو كليرك  لتجاوز كل تلك العذابات والوصول بشعب جنوب افريقيا الى المصالحة الوطنية وانهاء الفصل العنصري  وحطم كل تلك القيود والموروثات القديمة والكراهية التي تاصلت لدى الكثير من ابناء جنوب افريقا  وكما استطاع في اتفاقه ان يقضي على مكامن الحقد والنزاعات والثارات وكل موروث ثقافي يؤصل كل تلك العداوات والمفاهيم المتعلقة بالماضي  والاقتتال المذهبي والعنف المتراكم نتيجة ما عانه السود خلال عشرات السنين من اضطهاد واقصاء وعنف طال ابناء شعبه  واستطاع ان يفتح صفحة جديدة  في التسامح والمصالحة والقبول بالاخر,كما استطاع  ان يغير من كل تلك القوانين والانظمة العنصرية البغيضة التي شملت كافة مناحي الحياة في جنوب افريقيا والانتقال الى الحرية .لقد عبر هذا الثائر العظيم عن كل معاني الانسانية بالرغم مما عاناه من ظلم وقتل وتهجير لابناء شعبه ولكنه وجد في النهاية انه لا مناص الا بالمصالحة والمصالحة وحدها من استطاعت ان تعطي لجنوب افريقيا بسبب مانديلا هذا الاحترام الكبير والتقدير العالي  والتي اثبتته جنازة العظيم مانديلا رجل السلام والمصالحة ويتذكر العالم اجمع  تجربة نيلسون مانديلا ان العالم شاهدهذه الجنازة المهيبة وشاهدنا جميعا شعب جنوب افريقيا وشعوب القارة الافريقية وشعوب العالم كيف يذرفون الدموع على نعش مانديلا  تعبيرا عن الاحترام  والتقدير لما قدمه هذا العظيم من دروس تصالحية كبيرة للعبور بشعبه ووطنه نحو السلام والتقدم والتطور ونبذ العنف والاقتتال؟؟؟؟فهل يرعوي قادتنا في العراق ان هم  ارادو من شعبهم العراقي  ان يودعهم ويذرف الدموع عليهم ان يضعوا هذا الشعب في قلوبهم وحدقات عيونهم ويجتازو كل تلك الكراهيات  المتاصلة في دماء البعض نتيجة ما عانه البعض من الانظمة الدكتاتورية السابقة وجاوا اليوم بروح الانتقام والحساب وتصفية الحسابات الماضية  الثارية التي لا مناص من انها ستخلق كراهيات متعاقبة لا يمكن ان تنتهي ان لم يخرج احدا من قادة العراق ليكون مانديلا جديد يستطيع ان يعبر كل تلك العذابات ويرفع شعار المصالحة الوطنية الحقيقية  مصالحة تعبر عن انهاء الاحقاد الدفينة التي يحملها البعض لكي يستطيع العراق الانتقال الى صوب التنمية والخلاص من الفساد والحكم الظالم وهدر الثروات  لينعم العراق وشعبه بالاستقرار  لان الشعب في العراق عانى الكثير  وفي نفسه اليوم ان يقوم يوما بتوديع قائدا له بالدموع والاهات وليس بالسباب والشتائم وتهشيم الصور والتمائيل والغاء الاسماء وتحطيم التورايخ واشعال العنف من جديد لان الاضطهاد يولد العنف والبقاء في السلطة  لفترات طويلة يولد الكراهية ويعمل على تحريك الشعب باتجاه الملل وخلق النعرات والكراهية لان ذلك هو جزء من احداث الشروخ بين ابناء الوطن الواحد  ويهدد وحدة المجتمع  ويقسم الناس حسب اللون والمعتقد والاصل والعرق ..ان العراق اليوم يحتاج الى نيلسون عراقي يستطيع الحفاظ على وحدة الارض والوطن والمجتمع نحتاج الى نيلسون عراقي له الامكانية في خلق مواطنة متساوية فعلية لا كلامية  نحتاج الى نيسلون عراقي يجد لنا مجتمع موحد ديمقراطي يعيش كل ابناء العراق فيه بانسجام وتوافق ومحبة يتمتع الجميع بتكافؤء الفرص ويتساوون امام القانون والحقوق والواجبات  وان يستطيع نيسلون العراق  ان  يوحد هذا التنوع الكبير في التعدية الدينية والطائفية والاثنية والقبلية نحتاج اليوم الى رجل مثل مانديلا يواجه الصعاب ويتخطى حواجز الكراهية والانتقام ويساوي الناس بالحقوق والواجبات ويوحد العراق على اساس المواطنة ويحارب الجريمة والميليشيات بشكل متساوي وليس بشكل انتقائي نحتاج الى مانديلا عراقي يمكنه الابتعاد عن الاقصاء وينهي تسلط الحزب او الطائفة او الغالبية على الاقلية  ؟نحتاج الى نيلسون مانديلا عراقي يمكنه  دفن كل تلك الصراعات والكراهية والثارات ونسيان الماضي والانتقال بالعراق الى عراق مشرق يتجاوز كل تلك الالام والغرائز الانتقامية  والتخلص من براثم التدخلات الخارجية بالتوافق مع ابناء شعبه لعزل وقطع ايدي الاجنبي في بلادنا العزيزة  نحتاج الى مانديلا عراقي يستطيع العبور بنا الى الضفة الاخرى التي تحوي المحبة والتوافق والتالف وتخلصنا مما نحن فيه من قتل وتفجيرات وان يكون العراق يدا واحدة همها ابناء العراق وتقدمهم وتطورهم لان العراق يمتلك كل تلك المناجم من العقول والامكانيات, افلا يستحق العراق رجل مثل نيسلون مانديلا ليكون البلسم لابناء العراق ويودعونه كما ودع مانديلا ؟؟؟