تلكيف ماضي مشرق وواقع اليم

 

 

                              ذنون محمد

                    تعتبر تلكيف من المدن الضاربه القدم في عمق التاريخ بل ان عمقها يمتد الى ازمنه سحيقه فقد تواجد فيها الانسان ووضع خطواته على ارضها ايام الدوله الاشوريه وامبراطوريتها الكبيره حيث اتخذت تلكيف حصنا دفاعيا لها .وتلكيف هو اسم مأخوذ من (تل كيبه) وهو اسم سرياني يعني تل الحجاره نسبه الى تلها الذي تحول الان الى مقبره فأختصر الاسم بمرور الوقت وتحول الى تلكيف كما تعني الان وليس كما يفهم البعض من ان تلكيف تعني معاني اخرى يطرب لها البعض .

 

.في الماضي لا يتم بناء أي مدينه الا وفكر اصحابها بالماء اولا فهو روح الحياة وهو نبضها المتدفق وهو شريان العطاء الذي يستلهم الانسان منه عوامل البقاء ومقاومه الظروف الطبيعيه المختلفه .تلكيف من تلك المدن القريبه الى الموصل مركز محافظه نينوى مدينه شيدها الاخوه المسيحيون في بدايه القرن السابع عشر ميلادي حسب ما تؤكد بعض الدراسات التي تعني بهذا الجانب ومنها كتاب صدر عام  1971 يؤكد هذه المعلومه  هذا الكتاب حمل اسم تلكيف ماضيها وحاضرها درس النشئه الاولى واسباب اختيار هذا المكان او البقعه من الارض .حيث القادم الى تلكيف يرى ان مكانها هو منخفض عن سطح الارض الذي ينظر اليها من بعيد ربما لا يراها  جيدا  والسبب في ذلك ان اصحابها في تلك الفتره كانوا يخشون قطاع الطرق الذين كانوا ينهبون اموال الناس نظرا لغياب القانون وانتشار قانون الغابه الذي يجعل القوي هو من يملك الحياة وعلى الضعيف ان يتحمل المهانه وعليه الاستسلام دائما وايضا ما يؤكد هذه المعلومه هو نوعيه البناء في تلك الفتره حيث كثرت السراديب تحت الارض فنادرا ما تجد بيت الا وفيه سرداب او اكثر وهو نفق تحت الارض وبطرق ملتويه كان يختبى به الافراد احيانا وايضا يخفون اموالهم وقوتهم خوفا من عمليات السلب والنهب. لم يكن للقانون الرسمي او قانون الدوله من وجود لم يكن هؤلاء الاشخاص في تلك الاماكن يعرفوا ما هو القانون بل كان قانونهم الحياتي هو ان القوي هو من يملك مفاتيح الحياة وان الضعيف عليه الاستسلام بل ان الناس في تلك الفتره  كانوا يعتبرون النهب والسلب بطوله وفخر رجالي كبير وان الرجل هو من يجلب قوته بالقوه سواء بالنهب. والسلب بل القتل ان دعى الامر اليه . كان الناس في تلك الفتره يتحدثون عن ذلك بمنتهى الفخر ..عندما يغيب القانون تنتشر الفوضى وتنعدم القيم. القانون هو من ينظم الحياه ويعطي الافراد حقوقها .. تلكيف في تلك الفتره تعتمد على مياه الابار حيث ان منسوب المياه الجوفيه فيها مرتفع جدا بل في بعض الاماكن من هذه المدينه لو حفر الانسان مترين عمقا ظهر له الماء وتدفق الى السطح فلا يوجد بيت الان من بيوتها القديمه الا وفيه بئر او اكثر .اعتمد بناءها على الجس والحجر وهي مواد مقاومه للظروف الجويه المختلفه فهي تقي التلكيفي حر الصيف وبرد الشتاء ايضا . في السابق  تعتمد هذه المدينه على الزراعه وعلى معامل المونه والراشي في اقتصادها حيث انتشرت فيها العشرات من هذه المعامل والتي كانت تصدر انتاجها الى مختلف مدن العراق بل ان تصديرها تعدى ذلك ليصل الى دول الجوار العربي وتركيا ايضا وتعتبر فتره الثمانينيات من القرن الماضي من الفترات الذهبيه حيث حسنت من الوضع الاقتصادي لاهلها لكثره العمل والطلب الكبير على انتاجها ولكن بعد ظروف العراق الماضيه من حصار اقتصادي والخلل الذي اصاب شبكه الكهرباء انحسرت هذه المعامل الا ان تلاشت بعد ذلك فلم يبقى منها الان الا معمل او اكثر يعمل حسب حاجة المدينه ولا يزيد عليها ..تمتاز هذه المدينه بخاصيه فريده فهي من اكثر المدن العراقيه التي شهدت هجره الى الخارج خصوصا الى امريكا واستراليا وأشتدت هذه الهجره بعد سنوات الاحتلال حيث غادر المدينه الالاف من ابناءها الاصلاء الذين يتوزعون الان في مختلف دول العالم وما زال البعض منهم يحن ويشتاق الى تلكيف ودرابينها الضيقه ويزورها بين الحين والاخر.. على اطرافها تقع عدد من الاماكن التي يمكن اعتبارها من المواقع الاثريه المهمه ولكن لم تمتد اليها الحفريات للبحث في تاريختها واعاده قراءتها من جديد ومن هذه الماطق المحيطه بتلكيف ومن جوانبها المختلفه منطقة تل ديوانه وماردنيه او مار دانيال وتل يمثه التي اخذت نصيبا جيدا من الاهتمام والتنقيب في السابق اما الان فلا يوجد بها الا حارس يسكن بالقرب من المنطقه لحمايتها من سارقي الاثار الذين نشطوا خلال هذه السنوات وذلك لضعف القانون وتراخي الدوله في هذا الباب   ..