كادّي

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

لشعبنا الكلدو آشوري السرياني سفر زاخر من الأكلات ,والأطباق الشعبية التراثية الشهية من المعجنات والحلوة وغيرها, فكانت ولا زالت سيدات البيوت تتفنن في طرق ترتيبها وتصنيعها وان مائدتنا حافلة بها. وهنا سأتطرق إلى إحدى أكلاتنا الشهية وهي :

كادي وهو اسم سرياني معناه معجنات الفطائر , المحشوة بمواد مختلفة من دقيق الجوز وسمسم والجاجيك جاجق , مرتوخا , بريخا سكر شيكَر وغيره.

وهذه الأكلة تتم من خلال عَجن الطحين قَمخا بإضافة الماء والملح والخميرة  خميرا ثم عجنه لياشا باليدين جيدا, بعدها يرسم علامة الصليب عليه  ويغطى بالأقمشة , كي يتخمر جيدا, بفعل الخميرة  المضافة. ثم تستعين سيدة البيت  يَبَيتا بخشبة خوانّا المدورة الشكل ومسطحة  لها ثلاثة أقدام تستند عليها , وأحيانا كانت تصنع من مادة الجص كلشا وكذلك كَيرا العصا المستقيمة لتسطيح العجين , وبلاخا أي كمية من الدقيق قَمخا لرشه بين الخشبة والعصا لكي لا يلتصق العجين بها أثناء التسطيح مبطختا ,ثم يقطع العجين إلى قطع صغيرة تسمى كَوصي  اي القرص وتسطح قطع العجين بواسطة كَيرا وتجعل مدورة الشكل وتوضع مادة الحشوة في نصفه الدائري ثم يقلب نصف الدائرة الآخر عليه ,و تضغط على حوافه لكي  تتشابك ولا تخرج الحشوة عند الطبخ وتسمى هذه العملية قرَصتا او كَدَلتا أي التجديل, ثم يحضر الموقد الحجري كَنونا وتسمى عملية تحضيره شيَرتا دكانونا و يوضع على الموقد إناء حديدي محدب الشكل, صحن أو قرص  يسمى بـ دَوقا ولدى سخونته فكانت هذه الفطائر المحشوة توضع عليه .

 فكانت على وجه السرعة تنتفخ فكان تثقب بواسطة  شَبدتا وهي قضيب حديدي طويل له مقبض خشبي ليخرج الهواء المحصور فيها , ثم يقلب على الوجه الآخر ليطبخ , ثم يؤخذ ويوضع على حافة الموقد والتي تسمى زَبقا دكانونا. لكي تقلي جيدا, وهكذا مع مجموعة كبيرة وبمواد محشوة مختلفة كما ذكرنا,وتصور عزيزي القارئ طعمها اللذيذ مع الشاي المغلي على الجمر جايي دكَومري .بد قارطلي صبوعياتو بتري , اي سيعض اصابعه ورائه.

وعند الأعياد كانت تصنع هذه الفطائر بأحجام مختلفة وتسمى  كَسمي,ولاحقا كليجي , وكانت بنات المحلة أو القرية تمدن يد التعاون فيما بينهن بهذه الصنعة ويتسامرن خلالها وقهقهات الضحك تملأ الأجواء, حيث كانت روح الصفاء والألفة والبساطة والتعاون تخيم على تلك الأجواء القروية الرائعة وخاصة وهم مقبلين على العيد عيّذا . وحاليا تغيرت المسالة فان هذه الفطائر تطبخ في الأفران الكهربائية أو الغازية.

وكانت هذه الفطائر تستخدم في  موائد الأعياد و حقائب السفر للمسافرين , وللرعاة ,  وللبنات في عيدهن خَوشيبا دبناثا أي احد البنات , وعلى هذا الذكر سأسوق مثلا سريانيا شعبيا ,    

ايتوا خا بخشتيوا لبَختي كي امروا ايمَن دليَشَت كي شَيشَتا شرمَخ  أي كان هناك رجل يتحَججُ على زوجته فيقول لها عندما تعجنين تهزينَ مؤخرتكِ.

إلا بْد ليشنوخ لياشا, أي سأعجنكَ كالعجين أي أضربكَ ضربا مبرحا .

ايلي مَخ كَيرا بشيقا ,أي انه مثل  السهم او عود القوس رشيق .

أي هولي خيلا كادّي !!, أي نعم لقد أكلت الفطائر, يقال نكاية عن عدم أكل أي شيء.

نَخيرو ايلي اخ كَوصا, اي انفه يشبه الكَرص, يقال لذوي الانوف الافطسة الكبيرة.

 وهذه قصة حقيقية طريفة كان في إحدى قرانا رجل لا يستطيع إخراج أو نطق حرفي الخاء فليفضها حاء والكَ يلفظها  ألف , وذات مرة كانت زوجته مقبلة على صناعة الخبز , فقالت لزوجها اذهب إلى الخالة ليّه واجلب كَيرا فذهب وقال : خَلتو ليه هَليلي ارح !! ففي الحال أمطرته بوابل من المُسبات وأسرعت إلى حمل خشبة ولاحقته فتعجب من فعلتها وفَرَ كالفار مُسرعا إلى البيت .وقال لزوجته قلتُ للخالة ليّه هَليلي ايرَح فتعصبتْ وشَتَمَتني وأرادت ضربي : فردت زوجته بعد ان فهمت المسالة " قُطما بريشي خو مَني مشديري خا ديَدي مَخكي " أي ذريتُ الرماد على راسي انظر مَنْ أرسلتُ !!, واحد يعرف يتكلم !! فذهبت واعتذرت للخالة ليّه عن ذلك الموقف , أي أراد أن يطلب العصا لتسطيح العجين كَيرا وبقلب الحرف كَ إلى ألف تبدل المعنى وصار ايرَا أي القضيب مع جُل احترامي للقراء .

  فتحية لكل أنملة تحاول أن توثق ولو بمعلومة بسيطة عن أي شيء بخصوص فلكلورنا القومي الثر. لأنه مُهَدد بالطمس والزوال والسرقة. وها هي دعوة للغيارى.